إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

انتهى الفرعون .. شعب مصر على طريق النصر

نضال حمد

نسخة للطباعة 2011-01-30

إقرأ ايضاً


شوارع المدن والبلدات المصرية تعج باللصوص وقطاع الطرق والبلطجية الذين يعيثون بالبلد فساداً وخرابا .. هؤلاء روعوا السكان المدنيين، قاموا بالنهب والسلب، سطوا على المؤسسات والمحال التجارية، ونشروا الذعر بين صفوف السكان الآمنين.. الأهم أن هؤلاء اللصوص والمجرمين والجنائيين في غالبيتهم من الشرطة السرية المصرية التي على ما يبدو أعدت سيناريو عملها في حال اندلاع ثورة شعبية ضد النظام، بشكل مدروس ومسبق.. رسمت برنامجاً لها بتوجيه من رؤساء الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس الآيل إلى السقوط حسني مبارك، وكذلك من قبل حلفاء الرئيس من مصاصي دماء الشعب المصري.. فمن هؤلاء من مازال في مصر ومنهم من فر إلى الخارج، فوكالة الأنباء الألمانية ذكرت أن 19 طائرة محملة بعائلات وحقائب المسئولين في النظام المصري ورجال الإعمال المقربين منه غادروا على متن هذا الأسطول الجوي.

إن غرور الرئيس المصري حسني مبارك جعله هو وأركان نظامه لا يتوقعون خروج الشعب ضدهم بالملايين، إذ ظنوا أن ما حصل في تونس لن يتكرر ولا يمكن أن يتكرر في مصر. واعتقدوا أن 30 سنة من القمع والاضطهاد والتفقير والتجويع والإذلال والمهانة والظلم والتعسف كافية لجعل شعب مصر يصاب بالشلل حتى الأبد. لكن لا هذا ولا ذاك كان صحيحاً لأن الشعب المصري خرج معلناً بصوت واحد يسقط نظام حسني مبارك.. والواقع العربي المزري ، المخزي ، الفظيع، المتهاوي ، المتفاقر والممزق والمتشرذم والمريض ، الهزيل ، التابع بشكل كامل للسياسات الأمريكية ، والمستسلم تماماً للصهيونية العالمية ، يبشر بأن كل البلاد العربية مرشحة لخوض التجربتين التونسية والمصرية.

السؤال الملح الآن هو عن مصير حسني مبارك ، ومن سيحدد مصيره الشارع المصري أم البيت الأبيض الأمريكي ، أم كلاهما؟

فالذي حصل ويحصل في مصر منذ عدة أيام وضع الإدارة الأمريكية في موقف صعب لأن مبارك حليفها الأساسي في المنطقة وهو شريكها إلى جانب الكيان الصهيوني في تنفيذ مخططاتها في المنطقة العربية. ومبارك لا بد ساقط ونظامه آيل معه إلى السقوط، تماماً كما حصل مع شاه إيران سابقاً وكذلك كما حصل لدكتاتور تونس لاحقاً. إذن ما العمل..؟

التصريحات الأمريكية متضاربة ، من كلينتون إلى اوباما والناطق باسم البيت الأبيض وغيرهم. ولا تعرف الإدارة الأمريكية ماذا تقول، وهل تقف إلى جانب إرادة الشعب المصري أم تظل واقفة مع دكتاتورها العجوز ، المنبوذ والمرفوض شعبياً ومحلياً. والذي انتهى زمنه كحاكم أو كفرعون لمصر. ولن يساعده في البقاء تعيين زميله الجنرال عمر سليمان نائبا للرئيس ، ولا الجنرال أحمد شفيق رئيساً للوزراء. فقد قرر الشعب المصري القضاء على حسني مبارك ونظامه نهائياً.

في هذا الإطار اعتبرت المحللة السياسية الألمانية بياتا سيل في مقالة نشرتها جريدة دير تاجستسايتونغ (تاتس) أن صفحة الرئيس المصري حسني مبارك كحاكم لبلاده اقتربت من الطي، وأن الوقت الباقي له في القصر الجمهوري بالقاهرة قد أصبح معدودا، سواء كان ساعات أو أياما أو أسابيع.

الأخبار تأتي تباعاً وبسرعة الريح من مصر ، القتلى والجرحى بالمئات أعمال النهب والسلب التي تقوم بها الشرطة السرية والجنائيين المطلق سراحهم من السجون من قبل الشرطة ، تنتشر بكثافة في كل مصر. الجيش يتعامل مع هؤلاء وتساعده في ذلك اللجان الشعبية ، حيث تم اعتقال العشرات من هؤلاء المجرمين وتبين ان هناك من بينهم أعضاء بالشرطة السرية. إذ بنفس الوقت لازالت مصر كلها تشهد تظاهرات واعتصامات عارمة تعم البلاد ، فصباح يوم الأحد استطاعت جموع المتظاهرين اقتحام مبنى امن الدولة في الإسماعيلية وتحرير كافة المعتقلين ، ثم حرق المبنى بعد سقوط شهداء وجرحى نتيجة استخدام ضباط وعناصر الأمن للرصاص الحي ضد المتظاهرين. النيران تشتعل بمبنى مصلحة الضرائب المصرية ...المتحف الوطني يتعرض لمحاولات نهب وتخريب وتدمير .. كل هذا يحدث بينما الأخبار تتحدث عن هروب مبارك إلى منتجعه الشتوي في شرم الشيخ، تحت حراسة مشددة من الأمن والشرطة. ولكن الجماهير أعلنت ولن تتراجع عن مطلبها برفض بقاء مبارك رئيساً للبلاد وكذلك رفض تعيين أحمد شفيق رئيسا للحكومة وعمر سليمان نائبا للرئيس.

في ظل انتشار الفوضى المتعمدة واعتماد مبارك خيار نيرون بإحراق القاهرة وكل مصر ، واستمرار الثورة الشعبية العارمة في الانتشار والتوسع وحرق مرتكزات النظام ، أعلنت قوى الاحتجاج المصرية في بيان نشر الأحد 30-01-2011 تفويض البرادعي بتشكيل حكومة إنقاذ وطنية مؤقتة.. ومن الطبيعي أن تبحث المعارضة وان يبحث الشعب الثائر عن مرشح مقبول بالنسبة لهم. والحل لا يمكن أن يتم في مصر بعد كل هذه التضحيات الشعبية الجسيمة إلا بإعلان تشكيل حكومة انتقالية تقودها شخصية وطنية تحظى بثقة الشعب أولا.. كما يجب تغيير مؤسسة الأمن والشرطة ووضع رئيس وزراء انتقالي كما جاء في بيان القوى المحتجة بالشوارع، بشرط أن يكون الشخص القادم يحظى بإجماع الشعب وقواه الحية. ويجب أيضا رفع حالة الطوارئ ووضع دستور جديد وإقامة انتخابات حرة جديدة يمكنها فرز نظام حقيقي بديل يضمن العدالة والمساواة والحرية للشعب. ثم إقرار الرئيس حسني مبارك بنهايته ، وبتغيير النظام بشكل كامل.. فهذا الرجل مكروه من قبل شعبه وملعون من قبل الجماهير الثائرة في ميادين المدن المصرية.

صحيفة الاندبندنت البريطانية كتبت اليوم : "شوارع القاهرة أثبتت حقيقة فشل في استيعابها قادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهي أن أمر هذا النظام قد انتهى". ان سقوط نظام حسني مبارك المرتبط بالإدارة الأمريكية والغرب والذي يقيم علاقات جيدة جدا مع الكيان الصهيوني، ويلعب دوراً محورياً في محاربة فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية وفي حصار الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة. يعتبر بأهميته مثل سقوط جدار برلين والأنظمة الاشتراكية في أوروبا الشرقية. لذا مع غياب نظام مبارك سوف تتبدل وتتغير خريطة الشرق الأوسط السياسية والأمنية والاقتصادية والقومية العربية. وسوف تعود الحياة لمصر عبد الناصر التي اختطفها السادات وبعده مبارك من الأمة العربية ووضعاها في أحضان أمريكا والكيان الصهيوني. وعلى هؤلاء أن يقلقوا فعلاً على مستقبلهم في بلاد العرب أما الشعب المصري فليس بحاجة لأي صحيفة لا عربية ولا غربية كي يثبت ويؤكد انتهاء نظام حسني مبارك ، فها نحن نرى أن القاهرة كما كل منطقة مصرية أخرى تتظاهر وتقول كلمتها وتصرخ بأعلى الصوت " لا لمبارك .. يسقط مبارك " ..ثورة مصر البهية سوف تستمر وتصمد ولا بد ستنتصر وتأتي بالحرية.

على الشعب المصري أن يعي خطة مبارك لحرق مصر قبل فراره ، وأن لا يسمحوا له بالإفلات من العقاب والمحاسبة والمحاكمة ، على 30 سنة إرهاب للشعب المصري وسرقة ونهب لخيراته ، وقمع للناس والمعارضين، وخيانة لشهداء مصر العروبة،وتآمر على المصالح القومية العربية ، وأخيراً على عمليات التخريب والتدمير والنهب والسلب المنتشرة الآن في البلد لأنها ترجمة عملية لما جاء في خطابه الأخير عن أن البلد بدونه ستنزلق إلى الفوضى.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024