إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الغالبون يختزل ذاكرة المقاومة

زينة حمزة عبد الخالق - عربي برس

نسخة للطباعة 2011-08-26

بدأ شهر رمضان، وبدأت معه المسلسلات المحلية والعربية تتصدر لائحة البرامج اليومية، منها الكوميدي والتاريخي والدرامي. إلا أن المسلسل الأكثر جدلاً هو مسلسل "الغالبون"، الذي يروي تاريخ بداية المقاومة في جنوب لبنان، والذي تنفرد قناة المنار اللبنانية والقناة السورية بعرضه.

الملفت، أنه ما إن بدأت القناة بعرض مسلسل "الغالبون" حتى بدأت الإنتقادات تنهال عليه، لاسيما على صفحات "الفايسبوك" حيث قامت مجموعة من الشباب الذين ينتمون الى فئات سياسية وحزبية مختلفة بإنشاء صفحات معادية للمسلسل وداعية الى مقاطعته، معتبرة أنه يعمل على تزوير الحقائق لا سيما تاريخ المقاومة الوطنية وإلغاء دور كافة الاحزاب الوطنية التي تتألف منها جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية كالقومي والشيوعي إضافة الى دور حركة أمل وبعض الفصائل الفلسطينية وغيرهم.

لقد نجح المخرج السوري باسل الخطيب في تقديم عمل درامي ضخم ناجح يضم نخبة من الممثلين اللبنانيين الكبار أمثال أحمد الزين، عبد المجيد مجذوب، جمانة ابو عساف، مازن معضم، دارين حمزة، طوني عيسى، عمّار شلق، فؤاد شرف الدين، بيار داغر، يوسف حداد، مجدي مشموشي، علي الزين، وفاء شرارة، منى كريم، ختام اللحام وغيرهم.

ولكن هذا المسلسل الضخم الذي بات حديث الناس في كافة المجتمعات، يغفل تاريخاً مقاوماً سطّر تاريخ أمة مناضلة وشهداء قدموا دماءهم ليبقى الوطن.

فمنذ الحلقات الأولى لمسلسل "الغالبون" بدأت المغالطات التاريخية التي إستثنت كل الأحزاب المقاومة، حاصرة المقاومة والنضال في جنوب لبنان بمجموعة من الإخوان والأخوات حتى أنه لا يكتفي بذلك، بل هو يسعى الى إعتبار كل فتاة غير محجبة صديقة وعميلة للعدو وكل شاب علماني مقاوم إنسان غير مبالٍ بموضوع المقاومة ويهتم بمغريات الحياة اليومية، ففي إحدى الحلقات عندما سأل إثنان من الإخوان المقاومين أحد العلمانيين عن المقاومة إستهزأ بهما وطلب منهما أن يعيشا حياتهما.

ولعل المفاجأة الكبرى كانت في إحدى الحلقات، عندما قامت مجموعة من الإخوان بالتصدي لدورية للعدو الصهيوني في بلدة خلدة، ومن منا لا يعرف عملية خلدة الشهيرة التي قام بتنفيذها مجموعة من الشباب الذين ينتمون الى عدد من الأحزاب المقاومة من بينهم الشهيد عاطف الدنف من الحزب السوري القومي الإجتماعي والشهيد أحمد قصير من حركة أمل وكانت هذه العملية من أوائل العمليات النوعية التي أوقعت خسائر كبيرة في صفوف العدو لاسيما مقتل نائب رئيس الاركان الاسرائيلي يوكائيل آدم.

والمشهد في المسلسل يتناقض مع ما صرّح به النائب علي عمار، نائب عن حزب الله في البرلمان اللبناني، خلال مناقشة البيان الوزاري في الخامس من تموز 2011 في مجلس النواب مشيداً بدور حركة أمل في تاريخ المقامة وكيف "أنهم تمكنوا برفقة عدد من القوميين من التصدي على مثلث خلدة لآليات العدو الإسرائيلي المتجهة نحو العاصمة بيروت، وأوقعوا في صفوفها خسائر كبيرة، أهمها مقتل نائب رئيس الأركان في جيش العدو، حيث سطر هؤلاء المجاهدون ملاحم في البطولة، ووضعوا اللبنة الأولى للتاريخ المقاوم."

ويستمر المسلسل لتستمر معه المغالطات التاريخية، فعلى الرغم من الدور المتميز الذي يلعبه الممثل عمار شلق بتأدية دور الشيخ راغب حرب، إلا أنه تمّ حصر عمل المقاومة فيه فقط

ومؤخراً، لم يقف المسلسل عند هذا الحد من التجاوزات، بل إنه عمد الى تحريف عملية الشهيد عاطف الدنف الذي تمّ إعتقاله في مخيم أنصار من قبل جنود العدو الإسرائيلي عام 1983 والذي تمكن بعد عدة محاولات عدة من حفر خندق في الخيمة التي كان أسيراً فيها والهرب مع عدد من رفقائه من بينهم الشهيد نضال الحسنية في آب 1983، وتجييرها الى الشاب علي المعتقل في المسلسل

بدأ الإجتياح اللإسرائيلي للبنان في أوائل حزيران عام 1982 وبدأت معه قوات العدو بضرب البنى التحتية للمقاومة الفلسطينية والأحزاب الوطنية بمختلف فئاتها، فما كان من هذه القوى إلا أن قامت بالتصدي لهذا العدوان عاملة على منع تقدم العدو بإتجاه بيروت موقعة في صفوفهم خسائر كبيرة لم تكن في حسبانهم. ولعل إعلان شارون في مستعمرة "كريات شمونة" في 22 تموز 1982 عملية سلامة الجليل والرد الذي قابلها في اليوم التالي من قبل سمير خفاجة وفيصل الحلبي اللذين ينتميان الى الحزب السوري القومي الإجتماعي بقصف مستعمرات الجليل هو ما أعلن ولادة المقاومة الوطنية، ولعل رصاصات الشهيد خالد علوان التي استوطنت صدور العدو هي من ساهم في ولادة المقاومة.

شهداؤنا هم طليعة إنتصاراتنا.. تحية منا الى كل شهيد سقط في أرض الجنوب.. وإلى كل أسير أسر يوماً في أرض الجنوب.. تحية منا إلى كل أم محجبة وسافرة أنشأت شهيداً ليبقى الوطن



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024