إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

لا جدية في موقف أي دولة من الإرهاب طالما تؤيده في سورية

نور الدين الجمال - البناء

نسخة للطباعة 2014-08-20

إقرأ ايضاً


تسارعت التطورات العراقية ميدانياً وسياسياً ورافقتها تأويلات كثيرة وتكهنات عبر احتمال تبلور الظروف المناسبة لنشوء تسويات إقليمية ودولية على جبهات النزاع بين المحورين المتقاتلين في المنطقة، محور المقاومة ومحور أصدقاء الغرب وتوابعه على اختلاف مكوناته وبصورة رئيسية المملكة العربية السعودية والحكومة التركية.

تؤكد مصادر عراقية وثيقة الإطلاع أن تلك التأويلات بعيدة كثيراً عن حقيقة ما جرى في شأن تسمية رئيس جديد للحكومة خلفاً للرئيس نوري المالكي، فالمشكلة الحقيقية والمعقدة كانت بين أطراف التحالف الوطني العراقي وهي نتيجة لمناخ متراكم من الخلافات والحساسيات بين المالكي وكل من التيار الصدري والمجلس الأعلى بقيادة عمار الحكيم، وقد أضيف إلى ذلك الموقف الحازم لمرجعية النجف بعد البيان الذي أصدره آية الله السيد علي السيستاني، داعية إلى تكليف رئيس جديد للحكومة والانطلاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وهو ما اعتبر سحباً لغطاء المرجعية عن استمرار المالكي في رئاسة الحكومة، وتضيف المصادر العراقية أن حرص الجمهورية الإسلامية في إيران على دور المالكي في التركيبة السياسية العراقية مستمر وقائم. وقد بذلت إيران مساعيها قبل الانتخابات العراقية وبعدها لمصالحة المالكي مع أطراف التحالف الوطني ولتأمين التفاهم الممكن بين هذه الأطراف جميعها وهي ضرورة باتت أكثر من ملحة بعد اجتياح و«غزوة» الموصل، وقد بات التحدي في العراق يتمثل بإيجاد سلطة سياسية متماسكة تستند إلى قاعدة شعبية عريضة وتمثيلية ما أمكن وعابرة للمكونات العراقية المختلفة وقادرة بشكل أخص على تفكيك البيئة الحاضنة للإرهاب التكفيري، وهذا يتطلب خطوات جريئة ومكلفة لا بد معها من ضمان التغطية السياسية الشاملة والواسعة، خصوصاً أن خطر الانفصال الكردي أصبح داهماً واسترداد إقليم كردستان إلى صيغة الحكم المركزية كما باتت أولوية مكافحة الإرهاب تتطلب الحرص على استقطاب أوسع قدر ممكن من الشركاء السنّة والشيعة في تركيبة الحكومة المركزية. وبعد موقف السيد السيستاني المعارض لاستمرار المالكي أصبح التغيير استحقاقاً لا بد منه في نظر كل من إيران والقوى العراقية الأخرى.


وكشفت المصادر العراقية عن أن الأيام التي سبقت تكليف رئيس جديد للحكومة شهدت محاولات متلاحقة للتفاهم مع المالكي على الإخراج اللائق، لكنه رفض ملوّحاً بالتصعيد. وتقول المصادر إنّ المواقف الإيرانية التي تلاحقت دعماً لتكليف العبادي تشكيل الحكومة الجديدة كانت وراء التراجع التدريجي في نبرة المالكي الذي دعا الجيش والشرطة والأجندة الأمنية لعدم التدخل في الصراع السياسي والاستمرار في محاربة «داعش» والمجموعات الإرهابية التكفيرية بعدما كان دعاها سابقاً إلى التمرّد وصولاً إلى قراره المسؤول والجريء بالتنحّي عن منصب رئاسة الوزراء لحساب حيدر العبادي.

والمواقف الإيرانية التي صدرت على لسان أكثر من مسؤول كانت رسالة موجهة إلى الداخل العراقي لتسهيل عملية تشكيل الحكومة الجديدة، أما بخصوص العلاقة مع الدول المتدخلة في العراق وبالذات تركيا والسعودية والولايات المتحدة الأميركية فهي تعتبر إزاحة المالكي تلبية لأحد شروطها في مجال التعاون لمكافحة الإرهاب في العراق من دون أن يعني ذلك أن ما جرى قد اتفق عليه سابقاً بين إيران وهذه الدول، وبهذا الخصوص تؤكد مصادر عراقية مطلعة في قراءتها للغارات الأميركية على بعض مواقع «داعش» على تخوم أربيل أنّ لتلك الغارات هدفين، الأول حماية حدود إقليم كردستان لتأكيد علاقة التحالف مع المجموعة الكردية بزعامة البارزاني، والدافع الثاني هو تأكيد الالتزام الأميركي في الاتفاقيات الأمنية والعسكرية الموقعة مع حكومة بغداد ولجم أيّ توجه عراقي لتوسيع نطاق التعاون العسكري مع روسيا وإيران، بالتالي هذه الغارات وظيفتها تأكيد الحضور وليست تعبيراً عن قرار أميركي بالانخراط في حلف دولي إقليمي لمحاربة «داعش» وكل الجماعات الإرهابية والقاعدية.

وفي نظر القيادة الإيرانية أن مواقف الدول الثلاث المتدخلة في الشأن العراقي والمعنية في محاربة الإرهاب تقاس على مستوى المنطقة ككل، وبالذات انطلاقاً من الموضوع السوري، فطالما مواقف هذه الدول لا تزال خاضعة لجماعات الإرهاب والتكفير في سورية. فذلك يعني أنها ما زالت تناور في مواقفها من الإرهاب في العراق وسورية ولبنان واليمن وغيرها من الدول بحسابات ومصالح تعني هذه البلدان وليست انطلاقاً من توجهات جديدة بمستوى الأخطار التي تهدّد المنطقة على يد التكفيريين الذين أطلقتهم هذه الحكومات وأمنت لهم كلّ أسباب الدعم، على كافة المستويات للمشاركة في العدوان على سورية.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024