إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

للخيانة نصف لسان

نضال حمد

نسخة للطباعة 2010-10-14

إقرأ ايضاً


من أقصى بلاد الدنيا ، من الصحراء التشيلية البعيدة جداً عن فلسطين ، جاءت الأخبار التي ترفع الرأس ، حيث المهندس الفلسطيني ابو رفيق مسعد يشارك في عملية انقاذ عمال المنجم التشيلي العالقين على عمق 600 متر تحت الأرض منذ نحو شهرين ، فهناك رفرف علم فلسطين بين اعلام الدول القليلة المشاركة في عملية الانقاذ المستمرة: هذا الذي سمعناه من تشيلي فأفرحنا وأسعدنا للحظات .. وقبل أن يأتي الخبر الذي جاء على لسان ياسر عبدربه ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة ((( التحرير ))) الفلسطينية، من أنه وسلطته التي لا تمثل إلا جزءا بسيطاً من الشعب الفلسطيني ،على استعداد للاعتراف بإسرائيل بأي شكل تطلبه في حال عرض الأمريكيون خارطة تظهر الدولة الفلسطينية المستقبلية قائمة على حدود 1967، وبضمن ذلك القدس. هذا الخبر عكر كل شيء ، مع ان الجمهور الفلسطيني وكذلك العربي إعتادا على التعكير السلطوي الدائم ، إلا أن تصريحات عبدربه هذه المرة تخطت كافة الحدود والخطوط الحمراء ، وقفزت فوق التفريط لتصل الى الخيانة. ولو كان الزمن الفلسطيني سليماً ومعافياً لما تجرأ ونطق بما نطقه. لكن سوء الحال العام وعدم معاقبته من قبل الشعب شجعه على التطاول أكثر واكثر حتى وصلت به الجرأة الى اعلان قبول يهودية فلسطين المحتلة.وهذا بحد ذاته جريمة وطنية بامتياز.

جاء في تصريحات ياسر عبد ربه لصحيفة هآرتس الصهيونية " إن السلطة تريد تلقي مسودة خارطة لدولة إسرائيل التي يريدوننا أن نعترف بها.". وأضاف أنه "في حال كانت الخارطة على أساس حدود 67، ولا تشمل القدس الشرقية، فسوف نكون على استعداد للاعتراف بإسرائيل خلال ساعة بموجب معادلة الإدارة الأمريكية".

وقال أيضا إنه "من المهم بالنسبة لنا أن نعرف حدود إسرائيل، وأين تقع حدود فلسطين. وكل معادلة يضعها الأمريكيون، حتى لو أسموا إسرائيل بالدولة الصينية، سوف نوافق عليها، ولكن بشرط أن يعطونا حدود 67.. لقد سبق وان اعترفنا في السابق بإسرائيل، ولكنها لم تعترف بالدولة الفلسطينية".

ياسر عبد ربه شخصية مثيرة للجدل ، كان وراء ولوجها قمة الهرم الرئيس الراحل ياسر عرفات ، الذي عرف عنه انتقاؤه واستخدامه لبعض الأشخاص في الدروب المزروعة بالألغام ، وكان عرفات كثير الترديد على مسامع زواره عن "الجِزَم" التي سيعبر بها المرحلة ودروبها الموحلة.. لكن عرفات مضى وبقيت "جزمه" تملأ طريق الآلام الفلسطينية... لم يكن ياسر عبد ربه وحده من تلك الشخصيات المخلوقة لمثل هذه المهمات. فهناك غيره مضوا أو أفل نجمهم وهناك من ذهبوا وأختفت آثارهم وغابوا بغياب عرفات ، وهناك من حافظوا مثله على مكانتهم ومهامهم ، لأن خلف وظائفهم أصبحت تقف جهات خارجية لا تريد الخير للشعب الفلسطيني ولا للقضية الفلسطينية. ياسرعبدربه كان أول من قاد انشقاقاً عن الجبهة الديمقراطية بزعامة نايف حواتمة ، والذي بدوره انشق عن الجبهة الشعبية بزعامة جورج حبش. ومنذ انشقاقه حرص عبد ربه على العمل خادماً مطيعاً للسياسة الرسمية للقيادة المتنفذة ثم المستسلمة في م ت ف ، حتى صار البعض يصفه بنصف لسان الخيانة. وأكثر من ذلك أصبح هو صاحب المواقف المرفوضة جماهيريا والملعونة شعبياً والمثيرة للجدل، والتي كانت في السنوات الماضية تكلف صاحبها حياته. فكلما ارادت تلك القيادة تجربة او اختبارا ما لمشروع استسلامي وتنازلي جديد تدفع بعبد ربه للقيام بتلك المهمة. والأخير يفعل ذلك عن طيب خاطر، إذ اصبح متمرساً في التصريحات النتنة والتنازلات البشعة، فهو صاحب مبادرة جنيف مع يوسي بيلين وبرعاية ابو مازن وبمشاركة وجوه كثيرة من السلطة وفتح والمنظمة. وهو الذي يتقدم دائما للاشهار عن مواقف للمنظمة لا يجرؤ عباس نفسه ولا غيره على إشهارها. وعندما تقوم الدنيا عليه يقف عباس ليدافع عنه ويؤكد على أنه أمين سر اللجنة التنفيذية لمغتصبة م ت ف ، شاء من شاء وأبى من ابى.

بالرغم من كافة المواقف والتصريحات المشينة والمعيبة والمهينة التي اطلقها ومازال يطلقها ياسر عبد ربه وهو يفعل ذلك بصفته امين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة ،إلا أننا لم نجد من يمكنه ردعه ووقفه عند حده. والسبب في ذلك واضح هو ان تصريحاته تعبر عن الموقف الحقيقي لرئيس السلطة الفلسطينية وفريقه من الذين قضوا حيواتهم مفاوضات وتنازلات. وسوف يضحك عبدربه كثيراً حين يقرأ مثلنا ردود أفعال فصائل مثل فتح والشعبية والديمقراطية والفلسطينية والنضال وحزب الشعب وغيرهم ، حول تصريحاته، فهو يعلم أن كل هؤلاء لم يعد لهم وجود جدي ومؤثر ، ولا قول ولا فعل ، لأنهم تخلوا عن برنامج العودة والتحرير والمقاومة الذي على أساسه انطلقت منظمة التحرير الفلسطينية (التي يصرون على التمسك بها بعجرها وبجرها وبتفريط قيادتها وادراتها الظهر لهم وإهانتهم بشكل دائم ومنتظم) ، ونالت احترام وتأييد الشعب الفلسطيني. فالمنظمة اليوم ومنذ ما قبل المفاوضات المباشرة وغيرها تخلت عن ميثاقها الوطني والقومي وعن ثوابتها وثوابت الشعب الفلسطيني، التي تأسست عليها في العام 1964 على ايدي القائد الكبير المرحوم أحمد الشقيري ورفاقه... وشاهدنا على شاشات التلفاز كيف صوت بعض قادة واعضاء تنظيمات اليسار الفلسطيني لصالح الغاء الميثاق في جلسة كلنتون بغزة. حقيقة لم يبق من لاءات وشعارات مؤسسها الكبير المرحوم احمد الشقيري أي شيء تقريباً. فقد تحولت المنظمة الى عبء على كاهل الشعب الفلسطيني ، ومطلوب من شعب فلسطين استعادة المنظمة بكل السبل: وتنظيفها بالمبيدات السامة والعمل على اعادة بناءها من جديد لتصبح بالفعل مرجعية وطنية ملتزمة. لكن هذا الشيء لا يتم بعبد ربه ومحمود عباس وصائب عريقات وسلام فياض وأمثالهم.. لذا مطلوب انتخاب قيادتها وكادرها عبر صناديق الاقتراع ووفق ارادة الجماهير الفلسطينية.. أما الجماهير فهي مطالبة قبل غيرها بقيادة حملة التغيير في هذه المرحلة، لأن النضال الفلسطيني في الوقت الحالي بحاجة ماسة لها ولدورها. فليس من المعقول أن يبقى الشعب رهينة لما يسمى الممثل الشرعي والوحيد المهيمن عليه من قبل عصابة سياسية تمارس الاجرام السياسي بحق الشعب الفلسطيني والقضية الوطنية الفلسطينية. وها هي تعلن استعدادها لتحويل من لم يلجئ من الفلسطينيين (فلسطينيي 48 ) الى لاجئين عبر موافقتها على مشاريع تبادل اراضي وسكان ، وتستعد للتنازل عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين عبر استعدادها للقبول والاعتراف بيهودية الدولة.

سواء وافق الكيان الصهيوني او لم يوافق على كلام عبدربه وهو بالمناسبة عضو في الوفد الفلسطيني المفاوض، فأن ذلك لن يغير كثيراً في الأمر ، فالذي صدر عن ياسر عبدربه جريمة وطنية بامتياز تسلتزم رداً ومعاقبة ومحاسبة له ولمن يوفر له الحماية السياسية. ولا يكفي هنا أن نسمع ونقرأ بيانات ادانة من تنظيمات وفصائل فلسطينية. يجب تحشيد الجماهير واخراجها الى الشوارع ضد نهج السلطة المبتذل والرخيص. وإذا كانت فتح لازالت موجودة بالفعل كفصيل وطني ، مطلوب منها أن تكشرعن أنيابها هذا إن كان لازال لها أنياب، وأن تضع حداً لعبدربه ومن يدعمه ويحركه. فالاعتراف بيهودية الدولة أمر مرفوض فلسطينياً ومن يقدم على ذلك يصبح مجرماً وخائناً يستحق السحل في شوارع رام الله. لأن يهودية الدولة تعني تشريد من تبقى من الفلسطينيين في ديارهم المغتصبة سنة 48 . وتحويلهم الى لاجئين بعدما صمدوا اكثر من ستين سنة بالرغم من القمع والبطش والعنصرية والاستغلال والتهويد والاستيطان. ثم من عين عبد ربه او السلطة الفلسطينية ناطقاً باسم فلسطييني ال 48 أو حتى اللاجئين الفلسطينيين في الشتات؟ ومن وكله بيع حقوقهم كما باع بيته... وهل يعتقد عبد ربه ان كل الفلسطينيين مثله يسامحون اليهود الصهاينة المحتلين بحقوقهم وديارهم وأملاكهم التي سلبوها وأحتلوها بالقوة؟؟ إذا كان يعتقد ذلك فهو واهم جداً وسوف يأتيه قريباً بالدليل وبالخبر اليقين شبل فلسطيني صغير ، سوف يقوم بقطع لسان الخيانة كله..


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024