شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2012-04-27 |
الهوية مفهوم إنسان |
لا يمكن للإنسان أن يحدّد عدوّه إن لم يعي هويته, فالإنسان هو إنسان – مجتمع ,والمجتمع هو مجموع قيم وأخلاق ومناقب , ولكلّ مجتمع نفسيّته المميزة باقي المجتمعات والتي نشأت من الاشتراك في الحياة عن مجموع من البشر الذين يحيوا ضمن قطر محدّد , لذا فإنّ فاقد الهوية لا يستغرب أن يكون فاقداً لإنسانيّته فاقداً لأخلاق مجتمعه , ومن هنا نقول أنّ الهويّة مفهوم إنسان . من صفات فاقد الهويّة أنّه غالباً ما يكون أنانيّاً لأنّه جاهلاً للمجتمع الذي انبثق منه وجاهلاً لقيمة ارتباطه بمجتمعه, وهو في الأغلب أيضاً مشتّت الانتماء ؛ فحيناً ينتمي إلى طائفة وحيناً إلى مجتمعٍ غير مجتمعه قد يراه متطوّراً فيرغب لنفسه أن يكون من ضمن هذا الكيان المتطوّر , وباعتبار أنّه غير متجذّر في أصوله المجتمعيّة المناقبيّة الأخلاقيّة فإنّ أيّ نسمة قد تهبّ عليه من الخارج قد تقتلعه من جذوره وتلعب به بالهواء , فهو لن يستطع أن يكون كما غاندي الواعي هويّته إذ يقول : " أتمنى أن تهبّ على بيتي كلّ ثقافات العالم , ولكني لن أسمح لأيّ منها أن تقتلعني من جذوري " . إنّ فقدان الهوية هو خطر على لوطن , ففاقد الهوية لا يعلم مع من يحارب وضدّ من يحارب , مع من يعمل وضدّ من . تراه حيناً متعاملاً مع اليهود ومتعاطفاً معهم غير آبه بالمسألة الفلسطينية لا بل وأكثر إذ إنّه قد يكفّر الفلسطينيين ويدّعي أنهم مصدر الخراب , وكلّ ذلك لأنّه فاقد لهويته ولا يعي أنّ الفلسطينيين هم أصحاب الحقّ بالأرض وهم المشرّدين من قبل العدو الغاصب , المستشرسين لاستعادة حقّهم , لا العنيدين من أجل العناد كما يراهم . لأنّه لا يمكن له أن يعلم ماذا تعني الأرض لمن يعي هويّته . فهو لا يعنيه أن يقاطع البضائع الأميركية , على الرغم من أنّه يعلم أنّ قسماً من أرباح هذه البضائع يعود لليهود الذين " يقتلون الأطفال فينا " ويمارسونا علينا الإبادة الجماعيّة والعرقيّة . هو لا يهتم لذلك من بابين : الأوّل : أنه لا يرى سوى أناه ومنفعته الشخصيّة واستلذاذه بجودة البضائع الأمريكية ( كثيراً ما يبالغ بها ) , كما أنّ أناه هذه تفرض عليه أن يظهر بصورة توحي أنّه مقتدر و تلك البضائع أغلى من البضائع الوطنيّة , ويجدر التنويه هنا أنّ هذه الشخصيّات تتبنى نظريّة أنّ " من بجيبه فلس يساوي فلس" الثاني : أنه لا يهتم للمجتمع , فهو فاقد اهتمامه بمجتمعه وبأخلاقيّات مجتمعه و ه هائم سابح في الفضاء يلملم من كلّ أصقاع الأرض ما يدعوه معارف (هذا إن كان ن المتطلعين ) وغالباً ما تكون قشور لا يعلم كيف يدمجها مع بعض لتصبح وحدة فكريّة , فهو فاقد الأرضيّة وفاقد الاتجاه . لذلك عندما يبدأ فاقد الهويّة المدّعي المعرفة بالكلام سترى أنّه عبارة عن امرؤ مجمّع للمعلومات منظّّر , ذاكر معلومة من هنا وأخرى من هناك وذلك بشكل استعراض معلوماتيّ لا يفيد في شيء سوى أنّه يُشبع رغبته في أن يكون اسمه عارف , وفاقد الهويّة معرفته تصبح غير مفيدة كالجهالة التي لا تضرّ. وغالباً لا يستطيع أن يدخل إلى طور المعرفة بل يبقى في طور المطّّلع لا العارف ( كنت قد ميّزت بين المطّلع والمثقف بمقال سابق ) وفاقد الهويّة ليس بالضرورة ألاّ يعلم ما هو مجتمعه وما هي أمّته لكنّه دائما لا يعمل إلاّ لنفسه ولا يرى إلاّ منفعته الشخصيّة , هذا النوع من فاقديّ الهويّة هو النوع الأخطر إذ إنّه قد انتقل من طور الاطلاع إلى طور المعرفة , وما زال يتصرّف كفاقد هويّة , لكنّ الذي ما زال ينقصه هو معرفة أنّ مصلحته الخاصة يجب أن تتأتى من مصلحة المجتمع فإنْ كان الشعر العربي يقول : " إ، كنت لا تعلم فتلك مصيبة وإن كنت تعلم فالمصيبة أكبر " ففاقد الهوية العالم هو خطر على مجتمعه لأن الإنسان فكر والفكر ليس معرفة فقط بل هو ثقافة الإنسان الحقيقية التي تتجسّد على الأرض . إنْ كان فكره "الأنا " وهو يمتلك المعرفة فسوف يستخدم معرفته كلّها من أجل (أناه ) حتى ولو كان الثمن أبناء مجتمعه , وقد يكن الإمام علي لها السبب قد قال : "لا تعلّموا أبناء السفلة العلم ..." وذلك لأنّ المعرفة قوّة قد تستعمل للخير أو الشّر. هذا والهويّة إنسان والإنسان هو إنسان -مجتمع والإنسان فكر والفكر ثقافة والثقافة تجسّد ( أي عمل على الأرض ) , والعمل حياة وحياة الإنسان مجتمع , إذ لم يكن الإنسان ليعيش منفرداً بل اجتماعيّاً في المجتمع ومنه . فمن عمل لأناه ضدّ مجتمعه , خسر المجتمع وخسر نفسه . " وما نفع الإنسان إن ملك العالم وخسر نفسه " هذه كانت دعوة من المسيح الّسّوريّ لكسب الإنسان نفسه عن طريق العطاء لا عن طريق الأخذ و الامتلاك . "" ومن خسر هويّته ,ولو ملك العالم كلّه , يكون قد خسر نفسه ""
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |