شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2018-11-24
 

سوريا والأردن: صفحة جديدة

فراس الشوفي - الاخبار

شكّلت زيارة الوفد النيابي الأردني لسوريا بداية فصلٍ جديد من العلاقة بين البلدين، بعد سنوات من تحول عمان إلى منصة للهجوم على دمشق. سياسة أردنية جديدة، بذل النواب جهداً في التعبير عنها ولاقت تجاوباً سريعاً من الرئيس بشار الأسد والسلطات السورية

بالاحتفالات والزغاريد وإطلاق المفرقعات النارية، استقبلت محافظة الرمثا الأردنية بعد ظهر أمس، النواب: طارق الخوري، خالد أبو حسان وقيس زيادين، آخر النواب العائدين من زيارة الوفد البرلماني الأردني لدمشق، التي بدأت صباح يوم الاثنين الماضي وفي عدادها اثنا عشر نائباً. مئات المواطنين تجمّعوا أمس في ساحات الرمثا على مرمى حجر من مدينة درعا السورية، رافعين صور الرئيس بشار الأسد والملك عبد الله الثاني، والأعلام السورية والأردنية.

هو مشهد مغاير لما جرت عليه العادة في السنوات الماضية، يوم كان «بعض الأردن»، مقتنعاً بأن الدولة السورية ستسقط، وأنه يمكن إسقاطها عبر احتلال دمشق انطلاقاً من الجنوب السوري. فُتحت الأبواب للأمير السعودي بندر بن سلطان ومن بعده غرفة «الموك» لخوض الحرب على سوريا. لكن الدولة الأردنية «توقّفت» عن الخضوع للضغوط الخارجية في العلاقة مع سوريا وقراءة الانتصار السوري... فأن تأتي متأخراً خيرٌ من أن لا تأتي.

إلّا أن سوريا التي لا تعمل على قاعدة الانتقام، وخصوصاً مع لبنان والأردن، غرزت فيها الخناجر الأردنية عميقاً، وتضميد هذه الجراح يحتاج إلى جهد أردني استثنائي.

من جهته، الرئيس السوري بشار الأسد اختصر سبع سنوات جاحدات مع الأردن ورسم طريقاً للمستقبل، بقوله للوفد في أول يوم من الزيارة، «نحن لا نتطلع إلى الماضي. صفحة جديدة، سلّموا على جلالة الملك». أمّا الأردن، فكل المؤشرات تؤكّد أن الصفحة الجديدة بدأت بالفعل، إن باعتماد الوفد الرسمي والمكلّف من رئيس البرلمان الأردني (تنشر «الأخبار» صورة عن الوثيقة)، أو بالتجاوب السريع من الحكومة الأردنية مع نتائج الزيارة في سوريا، ودعوة وزير النقل الأردني وليد محيي الدين المصري نظيره السوري علي الأكرم لزيارة عمان.

يقف الأردن اليوم أمام مفترق طرق وصراع خطير تشهده ساحته بين تيارين رئيسيين، يضاف إليها خطر إسرائيل. فالحرب المستعرة بين المحور التركي ــــ القطري والمحور الإماراتي ــــ السعودي ــــ المصري، بشراكة إسرائيلية مع المحورين، تهدد الأردن شر تهديد، بالإضافة إلى أزمات الكيان الاقتصادية والبيئية والأطماع الغربية فيه.

**سيزداد العمل بمعبر نصيب ساعتين إضافيتين لاستيعاب الحركة المتزايدة**

ووسط كل هذا السواد، تبدو خيارات الأردن بالارتباط مع سوريا أنجع الحلول، لحماية الكيان من الأخطار عبر التأسيس لخط دفاعي ولاقتصاد فعلي يربط الأردن بأوروبا ومياه المتوسط وسوريا بالعقبة والبحر الأحمر.

ورغم محاولات «الإخوان المسلمون» والتيارات المعادية لسوريا فرض واقع الفصل الجغرافي والاجتماعي مع الدولة السورية والسوريين والتشويش على التحول السياسي في البلاد، إلّا أن تطورات الأشهر الماضية أثبتت أن شريحة واسعة من الأردنيين والفلسطينيين في الأردن وفي داخل النظام الأردني، كانت واقعة تحت تأثير المناخ العام وسطوة التحريض وهيمنة العامل الخارجي، وما إن تنفست حتى عبّرت عن موقفها بالعودة إلى دمشق.

زيارة بنتائج فورية

أمضى أعضاء الوفد الأردني، الذي رأسه رئيس مجلس النواب السابق وعضو مجلس الشعب عبد الكريم الدغمي، خمسة أيام في دمشق التقى خلالها رئيس الحكومة عماد خميس ووزير الخارجية وليد المعلم والوزراء المختصين، ورئيس مجلس الشعب حمودي صباغ ومفتي الجمهورية بدر الدين حسون والبطريرك أفرام الثاني بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للسريان.

وفي كل لقاء، حصل الوفد النيابي على تجاوب سريع مع الأفكار والمقترحات وسمعوا اقتراحات وأفكاراً من الجانب السوري، تؤسس لترابط اقتصادي مهم بين البلدين، ينتشل الأردن من عجزه ويساعد سوريا على استعادة عافيتها. أولى الخطوات، كانت اتفاق وزارتي الداخلية والنقل في البلدين، نتيجة حوارات الوفد، على رفع ساعات العمل في معبر نصيب ساعتين إضافيتين، نظراً إلى أعداد الأردنيين المتزايدة لزيارة سوريا. إلا أن الأردن، الذي نزح إليه أكثر من مليون مواطن سوري، وضع شروطاً لدخول السوريين وموافقات مسبقة، وهو ما تم نقاشه أيضاً، ومن المفترض أن يتم تقليص مهلة الحصول على الموافقات المسبقة إلى ما قبل الزيارة بيوم واحد، تمهيداً لإلغائها مستقبلاً، مع العمل على عودة النازحين الراغبين في العودة بأقرب فرصة. وفتح النقاش مع وزير النقل السوري فرصاً مهمة أمام خطوط للسكك الحديدية تربط الأردن بسوريا، بعدما عرض الوزير خطة الحكومة السورية لإعادة العمل بخطوط السكك في سوريا، والتي استهدفتها الجماعات المسلحة في أكثر من نقطة ونهبت حديدها ومنشآتها، مؤكداً للوفد أن العمل بها سيبدأ قريباً بعد إدخال التحسينات عليها بشكل سريع.

أما في السياحة، فجرى البحث مع الوزير بشر يازجي على تسهيل عودة السياح الأردنيين إلى سوريا بعدما تحولت تركيا إلى الوجهة البديلة لحوالى مليون سائح أردني، والاتفاق على فتح مكاتب سياحية تنظم الرحلات للأردنيين. وكذلك الأمر بالنسبة إلى السياح الروس في سوريا، حيث جرى البحث في ضرورة إقامة رحلات مشتركة للسياح الروس بين الأردن وسوريا، والتكامل في البرامج السياحية، بما يساهم في تطوير القطاع في الدولتين والجغرافيا الواحدة.

أما في جانب الطاقة، فجرى البحث مع وزير النفط والطاقة المعدنية علي غانم في مسألة التبادل النفطي بين البلدين، بعدما كانوا قد عرضوا مع الرئيس الأسد إمكانية تزويد سوريا بالغاز الجاهز من باخرة أردنية معدة للغرض، وعرض النواب الأردنيون مع رئيس الحكومة ملف الكهرباء، وحتى إيصال الكهرباء إلى لبنان من الأردن عبر سوريا.

وفيما تعمل أطراف معادية للعلاقات بين سوريا والأردن على الترويج لوجود قائمة لدى الأجهزة الأمنية السورية بأسماء تسعة آلاف مطلوب أردني، حسم وزير العدل هشام الشعار لأعضاء الوفد «زيف هذه الادعاءات»، مؤكّداً أن الأمر شائعة هدفها تخويف الأردنيين من زيارة سوريا. وفي استجابة سريعة، ودلالة على جدية الدولة السورية في تحسين العلاقات، لبى الرئيس السوري طلب النائب خالد أبو حسان بالإفراج عن موقوف أردني بشكل فوري، مؤكّداً للوفد أن «الدولة السورية تقوم بالمصالحات حتى مع المسلحين، فكيف مع الموقوفين العاديين من الأردنيين؟».


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه