إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إِنَّنا في عَصْر العُهْر

الياس ابراهيم الياس

نسخة للطباعة 2006-02-23

إقرأ ايضاً


إنّ التَّوصيف الأدقّ للمرحلة الرَّاهنة هو " العُهْر " ، وإن كان يستدعي الخَجَل، ولكنّ الكلمات قد وُجِدَت في القاموس لتُستَخدَم في مواقعِها.

إنّنا نمرُّ الآن بمرحلة العُهر الاجتماعي، العُهر السياسي، العُهر الفنِّي، العُهر الثَّقافي .......

فعلى المستوى الفنّي نرى أنّ من ينال الشّهرة وخصّيصاً في عالمِنا العربيّ، من بين مَن يُسَمَّوا فنَّانين، هم الَّذين يقدِّمون إنتاجاً يتأقلم مع مرحلة العُهر هذه .

مثلاً على سبيل الأغاني :

هاجر فوق الرعوشي .. حوشي (صويصاتك حوشي) .. وبكرى يعلِّم حبّ الدِّيس ..

وإذا ما بحثت عزيزي القارئ عن معاني هذه الأغنية كاملة، ستراها عبارة عن أغنية إباحيَّة من الدّرجة الأولى .

ناطر بنت المدرسة : التي تشجِّع الشَّباب المُراهِق على (التلطّي) على زوايا الطُّرُقات والتحرُّش ببنات المدارس . أليس هذا تشجيعاً على العُهْر الأخلاقي ؟!

وأغنية طلّ الصُّبح ولَكْ علُّوش : التي تشجع على النوم بدلاً من العمل .

فالبطل في قصّة هذه الأغنية "نوّيم من الدّرجة الأولى " (ويلعن أبو الفقر) ؟!

أمّا عن ألحان الأغاني (الضَّاربة) فهي مجموعة من السَّرقات ؛ فجملة موسيقيّة مسروقة من سيمفونيّة ما، وأخرى من لحن بيزنطي، وأخرى من الموسيقى السِّريانية وأخرى من التُّركيّة، وكلّ لحنٍ لا يحتاج إلى أكثر من جملتين أو ثلاث أو .. جملٍ مسروقة، ويُكمَّلُ اللّحنُ في جميعِ الأغاني ببعضِ الجمل المعهودة التّكرار " ويلاّ عالدَّبكة " .

- هذا عن طريق الشّهرة للرِّجال في الغناء والتَّلحين.

أمَّا عن طريق النِّساء : فعلى كلِّ امرأةٍ تريدُ الشّهرة في ميدان الفنّ أن تكون تمتلك المؤهِّلات اللازمة المؤاتية لهذه المرحلة ؛ فالمقاييس للمرأة الفنّانة اليوم هي :

1- مدى ارتفاع الصَّدر وبروزه وظهوره.

2- مدى انتفاخ الفخذين وطولهما.

3- مدى التظليط المُجدي.

4- ومدى مقدرتها على الإثارة في الحركات الفِراشيَّة الفيديو كليبِّيَّة.

وللأسف أنّه من بين الفنَّانات ذواتِ الأصوات الجيِّدة، مَنْ قد انْقَدنَ إلى هذه المعايير، وقد يكن أحَّد الأسباب أنَّ ( أهل الخليج) لا يفضِّلون أغاني الفيديو كليب إلاَّ على الفِراش .. والدُّولار يتكلَّم.

وأكثر ما " يضرِب نجاحاً من الموسيقى الآن: الميتال، مع ما يترافق من تصرُّفات لا أخلاقية لعبدة الشيطان. وفي هذا استغلالٌ لرقيِّ الموسيقى وتوظيفِه في خدمة لا أخلاقيّاتهم .

وطبعاً تطال مرحلة العُهر الفنِّي، الشِّعر وما يسمَّى بالأدب و...

وهذا العُهر الفنِّي سينجحُ حتماً لأنَّه متوافقٌ مع عُهرٍ آخر وهو العُهر الاجتماعي، فعلى سبيل المثال : الفتاة في عصرِنا يُحكَم عليها ببنت العصر بمقدار ما تكون منفلِتةً من الأعراف الأخلاقيَّة ومتظلَّطةً ولَعوبة.

أمَّا الفتاة المُحتشِمة في عصرنا فتوصفُ بالرَّجعيَّة و (الدَّقة القديمة) .

ويتوافق مع هذا النَّوع من العُهر الرِّجالي أيضاً :

ففي عصرِنا الرَّجلُ المُلتزِم الذي (يُربطُ من لِسانِه) هو دقَّة قديمة أيضاً ومُتخلِّف؛ بينما الرَّجلُ العصريّ هو إنسانٌ لا رباطَ على لسانه، كذَّاب، دجَّال، وصوليّ .. مُتذاكي، مُتملِّق، أبعد ما يُمكن عن وقفة العزِّ ولا يتَشدَّق إلاَّ بالسَّخافات التي هي من صفاتِ العصر كي يستطيع أن يكونَ ابن جيلِه وغيرِ منبوذ.

وهناك أنواعٌ للعُهرِ لا تحصى في عصرِنا وكلُّ هذه الأنواع مُنسجِمةٌ وهي نتيجةٌ للعُهر الأكبر والأخطر وهو العُهر السِّياسي .

فهذا زمنُ العُهر السِّياسيّ بجدارةٍ، هذا العُهر الذي ولَّد أيضاً العُهر الثَّقافيّ.

- يكفي أن نراقب ما يحصلُ في فلسطين والعراق ليثْبُت لنا وبالدليل القاطع أنَّ أميريكا واليهود يمارسون أبشع أنواع التَّعذيب والتَّنكيل البشريّ، دونَما أيّ خجلٍ كما العاهرة لا تخجل من مهنتها ...

- والعُهر الأكبر فينا أنَّه يوجدُ من بينِنا من يؤيِّدون هذا العُهر السِّياسيّ والعولَمة التي تريدُ تدميرَ مُجتمعاتِنا ومُجتمعات العالمِ، وقد ابتدأ بالتأثير حتّى على العائلات والأطفال.

- إنَّ من بينِنا من يؤيِّد هذا العُهر تحت اسم "الثَّقافة"، أوَ ليس هذا عُهراً ثقافيَّاً ؟!.

- وأن يوجد حضرات القرَّاء الكرام في مجتمعنا من يؤيِّدُ هذه الهيمنة الأمريكية-اليهودية أليس أمراً سياسيّاً، إن كان تحتَ اسم حقوق الإنسان أو ما شابه؟ ...

وأن يوجد مثلاً في العراق مَنْ يسلِّموا الحُكمَ للأميريكان ويُدخلونَهم بلَدَهم ويصبحون أدواتاً لهُم على الأرض، أليس (تعريصاً) سياسيَّاً وأخلاقيّاً وأدبيَّاً ووطنيَّاً؟!.

كمَن يبيعُ شرفَه بحفنةٍ من الدُّولارات.

دعونا يا حضرات القرَّاء لا نخجل من إطلاقِ الصِّفات المُناسبة على الموصوف المناسب. " فما قتَلَنا إلاَّ خجلنا " .

ولنَعلَم أنَّ عكسَ الخجلِ هنا هو الجرأة لا الوقاحة.

فيا مثقَّفينَ أمَّتي لنكن جريئينَ كفايةً لنقولَ لأولئكَ العَهَرَةِ :

إنَّ الفنَّ والأخلاق الاجتماعيَّة والسِّياسيَّة والثَّقافيَّة من واجبها النُّهوض بالأمَّةِ وخدمة القضيَّة .

"فكفاكم تعهيراً لقضيَّتِنا "


ودُمتُم للحَقِّ يا مُثَقَّفي أُمَّتي.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024