إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

حادث "رياق" الأخطر منذ "البارد": الجيش ضحية منطقة محرومة ومهملة من الدولة

زاهر العريضي - الوطن

نسخة للطباعة 2009-04-15

توقف اللبنانيون عن متابعة “اليوميات الانتخابية الممملة”. قطع عيد الفصح في وسطه واعتذر الرئيس ميشال

سليمان عن تقبل التهاني بالعيد في منزله في عمشيت. تحول الجميع الى متابعة “الحادث - الصدمة” الذي صودف وقوعه يوم ١٣ نيسان ذكرى الحرب اللبنانية، والذي نفذته مجموعة مسلحة ضد دورية للجيش اللبناني في منطقة رياق البقاعية ما أدى الى استشهاد أربعة عسكريين واصابة ضابط بجروح بليغة. ودلت التحقيقات الأولية الى ان شقيقي القتيل علي عباس جعفر (سقط على أحد حواجر الجيش قبل أسبوعين نتيجة عدم امتثاله للتوقف وهو الصادرة بحقه عشرات مذكرات التوقيف) هما اللذان كانا وراء الكمين ومعهما ستة أشخاص من المطلوبين فروا جميعا الى جرود الهرمل.

هذا الحادث يعد الأخطر من نوعه منذ حادثة تعرض الجيش اللبناني ل “كمين ليلي” على تخوم مخيم نهر البارد قبل عامين (ردا على عملية قامت بها قوى الأمن الداخلي ضد مجموعة فتح الاسلام في شارع المئتين في طرابلس)، وكانت هذه الحادثة الشرارة التي أشعلت حرب نهر البارد التي استمرت أشهرا وكلفت الجيش مئات الشهداء والجرحى.

وحادثة رياق مثل حادثة نهر البارد ترقى، بغض النظر عن أسبابها “الثأرية” وتعقيداتها وخصوصياتها العشائرية

المناطقية، الى مستوى الجريمة الارهابية المنظمة التي قام بها أشخاص مجرمون خارجون عن القانون عن سابق

تصور وتصميم. فلم تكن فعلتهم رد فعل فورية وانفعالية، ولم يحصل الاعتداء نتيجة اشتباك بين دورية عسكرية وزمرة مسلحة تمت محاصرتها أو مداهمتها. وانما وقع نتيجة كمين مخطط له بعناية بهدف قتل أكبر عدد من العسكريين وبخاصة الضابط علام دنيا (كان الهدف المباشر للعملية الاجرامية وهو كان مسؤولا عن نقطة التفتيش في شليفا ونقل الى مقر آخر في البقاع بعد تلقيه تهديدات بالقتل).

ليس أمام الجيش اللبناني الا خيار الرد الحازم والسريع تماما مثلما كانت عليه الحال بعد حادثة نهر البارد ومع

فارق الظروف وطبيعة الرد بالتأكيد. وحتمية الرد تعود الى سببين أساسيين:

- الأول: طبيعة الجريمة “البشعة” التي أصابت الجيش في الصميم وشكلت اعتداء خطيرا على أمنه والأمن الوطني من جهة، وعلى هيبته ومعنوياته من جهة ثانية. هذا اعتداء مباشر وواضح في ظروفه وموقّع من مرتكبيه ولا مجال فيه لتساهل وتراخ وتهاون.

- الثاني: توقيت وموقع هذه الجريمة التي حصلت في “عز” التحضيرات للاستحقاق الانتخابي والاستعدادات

الجارية لإجراء الانتخابات في ظل أجواء هادئة آمنة. فقد سلطت هذه الحادثة الأضواء بقوة على “أمن العملية

الانتخابية” وأيقظت الهاجس الأمني الدفين، من ان يكون الأمن سببا من أسباب تعثر الانتخابات أو اضطرابها والدفع في اتجاه تأجيلها خصوصا وانها تجري للمرة الأولى في يوم واحد على كل الأراضي اللبنانية مع ما يستوجبه ذلك من جهوزية وقدرات أمنية في حدودها القصوى. واذا كانت الانتخابات أول استحقاق واختبار فعلي يواجهه الرئيس ميشال سليمان منذ توليه الرئاسة، فإن الوضع الأمني في بعلبك هو أول اختبار أمني عسكري فعلي يواجهه العماد جان قهوجي منذ توليه قيادة الجيش.

الاتجاه هو الى رد سريع حازم وقوي في ظل تغطية سياسية شاملة والتفاف وطني.

ومما لا شك فيه ان الرد حاصل بسرعة وحزم، ولكن أيضا بدقة وروية حتى لا تخرج العملية العسكرية عن أهدافها ولا تؤتي بتعقيدات اضافية أو نتائج عكسية. ثمة “علاج فوري” للمشكلة الأمنية الطارئة وثمة علاج لاحق ومن نوع آخر لمشكلة مزمنة ذات أبعاد أمنية واجتماعية متشابكة جعلت من وضع هذه المنطقة وضعا شاذا وبؤرة خارجة عن القانون وسلطة الدولة. ولطالما تعاطت المؤسسة العسكرية بتفهم ودراية مع هذه المشكلة رغم انها مسؤولية سياسية للحكومات المتعاقبة. الجيش يعرف في تلك المنطقة كيف يميز بين المجرمين والمحرومين، والناس في تلك المنطقة يعرفون كيف يميزون بين الدولة وجيشها، الدولة التي أهملتهم وابتعدت عنهم، والجيش الذي يحميهم ويتفاعل معهم ويتعاطفون معه، والسواد الأكبر فيه من أبناء المناطق الفقيرة والمحرومة والمهمشة.



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024