إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

احتمـالات الحـرب فـي الشـرق الأوسـط

كمال نادر

نسخة للطباعة 2007-04-26

إقرأ ايضاً


منذ سنة تقريباً تعيش المنطقة السورية- العربية- الإيرانية تحت وطأة التهديد بالحرب الأمريكية على إيران والشام والمقاومة. ولقد حصلت حربٌ جدية في تموز 2006، كما أن الحرب الأمريكية- الصهيونية في العراق متواصلة، وحشد الأساطيل في مياه الخليج وتسليح القواعد الجوية المحيطة بإيران قائم على قدم وساق.

كيف تبدو الاحتمالات الآن؟

1- الولايات المتحدة ليست في وضع جيد لشنّ حرب كبيرة على إيران وسوريا، لأن الجيش الأمريكي غارق في العراق وفي أفغانستان، ولأن الحرب على إيران تحتاج إلى جيوش كبيرة والى عددٍ ضخم من الطائرات لتقصف كل المواقع الإيرانية دفعة واحدة وتمنع بالتالي أي إمكانية للرد الإيراني.

2- بحسب الدروس المستفادة من حرب تموز الماضي، يفهم الإستراتجيون الأمركان بأن الحرب لن تكون نزهة، فإذا كان عددٌ من مقاتلي المقاومة في لبنان قد صمدوا 33 يوماً (وأكثر)، واستمروا بقصف الكيان الصهيوني بالصواريخ وألحقوا بالجيش هزيمة صدّعت معنوياته وبنيانه العسكري والسياسي، فكيف سيكون الحال مع إيران وسوريا؟

الأكيد أن الردّ الإيراني سيكون عنيفاً على القواعد الأمريكية في العراق وكل دول الخليج، وبالأخص على "إسرائيل" بما في ذلك مفاعل "ديمونا" ما يهدد بكارثة نووية في الشرق كله وفي الخليج إذا ضرب المفاعل الإيراني في "بوشهر" أو "نطانز".

3- وإذا كانت إيران تملك منظومة صواريخ روسية مضادة للطائرات من طراز "تور أم 300"، فإنها ستلحق أذىً مهماً بالطيران الأمريكي وتشِّل فعاليته. إضافة إلى أن صواريخ "كروز" و"توما هوك" قد أمكن تضليلها في حرب العراق ويمكن تضليلها مجدداً. والأخطر هو أن تفاجئ إيران الأساطيل الأميركية في الخليج بصواريخ تقدر أن تصيب وتغرق قطعاً حربية أو ناقلات نفط. عندئذٍ ستكون الهزيمة كبيرة على الولايات المتحدة.

4- السبب الاقتصادي يحسب له حساب، فالنفط سيرتفع إلى مستويات خيالية تؤدي إلى انهيار الاقتصاد الأمريكي والأوروبي والعالمي، وهذا ما تحاول واشنطن التحسب له قبل توجيه أي ضربة لإيران.

5- إن أشد المعارضين للحرب هم السعودية ودول الخليج ودولة العدوّ "إسرائيل". لأن دول الخليج ستتلقى الدمار والخراب والمخاطر، وستدفع تكاليف الحرب للأمريكيين الذين يرغبون في سحب المزيد من أرصدتها المتراكمة. كما أن "إسرائيل" تخاف من ضربة صاروخية مدمّرة تقضي على ما تبقى من قدرتها على البقاء.

6- إن جورج بوش وعصابة المحافظين الجدد المحيطة به باتوا في وضع سياسي وإداري سيئ وهم محرجون جداً نتيجة حروبهم الفاشلة في العراق وأفغانستان، وافشالهم في العلاقات الدولية، والكونغرس يواظب في الضغط على الإدارة لإلزامها ببدء الانسحاب من العراق ولن يكون موافقاً على حرب جديدة.


أمام هذه المعطيات تبدو الولايات المتحدة محدودة القدرة على شنّ حرب على إيران. لكنها تظلّ قلقة من تنامي القوة الإيرانية وما يمكن أن يعنيه ذلك من خروج القوى النفطية الأساسية عن السيطرة الأمريكية وتشكل محاور اقتصادية كبرى بين الخليج والصين وروسيا وأمريكا الجنوبية ولاحقاً أفريقيا.

لذلك ستقف واشنطن طويلاً أمام الإشكال الخليجي، فلا هي قادرة على الحسم، ولا هي تقبل أن تتفرج على نمو القدرة الصناعية والعسكرية الإيرانية المندفعة بسرعة. وفي الحالتين فإن الإمبراطورية الأميركية في خطر، وقد يظهر اتجاه قوي في الكونغرس وأوروبا والأمم المتحدة للتسوية مع إيران والمنطقة.

وفي الجبهة "الإسرائيلية"، قد يبدو واضحاً أن العدوّ ليس في وضع سياسي وعسكري واقتصادي يسمح له بشن حرب جديدة، بل هو متخوف من أمرٍ ما تبيّته سوريا وإيران والمقاومة، التي ربما تكون حصلت على صواريخ إستراتيجية جديدة. ويزداد قلق العدوّ من إصرار المقاومة على توجيه أنظارها وسلاحها باتجاه فلسطين المحتلة وتجنب أي غرق في حرب أهلية لبنانية. وقد تجد "إسرائيل" نفسها مضطرة لقبول تسوية مهما تكن باهظة وموجعة لمفاهيمها الأصولية التوراتية ولمشروعها التوّسعي.

في هذه الأجواء ظهر التحرك الرسمي العربي بعرض "خطة السلام العربية" على العدوّ. وهذا التحرك لم يأتِ بدون إيعاز أمريكي ما يعني أن التسوية حاجة أمريكية- صهيونية، عملت لها الديبلوماسية الأميركية خلال الأشهر الماضية بحركة مكوكية قامت بها "رايس"، ومساعدوها بدون توقف.

من سيدفع ثمن التسوية؟

يدفعه اللاعبون الصغار في لبنان والعراق. لقد قلنا ونؤكد أنهم مجرد أوراق صغيرة في الملف الأمريكي الكبير. وهذا الكلام الذي يتشدّقون به في وسائل إعلامهم "الباهرة" التمويل والأناقة بات كلاماً ممجوجاً ومملاً وسقيماً والرأي العام لم يعد يعبأ بهم كثيراً. وحال "حكومة السنيورة" ليست أفضل كثيراً من حال "حكومة المالكي". كلاهما محاصر بالأزمات وملحق بقطار السياسة الأمريكية الخاسرة حتماً.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024