شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2011-01-25
 

لنا قادة يُثيرون القرَف

د. وسام جواد

لنا قادة يُثيرون القرَف, وحالتهم تدعو الى الأسَف. بعضهم وَرثَ سُلطة السَلف, وعلى البَقاء للمَلايين صَرَف, والبَعضُ في الدَور وَقف, عسى ان يكون هو الخَلف. وفيهم من يَعيش برفاهةٍ وترَف, بلا أدنى طِماح أو هَدَف, كدابّةٍ يَهمُها اجترار العَلف, اذا ما الجوعُ بها عَصَف. ومِنهم مَن للجَريمةِ احترَف, وعلى جُثث الضحايا وقف, وبلا وازع للذنوب اقترَف, ومِن بئر العَمالة غرَف, ومن قاع النذالة رَشَف, وفي قعر السفالة دَلف, فنبعُ الأصالة عِنده نشَف, ونهرُ الوطنية تبَخّرَ وجَف. فلا عَجبَ إن غضّ الطرَف,عن الاخلاق والقيم والشرف, واذا تخاذل وارتدّ وانحَرَف, وعن صَوٍْن الأمانةِ عَزف, ونحو أوحال الخيانة انجَرَف, إنما العَجَبَ ان يَستمر الصَلف, ببذل آل سعود الطلف, وَدعْم بَعض عَمائِم النجَف, لمَن للجريمة والخيانة اقترَف, وباسم الدَم قراطية هَتف.

لنا قادة بأعلى الرُتب, وقد ابتلى بهم العَرَب. جُلّهم يَدّعون خِدمة الشعَب, ومُحاربة الفساد وإثارة الشغب, وكلٌ لمَصلحتهِ الخاصة حَسَب. كبيرهم لأموال الدولة نهَب, وسَرَق ما أمكن مِن ذهَب, وزيّن به القصور والقبَب, وعلى حقوق شعبهِ شَطب, ولحُرية أبنائه الأحرار سَلب, وصَبّ عليهم جام الغضب, ولأبشع الجرائم ضدهم ارتكب, وإذ دَنا يومُ النِزال وإقترَب, وجاء الغزاةُ وحَلّ الخَطب, فشِل في اختبار دَحرهم ورَسَب, ورمى برُتبتهِ وسِلاحهِ وهَرَب, ولعنَ حظه العاثر وندَب, والى حَيث ألقت رَحلها ذهَب. وليس على أمثالهِ عَتَب, ولا للحيرة من سَبَب, اذا غيّرَ البَعضُ مَوقفه وانقلب, وللمبادئ حَرّف وغيّر وقلب, وأعلن البعض براءته وانسَحب, وعلى رفاقه اعترف وكتب, فهؤلاء رهن الإشارة والطلب, لمن يَدفع ويَرفع النَخَب, ولا يُلام على السُقوطِ ذنَب, اذا هوى الرأسُ وبالحِذاء انضرَب.

لنا قادة برتبة مارشال, حكموا وظلموا سنينا طوال. وقد نصِبَ أحدهم لنفسه تمثال, ظنه ذكرى يظل للأجيال. وما ان تبدّل به الحال, اسقطوه وسحبوه بالحبال, وهرب نائبه "المُعتز" كالغزال, وسلم قاطِعه دون قتال. أما وقد فصَلَ الغِربال, ونَفضَ عنهُ طالح الحُثال, ودونية من خيّبَ الآمال, وبعض من لبس الشروال, ومن اعتمر الغترة العقال, وفئة الذين اقتحموا المَجال, بعمامة التأييد لجيش الإحتلال, وزمر الطائفية وعصابات جلال, وزميله المعتوه في الشمال, المُعَربد والمُهدِد بإعلان الإنفصال, فأن الثقة باقية بالرجال, القادرين على قهر المحال, ووقف جنون العبث والخَبَال, ووضع حد للصَلف والابتذال.

لنا قادة يحملون ألقابا فخرية, ويتقاضون أعلى الرواتب الشهرية, في زمن "التحرر" والحرية, وتنفيذ وعود الإمبراطورية, بتحقيق الإصلاحات الجوهرية, بعد سقوط الدكتاتورية, واقامة سلطة "الأكثرية", من أصحاب العمائم التكفيرية, وأفراد المليشيات العسكرية, ورجال العصابات العنصرية, والمنافقين بالشعارات الثورية. فهذا أدميرالا صار في البحرية, وذاك جنرالا في القوات البرية. أما ضعيف العقل والشخصية, ومَن لم يُكمل المرحلة الابتدائية, فقد حصل على درجة علمية, من أحدى الجامعات الوهمية, وعُين مستشارا في الخارجية.!

لنا قادة نادوا بالشيوعية, ورفعوا الشعارات الأممية, ووَعدوا ببناء الإشتراكية, وتحقيق المساواة والحرية, ومُحاربة جَشع الرأسمالية, لكن"الظروف الموضوعية", بعد سقوط "الدكتاتورية", وهزيمة القيادات البعثية, واستسلام كوادرها الحزبية, لقوات الغزو الأمريكية, وتنصيب الحكومة الرجعية, شككت بنجاح النظرية.! فارتدّ البَعضُ بانتهازية, وراح يُمثل في مسرحية, إسمها "العملية السياسية", وتحالف مع الرجعية, وقوات الغزو الإمبريالية, مبررا حربها العدوانية, وجرائمها ضد الإنسانية, بحجة انعدام الإمكانية, لدى الأطراف الوطنية, للتخلص من الفاشية, دون مساعدة خارجية, فيا لها من عبقرية, وتحليلات ديالكتيكية, لم تصلها الماركسية, ولا بلغتها اللينينية.

لنا قادة مصابون بأفتك العاهات, ويعانون من أحلك الحالات, عجزت عن تشخيصها العيادات, وفشلت في تحليلها المُختبرات. وقد أجمعت البُحوثُ والدراسات,على أنها أكبر من العُصيات, وأكثر فتكا من الطفيليات, وأخطر وقعا من الفيروسات, ومختلف انواع الجراثيم والجُسيمات, ويستحيل القضاء عليه بالمضادات, لكونها ليست من الميكروبات. وقد توصل الطب الى قناعات, أيدها علم النفس بلا تحفظات, وأكدها الفلاسفة عدة مرات, ملخصها أن للعلة مُسببات, تتعلق بسوء السلوك والتصرفات, فأتفق الجميع على التسميات, وأطلقوا عليها اسم "داء الحماقات".

لنا قادة يعانون من هذا الداء, وقد انتشر بينهم الوباء, الى حد يدعو الى الرثاء, والتمني لهم بعاجل الشفاء, لعلهم يتعلمون الأصغاء, لفصح ونصح الأصدقاء, وينبذون الكذب والرياء, ويغلقون صفحاتهم السوداء, كي لا يُقال عنهم أغبياء, وزمر من سفاكي الدماء, لا يعترفون بقتل الأبرياء, ولا يقرون بارتكاب الأخطاء, ويلقبون إمامهم الغائب بأسماء, لم ينل نصفها الخلفاء, ولم يَفز بثلثها العظماء, ولا حلم برُبعِها النبلاء, ولا حتى بعُشرها الشعراء, لا لصولاته في الهيجاء, ولا لوقفاته في الضراء, بل لهزيمته النكراء, وقدرته على الإختباء, حال اقتراب البلاء .

لنا قادة يضعون العمامة, كاشارة أنتماء طائفي وعلامة, لاعلاقة لها بمقام الإمامة, لكنها تُملي الوجاهة واظهار الصَرامة, وعدم المزح وتوزيع الإبتسامة, وتقتصي اعتدال وانتصاب القامة, والسير بتأن وروية واستقامة, وانحناء بسيط لمقدمة الهامة, ولو سألوا زرقاء اليمامة, لقالت: أكاد أقع في دوامة, فأني أرى اقتراب غمامة,لا نظير لها في الضخامة. بياضها يُغطي الشيخ أسامة, ويَعلو الضواهري بأحزمته الهَدّامة, وسوادها مَرّ بالسيستاني وضاربي القامة, وعدد غفير من اللطامة, وإنها يا أهلي الكرام لطامة, يُحاسبون عليها يوم القيامة.

لنا قادة يتقنون اللغات الأوربية, ويتحدثون ببعض اللهجات الأجنبية. منهم من يجيد اللغة العبرية, ومنهم من يتكلم باللغة البربرية. وقد يناقشون في النظرية النسبية, ومعاهدة انتاركيتا للقارة القطبية, وتفاصيل أشهر المعارك الحربية, وتاريخ الحركات والمنظات الحزبية, لكنهم لا يحسنون الكتابة بالعربية ! بسبب تأثير الثقافات الغربية, ورغبة التقليد الأعمى الغبية, والشعور بالنقص لدى الأغلبية.

لنا قادة بآذان موسيقية, لكنهم لا يسمعون الكلاسيكية, ولا يفهمون الأوبرا والسمفونية, لكونهم يفضلون الكاولية, وهز البطن والخلفية, ورقص الهَجع والجوبية, لا بحيرة البَجَع الروسية, وفنون الرقصات العالمية. أما بالنسبة للأفلام الإباحية, ومسلسلات الحب العاطفية, فأقرب اليهم من الواقعية, ومن روائع الأفلام الوثائقية. ولعل أمَرّ ما في القضية, ان توحدهم الألعاب الأولمبية, وتفرقهم قضايا الأمة الجوهرية .

فهل ستتوفر الإرادة, لتغيير هؤلاء القادة ؟

إنه مجرد سؤال, أيها السيدات والسادة.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه