إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

المـعـلــم المتشــائـل ، وقـراءة واقـعـية لتطبـيـق القـرار 1270

محمد ح. الحاج

نسخة للطباعة 2014-08-27

إقرأ ايضاً


أعتقد أن تأخير المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية السوري تعليقاً على القرار الدولي 1270 الخاص بمكافحة الإرهاب كان مقصوداً ، وذلك استكشافاً للنوايا ومراقبة الإجراءات التي اتخذتها أو أعلنت عنها الأطراف المعنية ، وكذلك التطورات على أرض الواقع ومسار حركة المعارك مع التنظيمات الإرهابية ومعرفة ردود فعلها على القرار بحيث يمكن التنبؤ بناء على سلوكها إن كانت ستطور عدوانها أو تتجه لتهديد دول بعينها كانت تقف معها وتدعمها ، ثم بالأمر الدولي ( الأمريكي ) قد توقف هذا الدعم وتنتقل إلى الجانب الملزم بمحاربة الإرهاب ( القرار تحت الفصل السابع ) على كافة الصعد ومن أهم هذه الدول ، تركيا – قطر ، السعودية .

السياسة الخارجية السورية المتصفة بالرزانة والعقلانية ، لم تهلل للقرار ، لكنها رحبت به بعد دراسة وإمعان تفكير ومراقبة سلوكيات وإجراءات الدول المعنية ، ووزير الخارجية السوري أوضح بما لا يترك مجالاً للشك عزم الحكومة السورية الاستمرار بمكافحة هذا الإرهاب الدولي والتصدي له بمعزل عن أي تأثير خارجي كما أوضح عدم اهتمام الحكومة السورية بما يمكن أن تتخذه الحكومة الأمريكية من مواقف أو إجراءات على الأرض العراقية إذ أن القراءة السورية لموقف الإدارة الأمريكية من خلال التجربة الطويلة والمريرة مع الإدارات المتعاقبة يدفع إلى تأسيس مواقفها الثابتة في هذا المجال دون الاعتماد على ما تعلنه إدارة كانت المؤسس والراعي لكل الإرهاب الذي يجتاح أغلب دول العالم في المنطقة المشرقية ، أما أن تكون داعش وأخواتها خطرا داهماً على المصالح الصهيو – أمريكية في العراق وخصوصاً في شماله ، فهي بالمقابل تعمل في خدمة هذه المصالح وتخرب في طول الأرض السورية وعرضها ، وإذ تعلن الإدارة الأمريكية أن هذا التنظيم إردهابي وتقرر محاربته ، بل وتبادر إلى عمليات قصف جوي فورية عندما اقترب من اربيل ( المركز الاستراتيجي للمصالح الصهيو – أمريكية ) فإنه من الغباء الاعتقاد أنها ستتعاون مع الدول المعنية للقضاء عليه تماماً ، ويبقى الاحتمال الأكثر ترجيحاً أنها ستدفع بهذا التنظيم للعودة باتجاه الأراضي السورية ليستمر في محاولته تدمير البنية التحتية للدولة السورية وقتل المزيد من أبناء الشعب والجيش الذي يشكل عقدة العدو الصهيوني ويمنعه من استكمال مشروعه النهائي .

لعبة تسليم الموصل واستسلام فرقتين من الجيش العراقي واستيلاء داعش على كامل تجهيزاتهما العسكرية الحديثة ( وهي أعتدة وأسلحة أمريكية ) ليس بالفعل البريء أو الواقع مصادفة ، والاستخبارات المركزية الصهيو – أمريكية ليست بعيدة عما جرى إذ أن العملية وفرت لتنظيم داعش أهم الإمكانات والأعتدة لمواجهة الجيش السوري والدفاع الوطني ولجان حماية الشعب الكردي ، مع تفوق واضح في العملية الاستخبارية التي تندرج ضمن إمكانيات الدول الكبرى وأدواتها وأقمارها ومعلوماتها ، وما لم يقله المعلم صراحة كان جوهر كلامه المشكك بتطبيق وتنفيذ قرار المجلس الدولي رغم إلزاميته ، ويمكن القول أن إعلان الدول التابعة والدائرة في الفلك الأمريكي عن تأييدها لهذا القرار لن يتعدى دائرة البروباغندا الإعلامية والالتفاف والمداورة في استمرار عمليات التأييد الضمني والإمداد والتمويل للتنظيمات الإرهابية العاملة على الأرض السورية ، ودفع من يتواجد خارج حدودها للعودة بعيداً عن الخطوط الحمر الموضوعة لها ، أو التي ستحددها الولايات المتحدة الأمريكية ، وستكون الذريعة الأمريكية المعلنة في عدم التنسيق مع الحكومة السورية مستندة لأسباب متعددة منها عدم وجود علاقات أو اتصالات ، وأن سوريا لا تسمح لطائرات أمريكا بالعمل في الأجواء السورية ، وهو أمرلا تقره الحكومة السورية إذ يتكفل الطيران السوري بذلك ولن يكون مسموحاً لأمريكا الدخول من هذا الباب .

تستطيع الرقابة المالية الأمريكية منع تحويل راتب متقاعد أمريكي إلى منطقة تفرض عليها عقوبات ، فكيف تعجز عن وقف تحويل الأموال القطرية إلى التنظيمات المنضوية تحت الرايتين القطرية والتركية ، وتستطيع الأقمار الأمريكية معرفة الأشخاص داخل سيارة صغيرة تتحرك ضمن دائرة قطرها كيلو متر واحد ، فلماذا تعجز عن اكتشاف قوافل داعش وبضمنها آليات ثقيلة ، صناعة أمريكية تعرف الأجهزة أبعادها وأوزانها وسرعتها وحمولتها إلا أن تكون هي من يوجه هذه القوافل عبر طرق آمنة وممرات تحظى بالتعتيم والتمويه الأمريكي لضمان سلامتها شرط أن تكون متجهة إلى الأراضي السورية .

تهديد داعش لنظام آل سعود مجرد قنبلة صوتية ، فرقعة سياسية للتغطية على التورط السعودي ومحاولة نفي أنه كان أساس ونقطة البداية في العاصفة التي تجتاح أكثر من دولة عربية ، وربما الغاية منه تبرير إعلان السعودية عزمها محاربة داعش ، هذا الوليد غير الشرعي ، بل ربما الشرعي لتنظيم القاعدة الذي نشأ وترعرع في أحضان آل سعود ، وتلقى دعم وتمويل ومباركة أمراء وملوك هذه العائلة الغارقة في بحر عمالتها وتبعيتها للصهيو – ماسونية العالمية منذ ما قبل نشأتها وإعلانها مملكة على أنقاض الدولة العربية ..! فمن يصدق اليوم أن مثل هذه العائلة تشارك في قتل الأداة – وليد السفاح ، الأداة التي تقتل وتهدم وتجرح من تعتبرهم المملكة الخطر الأكبر على وجودها ، وعلى مهمتها في حماية المشروع الصهيوني ... لليهود المساكين الذين تعهد مؤسس المملكة عبد العزيز بحمايتهم حتى تصيح الساحة .

مسرحية الخلاف بين النظام السعودي من جهة ، وقطر وتركيا من جهة ثانية تقوم على تجاذب الأدوار والتنافس في استقطاب الوحش اللا إنساني ، الخارج من كهوف التخلف ، المتجرد من الأخلاق ، حامل لواء العهر والدعارة تحت يافطة إسلامية ، إن عملية توزيع الأدوار التي تضع قواعدها الصهيو – ماسونية العالمية ، وسيطرتها على القوة الكبرى في عالم الاقتصاد والمال والعسكر تفرض على كل من هذه الدول التابعة ( السعودية وقطر وتركيا ) أن تعلن غير ما تفعل ، فلا الفكر الوهابي سيتوقف عن الانتشار وتلقي الدعم من آل سعود ورجال الفتوى في مملكتهم ، ولا المال القطري سيتوقف انسيابه وسيلانه من البنوك الواقعة تحت السيطرة الصهيو – ماسونية ، كما ستتابع الحكومة التركية بمن استجد عليها نفس السلوك لتبقى حدودها مفتوحة أمام داعش في رحلة شهر العسل التي أعلنها الخليفة المتخلف ، يبادله العشق طموح عثماني استفاق قبل زمن قريب ، لاستعادة أمجاده وفرض نفوذه طبقاً لخارطة آخر خلافة سقطت وانتهت يوم حل به مرض الموت ، وقيل فيه .. الرجل المريض ، ولكن ، هيهات أن يعود من مات ودخل سجلات البائدين .

لن يمر زمن طويل قبل أن يكتشف العالم كله فصولاً من المسرحية الجديدة ، ومؤكد أن اللاعبين على المسرح لن يتمكنوا من إتقان أدوارهم لدرجة يفوت على المشاهد والمتابع اكتشاف الحقيقة عارية مجردة ، وهي منذ اللحظة ضمن المتوقع الذي استشرفه المعلم ، وزير الخارجية السوري ، بخبرته ، بتجربته الغنية ... وقد بدا متشائلاً إلى درجة لم تكن أبداً خافية على الأعين البصيرة والآذان المفتوحة .

مجلس الأمر الدولي لن يعاقب السعودية ، ولا قطر ، ولن يطبق الفصل السابع فيغلق الحدود التركية بالقوة العسكرية ، وحده الحذاء العسكري السوري وصمود الشعب من خلفه سيتكفلان بذلك مستظلاً قراراً أممياً تدعمه دول غير الولايات المتحدة وحلفها ، ولن يكون بإمكان هذه الأخيرة رفع عقيرتها واتهام سوريا بما تمارسه هي من انتهاك لحقوق الإنسان ، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً وارتكاب جرائم حرب كما يحصل في فلسطين المحتلة و غزة على وجه الخصوص ... هذا مجلس في خدمة المصالح الخاصة ... وتجربتنا معه ، طويلة ومريرة ، فلماذا الرهان من جديد ..!!


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024