شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2019-03-04
 

أحصنة طروادة أميركية مع «امتياز» و«مبادرة»

معن حمية - البناء

أن يعود النازحون السوريون إلى بيوتهم ومناطقهم، أمر تقف ضدّه الولايات المتحدة الأميركية وتمنعه، حتى لا تساهم هذه العودة في إظهار حقيقة استقرار الأوضاع في معظم المناطق السورية، وأيضاً حتى لا تشكّل نسفاً لمعادلة ربط عودة النازحين بالحلّ السياسي، المعادلة التي تتمترس خلفها واشنطن وحلفاؤها، لتحقيق مكاسب سياسية بعد فشل مخطط تفتيت سورية وإسقاط الدولة السورية.

معادلة الربط بين عودة النازحين والحلّ السياسي، باتت الورقة الأساسية التي تتمسك بها واشنطن لتحقيق مكاسب سياسية في سورية، خصوصاً بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب قواته من مناطق شرق وشمالي شرق سورية، وما سبّبه هذا القرار من اهتزاز للثقة بين واشنطن وحلفائها الدوليين من جهة، وبينها وبين أدواتها المحليين من جهة أخرى، حيث أنّ دول الاتحاد الأوروبي بمعظمها أصيبت بالدهشة، في حين شعرت الأدوات المحلية القوى الكردية بأنّ أميركا تخلت عنها وخذلتها، وتركتها فريسة لتركيا الأردوغانية!

في الواقع، لم يكن قرار الانسحاب الأميركي، انسحاباً من مسارات الحرب على سورية، بل جاء في سياق خطة أميركية لتحقيق جملة من الأهداف، منها تحويل قوى محلية إلى «حصان طروادة» أميركي يستخدم في المعادلة الداخلية السورية!

بالتأكيد، الخطة الأميركية تتطلب أكثر من «حصان طروادة» واحد، لكي تتمكّن من تنظيم إعادة انتشارها وتحقيق الأهداف التي فشلت في تحقيقها من خلال رعايتها ودعمها للإرهاب. وعلى هذا الأساس مارست إدارة ترامب سياسة التخلي ترهيباً لأدواتها في سورية، ثم عادت ومنحت هذه الأدوات «امتياز» إلحاق الهزيمة بتنظيم «داعش»، وصكّ حماية من خطر الأتراك.

وعود على ذي بدء، فإنّ عملية إعادة الانتشار الأميركي على الصعيد السوري، لا تقتصر على استخدام أدوات محلية في شرق سورية، بل يشمل قوى أخرى في بعض البلدان، لا سيما لبنان، والاستخدام ينحصر راهناً بإعاقة ومنع عودة النازحين السوريين، وهذا ما ظهر جلياً من خلال الهجوم الذي شنّته بعض القوى اللبنانية على زيارة وزير الدولة اللبناني لشؤون النازحين إلى دمشق، ومن ثم قيام إحدى الجهات الحزبية في لبنان بطرح ما أسمته «مبادرة» لعودة النازحين، تنطوي في مضمونها على عرقلة واضحة لعودة النازحين، وتمادياً في الإساءة للعلاقة المميّزة بين لبنان وسورية، وهي العلاقة التي ينصّ عليها الدستور اللبناني.

إذاً، هناك «فيتو» أميركي يمنع عودة النازحين السوريين، وبعض القوى في لبنان تترجم القرار الأميركي بحذافيره، وعليه فإنّ أيّ «مبادرة» لعودة النازحين تصدر عن أدوات أميركا، لها هدف وحيد، هو منع عودة النازحين إلى بيوتهم وقراهم، وإبقائهم في دائرة المعاناة الإنسانية. معاناة تقول دول الاتحاد الأوروبي إنها تتلمّسها، لكنها لا تقوم بالخطوات المطلوبة لإنهائها. ونزوح يقول اللبنانيون إنّ لبنان يتحمّل أعباءه على مستويات عدة، في حين لا تخطو الحكومة خطوة واحدة لتخفيف أعبائه عن اللبنانيين.

والسؤال، هل ستتحمّل الحكومة مسؤولياتها وتعمل على إعادة النازحين، أم سترضخ لـ «مبادرة» الإعاقة كما تريد أميركا؟


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه