شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2015-01-26
 

الليبرالية و جديدها " جوييم و أحزاب شخصية " الجزء الأول

أدونيس آرامي

في هذا المقال نريد أن نقتحم أدمغة الليبرالية الجديدة التي تريد أن تحكم العالم على أساس أن الأرض مجموعة مزارع تابعة لها تفعل بها ماتشاء تمتص خيراتها و دماء كل من يعيش عليها , الليبرالية هي مرحلة ما بعد الرأسمالية و الليبراليه الجديده هي مرحلة ما بعد الليبرالية و كل هذا التطور مرسوم مسبقا و يمهد له قبل عقود في عملية تتابعية , عندما نستخدم مصطلح التطور ليس بالضرورة إيجابي بل قد يكون سلبي فالتشوه ذاته يتطور و الخلية السرطانية نفسها تتطور و تقتل الجسد .

الليبراليه الجديدة أو ما يطلق عليها " النيوليبرالية " تقوم على أساس شركات ضخمة قدرتها المالية غير محدودة عابرة للقارات تستطيع أن تتحكم في منتج ما أو مجال معين في الكرة الأرضية , تسيطر عليه و تحتكره و تقرر كل شيىء بشأنه . هذه الشركات تمتلك قوة اقتصادية هائلة و من الطبيعي أن نجد قوة تأثيرها تصل إلى أعلى المستوايات في مراكز صنع القرار السياسي , لقد بات هذا التأثير القوي للشركات الضخمة يهدد الاستقرار السياسي في كثير من دول العالم ، وقد أسقطت هذه الشركات حكومات و رؤوساء و وضعت بديل عنهم من مأجوريها. ليس هذا فحسب بل إن الحروب المدمرة والانقلابات العسكرية أثبتت التحقيقات أن الشركات العابرة للقارات المتعددة الجنسية كانت وراء مثل هذه الحالات .

الشركات العابرة للقارات هي التي أسست الليبرالية الجديدة و هي ذاتها الحكومة العالمية التي تسعى لحكم العالم , هذه الشركات تسيطر على الكم الأكبر من حركة التجارة الدولية من خلال ضخامة قدرتها التسويقية والإنتاجية وهذا الكم يتجاوز 80% من مبيعات العالم و تتسع رقعة هذا الكم يوم بعد يوم .

عندما تسلمت الرأسمالية و الشيوعية في بدايات القرن الماضي الحكم قامت هذه الحكومات " بغض النظر عن مبادئها الأقتصادية و الأجتماعية " ببناء دولها و أسست منشأت اقتصادية وطنية ضخمة , كانت رأس حربة الأقتصاد في تقدمة و تطوره و أيضا في سد احتياجات الشعب و بنفس الوقت تتحكم الدولة بهذه المنشأت بما فيه خير شعوبها و أمنها الأقتصادي و الأجتماعي , نحن هنا نتكلم عن قطاعات اقتصادية كاملة كقطاع الكهرباء الأتصالات و النفط و الثروات و الأعلام و الخدمات من تعليم , صحة , خدمات إجتماعية إضافة الى مشاريع اقتصادية ضخمة كالسدود و الطرقات و استصلاح الأراضي منشأت عامة الخ . الأمة و الدولة في النظاميين الراسمالي و الشيوعي احتاجت عقود كاملة في عملية بناءهذه القطاعات التي تجاوزت تكلفتها آلاف و آلاف من المليارات وكل هذا كان من خزينة الدولة و أمولها و عرق جبين شعوبها . الأحزاب العقائدية التي انتشرت و حكمت الغرب في القرن الماضي و التي بنت هذه المؤسسات الأقتصادية الضخمة كانت تملك أدمغة عقائدية وطنية عملت بطرق و مناهج علمية واقعية فعالة من صميم هويتها و قوميتها , هي ذاتها من أوصلت الغرب لما علية من تقدم و ازدهار " بغض النظر عن السياسة الأستعمارية التي استخدمتها في استغلال خيرات الدول الضعيفة أو العالم الثالث " , هذه الأحزاب العقائدية هي مرحلة فقط أو بالأحرى وجودها كان مرحلي و ضروري من أجل الوصول إلى هذا الأزدهار لذلك و بعد الأنتهاء من مهمتها التي قامت من أجلها يجب إزالتها و محيها و ابطال مفعول هذا الأفكار و هذه العقائد من خلال أحد منهجين إما من خلال محي وجودها كوجود سياسي حزبي له فعاليته في قيادة أو التأثير على المجتمع و سياسة الأمة أو من خلال بقائه كأسم من دون مضمون أي جسد بدون روح , من يقوم اليوم بدراسة واقعية حقيقية اللأحزاب السياسية الغربية التي نشأت في القرن الماضي يجد أن لا فرق بين اليمين و اليسار و القومية و الأممية و الراديكالية و التغيرية التجددية " ريفورميست " لأن تلك الفروقات تقلصت و أصبحت سطحية هامشية لا أكثر لأن الكلام شيىء و الفعل شيىء آخر علينا النظر للأفعال و ليس للأقوال و قد رأيتم حكومات تغيرت لكن لم يتغير شيىء لأن البديل هو الوجه الأخر لعملة واحدة .

عملية اقتحام و تدمير البنية الفكرية من الداخل لهذه الأحزاب العقائدية بدأت من ثمانينات القرن الماضي فظهرت وجوه سياسيه جديده أنشأتها المنظومة الليبرالية الجديدة , هذه المنظومة الجديدة فرضت سياسات داخلية و خارجية عقيمة و مهلكة على كافة الصعد في أغلب الأمم , هذه السياسات جعلت من الدول تستهلك مستقبلها المادي النقدي و بدأ العجز في الميزانية بالظهور و سهم الديون الخارجية بالأرتفاع و ها نحن اليوم أمام دول تسمي نفسها دول صناعية كبرى لكن هذه الدول عليها ديون نقدية بآلاف و آلاف المليارت و ما زالت تسير في سياسات داخليه و خارجية مدمرة و ما زال الدين العام لهذه الأمم يتفاقم و الشعوب عاجزه عن فعل أي شيىء .

عندما بدأت هذه الأمم بالأنحدار الأقتصادي ظهرت فجأة و يا للعجب فكرة التخصيص لأن الهدف الرئيسي لفرض السياسات العقيمة المهلكة هو الوصول إلى إفراغ الخزينه المالية للدول من محتوياتها و من سبل قوتها الأقتصادية و التوجيهية و بيع ممتلكات الأمة و الشعب من كافة القطاعات الحيوية " مؤسسات الكهرباء و الأتصالات و المرافق النفطية و .... الخ " لكن ليس بيعها بقيمتها الحقيقة بل بيعها بأثمان بخثة لا تتجاوز 10 % من قيمتها الحقيقة فكرة تخلي الدول عن قدرتها في السيطرة على ضروريات وجود الأمة و فقدان جهاز التحكم في إدارة مصلحة الأمة هو ما تحتاجه النيوليبراليه لكن طوعا و بدون حروب كي يصبح من يتحكم بإقتصادات هذه الدول أشخاص معدودين على الأصابع و ليس الحكومات لأن الحكومة فقدت قدرتها على قيادة اقتصاد الأمة و المجتمع و أصبحت الحكومات أذراع لهؤلاء الأشخاص غير قادرين حتى على اتخاذ قرار . لكن افراغ الدولة من التحكم باقتصادها غير كاف لأن هناك ضرورة أخرى و حتمية أيضا و هي في التحكم بأفكار و آراء الشعب لذلك نرى أن إفراغ الدولة من مكنوناتها الأقتصادية يتزامن و بالضرورة بالسيطرة على وسائل الأعلام كي تصبح هذه الوسائل الأعلامية أداة تخدير و تزوير و تمزيق للعقل " كما هو الحال في كيانات الأمة " و تعمل فقط و فقط لمصلحة الليبرالية الجديدة في حكومتها العالمية في تدمير ذاتها , حتى القنوات التلفزيونية العامة تتم السيطرة عليها إما من خلال تخصيصها و بيعها لهؤلاء الأشخاص أو من خلال التخلص من الوطنيين الشرفاء في تلك القنوات و هناك عشرات و عشرات من الأمثلة عن تدمير مقدمي برامج مشهورين عالميا رفضوا الأنصياع لرغبات و شهوات هذه المنظومة الحقيرة فتمت عملية الأطاحة بهم بطرق مختلفة . عندما تتم السيطرة على الوسائل الأعلامية تستطيع هذه المنظومة الأطاحة بأي سياسي مهما كانت شعبيته كبيرة و اقصائه و ابعاده عن الساحة السياسية و صناعة القرار و من هنا كانت حتمية امتلاك الوسائل الأعلامية مترافقة مع امتلاك المكنونات الأقتصادية للدول , هكذا يصبح الرأي العام المجتمعي سلاح بأيديهم و ليس على رقابهم وبدل أن يكون الأعلام هو رديف فعلي للأفكار الناهضة بالأمة و دعمها و تعزيزها يصبح هذا الأعلام من خلال رجالات طروادة سطحي هامشي و لنأخذ مثالا عن ذلك برنامج " عرب ايدل " فهذا البرنامج أصبح هو الهم الأساسي عند الناطق بالعربية و ليس فلسطين المحتلة و تحريرها أو كيفية التخلص من التكفير أو التزوير الثقافي , الأسلوب ذاته و بنفس هذه البرامج قبل عشرات السنين فقد المجتمع الغربي وعيه الفكري في البحث في مشاكله للتخلص منها و في سياسات سياسيه الخاطئة , ضف على ذلك في عالمنا العربي الأعلام الديني بطوائفه و تفرعاته نكون قد وصلنا لما هو مطلوب , هكذا تقاد الشعوب كما الأبل و هذه هي بداية دخول الأمم في نفق المجهول .

يتبع


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه