إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

عباس "يزلبط" اوباما ونتنياهو.. وماذا بعد؟

د. عدنان بكرية

نسخة للطباعة 2011-09-25

إقرأ ايضاً


الخطوة الفلسطينية بالتوجه الى الأمم المتحدة برغم ما يرافقها من مخاطر على القضية الفلسطينية وبرغم تحفظنا منها كونها ستسهم في قبر قرارات الأمم المتحدة السابقة والمتعلقة بفلسطين مثل قرار التقسيم وحق العودة ..إلا أنها كشفت للعالم حقيقة وطبيعة أمريكا والرئيس اوباما وحشرته في الزاوية عاريا من كل القيم الأخلاقية والانسانية .. فاوباما والذي يتباكى زورا على مصير الديمقراطية وحرية الشعوب يقف بكل صلاجة واستكبار ضد استقلال وحرية الشعب الفلسطيني .



هذا الموقف المنحاز كليا لاسرائيل .. يجب ان يدفع العالم لإسقاط صفة "راعي عملية السلام" عن الولايات المتحدة ..فكيف يمكننا كفلسطينيين وللعالم الحر ان يقبل بأن يكون راعي السلام منحازا لطرف على حساب طرف آخر ؟ وكيف لنا ان نقبل وساطة من يرفض إقامة الدولة الفلسطينية حتى على الحدود التي طرحها هو حدود 67 ؟ برغم عدم تلبيتها لطموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني .. بهذه الفعلة يكون اوباما قد اخرج نفسه من مسار الوسيط ووضع نفسه في خانة العداء للحقوق والحرية والاستقلال منتهكا كل القواعد الدولية التي لا تسمح باحتلال شعبا آخر .



اسرائيل انتشت بالفرح بعد سماع خطاب اوباما ووصفوه بالرئيس الصهيوني الأول الذي تفوق على ليبرمان واليمين الصهيوني المتطرف .. فهو أراح الزعماء الصهاينة من عبء ووزر رفضهم حتى السماع عن دولة فلسطينية واثبت للعالم بأنه صهيوني أكثر من الصهاينة أنفسهم.. هذه الأمور تدفعنا لإعادة التفكير في العلاقة مع الولايات المتحدة فهو لم يتحدى الشعب الفلسطيني وباقي الشعوب العربية فقط بل تحدى الإرادة الدولية وجعل منها طابة عجين يقولبها كيفما يشاء .. هذا الأمر يجب ان يدفع القيادة الفلسطينية الى مراجعة طرق وأدوات إدارة الصراع مع الاحتلال .. يجب ان يراجعوا تحالفاتهم ويسعوا لبناء تحالفات جديدة تكون قادرة على التصدي للمشروع (الصهيو- امريكي) الذي لن يجلب لشعبنا الا المزيد من الاهانة والإذلال .. والاهم من كل هذا يتوجب على الطرف الفلسطيني رفض أي مفاوضات تقودها امريكا وإسقاط صفة الوسيط عن الولايات المتحدة .



اوباما ألقى خطابه وأوكل لأذنابه من الزعماء العرب متابعة الضغط على الطرف الفلسطيني بالتراجح حتى ان هؤلاء الزعماء تحولوا الى مدافعين عن المشروع الصهيوني بوجه حق الشعب الفلسطيني .. لم يتعلم هؤلاء الزعماء من الثورات العربية التي اطاحت بالراعي الأول للمشروع الصهيوني المخلوع حسني مبارك .. وحتى ان هذه الزعامة لم تهتز وهي ترى الولايات المتحدة تدوس على كرامتها وكرامة شعوبها وتقوم بدور امريكا في محاولة بائسة لإقناع محمود عباس بالتراجع عن خطوته ..




ليس فقط دفاعا عن عباس



محمود عباس وبرغم تحفظاتنا على العديد من مواقفه السابقة وبرغم الثغرات التي ترافق خطوته هذه ..الا انه لا يمكننا الا نصف خطابه بالتاريخي والانعطافي فهو وضع نفسه ولأول مرة في مواجهة مع أمريكا واسرائيل غير آبه بالتبعات التي ستعقب موقفه هذا .. فبرغم الضغوطات الهائلة التي تعرض لها من قبل الغرب والعرب الا انه أصر على تنفيذ خطوته وقدم طلبه الى الأمم المتحدة وسط تعاطف هائل من قبل المجتمع الدولي وتصفيق حاد عم قاعة الجمعية العامة .. التعاطف جاء ليعبر عن موقف العالم الداعم للحق الفلسطيني والرافض للغطرسة الأمريكية والإسرائيلية .. عباس فاجأنا كما فاجأ العالم واسرائيل وامريكا .. فهما راهنا على تراجعه في اللحظة الأخيرة استنادا الى مواقفه السابقة الا إن تحديه الإرادة الأمريكية أثلج صدورنا ووضع السلوك الفلسطيني في مساره الصحيح الأمر الذي سينعكس ايجابا على النضال الوطني الفلسطيني وعلى لحمة الشعب الفلسطيني .

لقد قلنا سابقا اننا لا نعارض عباس لمجرد المعارضة لكننا نعارضه على بعض مواقفه التي لا تنسجم مع تطلعات الشعب الفلسطيني ونقاشنا معه طويل ومستمر .. لكننا اليوم نؤيده في تحديه للولايات المتحدة واسرائيل وهذا لا يعني بأننا نوافق على كامل خطوته وكل ما جاء في خطابه .. اننا اليوم نشجعه على المضي بهذا الطريق طريق التحدي والكرامة الوطنية .. ولا يجوز لنا ان نقف في خندق واحد مع الولايات المتحدة واسرائيل بمجرد معارضتنا لبعض النقاط التي جاءت بخطابه ..علينا ان ندفع به الى طريق التحدي والتصدي بعد فشل رهاناته على أمريكا .. ونتمنى ان يكون قد أيقن بعدم جدوى الرهانات على الولايات المتحدة .

اسرائيل جن جنونها من أقصى اليمين الى أقصى اليسار وهي متوحدة في العداء للحق الفلسطيني فبرغم الخلافات الهائلة بين الأحزاب الاسرائيلية الا انها تقف اليوم موحدة في العداء لشعبنا وحقوقه تقف اليوم مهاجمة محمود عباس واصفة إياه "بالإرهابي " الذي يريد إبادة اسرائيل .. من هنا فعلينا ان نقف متوحدين في التصدي لهذه الهجمة التي لا تستهدف عباس فحسب .. بل تستهدف سلوك عباس الأخير في التعاطي مع أمريكا وإسرائيل.. تستهدف القضية العينية التي يدافع عنها رئيس السلطة ..

نختلف في الكثير من القضايا مع رئيس السلطة وهذا صحي ومطلوب.. نختلف معه على حدود الدولة الفلسطينية وعلى عدم الوضوح بقضية اللاجئين ونقاط خلافنا كثيرة وكبيرة لكن يجب ان نفصل بين خطوة وأخرى وإذا دافعنا عن عباس بوجه الهجمة الأمريكية الاسرائيلية فإننا بهذا نعبر عن غضبنا على السلوك الأمريكي ونعبر عن قرفنا من هذا السلوك ..

واجبنا تشجيع رئيس السلطة على رفضه الاملاءات الامريكية على ان يشمل هذا الرفض كل القضايا التي التي تمس ثوابت شعبنا ..وعلى ان يشكل هذا الخطاب منعطفا في نهج السلطة الفلسطينية .. فهي راهنت كثيرا على امريكا وانتظرت طويلا حتى تبين الانحياز الأمريكي التام لاسرائيل وعدائها للشعب الفلسطيني .

المعركة في الأمم المتحدة لم تكن فقط معركة إقامة دولة أو مقعد دائم بقدر ما كانت معركة لي اذرع ومواجهة.. نجح بها عباس في "زلبطة" اوباما ونتنياهو وتعريتهم على حقيقتهم امام العالم .. والسؤال هل ستحسن السلطة في التعامل مع "المزلبطين" أم أنها ستعود الى المربع الأول


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024