إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

القدس وحق العودة والوطن البديل!

د. عدنان بكرية

نسخة للطباعة 2009-05-10

إقرأ ايضاً


ما يحاك وراء كواليس الدبلوماسية العربية اخطر مما نتصور ... فهناك زحف عربي غير مسبوق وعلى الركب تجاه اسرائيل وحكومتها اليمينية المتطرفة سيؤدي إلى نسف حق العودة من الجذور مقابل اقامة كيان فلسطيني كرتوني لا قدرة له ولا حول.. فالحراك الدبلوماسي العربي يكشف عن خيوط مؤامرة تقف خلفها الانظمة العربية وتهدف الى نسف حق العودة وهذه المرة سيكون هذا النسف بمبادرة النظام الرسمي العربي وبايعاز من اسرائيل وتحت يافطة تعديل المبادرة العربية لتصبح أكثر اعتدالا وقابلية للتنفيذ !

الصحف العبرية الصادرة هنا اجمعت على ان "نتنياهو" جاد في ايجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية على اساس (الوطن البديل ) في الاردن ونقل الطابة الفلسطينية الى الملعب العربي وفي النهاية تفجير الصراع بين الاردن والفلسطينيين ويبدو ان الانظمة العربية تستسيغ هذه الفكرة وتحاول ايجاد مخرجا لاسرائيل من مأزقها الدولي لذا تسعى لتعديل المبادرة العربية بما يتماشى مع الاملاءات الاسرائيلية والامريكية .

إن جذور القضية الفلسطينية هي مشكلة اللاجئين وحق العودة وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتعلقة.. وإذا كان العالم اقر بهذا الحق المقدس فكيف تسمح الأنظمة العربية لنفسها الالتفاف على المقررات الدولية تحت ذريعة (الواقع الجديد )وتسقط أهم الثوابت الفلسطينية وبشكل رسمي ؟!

الأنظمة العربية باعت فلسطين والعراق وهاهي اليوم تبيع الحق الفلسطيني من جديد وفي بازار التصفيات وبابخس الاثمان .. فهل سيقبل الشعب الفلسطيني أن تصفى قضيته بهذا الشكل بعد ان قدم ألاف الشهداء على مذبح التضحية الوطنية ؟

تحت ذريعة الواقع الجديد والمتغيرات الدولية وميزان القوى تصفى اشرف وأنبل قضية عادلة عرفها التاريخ وبحجة الواقع الجديد يتم نسف أحد أهم أركان هذه القضية وبأيادي عربية !وكلما ازداد التخاذل العربي ازدادت اسرائيل تغولا وتنكرت لحقوق الشعب الفلسطيني .

الواقع الجديد أيضا قد يخرج مشروع (الترانسفير) إلى حيز التنفيذ وهذا أمر وارد حسب رؤية "نتنياهو" لحل القضية الفلسطينية ! فهل سنتعامل مع هذا المشروع ونراعيه ونقبله لاعتبارات الواقع الجديد ؟نتنياهو يطالب بالاعتراف بيهودية الدولة الأمر الذي يعني نسف شرعية وجودنا هنا على أراضينا ونسف حق العودة والمخجل أكثر ان هذا الأمر يناقش خلف الكواليس وفي المؤتمرات العربية .. اكرر ما قلته سابقا يشرفنا الانضمام للدولة الفلسطينية لكن بأراضينا وبيوتنا وفي اطار دولة مستقلة تنعم بالسيادة الكاملة الغير منقوصة .

القدس تصادر وتطوق بالمستوطنات والأقصى يضج ويتألم تحت بلدوزرات الحفر والتجريف فهل سنتنازل عن القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية تحت بدعة الواقع الدولي الجديد وهل سنسمح بتغييب معالم الأقصى وهدمه تحت ذريعة الواقع الجديد والظروف الدولية ؟وهل نستسلم لهذا الواقع بهذه السهولة ؟!

الحركة الثورية وجدت أصلا لأنها ترفض الواقع المفروض وتسعى لتغييره بما يتماشى وتطلعات الشعب المضطهد المشرد وإذا انصاعت للواقع الذي تحاول إسرائيل فرضه فإنها تفقد سحنتها الثورية وتُقزم قامتها النضالية وهذا الأمر ينطبق على كل فصائل شعبنا وأطيافها .

ان التنازل الواضح عن هذا الحق (حق العودة) فتح الأبواب أمام إسرائيل للتنكر لكل حقوق الشعب الفلسطيني وأعطى المبرر للعالم بان لا يتعامل مع قضية حق العودة بتفاصيلها وباعتباراتها السياسية والوطنية بل باعتبارات انسانية وتوطين وتأهيل !

إن ما نخشاه ان يتم تهجير الفلسطينيين من منفى قسري إلى منفى آخر يختاره اللاجئون بنفسهم في ظل انعدام الخيارات الأخرى وتغييب خيار العودة إلى أرضهم وقراهم وفي ظل مبادرة الأنظمة العربية الى تفصيل مشروعها "السلمي" على مقاس إسرائيل وحكومتها اليمينية.

إن المهرولين خلف هذه الخيارات تناسوا أن مشاريع التوطين والتعويض والتأهيل والتجنيس لا يمكن أن تشطب قضية الوطن مهما كانت الإغراءات لأن الأوطان ليست سلعة تخضع للبيع والشراء في البازارات التصفوية الدولية مهما قست الظروف على الشعب الفلسطيني .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024