إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مساعد بلمار: إسرائيل أحد مصادر معلوماتنا

حسن عليق - الأخبار

نسخة للطباعة 2010-11-04

إقرأ ايضاً


التوتر المتحكم في لبنان لا يبدو له أثر في المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ورغم تأكيد مسؤولي المحكمة وعيهم للأوضاع السياسية في بيروت، فإنهم لا يكترثون إلا لإظهار محاسن محكمتهم أمام الإعلام اللبناني


إنه وقت ذروة الزحمة الصباحية. لكنّ مدينة لاهاي الهولندية تبدو كأنها نائمة. الطرقات الممتدة بين قنوات المياه لا تختنق بأبواق السيارات. والمطر الخفيف لا يمنع ركوب الدراجات الهوائية فوق مسارات تغطيها أوراق شجر الخريف. لا شيء يدفع الخارجين من منازلهم إلى الاستعجال. حركة بطيئة تلفّ «عاصمة العدالة الدولية»، يضبط إيقاعها الترامواي المنساب بين أبنية قرميدية تشبه بتصاميمها وألوانها رسوم الأطفال.

بطء المدينة وضواحيها ينعكس هدوءاً داخل أروقة المحكمة الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، رغم زحمة الإعلاميين اللبنانيين المدعوين إلى المشاركة في المنتدى الإعلامي الذي تنظمه المحكمة ومركز الصحافة الدولي في لاهاي. المركز السابق للاستخبارات لم يعد يحتاج إلى أكثر من لمسات بسيطة لاستقبال محاكمة المتهمين باغتيال الحريري. منذ اللحظة الأولى، يظهر سوء الفهم المتبادل بين المنظمين والمشاركين. الآتون من لبنان تزدحم أذهانهم بأسئلة تتعلق بمصير البلاد التي يتآكلها التوتر. أما من بيدهم رسم جزء كبير من الصورة التي ينتظرها لبنان، فينظّمون «حفلة مديح للذات»، هدفها الظهور بمظهر حسن أمام الإعلاميين اللبنانيين. أما الهدف الذي أعلنه مستشار التواصل في المحكمة للمنتدى، رفيك هودزيتش، فهو «تثقيفكم»! قال هذه الكلمة في معرض ردّه على الشكوى من تهرّب المحاضرين من الردّ بصراحة على الأسئلة التي يطرحها الإعلاميون.

بداية المنتدى، صباح أمس، كانت مع رئيس المحكمة الدولية القاضي أنطونيو كاسيزي الذي كشف أنه سيصدر غداً (الجمعة) قراره بطلب اللواء جميل السيّد تنحية القاضيين رالف رياشي وعفيف شمس الدين عن النظر في الاستئناف المقدم منه لقرار صادر عن كاسيزي بشأن وقف تنفيذ قرار صادر عن قاضي الإجراءات التمهيدية. يبدي كاسيزي إعجابه بالسيّد، معلناً أنه «غير مشتبه فيه»، داعياً حزب الله، من دون أن يسميه، إلى الاقتداء به. فالسيّد، بحسب كاسيزي، يتحدى المحكمة بما يقدمه لها من طلبات، رغم وجود ملاحظات لديه عليها. من أجوبته عن الأسئلة الموجهة إليه عن قضية رياشي، يبدو كاسيزي متجهاً إلى قبول طلب السيّد بتنحيته، بسبب وجود خصومة شخصية بينهما.

رئيس المحكمة مستعجل صدور القرار الاتهامي. وعند سؤاله عن الموعد المفترض الذي ينتظره اللبنانيون، مع كل السيناريوات المفترض أن تواكبه أو تلحقه، قال كاسيزي إنه يأمل أن يكون ذلك قبل نهاية العام الجاري، مؤكداً أن ما ذكره سابقاً عن موعد مفترض لصدور القرار كان «نقلاً عمّا قاله المدّعي العام دانيال بلمار لإحدى وسائل الإعلام»، جازماً بأنه لا يملك معلومات عن الموعد.

حديثه مع الصحافيين، يقر كاسيزي بأن العدالة انتقائية، وبأن قرار المباشرة بتطبيقها في أي قضية هو قرار سياسي، لكنه يفصل تماماً بين السياسة والعدالة. وبرأيه، فإن المحكمة الدولية ابنة مجلس الأمن، إلا أن «الابن قادر على مواجهة الأب» في هذه الحالة. يشدد كاسيزي على حياد القضاة اللبنانيين الذين اختيروا للعمل في المحكمة الدولية «بعيداً عن أي انتماءات سياسية أو دينية أو إيديولوجية». يكرر في هذا الإطار ما يقوله في جميع إطلالاته الإعلامية، لجهة أن من رشّح هؤلاء القضاة هو مجلس القضاء الأعلى، لا الحكومة اللبنانية، متجاهلاً مدى التسييس الموجود في مجلس القضاء الذي رشّح القضاة اللبنانيين مراعياً التوازن الطائفي.

يعترف كاسيزي، «كأستاذ جامعي لا كرئيس للمحكمة»، بأن اتفاقية إنشاء المحكمة لم تُقَرّ وفقاً للدستور اللبناني، إلا أن الحكومة اللبنانية عندما استجابت لطلب رفع القضاء اللبناني يده عن التحقيق في جريمة اغتيال الحريري، وأحالت الملفات على لاهاي، أكدت أنها ملتزمة بهذا الاتفاق.

بعد كاسيزي، تحدّث مدير وكالة سنس للأنباء، ميركو كلارين، وهو الذي عُرِّف بأنه أول من دعا إلى إنشاء محكمة دولية في يوغوسلافيا قبل أن تصبح سابقة، تحدّث عن تجربته في تغطية عمل المحكمة الدولية. خلاصة كلامه محاولته إسقاط الواقع اليوغوسلافي على لبنان. وبرأيه، إن الأجواء الحالية التي يعيشها لبنان هي نسخة عما جرى في يوغوسلافيا قبل توجيه اتهامات إلى أمراء الحرب. قارن بين ما قيل عن هؤلاء الأمراء وعن خطورة توجيه الاتهام لهم، والأدوار السياسية والوطنية التي كانوا يؤدونها من جهة، وما يقال اليوم عن مخاطر صدور القرار الاتهامي على مستقبل لبنان وعن دور حزب الله من جهة ثانية. لم يخلص إلى نتائج بشأن لبنان. ورغم إعلانه أنه بات «رهينة أحلامه» (أي المحكمة الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة)، إلا أنه شدد على الإيجابيات التي نتجت من المحكمة التي «كان السياسيون في البداية غير مقتنعين بجديتها».

بعد ذلك، حاضر في الإعلاميين ممثلون عن مختلف دوائر المحكمة، وعن مكتب المدعي العام. كرروا ما هو مسموع ومقروء، عن صلاحيات كل واحدة من الدوائر. ممثل مكتب المدعي العام رئيس فريق المحاكمة إيكهارد ويتهوبف، لم يعطِ (تقريباً) أي جواب شاف بذريعة سرية التحقيقات، رغم أن عدداً كبيراً من الأسئلة التي وجهت إليه كانت عن الإجراءات المتبعة، لا عن مضمون التحقيقات. وفي رده على سؤال وجهته له «الأخبار» عمّا إذا كان بإمكانه التأكيد أن مكتب المدعي العام الدولي لم يحصل على معلومات من إسرائيل، ولن يحصل عليها مستقبلاً، أكد ويتهوبف أن بإمكان المدعي العام الدولي طلب المساعدة من أي دولة في العالم، ومن ضمنها إسرائيل، مردفاً: إن مكتب المدعي العام لا يتلقى تعليمات من أي دولة في العالم، وبينها إسرائيل.

وأكد ويتهوبف أن ما جرى في العيادة النسائية في الضاحية الجنوبية لن يؤثر على القرار التهامي، ولا على سير التحقيقات، لافتاً إلى غياب أي إشارات إلى أن الحكومة اللبنانية ستوقف تعاونها مع المحكمة الدولية.

باقي المحاضرين عرضوا «العضلات القانونية» للمحكمة، متحدثين عن إيجابيات قواعد الأدلة والإجراءات فيها، وهو ما خصصت له جلسة ثانية، قبل أن يُنَظم لقاء مع الإعلاميين داخل قاعة المحاكمة التي لا تزال أعلام محكمة سيراليون مرفوعة خلف قوسها.

قاعة المحاكمة هي الأكثر تطوراً، بحسب موظفيها، ولا تنقصها سوى الشاشة التي ستتيح للقضاة والمتداعين التحادث مع الشهود الذين سيدلون بإفاداتهم عن بُعد. القاعة مجهزة بأحدث تقنيات التواصل، وبكل ما يضمن سرعة الحفاظ على سرية الجلسات المقفلة (حجب الاطلاع عليها يسري على الصوت والصورة معاً) أو السرية (يسري الحجب على الصوت حصراً).

ينتهي اليوم الطويل بعد حلول الظلام. وفي طريق العودة إلى الفندق، يسأل أحد الإعلاميين زملاءه: ألا توحي هذه القاعة بجدية القائمين على المحكمة؟ يجيبه زميله: الأموال التي صرفتها الحكومة اللبنانية عليها كفيلة ببناء عشرة قصور للعدل في بيروت.




--------------------------------------------------------------------------------


سجون لاهاي


لم يكد رئيس المحكمة الدولية أنطونيو كاسيزي ينهي حديثه عن أمله بصدور قرار اتهامي قبل نهاية العام الجاري، حتى عمّمت إحدى وسائل الإعلام اللبنانية خبراً مفاده أن كاسيزي قال إن بلمار أبلغه أن القرار سيصدر قبل نهاية العام الجاري. ربما هو «درس» على الطريقة اللبنانية للعاملين في المحكمة، ودفعت ثمنه المسؤولة في المكتب الإعلامي للمحكمة وجد رمضان التي لم يتوقف هاتفها عن الرنين طوال الوقت، بسب كثافة الاتصالات المستفسرة عن صحة ما نقل.

وخلال الجولة على قاعة المحاكمة، شرح أحد العاملين في المحكمة أنه إذا قرر القاضي حجب اسم أحد الشهود، فإنه يوجه إنذاراً إلى الإعلاميين الذين يغطون جلسات المحاكمة، طالباً عدم كشف اسم الشاهد. وإذا لم يلتزم أحد الصحافيين، فإنه يواجه تهماً تصل عقوباتها إلى السجن بين عام واحد وسبعة أعوام، والغرامة إلى حدّ مئتي ألف يورو. ردّ أحد الزملاء ممازحاً: وهل لديكم سجون تسع كل الصحافيين اللبنانيين؟




--------------------------------------------------------------------------------



واشنطن تتبرّع للمحكمة وتصعّد

نيويورك ــ نزار عبود

وسط تصعيد غربي يشمل ملفات المنطقة، بدءاً بعمل محكمة لبنان الخاصة، حذرت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس من أنه من دون المحكمة «من الصعب ضمان السلام والاستقرار» للشعب في لبنان. وأعلنت رايس رفع مساهمة بلادها في صندوق المحكمة الدولية بقيمة عشرة ملايين دولار، لترتفع مساهمتها الإجماليّة إلى 30 مليون دولار منذ تأسيس المحكمة حتى الآن.

وربطت رايس بين إقدام بلادها على هذه الخطوة وتعرّض المحققين في بيروت لما وصفته بـ«هجوم يُعدّ محاولة أخرى لإيجاد خيار زائف بين العدالة والاستقرار في لبنان، ولثني المحكمة المستقلة عن تنفيذ ولاية مجلس الأمن».

وأتت مساهمة واشنطن المالية الإضافيّة بعد إلغاء المدّعي العام للمحكمة دانيال بلمار زيارة كانت مقررة لنيويورك الأسبوع الماضي، لحشد الدعم المالي والسياسي اللازم للمحكمة التي تواجه معارضة داخليّة وضعف ثقة بنزاهتها واستقلالها. وكان واضحاً خلال الأيام الماضية أن الولايات المتحدة وبريطانيا حرصتا على قيادة التصعيد في موضوع المحكمة، في جزء ممّا عدّه دبلوماسيون في نيويورك «جزءاً من لعبة شدّ الحبال في الملفات المتعلقة بالمنطقة» بالدعوة إلى عقد جلسة خاصة لمناقشة موضوع المحكمة، في ضوء ما جرى في عيادة الدكتورة إيمان شرارة في الضاحية الأسبوع الماضي.

لكنّ مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة، نواف سلام، استمهل مندوبي الدولتين بعض الوقت ريثما يتبلور موقف حكومي موحّد. وعلمت «الأخبار» أنه حصل على مهلة تنتهي غداً الجمعة، بعدها ستعود الدولتان إلى طرح الموضوع بشدة في مجلس الأمن.

وأدانت رايس التعرض للمحققين الدوليين، وشدّدت على أن الجهود التي تبذل لـ«إضعاف الصدقيّة والعرقلة والتأثير على عمل المحكمة لا يمكن تحمّلها». وشدّدت على أهمية أن تواصل المحكمة عملها «بأعلى مستوى ممكن من الاستقلال القضائي والنزاهة»، مؤكّدة ثقة الولايات المتحدة بقدرتها على تحقيق تلك الأهداف.

وفي تصعيد في لهجة التحذير الأميركية، قالت رايس إن إنشاء المحكمة «قدم رسالة أن سيادة لبنان ليست موضع تفاوض». وأعربت عن ثقتها بأن المحكمة «يمكن أن تواصل لجم المزيد من العنف وتضع حداً لعهد مأسوي من الحصانة من العقاب على الاغتيالات السياسيّة في لبنان»، محذرة من أنه «ما لم يحقق لبنان ذلك، فسيكون من الصعب ضمان السلام والاستقرار الذي يستحقه الشعب اللبناني».

أمّا لبنانياً، فقد كرّر عضو كتلة المستقبل النائب عاطف مجدلاني أنه «لا أحد يعرف متى سيصدر القرار الاتهامي ومضمونه، لكن الأمر الوحيد المعلن هو الكلام الذي صدر عن رئيس المحكمة القاضي أنطونيو كاسيزي عندما كان في بيروت منذ أشهر عدة». وسأل مجدلاني: «لماذا هذه المعركة وهذه الحرب على القرار الاتهامي والمحكمة الدولية، وخصوصاً من حزب الله الذي يصرّ على وضع نفسه في موقع المتهم؟».

وأعلن حزب الله، على لسان وزير الزراعة حسين الحاج حسن، وجود «مساعٍ عربيّة ولبنانيّة لمعالجة الأزمة السياسيّة في البلد بشأن مسائل عديدة، وخصوصاً ملف شهود الزور ومسألة القرار الظني، وما يمكن أن يرافقه من تداعيات». وأشار إلى أن «مساعي بعض الأشقاء الأصدقاء يجري العمل على تخريبها من الولايات المتحدة، وهي ليست المرة الأولى التي تقوم بمثل هذه الأعمال التخريبيّة، فسجلها حافل بمختلف أنواع التعديات والجرائم، والإدارة الأميركية كانت دائماً رأس الحربة في التخريب في لبنان، وذلك لحسابات إسرائيلية تتعلق بالكيان الصهيوني وباستراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة».


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024