شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2012-03-24
 

أزمة المواجهة من كوبا إلى سورية

الياس عشّي - البناء

لم يبدُ العالم بهذا الإرباك منذ أزمة الصواريخ السوفياتية - الكوبية التي حدثت قبل ستين عاماً وكادت تؤدّي إلى حرب نووية لا يمكن لأحد أن يتنبّأ بنتائجها. وفي التبسيط: أن الولايات المتحدة الأميركية رأت في نصب الصواريخ على مرمى حجر من حدودها اعتداءً على سيادتها الوطنية، فوجّهت إنذاراً إلى القيادة السوفياتية أدّى إلى سحب الصواريخ وإزالة فتيل الانفجار.

لم تمرّ سنوات على الأزمة الكوبية حتى خرجت الترسانة النووية «الاسرائيلية» من السرّ إلى العلن، وليست "متاخمة" لحدودنا، بل هي في أحضاننا، تنام في فراشنا، نشعر بأنفاسها وتهدّد وجودنا برمّته. ورغم ذلك، ما زال الغرب، وعلى رأسه الولايات المتّحدة الأميركيّة، يدافع عن هذا الحضور النّووي «الإسرائيلي» ويدعمه، ضارباً عرض الحائط بكلّ القيم الأخلاقية التي تنظّم العلاقات الدولية عبر منظمة الأمم المتحدة.

... وتتداعى الحوادث، ففي حزيران 1967 تشنّ «إسرائيل» حربها على العرب وتقضم جزءاً كبيراً من أراضيها، ثمّ يجتاح الناتو العراق، ثمّ يبدأ الرقص على جثث الضحايا لـ«ربيع عربي» آتٍ لا محالة كما بشّرتنا كونداليزا رايس.

وكان أن جاء الربيع بادئاً جولته في عرب أفريقيا، ولكنه جاء بقميص تاهيتيّ وقلنسوة مذهبية، فلا وردة مدّت برأسها تعانق الناس، ولا عبق الليمون فاح في أرجاء مسجد الأقصى وكنيسة القيامة. كان «ربيعاً» بلا رأس ولا قلب.

... ونقلوا، أو حاولوا أن ينقلوا، هذا «الربيع» المشوّه إلى سورية، فوقعت المعصية، وبدأ الإرباك، واكتشفوا، بعدما عاثوا فساداً وتخريباً وموتاً، أنّ الشام عصيّة، وأن لها أصدقاء، وأنّ حدودها ليست مغلقة، بل هي تنسحب من بحرها الأزرق إلى روسيا، وأن وضع اليد عليها لا يقلّ خطراً عن الصواريخ الكوبية، فاستيقظ الدب الروسي، ومعه الصين، وكان الفيتو المزدوج لمرّتين، وكان أن صارت سورية واحدة من اللاعبين، ولم تعد ملعباً ولا مسرحاً لمؤامرات الآخرين على أرضه.

اليوم، وقد صدر عن مجلس الأمن الدولي بيان رئاسيّ أسقط الأقنعة، يتهيّأ السوريون شعباً وجيشاً وقيادةً، للبدء بعام آخر يتصالح فيه السوريون لمصلحة سورية التي هي فوق كلّ مصلحة، ويرحلون الى مستقبل زاهٍ لا تغيب عنه فلسطين ولا لواء اسكندرون.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه