إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

سفارة فلسطينية في الجو

نضال حمد

نسخة للطباعة 2009-09-25

إقرأ ايضاً


بدأت يوم السبت الموافق 19/09/2009 أعمال المشروع الفني النرويجي "سفارة لفلسطين" ، للفنانتين النرويجيتين كاميلا مارتينس وتوريل غوكسوير ، وللمشروع عنوان فرعي آخر هو "محادثات سياسية فوق أوسلو النرويجية"... شارك فيه عدد من السياسيين والناشطين والبرلمانيين والأكاديميين النرويجيين والفلسطينيين.

استمرت أعمال المشروع طيلة أيام 19 و 20 و21 و 22 أيلول / سبتمبر الجاري ... حيث كانت تبدأ كل يوم الساعة الخامسة بعد الظهر وتنهتي حوالي الساعة السابعة مساء .. في منطقة وسط أوسلو بالقرب من قلعة "فيتسن" البحرية النرويجية القديمة ، المطلة على البحر والميناء وعلى ساحة مبنى بلدية العاصمة أوسلو.

المشروع هو من بنات أفكار كاميلا وتوريل ، اللتان لا تخفيان تعاطفهما مع القضية الفلسطينية. وعلمت منهما أنهما حصلتا على تمويل للمشروع المذكور من منظمة "فريت أورد" الكلمة الحرة ، المنظمة النرويجية المعروفة. وكذلك من مؤسسة "كورو " النرويجية التي تعمل في مجال الفن الهادف.

بدأ التحضير للموضوع منذ فترة طويلة ، وعرفت به من خلال صديق فلسطيني ، ولما تم الاتصال بيني وبين الفنانتين ،سارعت الى تحديد موعد للقاء معهما ، سرعان ما تم في اليوم التالي في مقر مؤسسة كورو .. عرضتا الفكرة و قدمتا نبذة عن مشروعهما . قبلت مشاركتهما في العمل لقناعتي بأنه يقدم للقضية الفلسطينية خدمة جليلة. إذ أن المنطاد الطائر سوف يكون ملفتاً للنظر وسوف يراه سكان العاصمة وهو يحلق كعلم فلسطيني طائر يذكر كل انسان بأن فلسطين مازالت تحت الاحتلال وبأن للشعب الفلسطيني حقوق عادلة وثابتة لا بد أن ينالها. وأن كل انسان مطالب بالعمل لدعم الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال والعدوان والاستيطان. وباعتقادي أن هذه هي بعض أهداف المشروع.

من الواضح أن الفنانتين عملتا على تحشيد أكبر عدد ممكن من المشاركات السياسية والفنية والثقافية من الجانب الفلسطيني ، وكذلك من الجانب النرويجي.. إذ شاركت في المشروع فرقة دبكة شعبية من الرابطة الفلسطينية في استوكهولم بالسويد. كما قدمت المغنية الفلسطينية رلى بخيل احدى أغنياتها الوطنية الجميلة الملتزمة. والتي راقت للجمهور الذي تجاوب معها وصفق لها طويلا... و في نفس المكان وعلى مدار أربعة ايام متتالية ألقى كل من الكاتب الفلسطيني النرويجي نضال حمد قصيدة " إلى آخري .. و إلى آخره " للشاعر الراحل محمود درويش باللغة العربية (من ديوان لماذا تركت الحصان وحيداً ؟) ، فيما قدمها باللغة النرويجية الطفل الفلسطيني النرويجي محمود حجار. الذي أبدع القاءا وحضورا ، حيث كان يحرص كل يوم على المشاركة بألبسة فيها دلالات رمزية فلسطنيية كبيرة مثل الكوفية الفلسطينية ، الشال الفلسيني ، البسة أخرى بألوان علم فلسطين.

فلسطينياً كانت هناك مشاركة لفلسطينيي أوروبا تمثلت بالصحافية والناشطة الفلسطينية السويدية حنين شقرا التي ألقت كلمات سياسية ، وشاركت في الحوار الذي جرى "على الطاير" في المنطاد مع سياسيين واكاديميين نرويجيين. ففي اليوم الأول طار المنطاد بها وبالبرفسور ستاين ثورنسن الذي كان يدير النقاش. وفي اليوم الثاني بها وبالدكتور مادس غيلبرت الذي اصبح غنياً عن التعريف بالنسبة للقارئ العربي ، فهو الذي ذهب الى غزة اثناء العدوان الهمجي الأخير عليها وعمل في مستشفى الشفاء مع زميله النرويجي البرفسور اريك فوسه ، وقاما من قلب القطاع بفضح جرائم الصهاينة مباشرة وبالصوت والصورة. في المنطاد دار الحوار عن فلسطين في حين كان الجمهور يستمع للنقاش عبر مكبرات الصوت على الأرض. ويشاركهما بالتصفيق والتحية. وللتذكير فأن الطبيب النرويجي مادس غيلبرت ناشط سياسي مؤيد للقضية الفلسطينية ، سبق له أن عمل في مخيمات لبنان اثناء الحرب الأهلية اللبنانية. وفي بيروت سنة 1982 اثناء الحصار والغزو الصهيوني للبنان.

كذلك حل ضيفاً على المشروع في يومه الثالث القيادي الفلسطيني مصطفى البرغوثي الذي ألقى كلمة سياسية تحدث خلالها عن معاناة الشعب الفلسطيني وجرائم الاحتلال اليومية. وقدم الشكر للقائمين على المشروع. ثم توجه ومعه السياسي والبرلماني النرويجي مورتن هوغلاند الى المنطاد بصحبة البرفسور ستاين الذي أدار النقاش فوق اوسلو. لكن سوء الأحوال الجوية وشدة الريح معنت المنطاد من الاقلاع فتم الحوار في المنطاد على الأرض.

تجدر الاشارة الى أن مورتن هوغلاند عنوة عن جميع السياسيين الرسميين الذين تمت دعوتهم للمشاركة وهم من كافة الأحزاب النرويجية حضر وشارك .. لم يحضر بقية المدعوين على ما يبدو تجنباً للدخول في مواجهات جديدة مع السفارة الصهيونية في اوسلو. لكن هوغلاند الذي اعتبر الاستثناء السياسي الوحيد وهو بالمناسبة عضو قيادة حزب التقدم النرويجي المعادي للأجانب والمؤيد لاسرائيل ... وعضو في لجنة العلاقات السياسية بالبرلمان النرويجي .. أطلق خلال الحوار في المنطاد مع مصطفى البرغوثي مواقف تعتبر متقدمة وغير معادية كثيراً للفلسطينيين. وبرأي بعض الناشطين النرويجيين المؤيدين للقضية الفلسطينية فإن هوغلاند يعتبر أقل قادة هذا الحزب من حيث العداء لفلسطين. وسبق له أن زار غزة عقب انتهاء العدوان الصهيوني على القطاع.

خلال فترة الحوار بين هوغلاند والبرغوثي كنت أجلس بالقرب من الدكتور مادس غلبرت الذي كان يهز رأسه تعبيراً عن اعجابه كلما سمع موقفاً ايجابياً من هوغلاند. فيما البرفسور ينس بوتينشين أحد مؤسسي لجان التضامن مع الشعب الفلسطيني في النرويج ، مال علي وهمس في اذني : " أنظر أنه السياسي الوحيد الذي لبى الدعوة وهذا بحد ذاته شيء ايجابي يحسب له ..".

شاركت كذلك في أعمال المشروع مجموعة كبيرة من السياسيين والناشطين والأكاديميين النرويجيين ، منهم كما أسلفنا البروفسوران ستاين ثونيسن وينس بوتينشين، أضافة للسيدة فينكا الرئيسة السابقة للجنة فلسطين النرويجية ، التي سبق لها وعملت في مخيمات لبنان ، كما أنها ألفت كتاباً عن الفلسطينيين وقضيتهم. كذلك القى كلمة في نفس المكان المحامي النرويحي سفاين الذي يرفع مع مجموعة من المحامين النرويجيين دعوة قضائية ضد الكيان الصهيوني على خلفية ارتكابه جرائم حرب اثناء العدوان على غزة بداية السنة الحالية. فيما كانت المشاركة الفلسطينية مقبولة ، وتجلت بقيام الأخت غادة عزام بعرافة الخفل طوال ايامه الأولى الثلاث ، ثم حلت مكانها في اليوم الرابع الأخت فداء .. شاركت أعداد لا بأس بها من الفلسطينيين في الحضور ، لكن كان بالأمكان أن تكون المشاركة الجماهيرية الفلسطينية أكبر بكثير مما كانت عليه لولا أن المشروع توافق مع ايام عيد الفطر. أما المشاركة النرويجية كانت كبيرة كما في كل حدث له علاقة بمناصرة القضية الفلسطينية.

وسائل الاعلام النرويجية المرئية والمسموعة والمقروءة قامت بتغطية النشاطات يومياً ، حيث خصصت صحيفة داغبلاده اليومية صفحتان للحديث عنه وأبرزت صورة كبيرة للمنطاد وهو في سماء أوسلو. فيما القناة الرسمية الأولى انركو أجرت مقابلات مع المشاركين وقامت بتصوير المنطاد و الدبكة الفلسطينية وبقية المشاركات. شوهدت هناك أيضاً كاميرا فضائية الجزيرة القطرية. فيما خصص موقع الصفصاف الالكتروني الاخباري العربي النرويجي مساحة كبيرة لتغطية أعمال المشروع يومياً بالكلمة والصورة والفيديو.

الحدث الأهم في أيام المشروع كله كان اطلاق المنطاد الملون بألوان العلم الفلسطيني ،الذي كتب عليه شعار " سفارة لفلسطين " .. باللغتين العربية والانجليزية .. حيث كان الحوار ينقل مباشرة من المنطاد الطائر فوق اوسلو الى الجمهور .. غالبية سكان العاصمة شاهدت المنطاد على مدار أيام المشروع. وتجدر الاشارة الى أن موقع الصفصاف تلقى رسائل الكترونية ومكالمات هاتفية أبدى مرسلوها تأييدهم للفكرة وقدموا تحياتهم للفنانتين "كاميلا و توريل" القائمتين على المشروع... و لمؤسسة "كورو" التي ساهمت في دعم وتمويل المشروع.

في اليوم الأخير وقبل اختتام المشروع قدم نضال حمد رئيس الهيئة الادارية للجالية الفلسطينية في النرويج هدايا رمزية فلسطينية للفنانتين كاميلا وتوريل ، ثم شكرهما باسم الجالية الفلسطينية في النرويج ، والجاليات الفلسطينية في أوروبا والشتات، وباسم الشعب الفلسطيني بلاجئيه في مخيمات الشتات والوطن المحتل ، وكذلك باسم أكثر من 10000 آلاف أسيرة و أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الصهيوني. ودعا الى مزيد من النشاطات التضامنية مع الشعب الفلسطيني في النرويج وفي كل مكان.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024