إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

فذلكة الاتهام السياسي

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2013-12-30

إقرأ ايضاً


درجت العادة والعادة بطبيعتها سيئة عند حدوث اغتيال ما أن يُوجّه الاتهام الى الطرف المقابل تلميحاً او تصريحاً. هذه العادة المستمدة من الصراعات العائلية والعشائرية القديمة هي جزء من الفلوكلور الشعبي الهادف الى تقوية شوكة الصديق أو الذات تمهيداً لاستعادة مبادرة القوة التي تقوم على الثأر طريقاً وحيداً لتنفيذ العرف بديلاً عن القانون الذي لم يكن قد وصل الى أذهان وعقول أصحاب الشأن.

استحضرنا هذه العادة للمرة الاولى في تاريخنا الحديث فور اغتيال الرئيس رفيق الحريري. فقامت جوقة الطبالين والبواقين بإيحاء من صانعي «ثورة الارز» الابراهيميين بتوجيه الاتهام الى سورية بينما كانت دماء الضحايا لم تجف بعد في مكان الانفجار. وحين دعت الضرورة الناتجة من المصالح الذاتية لإعادة العلاقة مع الشام جاءت مقولة «ساعة تخلٍّ» كمخرج سميّ «بالاتهام السياسي».

في الواقع كان لهذا الاتهام السياسي نتائج وخيمة على البيئة الشعبية من حيث تعبئتها و تحويلها من موقع الصراع مع المغتصب الصهيوني الى حالة صراع مع الأخ والشقيق على حساب حقوقنا التاريخية في فلسطين وعلى حساب مصالحنا الوطنية والقومية التي ندفع اليوم ثمناً باهظاً في السياسة والاقتصاد والامن نتيجة لهذا التسرع بالاتهام. هذا إذا افترضنا انه تسرّع وليس خطة مرسومة من قبل اولياء الامر.

غير ان قوى «14 آذار» لم تتعلم من التجربة السابقة وفي هذه المرة ايضا سارعت الى إلقاء التهمة على سورية وحزب الله كأن الماضي ليس للعبر او انها ببساطة ليست سيدة موقفها وهذا ليس اتهاماً سياسياً فجميع هذه القوى طبعاً باستثناء امين الجميل شغّلت الاسطوانة نفسها على ايقاع واحد هو ضرب الاعتدال لتبرير السلاح رغم ان المعطيات الاولى للتحقيق تتجه نحو الحركات التكفيرية وعلى وجه التحديد الى «فتح الاسلام».

عذراً لو نحن حاولنا ان نتهم سياسياً فنحن نستطيع ان نتهمهم واحداً واحداً باغتيال الوزير شطح. فاستنادا للتجارب السابقة وعند اقتراب ملف المحكمة الدولية من اتخاذ قرار او في حال الاقتراب من تسديد لبنان للمبالغ المتوجبة عليه لهذه المحكمة يتم اغتيال احد الشخصيات من «14 آذار» لاجبار الطرف الآخر على الخضوع للواقع المفروض على لبنان واللبنانيين.

عذراً لو نحن نقبل بالاتهام السياسي لكنّا اتهمنا سعد الحريري بهذا الاغتيال مثلاً. باعتبار ان الحريري ينفّذ الاوامر الملكية السعودية والوزير السابق شطح كان ميّالاً للخطّ الاميركي المباشر في تيار المستقبل وان بندر بن سلطان يحاول حشر الاميركيين في لبنان بعد الاتفاق الاميركي ـ الايراني.

لو جاز الاتهام السياسي لاتهمنا سمير جعجع بعملية الاغتيال لتنفيذ الفتنة السنية - الشيعية استناداً لسوابقه مع «الاستخبارات الاسرائيلية» وعلاقته بالموساد. كون «اسرائيل» هي المستفيد الوحيد من الفتنة وزرعها في لبنان.

لو جاز الاتهام السياسي لاتهمنا فؤاد السنيورة وبهية الحريري بالاغتيال تنفيذاً للرغبات السعودية ايضاً وخصوصاً أنهما من الاطراف التي تغطي سياسياً ومالياً التنظيمات التكفيريّة ومنها جند الشام وفتح الاسلام وجماعة الاسير في صيدا.

نحن لا نفعل ذلك ولا نقبل لمجتمعنا أن ينحدر الى مستوى الثأر العشائري والقبلي والعائلي القديم بل نسعى الى رفع شعبنا الى حالة راقية وليكون بلدنا دولة قانون ومؤسسات بالفعل وليس بالقول والشعار.

نحن نقول بالأخلاق المجتمعية والوطنية والقومية قبل الاخلاق الفردية ونعمل للوحدة الاجتماعية ولا نمارس تكاذب التعايش.

أيها القوم: نريد وطناً.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024