Warning: Undefined variable $PHP_SELF in /home/clients/61e9389d6d18a99f5bbcfdf35600ad76/web/include/article.php on line 26
SSNP.INFO: قصة نشيد المقاومة
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2014-05-07
 

قصة نشيد المقاومة

الامين لبيب ناصيف

من منا لم يطرب إذا استمع إليه، لم يقف استعداداً، لم يرفع قبضته ويهتف، لم يشعر في أعماقه بفخر ونشوة واعتزاز بأبطال صنعوا المعجزات.

للتـراب وللسـما

دمـي وروحـي، فَهُـما

مِـنهُـمـا إليـهِـمَـا

فـي الصـعاب يا شبـاب

مَن غـيرنا يلـتاع مَـن؟ إذا بكـت عين الوطـن!

مقـاومـه! مـقاومـه!

بالـنار لا مـسالمـه!

*

كنت أعلم أن هيئة كانت تأسست عام 1982 لدعم المقاومة، وانها راحت تصدر نشرة إعلامية بعنوان "التحرير" كان لها أثرها المعنوي الجيد في مرحلة تلبدت فيها غيوم سوداء، من عمالة وإنهزام وهروب وتخل وبحث عن وقاية.

وكنت سمعت انه كان وراء وضع نشيد المقاومة، ليس فقط عبر السعي مع الشاعر الأمين السابق محمد يوسف حمود، ثم مع الملحن سليم فليفل، وصولاً إلى طباعة النشيد على أشرطة كاسيت، إنما أيضاً على صعيد تغطية كامل التكاليف ولم تكن قليلة.

قصة نشيد المقاومة رغبنا أن نستمع إليها وندوّنها، من "الاب" الروحي والمادي للنشيد، الأمين انيس جمال.

قصدناه يوم السبت 5 نيسان 2014 ومنه تلك الحقائق:

تشكلت الهيئة المساندة للمقاومة الوطنية اللبنانية في خضم حصار بيروت من قبل القوات "الإسرائيلية" فاجتياحها. أعضاؤها أمناء ورفقاء باستثناء الوطني الأستاذ علي الزين، الذي كان مديراً للتحرير في جريدة "الشرق": الأمين أنطون غريب، الأمين أنيس جمال والرفيقين جورج مهنا(1) واليان الاحمر(2).

كانت الهيئة تلتقي في مكاتب جريدة "الشرق"، شارع فردان، وتهتم بكل ما يساهم إعلامياً في دعم المقاومة وتعميق ثقافتها، عبر مقالات توجيهية في "الشرق"، وغيرها، وعبر نشرة "التحرير" التي كانت توزع مجاناً في لبنان وخارجه.

في هذه الفترة كان الرفيق فؤاد صالح(3) يتردد إلى منزل الأمين أنيس جمال.. وكان يتمتع بفورة متأججة من الحماس للعمل المقاوم، صادقاً بالتزامه القومي الاجتماعي.

- ما رأيك يا رفيق فؤاد أن يكون للمقاومة نشيدها الخاص؟ أليس مستغرباً أن يكون لكل من الدول والاحزاب والجمعيات العديدة، نشيدها؟

تلك الفكرة كانت تراود الامين انيس منذ مدة. صحيح أنه لم يشارك رجال المقاومة عملياتهم البطولية، انما كان معهم بوجدانه وعقله وقلبه. وكانت تشدّه الى الرفيق فؤاد صالح مشاعر الود والتقدير، والاعجاب بجرأته وبسالته وتفانيه.

ولاقت الفكرة استحساناً من الرفيق فؤاد.

بعد أيام كان الامين أنيس في منزل الرفيق محمد يوسف حمود الذي كان يمر في فترة نفسية حرجة جراء تقدمه في العمر، ومشاكل صحية. "ما أن عرضت عليه الفكرة حتى رأيت نوراً جديداً يشع من بريق عينيه. كأنه استعاد شبابه وعافيته وكل ماضيه النضالي الحزبي ".

وأنجز الرفيق الشاعر محمد يوسف حمود النشيد، واستمع إليه أعضاء الهيئة المساندة، وآخرون.

تطارح الأمين أنيس مع الرفيق الشاعر ان يقوم احد الرفيقين زكي ناصيف او توفيق الباشا بتلحين النشيد. " أفضل أن يتولاه الاستاذ سليم فليفل، فقد اعتاد على تلحين أناشيد لي، وبدوري ارتاح إلى عمله، وإلى اخلاقه ".

وتمّ ذلك.

واستمع إليه أعضاء الهيئة وغيرهم من معنيين، وكانت المرحلة التالية، وهي طبع النشيد على أشرطة، فسعى الأمين ٍ أنيس مع صاحب استديو خاص ومعروف، الأستاذ نبيل ممتاز، الذي انصرف بكل جدية واهتمام إلى انجاز طباعة النشيد، فصدر في شريط يحمل شعار نشرة التحرير،

ويتابع الأمين أنيس وفي عينيه بريق حزن واعتزاز: " في فترة اهتمام الشاعر محمد يوسف حمود بوضع نشيد المقاومة، سقط الرفيق فؤاد صالح شهيداً في احد مواقع النضال ضد الإحتلال الاسرائيلي، لم ارغب ان ابلغه ذلك، حتى إذا انتهى من وضع النشيد ورغب ان يتعرف إلى الرفيق فؤاد، أبلغته عن استشهاده ".

" وشعرتُ بكل جسده ينتفض، فكأني به راح يشارك الرفيق فؤاد وأبطال المقاومة بطولاتهم. كأنه معهم يقاتل وقد يستشهد في أي لحظة. قال لي ودمع في عينيه، وقد عادت إليه عافيته ونضارته: اليوم أشعر بفرح أكثر، اني وضعت نشيداً للمقاومة، وبالتزام أشد

*

قصة النشيد يرويها ايضاً الشاعر الرفيق محمد يوسف حمود في الكلمة التي ألقاها في مقر جمعية خريجي الجامعة الاميركية. فيه، كما يوضح الامين انيس جمال، أقيم احتفال حاشد ترأسه رئيس الحكومة في حينه الدكتور سليم الحص، وقدم بعد انتهاء كلمته، وساماً للرفيق محمد يوسف حمود، معلناً تبني الدولة اللبنانية للنشيد، اي اعتباره نشيداً للمقاومة اللبنانية.

كلمة الرفيق الشاعر محمد يوسف حمود:

تخاله قائد ميليشيا بلحيته، او فدائياً عاد الى بيته فاستحم وتطيّب وتأنّق. لو لم يكن من بني معروف لكان من بني هوليوود. ولو لم يكن مَن هو بايمانه ومراسه، لكان مَن هو بايمانه ومراسه.

جاءني في اواخر تشرين الاول الاخير يهمس:" هذه مجموعة من اعداد السنة الاولى من نشرة " التحرير" صوت المقاومة الوطنية اللبنانية، رجاني رفيقنا فؤاد صالح ان احملها اليك لتستمد منها ما يوحي لك بنشيد المقاومة.." وتابع متأوهاً بدمعة الرجولة تنحدر على لحيته الشوفية: وهذا هو العدد السابع من "التحرير" اترى على ظاهره صورة الشهيد فؤاد صالح؟ لقد خضب شرقيّ الجنوب اللبناني بدمه وضمخ مدار زنارها الازرق بروحه امس الاول.... فما قولك؟

وصية رفيق لي شهيد نقلها رفيق لي امين .... فتغلغلت من أذنيَّ وعينيَّ وخاطري الى شراييني، الى قلبي ومهجتي، الى رأسي لاهبةً موحية حافزة لا تتمهل، وهل تتهمل الصاعقة؟ - فكان " نشيد المقاومة "هذا الذي شاءه الجزيل الاحترام الامين انيس جمال ....، امانة. ذكرى لمن تمناه " فؤاد صالح " طابت ذكراه قشعريرة انتفاضة، وبعضاً من مشاركة القلم بنادق المقاومة المتسبسلة.

نحن اذن في عيد النشيد هنا، في عرس الشهادة والشهيد – ما ابهى العروسين! مع أهازيج المقاومة الشامخة..... أية مقاومة؟ كل مقاومة مدججة بسلاح البطولة المؤججة بنار العقيدة تدرّعها مقاومة مدنية مزرودةٌ بعيون المؤازرة المجتمعية، تبركن لبنان ويُهيب شهداؤها به ومستشهدوها الى التحرر والوحدة، بضلوع كانها صدور الكادحين الصامدة، وبقبضات كأنها أكفُّ الحطابين المخشوشنة، وبأناشيد كأنها هتافاتُ البحارة المالحة، وبالدم السكيب منهم على تراب الامومة والابوة والعمومة والخؤولة متعرجاً كما لو انه يرسم بالاحمر الغالي خريطة الوطن على مساحة الضوء المشرقي! وبالروح تصاعد من كل منهم مرتلةً " الله أكبر " ومؤكدةً مع التاريخ ان لا عدو لنا يقاتلنا في ديننا ودنيانا غير اليهود.

من هم قادة المقاومة هذه؟ - انهم شهداؤها، طليعة انتصاراتها، لا قيادة لها الا هم. انهم الأُلى يقدمون نفوسهم للوطن لا أولئك الذين يقدمون الوطن لنفوسهم! وانه نشيد تصويري المشاهد الثائرة بالشعر المقاوم، تعبيري الرسالة المتقدة بالصراع الدامي، تحرري المنحى الادائي بالكلمة المتمردة...... كاد يستعصي على الموسيقى الايقاعية الانشادية لو لم يطوعه محمد واحمد وسليم وعدنان فليفل ونور الدين العجوز ونبيل غزاوي وستديو ممتاز مرحى لعبقريتهم مطلقة المقاومة في اوركسترالية الموسيقى.... وكادت تبقى واحدة من قصائد الشعر الحديث المواكب آهات هذا الوطن المعذب لو لم تتلقفه " الهيئة المساندة " براحةِ ابن الدامور الولهي انطوان غريّب متتبعة مراحل التلحين الموهوب والكمبيوتر العازف، متبنية ممولة، حتى احتواه هذا الاحتفال الاعلاني الخطابي الصحافي الانشادي الحفيّ بصدارة الرئيس الحص، الدماغ الموجه الوزين والنقيب البعلبكي متراس الاقلام، وبرحابة حضوركم با بررة، لعل له غداً ما يتمنى في جيل المقاومة الظهير سيد الموقف والساحة، طائفة الطوائف، حزب الاحزاب، جيش الجيوش، زعامة الزعامات ورائد الاجيال التي نستشفها سعيدة عبر هذا الليل الشقي المتطاول على مشرق الدنيا، وعليها هالات الذين افتدوها من الصناديد الذين طاب للأرض ان تقبّل نعالهم فيما هم يواقفون العدو عليها ويستشرسون الامة لمواجهة المصير، فيستوقفون الزمن، ويحملون على عشرة آلاف كيلومترات مربع جغرافية عيونهم سواحل لدى البحر وسفوحاً الى القمم وسهولاً مع الانهار، ويمتشقون على صولجان الزمان تراثَ عشرة آلاف سنة مكعبة كنعانية آرامية متوسطية عروبية، ويؤوبون مظفّرين تُقلهم تحت الغار هوادجُ النشوة الكبرى وهم يرددون لبني قومهم قول السابق المقاوم الاول " ويلٌ للمستجدين الحقَّ استجداء.... اذا لم تكونوا انتم احراراً من امة حرة، فحريات الامم عارٌ عليكم!" ويؤكدون للشعوب من جديد أن الباطل يبدأ الكرَّ على الحق عجاجاً وينتهي بالغرّ اعشى من توهجه نعاجا.... ويزلزلون التاريخ بهتاف " التار ولا العار يا ارتحششتا " و " على عقبيك عُد يا ذا القرنين "!

ولم تزل صُورُ يا دنيا تصدُّ بنا

ذَوي القرون ليرتدّوا على العقبِ

عِزُّ الشعوب اذا حاق العدوُّ بها

أّن لا تفاضلّ بين النار والهربِ

قانا الجليل على نار الفِدى لّهّبُ

مِن ميسلونَ، فيا تاريخنا التهبِ

حُييتم يا عازفي الالحان المتآلفة الصادحة لى شرايين ابناء الحياة، ويا حناجر الصبايا والشبان طبتِ انشاداً مناضلاً مع الجينز الممزق على اسلاك اللدود الشائكة وتحصيناته ومصفحاته وفوهاته وألغامه الراعبة، ومع الكاكي المرقط ببقع من الدماء وفِلذات الليالي المتلألئات بدموع الامهات، ومع النجوم في عيون الاطفال والاحلام على مرايا العذارى، ومع التراب الذي اغتال الموت فانتصر عليه وطناً سيداً حياً لا يموت سبحانه!

وانتم يا قرطاجيون ويا كربلائيون ويا ميسلونيون بالسواعد العارية المجدولة، ويا مريميات ويا فاطميات ويا زينبيات بالنهود النافرة الغاضبة، يا اشبال الفدى على مدى السابقين نقولا عبدالله سعاده وإهاب نور الدين المدور، وعلى خطى حرب وفحص وقبرصلي وصالح وصايغ ومحيدلي ووهبي، يا طريق التحرير والتوحيد هيا اقتحاماً والتحاماً بين القنابل والسنابل وفي حنايا الاشجار التي ودّت لو انها تجلد بقضبانها جلاديكم، واستشرسوا الحملان الوديعة لتطارد الذئاب المذعورة.... وتمادوا في الطراد حتى تستردوا اعماق جنوبِ الجنوب فتغدوَ فلسطين جزءاً من لبنان بعدما كاد لبنان يغدو جزءاً من اسرائيل وهو يصيح: وايعرباه!

وفداك يا وطناه، دماؤنا والارواح، ابوابُنا المشرعة على ترابك الظامئ وعلى سمائك الولهى .... والمجد للمقاومة – النصر للمقاومة !

*

نشيد المقاومة

إنـي فـتى المقـاومـة! لا صـمـت لا مسـاومـه

فـي منـطق القـنابـل! أنـقـضُّ، مــا الـزلازل؟

بـالـحـقّ، فـالـبركـان بـات اسـمـه لـبـنـان!

يـفـجِّـرُ الـحـمـم بـالـعـزِّ فـي الـقـمـم!

للتـراب وللسـما

دمـي وروحـي، فَهُـما

مِـنهُـمـا إليـهِـمَـا

فـي الصـعاب يا شبـاب

من غـيرنا يلـتاع مـن؟ إذا بكـت عين الوطـن!

مقـاومـه! مـقاومـه!

بالـنار لا مـسالمـه!

بـطـولــةٌ تـُزغـردُ ومـهـجـةٌ تستـشـهـدُ

عيـنايَ، مـا الصـواعق؟ يَــدايَ ، مـا الـبنـادق؟

تُرابُنـا الـغـضـبـان يُـطـاردُ الـطُـغـيـان!

نـيـرانـنـا قســم! فـلـتـشـهد الأمـم!

للتـراب وللسـما

دمـي وروحـي، فَهُـما

مِـنهُـمـا إليـهِـمَـا

فـي الصـعاب يا شبـاب

من غـيرنا يلـتاع مـن؟ إذا بكـت عين الوطـن!

مقـاومـه! مـقاومـه!

بالـنار لا مـسالمـه!

محـرّراً مـن الـعـدى ومـوطـنـاً مـوحّـدا!

نـريــده مـنـائـر إطــلالــة الحـرائـر!

آفــاقــنـا أمـان طُـمُـوحُ عُــنْـفُـوان!

وَعِــزُّنـا عَــلَـمْ مُسَــيَّــجٌ بـالــدَّم!

هوامش

(1)صحافي وكاتب. من كفرذبيان، كسروان. عممنا عنه نبذة مضيئة بتاريخ 26/07/2013.

(2)صحافي من صيدنايا. عمل في جريدة "الشرق" وفي صحف اخرى. خارج الوطن حالياً، وقد بات في عمر متقدم .

(3)شقيق الامينين قاسم وعباس صالح، استشهد في احدى المهمات البطولية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي في لبنان.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه