شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2007-09-09
 

بوش والحرب النووية

محمد خليفة

قال الرئيس الأمريكي جورج بوش في كلمة أمام جمعية قدامى المحاربين في ولاية نيفادا الأمريكية ، إن السماح لإيران بامتلاك أسلحة ذرية سيجعل منطقة الشرق الأوسط معرّضة لخطر محرقة نووية . وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس أمريكي على الملأ بإمكانية اندلاع حرب عالمية ثالثة في منطقة الشرق الأوسط تستخدم فيها الأسلحة الذرية . ولا شك أن هذا الكلام يعبّر ، بلا ريب ، عن فشل السياسة الأمريكية في العراق وفي المنطقة العربية والإسلامية ككل . وهذا الفشل قد يؤدي إلى انهيار السلطة العالمية للولايات المتحدة وإلى انحسار قوتها وضعفها . وطالما تغنى القادة الأمريكيون بما يسمونها الديمقراطية الأمريكية التي تجعل القوة النووية أداة للردع فقط وليس لتهديد دول العالم بها . وكانوا إلى عهد قريب يستخدمون هذه الذريعة، أي الديمقراطية، لمنع الدول المعادية لهم من امتلاك الطاقة النووية بدعوى أنها غير ديمقراطية ، وهي الذريعة نفسها التي استخدموها لشنّ الحرب العدوانية على العراق بدعوى إحباط مساعي ما كان يسمى "الديكتاتور العراقي" في امتلاك سلاح ذري . لكنهم الآن خلعوا مسوح الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وقرروا إشهار السلاح الذري الذي يمتلكون ترسانة كبيرة منه في وجه الشعوب العربية والإسلامية ، لأن هذا السلاح لا يُستخدم إلاّ كسلاح تدمير شامل ضد المدنيين في المدن الآمنة ، وليس ضد الجيوش في ساحات القتال . فالولايات المتحدة عندما امتلكت أول قنبلة ذرية عام 1945 ، بادرت إلى إلقائها على مدينة هيروشيما اليابانية الآمنة ، وألقت قنبلة ثانية على أختها الآمنة مدينة ناغازاكي . ولم تلقِ هاتين القنبلتين على الجيش الياباني خوفاً من أن يتضرر جيشها الذي كان مع هذا الجيش في ساحة قتال واحدة . وكان إلقاء هاتين القنبلتين أكبر جريمة عرفها تاريخ البشرية لما تسبّبتا به من دمار وقتل وتشويه مئات الآلاف من اليابانيين الأبرياء . لكنها جريمة ظلت من دون عقاب ، لأن الولايات المتحدة كانت منتصرة في الحرب العالمية الثانية ولا أحد يستطيع أن يحاسب المنتصر إلاّ الله تعالى . وقد تم تبرير إلقاء القنبلتين بتحقيق استسلام الجيش الياباني دون قيد أو شرط . وبالفعل ، فقد استسلم هذا الجيش بعد أن رأى هول المأساة التي حلّت بأهله وأحبائه في مدينتي هيروشيما وناغازاكي . ولم تستطع اليابان أن تردّ الضربة للولايات المتحدة ، لأنها خضعت لسلطتها منذ ذلك الوقت ، وما تزال إلى الآن تابعة خوفاً من قنبلة أمريكية ثالثة تسقط على طوكيو هذه المرة . لكن الدول الطامحة إلى المجد في منطقة الشرق الأوسط ، والتي تملك مخزوناً بشرياً وقدرات اقتصادية هائلة ، لم تذق طعم الذرة لأنها كانت خلال الحرب العالمية الثانية تحت الحماية البريطانية والفرنسية معاً . غير أنها سرعان ما تخلّصت من تلك الحماية في فترة ما بعد الحرب، بدأت رحلة مناكفة سادة الأمس والتحرر من هيمنتهم ، أملاً منها في أن تجد مكاناً لها تحت شمس الحرية في هذا العالم المأسور بيد الولايات المتحدة . وقد حققت بعض تلك الدول قفزة نوعية في الصناعة، ولاسيما العسكرية منها ، فأصبحت تمتلك برنامج صواريخ متقدم ، ولديها برنامج للأقمار الاصطناعية . كما أصبحت تصنع دبابات ومدرعات وطائرات مقاتلة ، وحققت حلمها في امتلاك التقنية النووية . وتظهر التجربة المعيشة أن لديها القدرة على إفشال أي عدوان أمريكي . وبفعل الخسائر المتوالية للجيش الأمريكي في العراق ، وعجز هذا الجيش عن بسط الأمن وبناء دولة عراقية جديدة ، أصبحت الولايات المتحدة تعاني هزيمة محققة. ولأنها لا تريد الاعتراف للشعب العراقي بالنخوة والشجاعة والإمكانيات القتالية الكبيرة ، ولأنها تريد ذريعة للحرب ضد بعض الدول الإسلامية . فقد ادعت أن هذه الدول ضالعة في الحرب ضد الجيش الأمريكي في العراق وأنه لولاها لكانت الولايات المتحدة قد كسبت تلك الحرب . ولأن العمل العسكري التقليدي ضدها مستحيل حالياً ، فإن القنابل الذرية ستقوم بهذه المهمة. ولذلك جاء تهديد الرئيس الأمريكي بحرب نووية كرسالة واضحة على نيّة الولايات المتحدة استخدام السلاح الذري . لكن الرئيس الأمريكي لم يسأل نفسه عن الردّ المتوقع من هذه الدول في حال تم استخدام هذا السلاح ضد الشعوب العربية والإسلامية . فهل ستسكت كما سكتت اليابان من قبل ، أم أنها ستردّ ؟. لا شك أن قادة هذه الدول مصرّون على الردّ على أي هجوم مهما كان نوعه ، وعند ذلك ستشتعل المنطقة العربية والإسلامية كلها بحرب عالمية ثالثة.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه