إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

هدايا مجانية للاحتلال

نضال حمد

نسخة للطباعة 2010-12-26

إقرأ ايضاً


في اليوم الأول من عيد الميلاد وحيث المسيحيون في كل العالم بما فيه فلسطين المحتلة ، يحتفلون بعيد ميلاد السيد المسيح ، فدائي فلسطين الأول ، الذي حمل عنوان الصراع بين الحق والباطل على كتفه ، وسار به في درب الآلام المقدسي الفلسطيني ، معلناً بداية عهد السلام والمحبة والحرية .. ولأنه كان رسول الله على الأرض لنشر السلام والمحبة في أرض المحبة والإخاء والسلام ، عادوه ولاحقوه وعذبوه واضطهدوه وصلبوه .. ثم سلبوا شعبه الفلسطيني الأرض ، وشردوه ، وارتكبوا الجرائم والمجازر والمذابح بحقه في البلاد وفي مناطق التشرد والشتات واللجوء... لكن مسيح الفداء الأول لم يمت كما شبه لأعدائه، فهو موجود في كل فتى فلسطيني يحمل عنوان الصراع على كتفيه أو مع كل كوفية فلسطينية مرقطة نراها فوق رؤوس أبناء البلاد ، وبشالاتٍ فلسطينية نراها على أكتاف شباب وشابات العالم الحر كله من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب ..

احتفل أهل فلسطين من المسيحيين بعيد ميلاد السيد المسيح بينما الاحتلال لازال جاثماً على صدر الوطن وكذلك أعوان ووكلاء الاحتلال ، الذين يعملون في خدمته ونيابة عنه .. ومن صنائع وجرائم الوكلاء الجديدة قيام أجهزتهم الأمنية بإعادة جيب عسكري صهيوني بكافة معداته ، كان خمسة من الفتية الفلسطينيين من القدس المحتلة استولوا عليه في قلب تل أبيب ، واحضروه إلى القدس المحتلة عاصمة دولة فلسطين الحرة . ولم تكتف أجهزة التنسيق الأمني مع الاحتلال بذلك بل قامت أيضا وعلى الحاجز الأمني المعروف باسم بنيامين بتسليم الشبان الخمسة إلى سلطات الاحتلال وكأنهم يقدمونهم هدية للمحتلين بمناسبة العيد وفي تصرف غير لائق ، يؤكد حقيقة فساد واستسلام هؤلاء ، الذين اغتصبوا مقدرات وتمثيل شعب فلسطين، هؤلاء الذين يدعوون زوراً وبهتاناً أنهم متمسكون بثوابت شعب فلسطين وبالنضال لأجل تحرير البلاد والعباد...

ترى أي نضال هذا الذي يتحدث عنه أركان السلطة ؟

أهو القضاء على الحس الوطني لدى أبناء الشعب الفلسطيني ، وتثقيفهم بثقافة الانهزام والاستسلام والتبعية والتنسيق الأمني والعداء للفكر الوطني المقاوم ، الذي فجرت طلقته الأولى حركة فتح.. ثم تبعتها الفصائل الأخرى التي قادت نضال الشعب الفلسطيني عبر سنوات طويلة بحلوها ومرها.

أم هو التنسيق مع المحتلين وملاحقة المقاومين وتسليمهم للاحتلال أو القيام بتصفيتهم إذ تعذر اعتقالهم أو الزج بهم في سجون السلطة ، أما أن عجزت عن ذلك فيزج بهم في سجون الاحتلال ، والعكس هو الصحيح في تنسيق أمني شيطاني وثيق .. إنها ثقافة العداء للشعب الفلسطيني ، ثقافة الأنظمة الرجعية والمستسلمة ، أنظمة القمع والكبت والاضطهاد والتسليم بلاءات أمريكا المعادية للشعب الفلسطيني وللامة العربية, وهذه الثقافة دخيلة على شعبنا لأنها تتناقض مع ثقافتنا الوطنية والقومية ، ثقافة الثورة والتحرر والانعتاق من الظلم والاضطهاد والقمع والاستعمار والعبودية والاحتلال بكل أشكاله. فثقافة أحمد الشقيري والقسام والحسيني وجيفارا غزة وبلال الأوسط ،ودلال المغربي وآيات الأخرس وهنادي جرادات وعندليب طقاطقة ، وثقافة شهداء العمليات المميزة في الخالصة وأم العقارب ونهاريا وترشيحا والمطلة وزرعيت هي ثقافة شاباتنا وشبابنا ، فلماذا إذن تقوم سلطة أوسلو وفق تعليمات الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية باستيراد ثقافة الأعداء لغرسها في نفوس وعقول أبناء شعب فلسطين؟؟.. انها ضريبة الأموال التي تقدمها الدول المانحة للسلطة التي لا تستحق أي شيء سوى الذهاب إلى الجحيم والغياب عن المسرحين السياسيين الفلسطيني والعربي..

انظروا للمشهد على الأرض المسلوبة كيف يبدو وفق توزيعات أوسلو للسيطرة الفعلية ، ننقل الكلام هنا عن لسان سعيد أبو علي احد وزراء حكومة سلام فياض.. يقول وزير داخلية التنسيق الأمني : « "إسرائيل" تقيم نحو 460 حاجزاً عسكرياً في الضفة الغربية، وتقسمها إلى مناطق أ (الخاضعة للسلطة امنياً وإدارياً) وب (الخاضعة للسلطة ادارياً وللاحتلال امنياً) و ج (الخاضعة للاحتلال)، وكل حركة للفلسطينيين في هذه المناطق تتطلب تنسيقاً مسبقاً مع "إسرائيل" ».

طبعاً حتى رئيس السلطة يمكن أن يخضع للتفتيش على أي حاجز احتلالي .. وكلنا نذكر كيف قام الجنود الصهاينة بتعرية وحجز قادة في السلطة وأعضاء من اللجنة المركزية لحركة فتح على الحدود الفلسطينية الأردنية. وكيف أن الجنود الصهاينة انزلوا احد الوزراء من موكب رئيس السلطة محمود عباس على حاجز حوارة ومنعوه من مواصلة مشواره ضمن موكب عباس. وهناك عشرات الأمثلة الحية على إذلال الاحتلال حتى لهؤلاء الذين يفاوضونه ويتعلمون منه ويدعون السيادة والأمن والسلطة في وطن محتل ومجزأ ومقسم ولا سيادة فيه ولا سلطة ولا حريات ولا حياة طبيعية.

حتى أن محمود عباس رئيس السلطة في رام الله كان أعلن في خطاب سابق له انه يتحرك بتنسيق مسبق مع السلطات الصهيونية، وان حركته، شأنه شأن باقي المواطنين الفلسطينيين، تخضع للإجراءات الصهيونية. وأضاف بلغة ساخرة كما سياسته التي أصبحت معروفة لدى كل فلسطيني أينما كان ، انه عندما يسافر إلى الخارج يخضع، شأنه شأن باقي الناس، إلى إجراءات الفحص ( التفتيش) "الإسرائيلية"، وان مجندة "إسرائيلية" في الثامنة عشرة من عمرها تأتي إلى سيارته قائلة بلغة انكليزية: «وير إز (أين) أبو مازن».

قيّم السيادة في زمن سلطة أوسلو نقرأها مرة أخرى في كلمات سعيد أبو علي وزير الداخلية في سلطة رام الله حيث قال لصحيفة الحياة اللندنية في حوار أجرته معه يوم السبت الموافق السابع والعشرون من تشرين الثاني نوفمبر الفائت :إن «التنسيق الأمني الجاري بين السلطة و "إسرائيل" هو تنسيق بين الخاضع للاحتلال وبين السلطة المحتلة بهدف تسيير شؤون الحياة اليومية وليس لتبادل المعلومات».

إذا سلمنا بأن كلامه صحيح فهذا يعني أن السلطة ترتكب جريمة بحق شعبها ، وهي موافقة على العمل في خدمة الاحتلال ومتطلباته الأمنية مقابل حرية تحرك قادتها والسماح لهم بالبقاء جاثمين على صدور الشعب الفلسطيني ورغماُ عنه.

بينما يحتفل العالم بعيد الميلاد بهدوء وبياض رباني يلف معظم القارة الأوروبية ، ودرجات حرارة متدنية كثيراً ، وفي أجواء سلمية لم تخل من تهديدات جاءت على شكل انفجارات صغيرة و رسائل رعب هنا وهناك .. وبينما سلطة رام الله تسلم بعض الفلسطينيين للاحتلال ، وفي الوقت الذي يحيي فيه أهل غزة ذكرى ضحايا العدوان الصهيوني على القطاع ، تقوم ماكينة الحرب والعدوان الصهيونية بالتصعيد العسكري وشن الاعتداءات اليومية على قطاع غزة المحاصر ، حيث سقط الشهداء والجرحى على مدار الأيام القليلة الماضية.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024