إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

وقاحــة في السياســــة ، عهـر في التعصب الديني ..!!

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2014-08-07

إقرأ ايضاً


في امتحان محرقة غزة ، سقط الضمير العالمي ، العربي والدولي على حد سواء ، وبانت عورة السياسة بأوضح صورها لحدود الوقاحة ، وهكذا أمكن لباراك أوباما ، ووزير خارجيته كيري ، وأمين عام الأمم المتحدة أن يروا أن المقاومة ارتكبت الإثم عندما أسرت جنديا صهيونيا ، أو ضابطاً برتبة ملازم ، وارتفعت عقيرة هؤلاء تأمر بإعادته وتسليمه فوراً ، لكنهم لم يتذكروا عشرة آلاف أسير فلسطيني ، .. الجندي الصهيوني " ابن إله " باقي البشر " غوييم بمن فيهم اوباما وكيري وبان ، ومعهم باقي الجوقة من أغراب وأعراب ( يا للسخرية ) ، العالم مهتم للغاية بمقتل بضعة جنود ، وإصابة بعض المنازل للمستوطنين ، لكنه أعمى لا يشاهد الخراب والدمار على مساحة غزة التي تختصر العالم .. المقاومة ردت على العدوان بقصف مناطق المستوطنات بصواريخ أشبه بالألعاب النارية " عذرا من المقاومة " هذه لا تدمر بالمعنى الصحيح ، لكنها تلقي الرعب في قلوب القطعان المذعورة أصلاً ، والقبة الحديدية أصبحت مثقوبة ومخروقة ، وعلى المواطن الأمريكي دافع الضرائب أن يدفع المزيد لترقيع القبة ..!! أما الأساس فهو الصندوق البترو – أعرابي ومفتاحه مع الخازن الأمريكي .

حصان طرواده :

ولد في حينه ، فكرة ، تجسد في هيكل خشبي ليوضع في خدمة طرف ، ضد طرف وحيد هو مدينة طروادة المحصنة ، كان وسيلة لتحقيق غاية ، وكان متناسباً في حينه مع المكان والزمان ، اليوم ، في العصر الحديث عشرات الأفكار التي تواكب الزمن والأمكنة ، القاعدة ومشتقاتها من مسميات ، أبناء الصهيو ماسونية بلبوس يتفق مع كل الطروادات الحديثة ، بغداد ودمشق والقاهرة، وطرابلس الغرب ، وكل مدينة وبلدة عربية ، وجميع الأحصنة في خدمة طرف وحيد ضد الجميع ، تطور الزمان فرض تطوير الأمكنة والأفكار ، وبقي التعصب الديني وحده الوسيلة الأكثر نجاعة لتحريك هذه الأحصنة ونقلها حيث تقتضي الحاجة ، وما أكثر المتطوعين لقيادتها وإدخالها أية طروادة تقع في المرمى ، عهر سياسي بلا حدود ، يخدمه تخلف ديني مغرق في تعصبه ، ومع تبلد الضمير العالمي أصبح العهر السياسي يمارس وقاحة بلا حدود .. سقط الخجل .

أقرأ في محرقة غزة ، وجهاً لحماس ، شاء لنفسه ، أو أُريد له أن يجسد حصان طروادة ، مارست قيادته وقاحة من نوع ما ، خرجت على إرادة الأمة ، تجاوزت مفاهيم الوطنية التي تخدم القضية لتزج بالدين والمذهب في أتون الصراع ، وهذا يحرف الصراع عن وجهته ليخدم العدو ، صراع مع السلطة غير البريئة من الخضوع والمشاركة في اللعبة الدولية لتصفية القضية ، وموقف ضد الدولة الوحيدة التي بقيت تعمل للقضية وتدعم المقاومة ، هي القشة التي قصمت ظهر البعير ، وفي عالمنا يقر الجميع بأن تنظيم الإخوان المسلمين منذ لحظة ولادته في محفل لندن وانطلاقته من القاهرة إلى مدن الأعراب كان مشبوهاً وكان لمحاربة القيادات الوطنية كأداة تحركها قوى الغرب الاستعمارية ، كما أنه لا خلاف بالمطلق على أن نشأة القاعدة كان لغاية محاربة " الإلحاد الشيوعي " في أفغانستان بتمويل من " الإيمان الوهابي " وهو ماسوني في واقع الأمر ، وبعد أن استنفذ مهمته في خدمة أمريكا ، ربما انقلب على صاحبه " أمر مشكوك فيه " لكن نهجه بقي مغرقاً في تخلفه ، في الأفكار التي تلقنها ، وتحول من محاربة إلحاد مزعوم إلى تكفير شامل يطال مئات الملايين من البشر ، هذه الممارسة توجه يلقى دعم وتأييد الغرب ضمن حدود المنطقة طالما يخدم القضية الصهيونية في تصفية القضية ، ويوجه الأنظار بعيداً عن ممارستها لاستكمال عمليات التهويد ، وللحقيقة يمكن التأكيد أنه ليست حماس من قام بالرد الأولي على ممارسات العدوان ، وليست حماس من قتل المستوطنين الثلاثة .. عشرات إشارات الاستفهام تقوم في هذا الشان .! هل تم تصحيح مسار الحصان ، أم جره إلى مسار قسري .؟.

لم تدرك القيادات في أية طروادة حديثة أبعاد اللعبة ، ولم تقرأ أغلبها – على ما يبدو ماوراء اليافطات المرفوعة ، لم تعالج بشكل جذري المسببات والمطالب المرفوعة – إما لقصور داخلي – أو بسبب العجز عن اتخاذ قرارات ذاتية والعمل بتوجيهات خارجية ملزمة لارتباطها بتلك الجهات .

المدن الطروادية المستهدفة تم تأليبها على بعضها البعض ، فساهمت من حيث لا تدري بالانهيار ، بل ساهمت في إشعال الحريق في غيرها ، وإذ يعلو الصراخ ويقترب الحريق منها ، تستنكر ما ساهمت به وتقف نقيضاً لموقف تبنته ، دون أن تستنكره ، جهاد في طروادة الشام ، والعراق ولبنان ، وإرهاب في جدة والرياض وغيرها من طروادات الخليج والمغرب ، صمت الجميع عما جرى في الجزائر ، والخرطوم ، ولاحقاً في تونس والقاهرة ، كما دعموا الحرائق في الشام ولبنان ، وأمروا أزلامهم بقوة الإغراء المالي للتشهير بالمقاومة ، بالجيش السوري ، والآن يهاجمون الجيش اللبناني ، بعد فرملة عجلة الإدارة على المستوى الرسمي اللبناني ، التدخل الخارجي منع انتخاب رئيس للجمهورية ، وأوقف تشكيل حكومة لأشهر طويلة ، وسيمنع انتخاب مجلس للنواب ، الفراغ السياسي يدفع بالبلد إلى أتون الفوضى والحريق ، وحده الجيش اللبناني يبقى الضامن ولهذا يستهدفونه ، وتبقى الأصوات النشاز وحدها التي هاجمت موقف الجيش السوري ، تهاجم الجيش اللبناني متجاوزة الإجماع الشعبي الوطني ، والمصير الذي تتلاعب به رياح الفتنة ، وقاحة بلغت أوجها في عملية الخلط بين التعصب الديني – المذهبي ، وبين العمل السياسي ، سقطت المفاهيم وسقطت معها ورقة التوت ، تعرى هؤلاء ، وتخلت عنهم كل الجهات التي ينتمون إليها ، وحسناً يفعل أي قائد سياسي أدرك ، واستشرف المستقبل المظلم فرفع صوته ، وأعلن موقفه إلى جانب الجيش الذي يدافع عن وجود الدولة بأقل الإمكانات ، ولكن ، بإرادة وتصميم ، وإخلاص .

ليس مهماً أن تعلن السعودية عن دعم مالي للجيش ، ولا أن تتعاطف فرنسا فتعلن أنها تسرع تزويده بالأسلحة مدفوعة الثمن سعوديا – وربما سلفاً ، الأهم أن توضع خطة متكاملة لتعاون وتكامل عسكري بين الجيوش الثلاثة – العراقي والشامي واللبناني ، وأن يقف الجيش الأردني فيغلق الحدود ويمنع التدريب ، وأن يبادر العالم إلى محاصرة " الطاعون الأصفر" قبل أن ينتشر ، ليست منظمة الصحة العالمية المسؤولة عن وقفه ، بل الجيوش الوطنية بدعم شعبي وتضامن عالمي ، وإلا فالعاقبة ستطال العالم الذي يفرح اليوم بالتخلص من متخلفيه دافعاً بهم إلى المنطقة لزيادة الحريق ، وحده العدو الصهيوني يرقص فرحاً ، ولكن على أنغام الموسيقى الجنائزية إثر محرقة غزة التي لم يسلم من عقابيلها .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024