شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2006-11-04
 

كتاب فرنسي يؤكد فشل إسرائيل واختراق حزب الله لجيشها ضابط إسرائيلي: وجدنا خرائط الأركان وأسلحة في كل مكان

سامي كليب

ما قالته الصحف الفرنسية مرارا في الشهرين الأخيرين عن فشل الحرب الاسرائيلية ضد حزب الله في لبنان، جاء هذه المرة موثقا في كتاب صدر حديثا في باريس وحاملا عنوانا يختصر مجمل المضمون: <حرب اسرائيل الضائعة ضد حزب الله>.

يستعيد الكتاب الكثير مما قيل عن اسباب هذا الفشل الاسرائيلي الذريع، وهذا مهم، ولكن الأهم، ان المؤلف رينو جيرار المتخرج من أعرق المدارس الفرنسية والمراسل الحربي لصحيفة <لوفيغارو> اليمينية منذ عام ,1984 كان الصحافي الأجنبي الوحيد من الإعلام المقروء الذي رافق قوات <النخبة> الاسرائيلية في حربها ضد لبنان.



وهو اذ يستعمل كلمة في توصيفه لهذا الفشل الاسرائيلي الذريع حيث يحمل الكتاب عنوان La guerre ratee israel contre le Hezbollah فإنما يريد التقليل من وقع الخسارة حيث ان هذه الكلمة الفرنسية تعني <فوت او ضياع الفرصة> وهي أقل تأثيرا من كلمة Perdue (الخاسرة ).

هذا الخجل المتعمد في التوصيف نابع من الجو العام في فرنسا الذي يجعل من كل شاجب لاسرائيل في موقع المتهم، وذلك برغم أن الصحافة الاسرائيلية كانت قد قطعت شوطا بعيدا في شرح وتأكيد أسباب الفشل العسكري الذريع في لبنان، كما ان الصحافة الفرنسية نفسها قطعت شوطا بعيدا في خلال الحرب الاسرائيلية الاخيرة على لبنان معتبرة ان اسرائيل خسرت حربها وربما لم تعد قادرة في المدى المنظور على ربح اي حرب اخرى.



ومع ذلك، فإن الكتاب الواقع في 149 صفحة من القطع الصغير، يؤكد ان اسرائيل فوتت فرصة هذه الحرب لانها فشلت في تحقيق هدفيها المعلنين، اي اطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين الاسيرين لدى حزب الله، ونزع سلاح هذا الحزب، كما يستعيد الاخطاء الاستراتيجية الاسرائيلية عسكريا ودبلوماسيا، ويذكر بتلك العبارات الانتقامية التي كان اطلقها كل من رئيس هيئة الاركان دان حلوتس حيث قال انه <سيعيد لبنان عشرين عاما الى الوراء> وايهود أولمرت رئيس الوزراء الذي ادعى ان اسرائيل لن تلجأ الى عملية تبادل الاسرى وأنها ستصفي جسديا السيد حسن نصر الله.

ويرى الكاتب الفرنسي ان العملية اليائسة التي قام بها الجيش الاسرائيلي حتى حدود الليطاني في الأيام الاخيرة للمعركة الفاشلة، كانت تنحو باتجاه أمرين، اولهما تبرير الميزانية العسكرية الهائلة للجيش الاسرائيلي أمام عيون الاسرائيليين دافعي الضرائب، حيث ان هذه الميزانية تمتص 60 بالمئة من اموال الدولة، وثانيهما استعادة القدرة الرادعة لاسرائيل في مواجهة العالم العربي والاسلامي.



ويقول ان الحقيقة تقتضي الاعتراف بأن <الجيش الاسرائيلي قد فقد القدرة منذ 20 سنة، وذلك لكثرة استخدام رجاله في عمليات شرطة ضد فلسطينيي الاراضي المحتلة...>.

وينقل الكاتب عن الضباط الاسرائيليين الذين رافقهم الى أرض المعركة شهادات مأساوية ويائسة كثيرة ومنها مثلا قول أحد هؤلاء الضباط: <ان حزب الله لا يعلق اهمية على الأرض، وهدفه ليس الدفاع عن أراض ومناطق معينة، بل قتل اكبر عدد من الجنود الاسرائيليين بغية رفع مستوى شعبيته في العالم العربي، وهكذا فهو عرف كيف يبقي قواته متحركة تضرب حيث لا ننتظرها>.



ويقول ضابط آخر: <لقد وجدنا اسلحة اينما كان وليس فقط في الملاجئ، وجدناها مثلا في خزائن المكانس، وتحت أسرة الاطفال ومجالي المطابخ، وعثرنا في مقر حزب الله على خرائط رئاسة الاركان الاسرائيلية التي تحدد مواقعنا عند الحدود، وعلى صور لقادة وحداتنا، وعثرنا ايضا على معلومات بالانكليزية والعربية لانواع الاسلحة التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي، باختصار، انهم (اي رجال حزب الله) مستعدون بصورة تامة>.



ويروي ضابط ثالث كان قائدا لواء احتياطي في خلال الحرب الاخيرة وعائدا لتوه من جنوب لبنان ان رجال المقاومة: <محترفون وأنا احترم احترافهم، فطيلة الحرب نجحوا في الحفاظ على نظام اتصالاتهم رغم قصفنا العنيف، وحين كان الأمر يصدر من الضاحية الجنوبية لبيروت عند الساعة 9 صباحا، كان ينفذ عند الساعة 11 بتنسيق تام، فهم مثلا حين قصفوا كريات شمونه، كانت القذائف تأتي من 5 مصادر مختلفة ولكن القصف كان يبدا باللحظة نفسها، وأعتقد ان رئاسة اركاننا قد ارتكبت خطأ فادحا من خلال التقليل من اهمية حزب الله، كانت تعتقد ان الحزب سيهزم بمجرد قصفه من الطائرات>.


وفي المعلومات العسكرية الدقيقة التي ينقلها الكاتب الفرنسي عن الاستراتيجيين الاسرائيليين، يشرح هؤلاء ان السلاح الذي كان بحوزة حزب الله سمح له بقتل 115 جنديا اسرائيليا في خلال شهر واحد، وقد فوجئ الاسرائيليون في يوم 14 تموز حين اخترق صاروخ METIS-M دبابة ميركافا، ذلك ان هذا النوع من الصواريخ يصنع عادة في <تولا> الروسية من قبل شركة تابعة للدولة تدعى KBP ، ويعتبر هذا من افضل الصواريخ الروسية المحمولة ضد الدبابات ويصل مداه الى 2 كيلومتر ويستطيع اختراق مدرعة بسماكة 40 سنتيمترا.


ويضيف انه في اواخر عام ,1990 كانت روسيا قد وقعت مع سوريا عقدا لشراء هذا النوع من الاسلحة ولكنها ارفقت العقد بشرط يقضي بعدم تسليم هذه الصواريخ الى طرف ثالث.


وفي 15 تموز، سقطت قذائف من عيار 220 ملم على مصنع لاصلاح القطارات في محطة حيفا وتبين انه من تصنيع سوري، ولكن المحققين الاسرائيليين وجدوا نظاما دقيقا مصنعا في روسيا يسمى MPB-Y، وعثروا ايضا على عشرات الصواريخ ذات التصنيع الصيني ومنها نظام MJ-4G الذي وجد على صاروخ 220 ملم، ويبدو ان شركة الدولة الصينية Morinco هي التي صنعت هذا النظام.



الذي يستغربه الاستراتيجيون الاسرائيليون، هو ان تصل هذه الانظمة الى حزب الله، وذلك فيما كانت العلاقات الصينية الاسرائيلية قد وصلت الى درجة ممتازة، وكانت اسرائيل تأمل في ان تبيع بكين منتجاتها العالية الدقة وبينها طائرات المراقبة الجوية، غير ان البنتاغون الاميركي منع ذلك.


ويؤكد الكاتب الفرنسي ان صواريخ المقاومة التي سقطت على كيبوتز كفار جلعادي في 12 تموز قتلت 12 شخصا كلهم من جنود الاحتياط الذين كانوا يستعدون للانتقال الى جنوب لبنان.


هذه الدقة في ضربات المقاومة للمناطق الاسرائيلية جعلت الاستراتيجيين الاسرائيليين يتساءلون منذ فترة عن القدرة العالية لدى حزب الله في اختراق اسرار الدولة والجيش.



زميلنا الفرنسي الذي عاد من رفقة قوات النخبة الاسرائيلية اكثر قناعة بفشل العملية الاسرائيلية يختم الكتاب على نحو ذكي حيث يستعيد عبارة قالها بنيامين نتنياهو في خطابه امام الكنيست في 14 آب الماضي حيث اعتبر انه <لو سلم العرب سلاحهم فسوف يقوم السلام، ولو سلم اليهود سلاحهم فسوف تختفي دولة إسرائيل>.


ويتساءل الكاتب الفرنسي <وماذا لو سلم كل من الطرفين سلاحه في وقت واحد>؟.


والسؤال الذي قد يطرحه قارئ الكتاب الفرنسي هو التالي: <هل كان يمكن الحديث بهذه الصراحة عن ضرورة إلقاء اسرائيل سلاحها لولا انتصار المقاومة؟>.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه