إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مناكفة الحريري لبارود تطيح ترقيات الضباط

حسن عليق - الأخبار

نسخة للطباعة 2010-12-30

إقرأ ايضاً


بين وزير الداخلية ورئيس الحكومة، طارت ترقيات الضباط وبات إصدارها بحاجة إلى معجزة. وزير الداخلية يرفض القيام بأي إجراء مخالف للقانون، فيما يحاول رئيس الحكومة إحراجه لإجباره على إحالة مشروع مرسوم يرى زياد بارود أنه بلا سند قانوني

حطّ رئيس الحكومة سعد الحريري، وطار. عاد من زيارة خاصة لنيويورك، هاتَفَ رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ثم طار إلى الرياض، في زيارة خاصة أيضاً. وبين الزيارتين، لم يوقّع رئيس الحكومة مراسيم ترقية الضباط في الجيش والأمن العام وأمن الدولة. فحتى مساء أمس، كان موقف رئيس الحكومة أنه لن يوقّع مراسيم ترقيات الضباط في الأجهزة الأمنية المختلفة، إذا لم يكن بينها مرسوم ترقية ضباط الأمن الداخلي. والأخيرون، مرسوم ترقيتهم معلّق. ففي العادة، تصدر مراسيم الترقية بعد أن ينظم مجلس قيادة المديرية جداولها. وبما أن مجلس القيادة غير مكتمل النصاب منذ تشرين الأول 2010، فإن مَن أعد الجداول هو المدير العام اللواء أشرف ريفي. وزير الداخلية زياد بارود لم يعثر على نص قانوني واحد يجيز لريفي إصدار الجداول، فطلب استشارة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، للتثبت من قانونية ممارسة ريفي لصلاحيات حَصَرَها القانون في مجلس القيادة.

موقف هيئة التشريع يؤكد عدم جواز أن يصدر ريفي الجداول بنفسه. هذا ما بعثت به الهيئة إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بحسب ما أشيع طوال يوم أمس بين ضباط الأمن الداخلي. لكن الأمانة العامة لم ترسل الاستشارة إلى وزارة الداخلية، ولم يكن بارود، حتى مساء أمس قد تسلمها. وبما أن وزير الداخلية لا يزال يتشكك في قانونية إجراء ريفي، ولم يأته جواب إيجابي من الهيئة، فإنه لن يوقع مشروع مرسوم بترقية ضباط الأمن الداخلي ليحيله على الأمانة العامة لمجلس الوزراء. أما رئيس الحكومة، فمتمسك بترقية ضباط الجهاز الأمني المحسوب عليه، لأنه «لا يجوز تقديم ضباط في المؤسسات العسكرية والأمنية المختلفة على زملائهم في الأمن الداخلي».

وبذلك، لن يكون أمام ضباط الجيش وأمن الدولة والأمن العام سوى الانتظار لساعات قليلة. فرئيس الجمهورية سيسافر بين ساعة وأخرى، في زيارة خاصة هو الآخر، لقضاء ليلة رأس السنة في إسبانيا، وبالتالي، فإن حظوظ صدور المراسيم باتت تلامس الحدود الدنيا.

وإذا تجاوزت مهلة الانتظار حدود الدقيقة الأخيرة من العام الجاري، يصبح لزاماً إصدار قانون من مجلس النواب، ليجيز إصدار مراسيم بمفعول رجعي. والنتيجة، «لن يكون أي منّا في مزاج صالح للعمل»، يقول أحد الضباط، قبل أن يضيف زميل له: «كل يوم يثبت السياسيون لنا أننا لا نعيش في دولة، ويضعفون إحساسنا بالمواطنية، محولين مصالحنا إلى كرة يتقاذفونها في صراعاتهم».

وطوال يوم أمس، كانت هذه القضية هي الشغل الشاغل للضباط في لبنان، وخاصة أن بينهم من تأخر ترفيعهم خلال السنوات الماضية، وأدرجت أسماؤهم على الجداول هذا العام. وبعضهم كان يأمل نيل الترقية الحالية بعد انتظار دام لأكثر من سنتين، علماً بأن مدة الترقية من رتبة عقيد إلى رتبة عميد كانت قد رُفِعَت عن حدها الأدنى خلال السنوات الماضية. وينقسم هؤلاء بين منتقد لوزير الداخلية زياد بارود «الذي كان عليه أن يفرض حلولاً أخرى وألا ينتظر الدقيقة الأخيرة قبل استشارة هيئة التشريع»، ومن يحمل المسؤولية كاملة لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي «يربط مصيرنا بمصير جماعته».

إحراج بارود

تمنّع رئيس الحكومة عن التوقيع يهدف بالدرجة الأولى إلى إحراج وزير الداخلية، ووضعه أمام ضباط المؤسسات العسكرية المختلفة في خانة المعطل لشؤونهم الحياتية. وهذه الخلاصة يعلنها مقربون من الحريري، قائلين: «فليحملها زياد بارود». أما وزير الداخلية، فترفض أوساطه هذا الأمر، مشيرة إلى أن الوزير يرفض ابتزازه عبر تحميله مسؤولية ما لم يقم به، «وهو يرفض الخضوع لهذه المعادلة وتوقيع مشروع مرسوم قبل التثبت من قانونيته، لأن من شأن ذلك أن يفسح في المجال لأي متضرر أن يطعن بالمرسوم».

ومن ناحية أخرى، تسأل أوساط رئيس الحكومة عمّا إذا كان مشروع مرسوم ترقية ضباط المديرية العامة للأمن العام قد راعى الأصول القانونية كافة، وخاصة أن من يتولى شؤون المديرية منذ إحالة المدير العام وفيق جزيني على التقاعد هو العميد ريمون خطار الذي لم يعينه مجلس الوزراء مديراً عاماً بالوكالة، بل يمارس صلاحياته بالإنابة، لأنه الضابط الأرفع رتبة بين زملائه. في المقابل، تؤكد مصادر وزارة الداخلية قانونية إحالة مشروع ترقيات الأمن العام، رافضاً التشبيه بينها وبين الوضع في المديرية العامة للأمن الداخلي.

في المحصلة، فإن ضباط الأجهزة الأمنية جمعاء باتوا أسرى تقاذف المسؤوليات. وقصة إبريق الزيت تنتهي هذه المرة عند مجلس قيادة المديرية العامة للأمن الداخلي، الذي يملك رئيس الحكومة سعد الحريري وحده مفتاح إكمال نصابه. فوزير الداخلية زياد بارود أرسل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء مشاريع مراسيم لتعيين بدلاء للضباط الذين أحيلوا على التقاعد، مضمناً إياها أسماء الضباط الذين يحظون بأكبر قدر ممكن من التوافق السياسي على أسمائهم. وبين هؤلاء، اثنان من فريق الحريري، اقتُرحا لشغل منصبي قائد شرطة بيروت وقائد معهد قوى الأمن الداخلي. لكن رئيس الحكومة، الذي يتهم خصومه بالتعطيل، تمنع عن توقيع هذه المراسيم، لأنه يريد لها أن تشمل استبدال قائد الدرك ورئيس الأركان، العميدين أنطوان شكور وجوزف الحجل، رغم انهما لم يُحالا على التقاعد بعد، لكونهما «يُزعجان» فريق الحريري في المديرية.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024