إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

إلى غسّان تويني رسالة 6 ج 1

نسخة للطباعة  | +  حجم الخط  - 1946-08-04

الى الرفيق غسان تويني كمبردج، ماستشوستس، اميركانية

ايها الرفيق العزيز،

تسلمت رسالتك الأخيرة المؤرخة في 23 يوليو الماضي وسررت بها وبالصورة المرفقة بها التي عرفت الي الرفيقين العاملين جورج شاهين وميشال ابو رجيلي وبخطابيك بالراديو في اذاعة الرفيق ابو رجيلي.

كنت اود ان أكتب إليك وأسهب لك في ما تفيدك مغرفته من نشوء الحزب وشؤون مرحلة تأسيسه ولكن ليس في مقدوري المادي أن أقوم بكل ما أوده نحو عدد من الرفقاء غير قليل، ولم أعد اليوم بعد الطوارئ التي طرأت على صحتي في مثل النشاط الفيزيائي الذي كنت عليه في الماضي، فبعد كل وقعة طعام اختاج الى لا أقل من ساعة راحة تامة بأمر الطبيب. وكنت في الماضي أكتب على الطعام وبعد الطعام وأفكر في كل وقت وكل حالة. مع ذلك فقد اعتنيت باعطائك معلومات وشروحاً رأيتها كافية لانارة طريق تفكيرك في بعض قضايانا الفكرية والادارية والسياسية. واعتقد انه يفيد ان تراجع بين الفينة والفينة ما كتبته وأكتبه إليك في هذا الصدد.

ما كتبته في رسالتك الأخيرة شارحاً المقصود من "سياسة" عمدة الثقافة ينطبق على المقصود التكني من النص القانوني فيما يتعلق بسياسات العمد، وليس في كتابي السابق إليك ما يحتمل ان يستنتج منه اني أنكر ما شرعته في هذا الصدد من ضرورة تخطيط كل عميد سياسة عمدته العملية في تطبيق ما يخص عمدته من غاية الحزب وخطته الاساسية. وقد رمت سياستي دائماً الى تقوية الاشخاص المؤهلين وجعل المضطلعين منهم بالأعباء يشعرون أنهم لقاء مسؤولياتهم الكبيرة، بصلاحيات واسعة على نسبة كبر المسؤولية. وحصول الوضوح التام لهذه النقطة لا يدخل ولا يوجب ادخال اي تعديل على ملاحظاتي في كتابي السابق، فالمسألة ليست مسألة ليست مسألة هل يجب أن يكون لعمدة الثقافة سياسة يضعها عميدها وهل يجوز ان تصطبغ سياسة العمدة بصبغة خطوط شخصية العميد. فمجرد القول ان العميد مسؤول عن سياسة عمدته ينفي كل جدل أساسي حول هذه النقطة، وانما المسألة، كما حددتها في رسالتي السابقة، تنحصر، من جهة المبدأ الأساسي، في هل يجوز أن تتقدم "سياسة العميد الأساسية" في المنزلة والأساس، على أهداف الحزب العليا وغايته الأخيرة وتعاليمه الأساسية التي أوجدت عمدة الثقافة لتطبيق ما يختص يناحيتها منها؟ وهل يجوز أيضاً ان تقدم عمدة الثقافة، كائناً من كان عميدها، حتى ولو كان عميدها الزعيم نفسه، مسؤوليتها المطلقة تجاه القيم العليا وخرصها على مصلحة الأمة التي تخدنها، على مسؤوليتها الواضحة نحو المنظمة التي أوجدتها لتحقيق غايتها ونحو تعاليم هذه المنظمة الممتازة بصفتها الثقافية ونحو وحدة ادارة المنظمة ووحدة ارادتها في الحرص على مصلحة الأمة بحيث لا يكون لأية عمدة من العمدات حرص مستقل على مصلحة الأمة غير مندمج في حرص المرجع الأخير للمنظمة مهما كان شكل هذا المرجع: الزعيم او المجلس الأعلى او المبادئ والتعاليم او الدستور؟

ان المسؤولية المطلقة تجاه القيم العليا لا يمكن، دستورياً، ان تكون من صلاحية اي عمدة او ادارة جزئية من ادارات الحزب يفترض انها عاملة بتعاليم الحزب وليس بتعاليمها الخاصة وأنها مسؤولة عن أعمالها وسياستها واجراءاتها تجاه المصدر الذي تستمد منه مشروعية وجودها وصلاحية عملها. المسؤولية المطلقة تجاه القيم العليا لا يمكن، ولا بوجه من الوجوه، أن تكون سياسة من سياسات العمدة ولا مبدأ أساسياً من مبادئ وجودها وأغراضها. فالقاعدة الأساسية المنطقية يجب أن تكون: ان المسؤوليات المطلقة ليست من شأن ادارة مقيدة، مهما كانت عامة الصفة ضمن دائرتها المحدودة. وانه لمن الصعب قبول مثل هذا التعبير حتى من مجلس العمد كله. فكون مجلس العمد مؤسسة صادرة عن سلطة تشريعية عامة لتحقيق أغراض تعاليم معينة، فمرجعه هذه السلطة وهذه الأغراض والتعاليم المقيد بها والمسؤول تجاهها في كل ما يخطط وينهج، ويجب عليه ان لا يتعدى هذه الحدود الا إذا أراد تعريض النظام الدستوري كله للانهيار.

…..

يتبع

صدر عن مكتب الزعيم، في 4 اغسطس 1946 ولتحي سورية

خاتم وامضاء الزعيم



 
جميع الحقوق محفوظة © 2024