إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ايها البعثيون تحيا سورية

شحادي الغاوي

نسخة للطباعة 2015-01-23

إقرأ ايضاً


الشكر للاستاذ الكاتب الصحافي ناهض حتر على نشره محضر كلمة سيادة الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد في اجتماعه مع كوادر حزب البعث في طرطوس ، كما على فتحه نقاشا على حلقتين تعليقا على ذلك ، حول مسألة الهوية القومية للسوريين .

للاستاذ حتر اسبابه واسلوبه في طريقة مناقشة البعثيين في عروبتهم ، فهو مثلا يوافق على قول سيادة الرئيس ان البعثيين اقدر من السوريين القوميين على الوصول الى الاوساط "العربية والاسلامية المعتدلة" ، وهو ايضا يرى "ميزة ايجابية وفخرا بان تكون الدولة السورية هي الدولة العربية الوحيدة التي لا تزال تتبنى الهوية العربية كهوية وطنية محلية" ، مع انه يكمل جملته بما يناقض اولها ويقول: "لكن سنوات الحرب الغاشمة على سوريا اظهرت ان غياب الهوية الوطنية المحلية لمصلحة الهوية القومية العربية لم يساعد في منع الانشقاقات الطائفية والاثنية" .وكان في مكان اخر قد قال بان العروبة لم تعد ايديولوجية لاحمة في سوريا بل اصبحت سياقا للتفتيت الوطني .

هنا لا اناقش الاستاذ ناهض حتر، وقد قلت انه له اسلوبه وطريقته في محاروة او مناقشة البعثيين ، انا هنا سوف اناقش البعثيين واحب ان تكون طريقتي اقل مجاملة ومداورة واكثر وضوحا وصراحة ومباشرة ، لانني من جهتي ارى ان الصراحة المكشوفة هي الطريق الاسلم للوصول الى تفاهم معين . فاذا كان التفاهم هو الهدف والوصول الى كلمة سواء هو الغاية، وهو كذلك ، فان وضع الخلاف كله على المشرحة والمكاشفة والصراحة الكاملة هي الطريق الاسلم والاقصر الى ذلك .

الحقيقة ان ما ذكره سيادة الرئيس عن الحزب السوري القومي الاجتماعي اليوم ، بأن له وجود ، ليس مهما كثيرا ، اهم منه بكثير هو ما قاله مساء يوم الاثنين 20 اب 2011 اي منذ اكثر من ثلاث سنوات(لا اذكر المناسبة) قال : "سوريه من دون اي مكون من مكوناتها لا يمكن ان تكون سوريه التي نعرفها ولا يمكن ان تكون مستقره, سوريه لا يمكن ان تكون مستقره ان لم يشعر كل مواطن انه اساس وليس ضيفا وليس طائرا مهاجرا لا يمكن ان يكون وطنيا....ونعتبر الحاله الوطنيه العامه بالنسبه للاكراد والعرب وغيرهم هي بديهيه .

وقال ايضا: : “نحن نتحدث عن حضاره عمرها خمسة الاف عام على الاقل ربما منذ كتب التاريخ وقبل ذلك , لا نعرف.ولكن بكل تاكيد كنا موجودين قبل ذلك بكثير فهذا الشعب موجود وفي كل مرحلة من المراحل في التاريخ كان يصبح اقوى ومن هنا اتت الحضاره السوريه بشكلها الراهن ولا يمكن ان تسقط الا اذا اتت ازمه وانهت سوريه بشكل كامل, ولا اعتقد اننا في ازمه ستنهي سوريه.”

اولا : القومية لا تحتوي عدة وطنيات ولا الوطنية تسع لعدة قوميات . الوطنية السورية تعني حتما القومية السورية .

منذ اربع سنوات من الان، اي قبل بدء الانفجار ، كانت مقولات الوطن السوري والوطنية السورية تعتبر ،بعثيا، نزعة انعزالية او قطرية مدانة يتهم اصحابها بالتنكر للعروبة، فهل احتجنا لاربع سنوات تقتيل وتدمير وتخريب لكي "ننتبه" ان سورية والسوريين هما كيان طبيعي واجتماعي يتمتع بوحدة او ميزة معينة تستحق معها سورية ان تسمى وطنا والسوريون ان تكون لهم وطنية ؟!

الحقيقة انه منذ اكثر من اربع سنوات ، بل منذ اكثر من اربعة عقود، منذ بدء اندلاع حرب السنتين الاهلية في لبنان، راجت في الاوساط الفكرية والسياسية معا مقولات تميز وتقيم فارقا بين "وطنيا وقوميا" اي بين ما هو وطني وما هو قومي ، بمعنى ان كل ما يتعلق"بالوطن الكبير" هو قومي وكل ما يتعلق "بالوطن الصغير" المقصود به الكيانات السياسية التي يتالف منها الوطن الكبير(دول سايكس بيكو مثلا) هو وطني ، مما يعني ان الوطن الكبير يحتوي عدة اوطان صغرى وان القومية تحتوي عدة وطنيات !!وان الاوطان الصغرى ، وبالتالي الوطنيات ، يفصلها ويحددها الاستعمار الاجنبي ...ونحن نلبس. والبعثيون هم في طليعة الذين تبنوا واستعملوا مقولة "وطنيا وقوميا" .وبديهي ان هذا عبث وهذه بدع شوهت المعنى الحقيقي للقومية والوطنية معا .

يصعب على السوري القومي الاجتماعي ان يتساهل مع هذه الاخطاء والاختلاطات التي تمس اساسات عقيدته ومبادئه فضلا عن منطلقاته العلمية الاجتماعية التي تقيم الحد وتحرص على وضوح الفكر واعطاء المقولات المتعلقة بالاجتماع والسياسة معناها الحقيقي ، لذلك هم لا يقبلون بالقومية ان تتضمن عدة وطنيات وبالوطنية ان تحتوي عدة قوميات (الاثنيات يسميها البعثيون قوميات) ، ويعتبرون ذلك غاية الضلال والهذر والعبث بهذه المعاني المقدسة التي تتناول حياة ومصالح ومصير شعبهم كله . ان النقاش في هذا الموضوع ليس جدالا وليس ترفا فكريا ، انه موضوع حيوي جدا . ان معنى الامة والقومية يجب ان يكون واضحا تماما لانه يعني هويتنا(من نحن ) اي حياتنا ومصالحنا ومصيرنا كله .

انكم تقولون اليوم بالوطن السوري وبالوطنية السورية ، هذا جيد جدا ، هذا ممتاز ، نحن سعداء جدا وها اننا التقينا فكريا وايمانيا في منتصف الطريق ويبقى ان تكملوا الحقيقة العلمية المنطقية التي يؤدي اليها قولكم بالوطن السوري والوطنية السورية وهي : الامة السورية والقومية السورية . اما اذا غيرتم رأيكم واستمريتم بالقول بالامة العربية والوطن العربي فانتم ملزمون بالقول "بالوطنية العربية " ! نعم الوطنية العربية لان الوطن العربي يحتم وطنية عربية ، هل يوجد وطن دون وطنية ؟ واذا قلتم بالوطنية العربية فيصبح قولكم بالوطنية السورية غير ذي مصداقية .

ارأيتم كيف ان هذه المقولات يجب درسها جيدا واعطائها معناها الحقيقي والا نصبح ثرثارين غير ذي مصداقية ؟

ان الوطنية لا تختلف عن القومية بالحجم ، هذه صغرى وتلك هي كبرى ، لا ، الوطنية تختلف عن القومية في ان الاولى هي النسبة للوطن اما الثانية فهي النسبة للقوم – الامة . وطن واحد لامة واحدة ، وطنية واحدة وقومية واحدة . فلا القومية تحتوي عدة وطنيات ولا الوطنية فيها عدة قوميات . وهكذا يا اصدقاء ليس في سورية عدة قوميات واحدة عربية واخرى كردية ، في سورية سوريون متساوون في الحق بالسيادة ، في سورية وطنية واحدة هي الوطنية السورية وفيها قومية واحدة هي القومية السورية . اذا استمريتم بالقول ان في سورية قوميتين واحدة عربية واخرى كردية فانكم ستبقون عامل تفتيت وانقسام في سورية ، واقصى شيء يمكنكم انجازه للتصالح مع ابناء وطنكم السوري "الاخرين" الاكراد هو ما قرره سيادة الرئيس في السنة الاولى من الانفجار اي في السنة 2011 وهو منح الاكراد الجنسية العربية السورية ، ولكن الاكراد لا يريدون الجنسية العربية السورية، لا يريدون الجنسية العربية , فهم ليسوا عربا , ان منحهم الجنسية العربية هو استفزاز لهم اكثر منه اطمئنان. ان الاكراد السوريين هم سوريون وهم بحاجة للاعتراف بمواطنيتهم السورية المتساوية ، لا منحة من احد ولا منة من احد بل حقا طبيعيا وليس اقل من ذلك ، ان الاكراد هم مواطنون سوريون في سورية العربية ، اي التي تنتمي الى العالم العربي ، وليسوا لا عربا في سورية ولا ضيوفا فيها لكي تقرر او لا تقرر الحكومة اعطاءهم الجنسية .

ثانيا : في معنى العروبة الحقيقية وعلاقتها بالامة والقومية

ان السوريين القوميين الاجتماعيين هنا يدعون مواطنيهم واصدقائهم وحلفائهم البعثيين ان يدرسوا انطون سعادة ، ليس كزعيم حزب سياسي بل كعالم اجتماع سوري وصاحب نظرة الى الحياة مؤسسة على الحقائق العلمية، وهو صاحب كتاب "نشؤ الامم" الكتاب الوحيد في العالم العربي،على ما نعلم،في علم الاجتماع .ندعوهم لذلك لانه ، حسب ما يقول سعادة في مقدمة كتابه:" كل جماعة ترتقي الى مرتبة الوجدان القومي، الشعور بشخصية الجماعة، لا بد لافرادها من فهم الواقع الاجتماعي وظروفه وطبيعة العلاقات الناتجة عنه. وهي هذه العلاقات التي تعين مقدار حيوية الجماعة ومؤهلاتها للبقاء والارتقاء، فبقاؤها غامضة يوجد صعوبات كثيرة تؤدي الى اساءة الفهم وتقوية عوامل التصادم في المجتمع فيعرقل بعضه بعضا ويضيع جزءا غير يسير من فاعلية وحدته الحيوية ويضعف فيه التنبه لمصالحه وما يحيط بها من اخطار من الخارج ."

ندعو البعثيين ان يعتمدوا معنى الامة العلمي وليس المعنى الرائج المتداول عند العامة وعند الخاصة الناقصة العلم . ندعوهم الى اعتماد معنى الامة العلمي حيث هي مجتمع واحد- واقع اجتماعي طبيعي ينشأ في بيئة طبيعية- في وطن معين تجري ضمنه دورة حياة اجتماعية اقتصادية ونفسية واحدة ،ندعوهم ان لا يخلطوا بين الواقع الاجتماعي الطبيعي من جهة وبين مظاهر هذا الواقع وتجلياته بوحدة الثقافة واللغة والالام والامال وغير ذلك . ندعوهم ان لا يخلطوا بين السبب والنتيجة وان ينظروا الى السبب ،الى الاساس الذي هو الاشتراك في الحياة بكل مصالحها الاجتماعية الاقتصادية النفسية الدائمة ضمن وطن معين_ بيئة طبيعية واحدة ذات حدود . ان الفباء معنى الوطن والمتحد الاجتماعي والمجتمع والامة والقومية والدولة ومختلف المقولات المتعلقة بالاجتماع والاقتصاد والسياسة موجودة ومشروحة باسهاب وتسلسل علمي في كتاب نشوء الامم فاقرأوه .

الوطن هو الاساس ، فلا قومية بدون امة ولا امة بدون وطن . الوطن السوري هو سورية الطبيعية الموجودة قبل الاحزاب وقبل السياسة وهي واقع طبيعي وليس سياسي .سورية هي وطننا هي التي حضنتنا وجبلتنا ومزجت اصولنا العرقية والسلالية واكسبتنا هويتنا وشخصيتنا وفيها تجري حياتنا بكل مصالحها المادية والروحية . دعونا هنا نحاول الخروج من الحزبيات والعصبيات الحزبية، نحن وانتم ، دعونا نترك السياسة والحسابات السياسية ونتكلم علميا : ان لفظة "الوطن العربي" هي خطأ شائع ، هي ردة فعل على القول بالوطن السوري. فالوطن السوري هو سورية ، اما الوطن العربي فما هو ؟؟ لا يوجد حتى اسم لهذه المساحة من المحيط الى الخليج لانها لا تشكل بيئة طبيعية واحدة ولا يوجد عليها مجتمع واحد . ان لفظة الوطن العربي هي مجادلة وردة فعل ورفضا للقول بالوطن السوري . والذي يريد ان يتحقق مما نقول فليراجع الادبيات المستعملة قبل سنة 1932 تاريخ انشاء الحزب السوري القومي الاجتماعي ووضعه الميدأ الاساسي الثالث الذي يقول بان القضية السورية هي قضية الامة السورية والوطن السوري ، والميدأ الاساسي الخامس الذي يقول بان الوطن السوري هو البيئة الطبيعية التي نشأت فيها الامة السورية ، فلن يجد اثرا للقول بالوطن العربي الا نادرا جدا .

"الامة تجد اساسها قبل كل شيء في وطن معين تجري حياتها ضمنه"(نشوء الامم) ، وان تنبه البعثيين لهذه الحقيقة هي التي دفعتهم الى القول بالوطن العربي لكي يكون "للامة العربية" وجودا ومعنى ، لكنهم ساروا بعكس السير : قالوا بامة عربية واحدة ثم راحوا يبحثون عن اساس لهذه القول فما وجدوا الا وطنا افتراضيا متخيلا موهوما غير واقعيا ولا اسم له واطلقوا عليه اسم "الوطن العربي" نسخا وتقليدا للوطن السوري .لكن البعثيون لم ينتبهوا ان الوطن السوري هو وطن حقيقي واقع موجود هو سورية، اما الوطن العربي فما هو؟ ما اسمه؟

وطن ، امة ، قومية . لا قومية بدون امة ( القومية هي النسبة للقوم – الامة ) ولا امة بدون وطن . السوريون القوميون الاجتماعيون لا يقولون بالقومية العربية لانه ليس هناك امة عربية- مجتمع عربي واحد ، وليس هناك امة عربية – مجتمع عربي واحد لانه ليس هناك وطن عربي واحد من المحيط الى الخليج . لا وطن واحد يعني لا امة واحدة، ولا امة واحدة يعني لا قومية لان القومية هي النسبة للامة الواحدة ، هي يقظة الامة وتنبهها لوحدة حياتها مجتمعا واحدا ولوحدة مصالحها ووحدة مصيرها ، وليست الامة كيانا صناعيا نركبه نحن على خلفية دينية او عرقية . اذا فالسوريين القوميين لا يقولون بالقومية العربية ليس تنكرا للعروبة او تخليا عن العالم العربي او كرها بالعرب . كيف نكره العرب والعرب هم جزء من مزيجنا الشعبي اي انهم في دمنا وجنسنا وتركيبنا . للعروبة عندنا معناها الحقيقي الواقعي الذي هو رابطة امم صديقة متجاورة لها من وحدة اللغة ما يسهل تفاهمها وتعاونها وتحالفها .وقد دفع ذلك سعادة ان يضع السعي لاقامة الجبهة العربية الواحدة في صميم غاية الحزب ، وهو الذي اعلن انه متى كانت المسألة هي مسألة مصلحة العالم العربي فنحن هم العرب قبل غيرنا ونحن حماة الضاد ونحن سيف العالم العربي ودرعه وترسه .

لكن الحقيقة السورية ، اي الوطن السوري والامة السورية والقومية السورية هي اساس ، وان يقظة الامة السورية ووضوح قوميتها هما لخيرالعالم العربي وهما قوة للعالم العربي وليس ضعفا . ان سورية الغافلة عن قوميتها ووحدتها القومية اي سورية المنقسمة على نفسها الغارقة في صراع الهويات العرقية والطائفية والعشائرية والعصبيات الرجعية هي سوريا العبء على العالم العربي والتي لا يمكنها ان تقدم شيئا للعالم العربي . العروبة الصحيحة الحقيقية لا تستفيد شيئا من سوريا الفاقدة هويتها القومية ولكن العروبة تقوى كثيرا وتتعزز بسورية القومية القوية .هكذا يكون السوريون الغافلون عن قوميتهم السورية هم المتنكرون الحقيقيون لمصلحة العالم العربي وللعروبة الحقيقية الواقعية .

ان البعثيين في سورية هم الذين اساؤا فهم معنى القومية ومزجوا القومية بالدين (العروبة جسد روحه الاسلام) وتنكروا لسورية وقوميتها وللعروبة الحقيقية الواقعية معا .ان البعثيين في سورية هم الذين حاربوا نهضة الامة السورية بدعوى التمسك بالعروبة وكأن القومية السورية هي انتي عروبة فاساؤا للاثنين معا . والبعثيون هم الذين اساؤا للعروبة باشهارها بوجه ابناء وطنهم السوريين خاصة الذين لا زالوا يحافظون على اثر كبير او صغير من اصولهم العرقية غير العربية مثل الاكراد والاشوريين وغيرهم . والبعثيون هم الذين تجاوزوا وتخطوا وخالفوا الحقيقة التاريخية والعلمية التشريحية التي تقول بان السوريين هم مزيج سلالي من اصول عرقية عديدة جاءت من الجنوب والشرق والشمال والغرب ونزلت في سوريا واستوطنتها والتقت مع السوريين في سورية الذين ما عرفوا وطن اخر غيرها فتفاعل الجميع وتمازجوا وكونوا الشعب السوري الحالي، والبعثيون هم الذين يعاندون الحقيقة العلمية ويصرون استبدادا بان السوريين هم عرب اتوا من العربة وكأن سورية هي مساحة خالية ليس فيها الا من اتاها من خارجها . البعثيون هم الذين ينكرون على السوريين سوريتهم ويصرون استبدادا انهم عرب غير مدركين لناموس التطور الاجتماعي الذي يقول بان المجتمع يهضم الجماعات الوافدة اليه والتي تنخرط وتشترك في دورة حياته اذا مر عليها الزمن الكافي لذلك ،مما يعني ان العرب الذين اتوا سوريا واستوطنوها وانخرطوا في دورة حياتها قد امتزجوا مع باقي السوريين و اصبحوا سوريين هم ايضا .

ان سورية هي قبل العروبة وقبل العرب لذلك فهي اغلى واهم ومصلحة سورية هي فوق كل مصلحة، انها توءم التاريخ و الحضارة والمدنية في العالم ، سورية والحضارة والتمدن شقيقان .ان فجر الحضارة الانسانية قد انبلج من هذه الارض المقدسة ويعترف بذلك العالم كله ولذلك قال اكثر من مؤرخ عالمي منصف بان لكل انسان في هذه الارض وطنان هما وطنه الاصلي وسورية .

وهذا ما قاله سيادة الرئيس الاسد نفسه في اب 2011 حيث استيقظت قوميته السورية ، في غفلة من البعث ، وقال :" نحن نتحدث عن حضاره عمرها خمسة الاف عام على الاقل ربما منذ كتب التاريخ وقبل ذلك , لا نعرف.ولكن بكل تاكيد كنا موجودين قبل ذلك بكثير فهذا الشعب موجود وفي كل مرحلة من المراحل في التاريخ كان يصبح اقوى ومن هنا اتت الحضاره السوريه بشكلها الراهن ولا يمكن ان تسقط الا اذا اتت ازمه وانهت سوريه بشكل كامل, ولا اعتقد اننا في ازمه ستنهي سوريه".

ثالثا : البعثيون والسوريون القوميون في سورية

اما وقد عاد سيادة الرئيس بعثيا وقال ان البعثيين اقدر من السوريين القوميين الاجتماعيين على الوصول الى "العربي والمسلم المعتدل" فمع حبنا له ودعمنا لقيادته فاننا لا نوافق ان في سورية عربي وغير عربي . ان في سورية سوريين فقط ، والعرب الذين اتوا سورية عبر التاريخ قد اندمجوا فيها واصبحوا سوريين ، وان السوريين اليوم لا يمكن فرزهم مجددا الى اصولهم العرقية ، فالاصول العرقية اختفت في المزيج السوري من زمان . ومن قال ان السوريين الناطقين بالعربية الان، وبالعربية فقط ، هم كلهم عرب من حيث الاصل ؟!! العروبة ليست صفة وهوية للافراد السوريين بل للامة السورية التي هي امة عربية اي تنتمي الى العالم العربي ومن مصلحتها ومصلحة الامم العربية الاخرى اقامة جبهة عربية قوية تكون سدا منيعا في وجه المطامع الاجنبية.

ان القول بان البعثيين هم اقدر على الوصول الى اوساط معينة من السوريين، و الموافقة على هذا القول من الاستاذ ناهض حتر ، هو ظلم تاريخي ومجافات للحقيقة الساطعة الباهرة كون السوريين القوميين قد تخطوا جميع الحواجز المذهبية والعرقية واستطاعوا رغم الاضطهاد والتنكيل الذي رافق عملهم وجهادهم في جميع مراحل عملهم وجهادهم ،استطاعوا الوصول الى جميع فئات الشعب السوري، ذلك بفضل عقيدتهم وقوميتهم السورية التي هي الجامع المشترك الوحيد الذي يجد فيه السوريون انفسهم جميعهم دون تمييز . اما ان يكون البعثيون قد انتشروا انتشارا افقيا واسعا بفضل تسخير موارد الدولة السورية وامكاناتها وما لهذه الموارد والامكانات من قوة الاغراء والجاذبية فان ذلك لم يكن بفضل عقيدتهم بل بالرغم منها ، وقد رأينا كيف انفك المستفيدون وتفرقوا بل كيف انقلبوا وحاربوا شعبهم ووطنهم وغيروا ولاءهم واتخذوا لهم هويات بعيدة عن سورية وعن العروبة معا .وايضا لنا مما قاله سيادة الرئيس برهانا وشاهدا على ما نقول . لقد قال : " نحن لم ننجح في الماضي ، نفرنا الناس ، نفرنا البعثيين قبل غيرهم . انا شخصيا لم اكن احضر الاجتماعات الحزبية في الجامعة لانها كانت عير مقنعة وغير منتجة . نظر الناس الينا كحزب سلطة والحزبي انتهازي يريد الحصول على وظيفة وسيارة الخ... يجب ان ننتهي من الانتهازيين ..."

ان الوصول الى الفئات المتعصبة يكون وصولا بعقيدة صحيحة راسخة تزيل تعصبها وتزرع فيها الوجدان القومي ولا يكون وصولا كيفما كان ومسايرة التعصب والتساهل مع النعرات البعيدة عن القومية الصحيحة ، والا هم يصلوا الينا ولا نصل اليهم نحن !وهذا بالضبط ما حدث مع البعثيين . ان البعثيين لم يصلوا الى وجدان الشعب وقد فعلوا كل شيء لمنع السوريين القوميين من الوصول الى هذا الوجدان ، واخر ما فعلوه كان قانون الاحزاب المسخ والمسخرة الذي يحظر العمل على من يكون رئيسه من خارج الجمهورية العربية السورية .ان قانون الاحزاب هذا كأنه وضع خصيصا للتضييق على الحزب السوري القومي الاجتماعي وعرقلة عمله ،اذ لا يوجد احزاب يمكن ان يكون رئيسها من خارج الجمهورية الا الحزب السوري القومي الاجتماعي . ان هذا القانون فضلا عن انه انعزالي وغير قومي فانه كان حجة لزيادة انقسام الحزب السوري القومي ، وهذه الحجة هي اقبح من ذنب حيث ان الاحزاب العضوة في الجبهة الوطنية يجب ان تعتبر مرخصة حكما ، رغم ذلك امتدت يد وزير الداخلية ، دون ان ترتجف ، لاعطاء رخصة لحزب سوري قومي ثالث جديد !

ان البعثيين لا هم وصلوا ولا هم يريدون غيرهم ان يصل الى وجدان الشعب . التحية لروح سعادة الحية دائما فقد قال منذ ستين سنة : "ان حربنا وجهادنا هي ايضا من اجل من يدعوهم الشرف القومي للمحاربة معنا ،فلا يحاربون الا ضدنا "

يا ايها البعثيون ، ان وطنكم هو سورية وليس العربة ، هو سهول سومر وضفاف دجلة وما بين النهرين العظيمين والجزيرة السورية ، هو شرايين الحياة المتدفقة من اليرموك والاردن ، من بردى النهر الوحيد في العالم الذي لم تسمح له الحضارة والمدنية السورية من ان يكون مصبا لانها استهلكته كله فهي موجودة قبله منذ ما قبل التاريخ ، هو حلب وكيليكيا والاسكندرون والعاصي والوديان الخصبة التي شهدت اول تفتح للحياة والحضارة الانسانية اطلاقا ، هو شواطئ البحر السوري من اضنة ومرسين وقبرص الى غزة وسيناء مرورا باوغاريت وجبيل وصيدا وصور مسارح ومنابع التمدن الانساني منذ ما قبل الزمن التاريخي الجلي ، هو جبال لبنان والحرمون وجبل الشيخ والجولان ، هو الحولة وطبرية ، هوالقدس وعكا وحيفا حيث زرعت اول سنبلة قمح في العالم ...

على هذه الارض المقدسة نشأت اديان واتت اديان وتمذهبت وتبدلت وتغيرت ، ونشأت واتت لغات وتفاعلت وتطورت وتغيرت ، ونزلت هجرات وسلالات واعراق واصول وتصادمت ثم تفاعلت وتمازجت وانصهرت .... وبقي الوطن . وبقيت دمشق ، منقذة القدس ومحررتها، اقدم مدينة في التاريخ لا تزال قائمة ، فلنؤسس عقيدتنا على هذا الثابت الدائم الراسخ الوحيد الذي لا يتبدل ولا يتغير ونقول : لتحيا سورية .

اما وادي النيل ففيه مجتمع انساني عظيم عريق اخر ، اما مصر فهي للمصريين كما سورية هي للسوريين . المصريون هم دائما فخورون بمصر وهي لهم "ام الدنيا" وعروبتهم لم تمنعهم من الهتاف : تحيا مصر ، فلماذا يا ابناء وطننا البعثيون تتحسسون من الهتاف : تحيا سورية ؟

في الختام لكم منا اغلى تحية واجمل تحية واعز تحية ، لكم : تحيا سورية .

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024