إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

كل مواطن خفير لمحاربة التجسس

زاهر العريضي - البناء

نسخة للطباعة 2009-06-16

منذ قيام دولة اليهود على أرض فلسطين ونحن نقرأ ونسمع عن مسيرة عميل هنا وشبكة موساد هناك, يقومون بأنشطة تجسسية ترفد العدو الإسرائيلي بمعلومات يستخدمها في كافة المجالات الامنية والعسكرية او غيرها, بما يخدم مخططاته ويحقق له اهدافه القصيرة او البعيدة المدى.

ولا يمكن لنا ان نعدد الحالات التي كان للعملاء فيها الدور الأساسي الذي إستطاعت إسرائيل من خلاله ان تحقق اهداف إستراتيجية إبتداء من مراحل الإستيطان الأولى و حتى قيام دولة إسرائيل مرورا بجميع مراحل الصراع حتى حرب 1967 وإجتياح لبنان عام 1982 مع ما رافق جميع تلك المراحل من صراع خفي تمكنت فيه اجهزة الامن الإسرائيلية من تصفية معظم قادة الثورة الفلسطينية إغتيالا وتسميما والامثلة على هذه عديدة, من إغتيال القادة في شارع فردان قبل الحرب اللبنانية إلى وديع حداد المسموم وحتى خليل الوزير في تونس وغيرهم.

وكانت تظهر هذه العمليات في الإعلام وكأنها في غاية السهولة. ويبقى السؤال كيف إستطاعت إسرائيل ان تدس عملائها داخل أجهزة المقاومة وتدس السم في طعام قادتها ومناضليها.

بمواجهة حرب الجواسيس التي شنتها اسرائيل قامت محاولات مضادة محدوده نذكر منها على سبيل المثال : مسألة الكمالين – كمال ابو لطيف من قرية عيحا في قضاء راشيا و كمال الكنج من قرية مجدل شمس في الجولان المحتل حاليا وكلاهما كانا ينتميان إلى الحركة القومية الإجتماعية وكيف إستطاعا ان يخرقا جهاز الموساد الإسرائيلي وبمبادرة فردية ودون أي تكليف من أحد ويكشفا مخططا خطيرا يقضي بإنشاء دولة درزية تمتد من الساحل اللبناني حتى اقصى الجولان المحتل لتشكل هذه الدولة العازل الجغرافي الآمن لإسرائيل. ولا ننسى ما قام به سعيد تقي الدين في خمسينيات القرن الماضي بإنشاء لجنة "كل مواطن خفير" التي تشكلت من مجموعات مدنية متطوعة مؤمنة من مختلفة الديانات والمناطق. رصدت تحركات العدو وعملائه وخاصة في بيروت وإستطاعت ان تكشف بعض شبكاته وما حادثة تسمسم فيليب مسلم على يد فتاة يهودية كشف امرها ليسقط فيليب مسلم شهيدا من نوع آخر على الجبهة الداخلية. كي لا نسترسل في سرد مسار الصراع الإستخباراتي بيننا وبين الكيان اليهودي الذي نعتبره بأهمية الصراع العسكري. اصبح ملزما علينا ان نخرج هذا الموضوع من حالة المبادرة الفرية وندخله في صلب إستراتجيتنا الدفاعية.

إن القضاء على عملاء الداخل واجب علينا قبل القضاء على اعداء الخارج لأن هؤلاء بمثابة "يهود الداخل" اشد خطرا من يهود الخارج.

ومما يؤسف له ان الطبقة السياسية المتحكمة في هذا البلد لا تفقه شيئا من مضمون الإستراتيجية الدفاعية. يتسائل معظم اللبنانيون لماذا وكيف تم كشف كل هذا العدد من العملاء والشبكات في هذا الظرف؟

اما نحن فنسأل كيف تم تجنيد كل هذا العدد من العملاء والشبكات التي نشط بعضها لسنوات واتمت مهماتها المطلوبة دون ان ينكشف امرها. والجواب يبقى في العلاقة التاريخية لبعض الأطراف السياسية اللبنانية بإسرائيل سياسيا و عسكريا وماديا, والفساد في الخطاب السياسي لبعض القوى اللبنانية مؤخرا هيأ المناخ الفكري والنفسي واسقط حواجز العداء مع اسرائيل مما اتاح لهذا الكم من المجندين ان يتسلح بمقولات يبرر لنفسه فيها التعامل مع الموساد الإسرائيلي. هذا الخطاب السياسي الذي قلب المعايير والموازين وبدل الثوابت والاهداف, هو المسؤول الأول عن إيجاد بيئة صالحة لنمو كل هذا العدد من الشبكات كما ينمو الفطر في المستنقعات.

امام هذا السرد السريع لا يجوز ان يخضع درس ظاهرة العملاء بانها مجرد قناعة شخصية او ضعف امام مغريات العمالة ومنافعها وتكرس على اساس العمالة كوجهة نظر ، لا بد للباحثين في الإستراتيجية الدفاعية صياغة آلية عملية عن ضرورة تحصين الجبهة الداخلية وحماية ظهر المقاومة من خلال حركة مقاومة تعمل على تجميع القوى الوطنية الحية وتبني على امتداد ارض الوطن مجتمع المقاومة من اجل حماية الجبهة العسكرية حتى لا يتم تحول الصراع القومي المقاوم الى فتن داخلية.

لذلك على القوى الوطنية دور كبير لتشكيل حالة ضغط لمطالبة جميع الجهات الرسمية عسكرية ومدنية والاحزاب الناشطة من اجل بناء مجتمع عصي على الجيوش والجواسيس عبر خطوات عملية تتلخص بعدة نقاط :

1- العمل على ايجاد تشريعات تحصن مؤسسات المجتمع المقاوم وتعمل على حمايتها من لعبة التجاذبات السياسية الداخلية.

2- انشاء جهاز امني مختص بمكافحة التجسس والتصدي للعملاء يسمى " مجلس الامن القومي" من اجل توجيه جهود الاجهزة الامنية والعسكرية وتكوين قاعدة معلومات موحدة لمنع التضارب والتجاذبات .

3- استحداث تنظيم مدني توظف فيه طاقات المجتمع الوطنية ليكون العين الساهرة يرصد التحركات المعادية ويساعد الاجهزة الرسمية على مراقبة المشبوهين .

4- تعميم تربية المقاومة والامن المجتمعي من خلال برامج تربوية مدرسية تعنى بالتربية المدنية والمقاومة ومكافحة التجسس.

5- تخصيص برامج على المحطات الاعلامية الخاصة والرسمية تتناول الصراع والمخاطر التي يشكلها العدو الاسرائيلي على الوطن واصدار نشرات دورية في الاتجاه عينه لترسيخ الوعي لدى المواطنيين وفهم الخطر الذي يشكله العدو الاسرائيلي .

6- محاكمة كل خطاب سياسي يسهم بشكل او بأخر في ضرب حالة العداء مع العدو وضعضعة الجبهة الداخلية .

7- التشدد في تطبيق الاحكام الصادرة بحق العملاء التى لا يجب ان تقل عن المؤبد

8- دعوة الاحزاب في لبنان لتفعيل المراقبة الذاتية على اعضاءها

9- الطلب من الاحزاب والميليشيات التى تدربت في اسرائيل واعلنت ذلك صراحة لتقديم كشوفات بجميع العناصر والمسؤولين من اجل تسهيل مراقبة من يمكن ان يكون قد تم تجنيده.

10- وضع السياسين والكتاب الذين زارو اسرائيل وتعاونوا معها في خانة المشتبه بهم وتحت المراقبة الدائمة " خاصة البعض منهم نشر كتب ومقالات ودراسات يروي علنا عن زياراته الى اسرائيل والتنسيق مع المسؤولين الاسرائيلين "

11- مراقبة الرعايا العرب الذين ترتبط دولهم بمعاهدات مع اسرائيل وخصوصا بانه تبين ان البعض منهم يعمل لمصلحة اسرائيل.12

- يجب ان يوضع القضاء اللبناني يده على ملف العملاء مع اسرائيل وفق للدستور والقوانين وان يصدر احكاما متشددة ضد كل من تعامل مع اسرائيل

13-انشاء محاكمة تاريخية لحقبات الماضي من نشاط الوكالة اليهودية الى اجتياح لبنان من اجل دراسة ومحاسبة كل من تعامل مع اسرائيل مهما كانت الظروف ومنعه من تحمل المسؤوليات العامة او المشاركة في الحياة العامة ليكون عبرة للاجيال ومن اجل تحصين المجتمع وصيانة مصلحة الدولة .



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024