إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

مَنْ يستجلب مَنْ... الإرهاب أم الغرب؟

العميد الركن المتقاعد وليد زيتوني - البناء

نسخة للطباعة 2014-12-08

إقرأ ايضاً


يتعذر بالواقع الاتفاق على مفهوم واحد لتعبير الإرهاب. كونه تعدى التوصيف السلوكي للأفراد والجماعات والدول إلى توصيفات أخرى تأخذ شكل أوعية المصالح والرغبات. في الولايات المتحدة يأخذ الإرهاب معنى التعارض مع المصالح القومية التي رسمتها لنفسها. فالتهمة جاهزة لكل من يقف في وجه مصالحها وامتيازاتها الاقتصادية والسياسية وحتى الثقافية. والتصنيف الأميركي للدول بين محوري الشر والخير هو قمة الانحياز لتعبير سياسي بعيداً من السلوك المتبع للإرهاب، بل قد تذهب الولايات المتحدة إلى المحاسبة على قاعدة النيات أو المحاسبة على الافتراض أو ربما ابتكار «حقائق» وهمية. ولا تشذّ أوروبا والغرب إجمالاً، ولو تمايزت ببعض المواقف، فإنما تخضع لتبادل أو ضرورات لعب أدوار تحاكي نظرية الجزرة والعصا.

وعلى رغم عدم موافقتنا على التوصيف الأميركي للإرهاب، إلا أننا سنحاول مماشاتها في بعض المظاهر المعلنة التي تتطابق مع المنحى السلوكي الواقعي وليس الافتراضي. كتصنيفها لـ«القاعدة» و«داعش» و«النصرة» و«خراسان» منظمات إرهابية. استناداً للأعمال الإجرامية الموثقة على امتداد العالم، وعلى الأخص في المرحلة الأخيرة بمصر وسورية والعراق ولبنان واليمن وتونس وليبيا وغيرها من الدول التي لم يطاولها بعد «الربيع الصهيو أميركي» في العالم العربي كالجزائر مثلاً. وإذا انطلقنا من أحداث 11 أيلول نفسها كمرجعية مفصلية في عولمة الإرهاب، بغض النظر عن المحرض الأساس، والمخطط الأساس، والمستفيد الأساس من هذه العمليات. واستناداً للمبررات ذاتها، التي أعلنتها الولايات المتحدة، فإننا نرى أن دواعي الإرهاب لم تكن الحرية والسيادة والاستقلال. بل دواعٍ إيديولوجية تستند إلى الفكر التكفيري الوهابي الذي يتعارض مع الفكر التكفيري للمحافظين الجدد، ويعتمد الأساليب نفسها كل بحسب قدراته. وإذا ما أخذنا كلام رئيسة الدبلوماسية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت بأن للولايات المتحدة مروحة من وسائل الإقناع تبدأ بالهمس وتنتهي باستخدام القوة العسكرية، فإننا نرى بهذا الكلام أعلى مستويات إرهاب الدولة «الديمقراطية». فمن الطبيعي، أن يكون لكل فعل رد فعل مناسب له.

طبعاً لن ندخل في تاريخية صنع الإرهاب وتنظيمه وتدريبه وتمويله وتوجيهه ومن ثم استخدامه في القضايا الكبرى، وفي نهايات الحرب الباردة على الاتحاد السوفياتي السابق في أفغانستان والشيشان وغيرها. وإنما من بعد 11 أيلول كذريعة لاستخدام القوة. واذا ما اعتبرنا أن أفغانستان مركز الإرهاب في تلك الفترة التي صنعته الولايات المتحدة نفسها، فالكل يعلم أن الإرهاب لم يوجد في العراق إلا بدخول الولايات المتحدة عسكرياً عليه. ولم يوجد في ليبيا إلا بدخول الحلف الأطلسي، ولم يوجد في سورية إلا نتيجة للمشروع الصهيوأميركي المتحالف مع الحركة الوهابية الساعي لتدمير سورية. وكذلك الحال في اليمن وربما تعاظم في مصر بعد ربيع «برنارد ليفي».

وصحيح أيضاً، أن تنامي الإرهاب في العراق وسورية، استدعى «تحالفاً» جديداً من الولايات المتحدة لإعادة وضع اليد في العراق وربما تدخلاً سافراً في سورية وكله تحت عنوان محاربة الإرهاب. هذا التحالف الذي موّل الإرهاب بالمال والسلاح والعتاد والعديد، وفتح الحدود وأبواب السجون للجهاد من اللصوص والمجرمين والمرتكبين كفارة عن ذنوبهم.

في لبنان المسألة أوضح، تبادل الأدوار في أعلى مستويات التنسيق. نبدأ من الضنية إلى البارد حيث أثبتت التحقيقات أن قادة المجموعات لديهم جنسيات أجنبية بل غربية تحديداً وصولاً إلى كتائب عبدالله عزام التي قامت بعمليات أمنية على القوات الدولية والهادفة إلى استدراج المقاومة لفتح جبهة جنوبية تبرر دخولاً «إسرائيلياً» بعدما عجزت قوى 14 آذار عن لي يد المقاومة سياسياً. هذه القوى نفسها، أي 14 آذار، ما انفكت تطالب بقوى دولية أو متعددة الجنسيات على الحدود مع سورية، بل ذهبت مع الغرب على توزيع مناطق الوجود المفترضة. فالأميركيون في عكار والألمان على المعابر، والفرنسيون في الجنوب الشرقي لم ننس بعد قصة خطف الاستونيين والإنكليز في البقاع الشمالي.

الهدف واحد فتح الحدود أمام تدفق الإرهاب إلى سورية، ومنع المقاومة من الدفاع عن نفسها. الكل يعرف أن هناك مراكز استخبارية، ومنصات تنصت، وربما أكثر من ذلك قواعد انطلاق لدوريات استطلاع لهذه الدول في لبنان سفن المانية مقابل الشواطئ السورية لطفالله 1و2 وعشرة تمر تحت أنظارها إلى طرابلس.

إننا في الأخير نتساءل… ألم تكن البروباغندا الإعلامية للقوات البريطانية في رأس بعلبك مبررةً للهجوم على الجيش في تلك المنطقة؟!

كفى استهزاء بعقول البشر.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024