إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

معطيات دبلوماسية تفنّد خريطة العصابات المسلحة: خليط «غريب عجيب»

حسن سلامة - البناء

نسخة للطباعة 2013-01-22

رغم الحديث في الآونة الأخيرة عن إمكانية حصول تسوية للأزمة السورية في الأشهر القليلة المقبلة، فإن مصادر دبلوماسية مطّلعة على مواقف قوى الحلف الغربي التي تسعى إلى إسقاط سورية، تؤكد أنّ المسار الحقيقي لهذه التسوية ستفرضه الوقائع على الأرض، ولذلك فالوضع في سورية سيكون في المرحلة القريبة أمام صعوبات أكبر من الفترة السابقة حتى لو ذهبت الأمور بين روسيا والولايات المتحدة نحو بداية توافق على مقاربات جديّة للحلّ، بعد ترتيب الرئيس الأميركي لإدارته الجديدة في الولاية الثانية.

وتشير كل معطيات الأشهر الماضية ـ وفق معلومات المصادر الدبلوماسية ـ إلى أن بعض التراجع والإرباك الذي أصاب الحلف الغربي مردّه إلى الفشل الذي حصده هذا الحلف في سياساته تجاه سورية، حيث سقط الكثير من السيناريوهات التي كان يعمل لها الحلف المعادي وأبرزها أن الدولة بقيت متماسكة بعكس توقعات كل القيمين على الحرب ضد سورية، كما أن محاولات الترويج لحرب أهلية جرى التسويق لها بوسائل مختلفة، وكان آخرها من قِبل المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي أيضاً فشلت. وكذلك بما يتعلق بمزاعم أن سورية أصبحت دولة فاشلة وستصبح مثل الصومال، ثبت عدم صحتها أيضاً، ومحاولة إظهار أن العصابات المسلحة تسيطر على مساحات كبيرة من الأرض السورية تأكّد بالملموس أنها مجرد «أكاذيب» ولم تستطع هذه العصابات فرض سيطرتها واستمرارها على أي منطقة لها استراتيجية جيوسياسية.

انطلاقاً من ذلك، ما هي حقيقة واقع الأمور على الأرض، وما هي طبيعة الصراع الذي يخوضه الجيش السوري ضد الإرهاب والمسلحين؟

في المعلومات التي تجمّعت لدى جهات معنية غربية وروسية حول الوضع السوري تشير إلى أن هناك مئة ألف مسلح تقريباً موزعين بمعظمهم في أرياف عدد من المحافظات السورية، وأن ما يزيد عن 30 في المئة من هؤلاء هم من جنسيات عربية وآسيوية مختلفة، وهذه النسبة باعتراف السفير الأميركي الحالي في سورية، الذي يدير من واشنطن ودول الخليج ائتلاف الدوحة.

والقوى الأساسية بين هذه المجموعات المسلحة هي ما يسمى «جبهة النصرة»، حيث إن معظم عناصرها مدرب تدريباً جيداً وخاض معارك إرهابية في أفغانستان والعراق وليبيا ودول أخرى، وهناك جماعات أخرى تنتمي إلى «القاعدة» لا تنضوي تحت لواء «جبهة النصرة» من الوهابيين وغيرهم، كما أن هناك مجموعات أخرى متطرفة، ومعظم هذه المجموعات تتلقى دعمها من السعودية عبر بندر بن سلطان أو من قطر.

ويضاف إلى ذلك، وجود عشرات المجموعات غير المرتبطة ببعضها وهي منقسمة، وإن كان ما يسمى بـ»الجيش السوري الحر» يدّعي تبنيه لها، ولكن معظم هذه المجموعات من المجرمين والهاربين من العدالة والفارّين من الخدمة العسكرية ونسبة بسيطة تنتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين» أو الذين جرى إغراؤهم بالمال، حتى إن الكثير من هذه المجموعات أصبحت «مافيات» وتمارس اللصوصية والنهب والسرقة وصولاً إلى ممارسة الإجرام وعمليات الاغتصاب تحت تبريرات «دينية» مغلوطة.

أما عسكرياً، فإن الجيش السوري أصبح في الفترة الأخيرة في وضع أكثر ارتياحاً من السابق بعد تغيير أساسي في المفاهيم القتالية لحرب العصابات وكذلك في التسليح، ولذلك يعتمد الجيش السوري ثلاثة عناوين أساسية في مواجهة الإرهابيين:

ـ الأول: الإمساك بشكل شبه كامل بكل المدن الكبرى والطرقات الرئيسية.

الثاني: الاعتماد في مواجهة المسلحين في الأرياف على عمليات قضم بطيئة بطريقة «الكرّ والفر» للتخفيف من خسائر المدنيين والإضرار بممتلكاتهم، وبالتالي وضع خطة متكاملة لكيفية ضرب المسلحين، واستطاع تحقيق خطوات جدية وناجحة.

ـ الثالث: تأسيس «جيش الدفاع الوطني» في كثير من القرى والمدن للحماية الداخلية من العصابات المسلحة، وهذا الجيش مكوّن من اللجان الشعبية ومن الذين أنهوا الخدمة الإلزامية في الجيش السوري.

إلّا أنّ اللافت في الأمر وفق المعطيات التي تملكها المصادر الدبلوماسية أن القيادة العسكرية خاصّة الضباط والأفراد الذين ينتمون إلى الطائفة السنية، هم أكثر تشدّداً في ملاحقة الإرهابيين والعصابات المسلحة من القيادة السياسية، فعلى سبيل المثال، جرى فتح دورة للدخول إلى الجيش فتقدم في حلب وحدها 20 ألف شاب بعكس ما يحاول الإعلام المشبوه أن يسوّق له حول حقيقة ما يجري في سورية.

من كل ذلك، المؤكد من الواقع الميداني أن ما يحصل في سورية ليس «ثورة مزعومة» كما يدّعي البعض، وثانياً التأخير في عملية الحسم مردّه إلى حرص الجيش السوري، والقيادة السياسية على التخفيف قدر الإمكان من الخسائر بين المدنيين أو الممتلكات.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024