إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

جحا 14 آذار

رمزي عبد الخالق - البناء

نسخة للطباعة 2012-11-05

إقرأ ايضاً


رغم أنه بلا «أمانة»، يطبّق فريق «14 آذار» بأمانة المقولة الشهيرة لجحا. يكذب الكذبة ويصدّقها، ثمّ يزايد على جحا، بعد انكشاف الكذبة، فيكذب مجدّداً ويصدّق أنه ليس صاحب الكذبة الأولى.

يرمي القنابل الدّخانية، يبني على الرمال قصوراً، ولا يجد ناطقاً باسمه إلا الملياردير فؤاد السنيورة ليذيع «البلاغ رقم 1» من «قصر أياس».

هذا ليس عملاً سياسياً، إنه انتحار سياسي، لأنّ السياسة، التي هي علم وفنّ وتجربة، كفيلة بإيجاد الحلول والمخارج لأكثر المشكلات استعصاء.

لقد قيلَ قديماً أنّ العالِمَ هو الذي يتعلم من أخطاء غيره، وأنّ العارِفَ هو الذي يتعلم من أخطائه، أما الجاهِل فهو الذي لا يتعلم من أخطائه ولا من أخطاء غيره.

هذه هي في المحصّلة حال فريق «14 آذار» الذي لم يتعلّم من أخطائه ولا من أخطاء غيره، ولم يُدرك بالتالي أنّ المقاطعة لا تجدي نفعاً، لأنها ترتدّ سلباً على أصحابها، كما لم يعِ أنّ الرهان على الخارج والالتزام بتنفيذ أجندات غير وطنية يؤديان إلى نتائج عكسية، ويعودان بالضرر على البلد بأسره، وليس فقط على المراهنين والملتزمين والمنفّذين.

وفي تكرار مملّ للأخطاء، سمّى فريق «14 آذار» خطاب السنيورة «وثيقة»، كأنّ هذا الفريق قد وُلِد للتوّ، أو كأنّ اللبنانيّين لا يعرفون أصله وفصله! وأنه هو نفسه الذي ما فتئ منذ 7 سنوات ونيّف يكذب ويكذب ويكذب، و»يبلّ الوثائق ويشرب ميّتها»، ويستهلك منها ما لا يُعدّ ولا يُحصى.

طيّب.. فليسمّ فريق «14 آذار» ما تلاه السنيورة «وثيقة»، على اعتبار أنّ لأهل المولود الحرية في تسميته كما يشاؤون، حتى لو كان مشوّهاً بالخَلق والخُلق، أو مُصاباً بالكثير من العاهات، أو مشبوهاً في النّسَب والمضامين والغايات.

وبغضّ النظر عن الشكل، ومن دون الغوص كثيراً في التفاصيل التي ملّها اللبنانيون، تكفي الإشارة إلى خطيئتين جوهريّتين في الوثيقة، للدلالة على كلّ الأبعاد والمرامي التي يبتغيها أصحابها، والتي تؤكد للمرة الألف مدى انخراط هؤلاء في المشروع المعادي لكلّ ما يمت بصلة إلى الوطنية والقومية والعروبة.

1 ـ الخطيئة الأولى هي في تضمين الوثيقة اعترافاً جديداً وفاضخاً بالتورّط المباشر في التآمر ضدّ سورية، على كلّ المستويات، بدءاً من الخطاب السياسي والإعلامي وصولاً إلى الدعم اللوجستي والعملي للمجموعات الإرهابية المسلحة في سورية، انطلاقاً من المناطق المتاخمة في الشمال والبقاع. وآخر دليل قطعي على ذلك تمثل باعتداء المجموعات المسلحة التابعة لتيار المستقبل ولما يسمّى «الجيش الحر» على قوى الأمن الداخلي في عرسال.

يُضاف هذا إلى ما كان رئيس ميليشيا المستقبل سعد الحريري قد اعترف به بـ»عظمِة لسانه» حين غرّد وكشف أنه هو مَن أوفد «الكوماندوس المغوار» عقاب صقر إلى تركيا ليساعد من قرب مَن أسماهم «ثوار سورية»، كأنّ الحريري لا يكتفي بـ»جهود التهريب» التي يبذلها رئيس بلدية عرسال علي الحجيري ونائبا عكار خالد الضاهر ومعين المرعبي.

ولأنّ مقولة جحا الشيطانية تسكن في كلّ تفاصيل الوثيقة، نجد بعد الاعتراف بالتورّط في التآمر، مطالبة بتشكيل حكومة جديدة في لبنان تعتمد «إعلان بعبدا» كبيانً وزاري، مع العلم أنّ الإعلان المذكور نصّ بكلّ وضوح على الالتزام بعدم جعل لبنان منصّة للمسّ بأمن سورية واستقرارها.

إزاء هذا التناقض، ألا يتبيّن أنّ كلّ بند في وثيقة «14 آذار» يُكذّب البند الذي يسبقه؟

2 ـ الخطيئة الثانية هي أنّ الوثيقة لم تأتِ على ذكر العدوّ «الإسرائيلي» إلا حين صبّت جامّ غضبها على الطائرة الإيرانية ـ اللبنانية «أيوب»، التي أطلقتها المقاومة فوق أجواء فلسطين المحتلة، والتي تمثل إنجازاً غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي ـ الصهيوني.

وعلى ذكر فلسطين، فإنّ قضيّتها لم تعد على ما يبدو تعني أولئك الذين يدّعون زوراً أبوّتهم لما يسمّى «الربيع العربي»! وهنا أيضاً يكذبون ويصدّقون! حين يقولون أنّ «14 آذار» هي التي ألهَمَت شباب مصر للنزول إلى ميدان التحرير لإسقاط النظام! كأنّ قادة «ثورة الأرُزّ» ليسوا هم أنفسهم الذين كانوا يجلسون في حضن حسني مبارك!!!

فعلاً.. لو لم يكن جحا شخصية وهمية (مثل أوهام جماعة 14) لكان «طق» من القهر، لأنه كان سيبدو هاوياً أمام هؤلاء المحترفين في الكذب.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024