إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

المهمة الملحة.. قانون عصري للانتخابات النيابية

معن حمية

نسخة للطباعة 2012-04-27

إقرأ ايضاً


ما رآه اللبنانيون وسمعوه خلال انعقاد جلسة المناقشة العامة في مجلس النواب، كان أشبه بحفلة استعراضية لم تخلُ من "الإشكالات" والمناكفات، والخطب الشتائمية العابرة للحدود، والمشهد بكليته تكفل بكشف عورات ومساوئ القانون الانتخابي، بوصفه قانوناً غير صالح لترجمة الديمقراطية سلوكاً وممارسة، وغير ذي نفع لترقية الحياة السياسية، وبتعبير يشبه القانون نفسه، ينقصه نظام "الفلترة" الذي يحول دون وصول غير المستحقين إلى تحت قبة البرلمان، ولذلك، من الطبيعي أن نرى مشهداً لا يرقى إلى مستوى المسؤولية الرقابية أو التشريعية، ولا يلامس أدنى مستويات الممارسة الديمقراطية.

ما حصل في المجلس النيابي من هرج ومرج، ليس ممارسة ديمقراطية على الإطلاق، فالناس تعتقد محقة أن أولى موجبات الممارسة الديمقراطية هو التحلي بأخلاقيات سياسية، تكرس مبدأ المساءلة البناءة قاعدة للمحاسبة المجدية، وهذا أمر غاب كلياً عن مشهد المناقشات النيابية، فطغت خطب الفريق المعارض للحكومة، ولم تقتصر سهامها المسمومة على الخصم السياسي اللبناني، بل تعدته لتطال سورية ودولاً أخرى ليست على ود مع أميركا والغرب ومملكات الخليج ومشيخاتها!

اللبنانيون بمعظمهم رأوا وسمعوا، فثبت لهم بالدليل القاطع أن الفريق المعارض للحكومة لا يمتلك ثقافة المساءلة والمحاسبة، وأن بعض جهابذة هذا الفريق يتحملون مسؤوليات أساسية عن عثرات البلد وأزماته المالية والاقتصادية والسياسية.

وبالبرهان ثبت أيضاً أن فريق 14 آذار المعارض للحكومة، لا يتصرف وفق "أجندة" لبنانية، بل بموجب "روشيتة" غربية، وعندما طرح هذا الفريق شعار "العبور إلى الدولة"، أراد تقويض مرتكزات الدولة التي شُيدت بإرادة اللبنانيين جميعاً، وهذا يؤكد أن هدف هذا الفريق، هو الانقلاب على المبادئ والثوابت التي قام على أساسها مشروع الدولة.

والسؤال: ما هي غاية هذا الفريق من وراء محاولاته "العبور إلى الدولة"، في حين لا يفتأ ولو للحظة واحدة عن استخدام كل معاول الهدم في بنيان الدولة ومؤسساتها؟ وماذا عن هوية "الدولة" التي يريد العبور إليها وانتمائها وارتباطها؟

عود على بدء، فإن الخطب التي تناوب على تلاوتها نواب فريق 14 آذار لا تحتاج إلى تمحيص لتبيان مراميها، فالهدف معروف وهو السعي إلى تغيير جذري يطال مبادئ الدولة وثوابتها حيال أمور أساسية محددة، وأول الأهداف القضاء على المقاومة، كسبيل لإخراج لبنان من موقعه كدولة مواجهة مع عدو وحيد هو "إسرائيل"، واستبدال هويته العربية، بهوية مائعة، تحوله من بلد مقاوم إلى بلد لقيط على الخارطة.

باختصار، إن كل المواجهات الداخلية التي يخوضها فريق 14 آذار هي مواجهات تستهدف المقاومة، وتستهدف خيار الدولة المقاوم، كما تستهدف عزل لبنان عن محيطه، وجعله منصة لاستهداف سورية حاضنة المقاومة.

هي "روشيتة" غربية بنكهة "التأسرل"، التي يعمل بموجبها بعض اللبنانيين، ونحن نعتقد أنه لو كانت لدى هؤلاء "أجندة" لبنانية صرفة، لاستطاعوا حشر الحكومة في أكثر من زاوية، لأنها ليست حكومة مثالية، وهي في بعض المواقف المفصلية تنأى عن مسؤولياتها التاريخية، كموقف النأي بالنفس عن سورية، في حين كانت الحدود اللبنانية تُستخدم ضد استقرار سورية وأمنها!

ليس هناك من أمل في إسدال الستارة نهائياً على المشهد اللبناني الممتلئ بآفات الفساد والطائفية والمذهبية، إذا بقيت قوانين المحاصصة الطائفية والمذهبية هي الناظمة لشبه الحياة السياسية في لبنان.

لذا فإن المهمة الوطنية الأساس هي حماية لبنان موقعاً ودوراً، وحماية المقاومة، وهذا يتطلب إنتاج قوانين وطنية، توحد اللبنانيين وتقصي التقسميين والطائفيين وأجنداتهم العابرة للحدود.. إنها مهمة ملحة تبدأ بقانون الانتخابات النيابية.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024