شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2012-04-17
 

الارض الـــمــــــوجـــــعـــــــــة

الرفيقة ايمان طرابلسي

حين بدأت الحرب

وأخذت تمتدّ نيرانها

وتلتهم احلام الارض

وتدمّر الجسور بين الطفولة والصبا،

كان القلق ينتشلني

من حضرة النعيمِ

الى عتبات الجحيمِ،

فرُحتُ أبحث عن اللـه

اين تاه بين أشباح الحرب،

رأيته جاثياً وسط نزيف الارض

يحضن بين يديه

جثث اخوتي المذبوحينَ

من جراء شظايا النار

ويبكي،

كان بكاؤه دماً قانياً

مجبولاً بنوره المشرقِ،

لم أرَ في حياتي دمعاً مؤلماً

كهذا،

سألته لمَ قُتل اخوتي؟

فلم يجبني،

ولم ينظر الى وجهي،

ولم يُخيّل اليّ قط

يومٌ لا ينظر فيه اللـه الى وجهي،

كان غارقاً في حزنه،

يقبّل جباه الضحايا...

الشهداء... مهما كان اسمهمْ

انا اعلم انه، كثيراً جداً كان يحبهمْ،

وقد آلمه سماع صراخهمْ

من تحت براثن الحقدِ

ومن تحت لهيب القنابلِ.

مضيت أركض نحو أبواب المدينة

التي قُتل حراسها ايضاً،

فليس من يدٍ توصد الابوابَ

غير يدي

وقد الْتهت كل ايدي اخوتي

باحتضان الدم

والدموع،

مضيت أُسرعُ قبل ان تنتهز الفرصةَ

جيوشٌ عابرةٌ

تشتمّ رائحة الضعف

فتكشّر عن انيابها للافتراس،

مضيتُ كالعاصفة، وجراحي

الثقيلةُ تعثّر طريقي

لأجد الابواب في كل صوب

مشرّعةً تصفّق في الهواء

وتبعثر دخان التاريخ المحترقِ

وتحفر على صدرها

ثقافة الغزاة الهمجيةِ،

وأرجلٌ غريبةٌ داست على ارضي، فأوجعتها

وأخذت تتمشى بانتصار حقير

قُدّم لها على طبق فاخر

بين أجداث الاخوة الذين رحلوا

وتركوا وجوههم المخدوشةَ

وعيونهم المستسلمةَ المحدّقة في الفراغ

نادمةً..

عيونٌ مخمليةٌ

جعلت اللـه يبكي

ويُطرد من ارضه،

وسكنت في الزمن الآتي،

اما انا، فلم أنم منذ ذاك الوقتِ

وأرتحل من دار لدار

انا وأمتعتي،

فحين قُتل اخوتي

فقدت نصف عائلتي

وحين رفضتُ الحربَ

فقدت ما تبقّى... من عائلتي.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه