إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

المعارضة في مواجهة الانقلاب

زاهر العريضي

نسخة للطباعة 2008-01-02

إقرأ ايضاً


تخوض المعارضة نقاشات معمقة حول المبادرات والمواقف التي سوف تعتمدها في مواجهة المسارات الجديدة للأزمة السياسية والدستورية العميقة التي يعيشها الوضع اللبناني بعد مباشرة حكومة الرئيس السنيورة ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية بناء على إشارة الانقلاب التي أصدرها الرئيس الأميركي جورج بوش وفي ظل التطورات المستجدة التي حملتها المواقف الدولية والإقليمية مؤخرا وقد أمكن تجميع كتلة من الأفكار والموضوعات المتداولة في دوائر قيادية للمعارضة اللبنانية تجري بحثا متواصلا في مناخ من التكتم والغموض الذي يعزز التكهنات حول ما سوف يصدر عن المعارضة في الايام المقبلة بعد ان انتهت عطلة الأعياد:

أولا: خيار الموالاة الذي دعا إليه الرئيس الأميركي في بلاغ الانقلاب (تحت عنوان النصف زائد واحد) صراحة بتسمية رئيس من صفوف الموالين لتنفيذ الأجندة الأميركية في لبنان هو الاحتمال الذي وضعت المعارضة خطة متكاملة لمواجهته وإسقاطه أيا كانت الطرق والوسائل التي يمكن أن تستخدم لفرضه على اللبنانيين عربية أم تدويلية بعتبة عربية وهذا الأمر هو في خلفية التحذير الذي حملته التعليقات الأولية لمصادر المعارضة على طلب مصر والسعودية عقد مجلس الجامعة والتنبيه من احتمال استخدام العتبة العربية لتدويل الأزمة اللبنانية حيث ستكون المعارضة على أهبة الاستعداد لتحرك سياسي وشعبي وميداني تحت عنوان الدفاع عن السيادة والاستقلال ورفض الانتداب الأجنبي مهما كان الثمن وتحميل الموالاة والأطراف المتورطة في مثل هذا العمل كامل المسؤولية وحيث ستكون انتفاضة استقلال شاملة لا مجال فيها للمساومة أو التهاون.

ثانيا: دستوريا حسم الرئيس نبيه بري الجدل حول الملف الرئاسي في بيان تأجيل الجلسة الأخيرة لانتخاب رئيس الجمهورية بتبني فتوى نائب بيروت عن كتلة المستقبل ووزير العدل الأسبق الدكتور بهيج طبارة.

وقرار بري أسقط منطق الموالاة الذي تغطت به لتكريس السطو على صلاحيات الرئاسة ولتمرير خطوتي مشروع حكومة السنيورة للتعديل الدستوري الذي انتهت الحاجة إليه بحسم بري للأمر من خلال فتوى طبارة، وكذلك بالنسبة للعريضة التي تقدم بها نواب الموالاة وتسلمتها الأمانة العامة للمجلس وانتهت بزوال موضوعها حيث انتفت الحاجة إلى فتح دورة استثنائية أو انتظار الدورة العادية في الربيع لتعديل الدستور، وضربة رئيس المجلس وضعت الموالاة دستوريا في حالة حرجة للغاية.

ثالثا: في الوجهة العامة لموقف المعارضة المبدئي تتمسك المعارضة بكون العماد ميشال سليمان مرشحها التوافقي وينطلق إصرارها على السلة السياسية التي تم التوصل إليها مع وزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنير قبل انقلاب النائب سعد الحريري عليها وبصورة خاصة موضوعي حكومة الوحدة بالثلث الضامن وقانون الانتخاب على أساس القضاء دائرة انتخابية وهما بندان مكرسان للشراكة الوطنية لا شأن لهما بمن هو رئيس الجمهورية، وتذكر مصادر المعارضة بأن تحركها الشعبي تحت عنوان الشراكة واعتصامها المستمر مضى عليهما أكثر من سنة وكان رئيس الجمهورية هو العماد إميل لحود الذي تبنى صراحة مطالب المعارضة ويعتبره حزب الله والعديد من قوى المعارضة رمزا وطنيا لنهج المقاومة والصمود والعروبة وهو الذي عبر من موقع الرئاسة الأولى عن تبني وجهة نظر العماد ميشال عون بشأن قانون الانتخاب وإنهاء التهميش المسيحي.

العماد سليمان هو مرشح المعارضة التوافقي و لا يمكن أن يكون وجوده في الرئاسة الأولى سياسيا ترجيحا لوجهة نظر المعارضة أو تطابقا معها كما كانت الحال مع الرئيس إميل لحود ومسيرة سليمان توضح أنه صاحب خيار وسطي بين الموالاة والمعارضة وبالتالي من المنطقي التذكير بأن تحرك المعارضة لم يكن موجها ضد رئاسة الجمهورية للتصرف على أساس أن انتهاء ولاية الرئيس لحود هو انتهاء للأسباب السياسية التي دفعت المعارضة إلى التحرك في مواجهة الموالاة ونهج حكومتها، وحتى لو افترضنا جدلا أن المعارضة قبلت دعوة الموالاة للانتخاب الرئاسي وسحب مطالبها فالنتيجة ستكون تصعيد تحركها الشعبي لضمان تشكيل حكومة وحدة وطنية لن يستطيع الرئيس سليمان بحكم صلاحياته الرئاسية أن يفرض قيامها فدوره في تشكيل الحكومات وفق الدستور لن يسمح له سوى برفض توقيع مرسوم الحكومة إذا لم تأت وفقا لمواصفات التوافق وبالنسبة للمعارضة حدها الأدنى هو الثلث الضامن وإن فعل بعد انتخابه وقبل حكومة من هذا القبيل فالنتيجة المنطقية ستكون استقالة جديدة لوزراء المعارضة وبالتالي نجاح الموالاة في تحويل الرئيس إلى فريق والانفراد تحت غطائه بالحكم.

رابعا: في التصدي لمصادرة صلاحيات الرئاسة ومن بين جملة خيارات يدعو بعض المعارضين على إطلاق تحرك شعبي بمضمون إيجابي للعصيان المدني يتضمن قيام إدارة شعبية تنبثق عن مؤتمر وطني عام تقرن بين مقاطعة حكومة السنيورة وأجهزتها وبين توفير بدائل شعبية في الكهرباء والمحروقات والهاتف الخليوي وفي الرقابة الشعبية على الأسعار بالاستناد إلى البلديات والنقابات والهيئات المحلية في جميع المناطق اللبنانية وبحيث يمكن تعطيل مخططات الموالاة للتصرف بالمقدرات العامة ويقول أصحاب هذا الرأي أن مثل هذه الخطوات ستكون قاضية على مسلسل النهب الذي تحضره الموالاة ببيع الكهرباء والهاتف الخليوي وستقدم وجها حضاريا للمعارضة التي تمتلك من العلاقات والإمكانات والموارد ما يسمح لها بتقديم نموذج جديد من العصيان الشعبي على سلطة انقلابية مناقضة للدستور وتهدد الاستقلال الوطني ووحدة الشعب اللبناني.

وفي أجندة العصيان المدني يقترح بعض المعارضين مقاطعة الأجهزة العدلية والأمنية الحكومية وإعلان حصرية الالتزام بمرجعية المؤسسة العسكرية في الأمن والتقاضي من قبل المعارضة.

خامسا: في الإطار السياسي العام للأزمة يرسم معارضون واقع البلاد بين خيارين:

- سلة التوافق الشاملة أي انتخاب الرئيس التوافقي والتوافق المسبق على حكومة وحدة وطنية ورئيس توافقي للحكومة التي تحقق الشراكة وتعد قانون انتخاب جديد على أساس القضاء.

- الاحتكام فورا إلى الشعب بقانون دستوري يصدر عن مجلس النواب لإجراء انتخاب شعبي عام لرئيس الجمهورية الماروني ولأعضاء المجلس النيابي في اليوم نفسه وليكن عندها الفائز بالرئاسة وبالأكثرية النيابية الجديدة هو الفريق الحاكم الجديد.

ويجزم أصحاب هذا الرأي من المعارضين بأن الأزمة لن تجد لها مخرجا سوى في واحد من هذين الاحتمالين وبأن المعارضة متمسكة بتفويضها للعماد ميشال عون ولن تسمح بتخطي هذا التفويض ويصفون مواقف الموالاة برفض اللقاء مع عون بأنه خروج عن آداب التعامل السياسي يكشف حقيقة تعطيل الموالاة للتسوية بناء على أوامر أميركية يدعمها تدخل جهات عربية وأجنبية باتت معروفة ومحددة.


zaheraridi@gmail.com

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024