إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

فيتوريو اريجوني فدائياً كنت وفدائياً مضيت

نضال حمد

نسخة للطباعة 2011-04-17

إقرأ ايضاً


عرفته قبل سنتين في ندوة مشتركة جمعتنا في مخيم التضامن مع الشعب الفلسطيني وقطاع غزة المحاصر ، الذي يقام صيف كل عام في مدينة فياريجيو بايطاليا وينظمه الاتحاد الديمقراطي العربي الفلسطيني في ايطاليا.. ولم يكن الطلياني الوحيد الذي عرفته في حياتي من المناصرين للقضية الفلسطينية والملتزمين بها خير التزام ، فقد عرفت ومازلت اعرف الكثيرين منهم ، خاصة أنني بعد إصابتي في حصار بيروت سنة 1982 سافرت وتلقيت العلاج في ايطاليا ، حيث كانت تعتبر في تلك الفترة من الزمن أكثر الدول تفهماً للقضية الفلسطينية وفيها أكبر حركة تضامن عالمية مع الشعب الفلسطيني. أحببت ايطاليا وشعبها وخاصة أمثال فيتوري اريجوني وستيفانو كاريني وكثيرون غيرهم أحياء وأموات..

ها نحن اليوم أمام مصيبة عظمى ، جريمة بشعة ومأساة حقيقية .. مجموعة من المأجورين المضللين ، المرتبطين عن علم أو بدون علم بالمخطط الصهيوني تقوم باختطاف واغتيال الصديق والمناضل الأممي الحقيقي فيتوريو أريجوني .. عملية اغتياله ستبقى وصمة عار تقبح جبين كل فلسطيني حتى ننال من هؤلاء المجرمين الجهلة والسفلة والقتلة.. لذا مطلوب من حكومة السلطة في غزة أن تلاحق القتلة وتعتقلهم وتقدمهم للمحاكمة وتنزل فيهم أشد العقاب وليس اقله إراحة الشعب الفلسطيني منهم مرة واحدة والى الأبد.

عزيزي ورفيقي فيتوريو كيف تريدني أن أكتب عنك؟

إنها من اللحظات الضميرية الصعبة بل الأصعب في حياة إنسان عاش ويحيا على حب الناس .. فكيف الحال وأنا امسك بالقلم لأكتب عن رجل إنسان، وإعلامي علم اسمه فيتوريو اريجوني؟؟

كل كلمة ستكتب هنا ولا تزان بميزان الذهب ولا تكون شعراً أو من بلاغة الأدب، سوف لن توفيك حقك علينا.. يجب علينا أن نقول فيك كلاماً يليق بك، كلاماً يمجدك لأنك جسدت القناعات بالأفعال ، فكنت مؤمناً بفلسطين أكثر من قاتليك .. وكنت فلسطينياً أكثر من الجبناء الذي اختطفوك واغتالوك .. وكنت مقاوماً حين جبنوا وهانوا وتخاذلوا وتعاموا وفقدوا البصر والبصيرة .. كتبت عن شعبنا أجمل الكلام ، كتابك (كن إنسانا) الذي وجهته للعالم أجمع وكشفت فيه لا إنسانية الاحتلال الصهيوني ، عرى قتلك كذلك ، لأن القتلة وان كانوا فلسطينيين بالجنسية لا بد أن يكونوا من عملاء الاحتلال.. وقفت مع شعبنا، ناصرته وأيدته وكنت إلى جواره و معه في كل مواقعه الجليلة، بينما الجبناء من أعداء أنفسهم وأعداء أمتهم وأعداء دينهم وأعداء العقل كانوا يتشعوذون ويفبركون ويعدون لقتلك .. فالويل لهم من شعبهم ومن أمتهم .. لأنهم أطفئوا شمعة ثورية أممية كانت تنير ليل غزة الدامس والمظلم .. وقدموا خدمة جليلة لكل أعداء شعب فلسطين.. قتلوك ولم يدروا أن أزهار عشقك الفلسطينية توزعت في رفح وكل القطاع وفي كل مخيمات شعب فلسطين اللاجئ ،المشتت والموزع في بقاع الدنيا.. كتابك يشهد على عظمتك وعلى صغرهم ودنوهم وعلى أنهم أقزام مأجورين تحركهم يد الغدر والعمالة والجهل والتطرف واللاوعي ..

كيف تريدنا أن نرثيك ونودعك وأنت الذي قتلت برصاص مرضانا من عصابات تنطق بالشهادتين والشهادة كما الدين منها براء..

كيف تريدنا أن نتحدث عنك يا رفيق الدروب الفلسطينية الأممية الوعرة؟

كيف وألف ومليون كيف تراودني الآن وأنا أتذكر طلتك علينا من غزة عبر الفيديو كونفرنس ، أنت كنت حيث كان علي أن أكون في غزة ، وأنا كنت حيث كان عليك أن تكون في فياريجيو بايطاليا ، أنت تشارك شعبي مقاومته وصموده وتألقه وصبره وشجاعته ، وأنا أشارك رفاقك من لجان التضامن الطليانية مع شعب فلسطين ، مخيمهم التضامني الثالث مع شعب فلسطين وتحديداً مع قطاع غزة. في مخيم فياريجيو الذي يقيمه صيف كل عام الاتحاد الديمقراطي العربي الفلسطيني في ايطاليا (أوداب) ويشاركه فيه لنصرة شعبنا كل متضامن طلياني آمن سابقاً ومازال يؤمن حتى يومنا هذا (وبعد اغتيالك الجبان) بعدالة قضية الشعب الفلسطيني.. اذكر وأتذكر كلماتك الحماسية والأخرى العقلانية التي أسمعتنا إياها ونحن نتجمع حول بعض الطاولات في خيمة كبيرة بالمعسكر، حيث دار الحديث والحوار بيننا جميعاً.. كان الجميع بانتظارك لتكون شريكي تلك الليلة في ندوة حوارية ، أنت تتكلم من فلسطين عن شعبها وأنا أتكلم من ايطاليا عن أصدقائنا هناك وفي كل أوروبا.

تكاد الدموع يا رفيقي فيتوريو أن تذرف الآن من عيني ، ويكاد قلبي ينفجر غضباً على إخوتي المضللين ، الذين اغتالوك برصاص الشيطان الصهيوني ..

يا فيتوريو!

يا رفيق الدروب التي أوصلتنا إلى كل البيوت إلا بيوتنا ..

كم نحبك شهيداً وكم أحببناك حياً وأنت ترد على الصهاينة بالصورة والكلمة والخبر ..

فدائياً كنت وفدائياً مضيت لتجاور رفاقك ورفيقاتك من شهداء فلسطين الاممين..

ألسنتنا عاجزة عن النطق وقلوبنا مكسرة وأقلامنا تنكسر كلماتها على أعتاب قلبك الكبير وجسدك الذي تلقى رصاصات الغدر والخيانة رصاصات أشباه المقاومين وأشباه الرجال من التكفيريين المضللين ، الذين اخترقهم أجهزة الموساد والشباك ..

فيتوريو أيها الرفيق الجميل ، أيها الإعلامي الجريء ، أيها الفلسطيني بقلب طلياني..يحزنني جدا ان قاتلك يدعي انه فلسطيني وعربي وإسلامي وانه إنسان مع أنني أشك بأنه كان يوما ما إنسانا .. فالإنسان الحقيقي لا يقتل شقيقه الإنسان في النضال والكفاح لأجل البشرية والعدالة والكرامة و الانعتاق من العبودية والاحتلال إلى الحرية .. ولو أن الذي اغتالك فهم قول الخليفة العادل الفاروق عمر بن الخطاب " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا" لما أقدم على اختطافك ومن ثم تنفيذ جريمته بإعدامك .. فأنت الذي فهم قول الخليفة وعمل به ، حين تركت وطنك وراحتك وعائلتك وعملك وذهبت تقاوم مع شعب غزة المحاصر لأجل الحرية .. هيهات يا فيتوريو ما بين إسلام عمر وإسلام الضلاليين هذه الأيام ..

فيتوريو الجميل ، أيها الرجل الذي كان يحيا بقلب طفل ، أيها الفدائي الذي ما تعب ولا عرف التعب .. سنذكرك وأنت الذي كتب عن شعب فلسطين وأهل غزة الصامدة أجمل الكلام وأحلاه.. سيتذكرك فقراء وضعفاء وبؤساء غزة ، صديقاً أممياً عاش معهم سنواته الأخيرة مناضلاً عمل الاحتلال جاهدا على اقتلاعه من القطاع.سيتذكرونك كما يتذكر أهل مخيمات لبنان وبالذات صبرا وشاتيلا رفيقك الراحل ستيفانو كاريني الذي أفنى عمره لأجل شعبنا في مخيمي صبرا وشاتيلا.

وسيذكرك رفاقك وهم يعدون أسطولهم الجديد خلال أيام للإبحار إلى غزة .. وستكون والدتك الجليلة على متن إحدى السفن بدلاً منك .. فقد قررت أن تسافر بدلاً عنك لنصرة شعبك الفلسطيني في غزة. وستكون مع جورج غالاوي وايفا ياشيفيتش وآدم شابيرو وآلاف المتضامنين العالميين على متن الأسطول الذي أتمنى أن يحمل اسمك ، كما أتمنى على الاتحاد الديمقراطي العربي الفلسطيني في ايطاليا ان يطلق اسمك على معسكره الخامس صيف هذا العام في مدينة فياريجيو بايطاليا.

عشت يا فيتوريو حياً في شهادتك

والموت لأعداء الحياة


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024