شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2011-04-20
 

يوسف المسمار شاعر قومي استوطنه الإيمان العقائدي... "على مشارف النور" - زهرة حمود

"على مشارف النور"*" إصدار شعري جديد للشاعر والكاتب السوري القومي الاجتماعي يوسف المسمار، المقيم في أميركا اللاتينية، بينما تخرج كتاباته من رحم لغة الضاد، أو ترتحل منها باتجاه إغناء اللغة البرتغالية بنتاج اللغة العربية، يبصر هذا الديوان النور بعد ما يزيد على خمسة عشر مؤلفا للكاتب تراوحت بين الشعر والأدب والفكر والعمل المعجمي، إضافة إلى ترجمة جزء من مؤلفات الزعيم أنطون سعاده إلى اللغة البرتغالية.

وكأن المسمار استوطن الإيمان العقائدي، أو أن إيمانه استوطنه لا فرق، لذا نجده في شعره قد تلبس لبوس الأخلاق والمناقب والقيم الاجتماعية، فبدا وكأنه بخط الشعر الحكمي، وهو باب واسع من أبواب الشعر العربي من الجاهلية حتى صدر الإسلام، وإن كان أهل الحداثة الشعرية يحتجون أحيانا على هذا النوع من القصائد، فإنها لا تزال تلاقي استساغة واستحساناً لدى شريحة لا بأس بها من القراء.

يطالعنا الشاعر بإهداء ديوانه "إلى كل من تغذى بطعام الحق، وارتوى بماء الخير، واستلقى على بساط الجمال،" فها هو ومنذ الإهداء يحدد أن قصائده كتبت لمن آمن بقيم الحق والخير والجمال، وهي بالتالي ارتوت من منابع الفكر والمناقب القومية الاجتماعية.

وإذا حاولنا الابتعاد عن مرامي الشاعر وولجنا باب قصائده، نراه في القصيدة الأولى يسعى إلى تعريف رسالة الشعر، التي يراها وسيلة لبعث روح الثورة في نفوس الشعوب، وحثها على تسلق قمم المجد، وإلا لا فائدة من كتابة الشعر أو قراءته:  

إن أخفق الشعر في تثوير همتنا        لا الشعر شعر ولا نفع من الكَلِمُ

وتتزاحم مفردات الفكر والإبداع والقيم والشيم والعزم والقمم لتنساب على مدى النص مؤكدة على دور الشعر في بعث الأمل في النفوس، ولا ينسى الشاعر من إجراء موازنة بين هذا النوع من الشعر، وذلك الشعر الهدام القائم على الأوهام، وليس المطلوب أن يكون الشعر كلاماً موزوناً مقفى، ولا قصيدة نثر، فقد يكون الشعر موقفاً متقدماً كما هو حال الأمة في بغداد وبيروت:

فشعر بغداد جرحُ القدس نكهتهُ                إلا على العز والتحرير لم يَنَمِ

وشعر بيروت أبطالٌ بهم رُفِعَتْ               مدارج المجد واجتازت مدى النُجُمِ

وهو في الوقت ذاته يرفض أن ينظر إلى الشعر على أنه أوزان وقواف، بل يؤكد أنه أعمق من أن يحدد بأبعاد، وإن كان لا بد من ذلك فلن تخرج أبعاده عن كونها النور أو الدفء الذي يبعث الحياة في العدم، وبالرغم من قوله:

يا حاسب الشعر أوزانا منسقة                 ما أبعد الشعر عن تركيبة النُظُمِ

فإن الشاعر يوسف المسمار لا يخرج على أوزان الشعر وبديعه مما يضطره أحيانا إلى حشر مصطلح لا يعطي معنى واضحا من أجل سلامة القافية، حيث يدعو في أحد الأبيات إلى رفع الشعر مصباح هداية للأمة، حتى يهدي الناس "بالإبداع والعِظَمِ"، وهنا كيف يمكن فهم دور العظم في الهداية، وهل المقصود هنا العظمة؟ أو أن المعنى في قلب الشاعر؟ 

ومن يقلب صفحات "على مشارف النور" تطالعه الوعظية في معظم النصوص عن أهمية الشعر ودوره في الحياة والهداية والعلم وقول خير الكلام الذي يجدد الروح، والوعي الذي ينجي من الهلاك بينما الجهالة تقضي على طموحات الشعوب، وينصح بإتباع الأخيار والابتعاد عن شرار القوم حتى لا يقع المرء بالخسارة.

ويقف الشاعر أمام شهداء مجزرة حلبا خاشعا، ليقول طوبى لأبطالها:

الحق يشهد والعدالة تُعْلَنُ             حلبا الأبية بالإباء تُعنوَنُ

فدماء أبناء الحياة بطهرها            قيم الأصالة والمحامد توزَنُ

أبطال حلبا طاقة روحية             بلهيبها روح القداسة تقطنُ

هم في المقاومة الشريفة عينها       وسلاحها، وهم الملاذ الآمنُ

أبطال حلبا شــعلة أبديـة             بجراحهم كتب المصير الأحسنُ

لا تحسبوا الأحرار أمواتا فهم       في ذمة التاريخ فجر بَيِّنُ.

لقد طبق يوسف المسمار نظرية الشعر التي قررها في مطلع ديوانه، فجعل من شعره أسلوبا يعبر من خلاله عن إيمانه العقائدي، وتعلقه بفكر المعلم سعاده، فنثر القيم والرؤية القومية الاجتماعية، وإن كانت معظم قصائده كتبت لمناسبات حزبية أو تحية لسعاده في أعياد النهضة ومناسباتها، فهو لم ينس الكيان اللبناني الذي منه هاجر إلى الطرف الآخر من الأرض، فتغنى به وببطولة شعبه، وكأنه أراد بهذه القصيدة أن يوجه النصح لأهل الحكم فيه علهم يصونوه بلداً مقاوماً.

يوسف المسمار شاعر منبري بامتياز، تدهشك مباشريته، وسلامة تعبيره، ودقة أوزانه الشعرية، ولغته التي لا تتحفظ على تكرار المصطلح والفكرة، وكأنه يعتقد أن في الإعادة إفادة، "مشارف على النور" شرفة منها تطل على ضياء النهضة القومية الاجتماعية الفاعلة في نفس الشاعر.

*"على مشارف النور" ديوان للشاعر يوسف المسمار، 192 صفحة من القطع الوسط، صدر مؤخراً في البرازيل.

 


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع