شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2019-05-07
 

حوار بين جبانٍ وبطل

يوسف المسمار

فلسفة الجبان

قـال الجبـانُ: شجاعتي بـمذلّـتي

بالـذلِّ لا بالعـزِّ تَعـْـظُـمُ قـوتي

*

كـلُّ الكلامِ عن البطـولـةِ ساقـطٌ

ان كانَ في غيرِ الهـوانِ بُطولتي

*

دسْـتـورُ أعـمالي مُـراءاةٌ ، بهـا

تضليـلُ من عابـوا عليَّ عقيدتي

*

فعقيـدتي غِشٌ، وتـزويـرُ الحقائقِ

وحْـــدَهُ مُـتَـمَـكِّــنٌ بـثـقـافـتي

*

وثـقـافـتي إنْـتـاجُ كُـلِّ خَـديعةٍ

بسُمـومها عِـزِّي وسُـرُّ براءتي

*

الخـوفُ والـذلُّ المهـيـنُ مبادئي

والعـارُ والخـزيُّ المُحقـِّرُ غايتي

*

والـديـنُ إنْ لـمْ يَتْصفْ بسفالـةٍ

لا شــــأنَ في آيـاتـه لسـلامـتي

*

عِلْمُ التَـقَـوقعِ في الجهالةِ مَنْهجي

وفُـنـونُ آدابِ الهَـوانِ رسالتي

*

شِعْري الخنوعُ يثورُ في أوزانهِ

وحَـقيـرُ أعمالِ البغـاءِ صناعتي

*

دَنَّسْتُ إنتـاجَ الفـنـونِ بشَــرِّ مـا

اشتهرتْ ضروبُ معارفي وزراعتي

*

فبدأتُ تاريخَ الظلامِ بما ارتَضَيْتُ

مِـنَ الحـقــارةِ زاهـيـاً بخـيـانـتي

*

صُـرْتُ الذي خـانَ البـلادَ وعـقَّـها

ومضى يـبـيعُ تُـراثَهـا بسلامـةِ

*

ويَـفِـرُّ مَـغْـبـوطاً بـذلِّ هُـروبـهِ

مُـتَغَــطْـرِساً بخـيـانـةٍ وسَــفالـة ِ

*

بِعْـتُ الكـرامةَ بالأمـانِ وباعهـا

قـبـلي رجالُ حُكـومتي ودُوَيْـلَـتي

*

أبدعتُ في لحْنِ السُـفـولِ مُجَـدّداً

شَرْعَ السفولِ بما ابتكرتُ بخِسَّـتي

*

ما هَـمَّـني التاريخُ يلعـنُ مـوقـفي

فَهَـرَبْـتُ مـزهـواً ألـوذُ بهجرتي

*

شعبي يجـوعُ ومـوطني مُتَمَـزِّقٌ

بيـنَ الطُغـاةِ وهـذا سِـرُّ سعادتي

**

فلسفة البطل

فـتـبسَم البطـلُ العـزيـز مُـؤكِّـداً :

تَــبَّــاً لمَـنْ لـمْ يعـتـصـمْ بالعِـزَّةِ

*

صارَ اليهـودُ رعاتـنا وقضاتـنا

وملوكُهـمْ بَرزوا كأعـدل ِ قادة ِ

*

ذَبْحُ الرضيعِ كرامة ٌمن عدلهمْ

ودمـارُ أمـتـنـا صفـاءُ عـدالـة ِ

*

حكّامُنا الأنذالُ صارَ شعارهـمْ :

المـوتُ للـتحـريـرِ لا للـذلَّـة ِ

*

إنَّ البـطـولةَ كُـلُّها في عرفهمْ

ترديدُ مهـزلـةٍ ووهـمُ خرافـةِ

*

حَفِظَ الإلـهُ رعاتنا لضلوعهمْ

في كـلِّ ظُـلم ٍ جائـر ٍ بوقاحة ِ

*

قَهـَروا نفوسَ الشعبِ في أفعالهمْ

بـنـذالـة ٍ وحـقـارة ٍ ونـجـاسـة ِ

*

ما خابَ منهم في الحقيقة عاملٌ

في طمسِ أنوارِ الجمال ِ الحقّـة ِ

*

فـبـناءُ سـردابِ الهـزيمةِ هَـمُّهمْ

وغَـرامُهُـمْ ستـرُ الإبـاء بكـذبة ِ

*

أهواؤهُمْ حِممُ الضلال ِتفجرتْ

ونفوسُهُـمْ سَقطتْ بأحقـرِ وقعة ِ

*

قالَ الجبانُ ومُورستْ أقـوالهُ :

العِــزُّ بالـتـدلـيـسِ لا بالعِـفَّــة ِ

*

ماعادَ للإنسان في هذا الزمانِ

كـرامـةٌ غـيـر التي بـنـذالــة

ِ*

عَـبَثَ اليهودُ بكـلِّ شيءٍ عندنا

بعـقـولِـنا ونفـوسِـنا، بالنخـوَة ِ

*

بالأرضِ ، بالانسانِ، بالتاريخِ ،

بالأملِ العظيم، بكلِّ شهقةِ عِـزَّةِ

*

بمطامح الأجيالِ، بالآتي القريبِ

وبالبعيدِ فهل نـفـوزُ بصحوة ِ ؟!

*

ونغيّرُ التاريخَ بالوعيِّ المُعـَبـِّر

عن حقيقةِ يقـظـةٍ وحضارةِ ؟!

*

يا سـادة الاصـلاحِ ، يا أحيـاءُ

يا ثـوارُ، با أحـرارَ اعظمِ أمـة ِ

*

أينَ الإبـاءُ وأينَ أينَ كرامةٌ ؟

ما قيمةُ الأحياءِ دون كرامةِ ؟

*

إنَّ الكرامةَ بالشجاعةِ صونُها

لا تَحفـظُ الأوطانَ غير كرامة ِ

*

كَذِبَ الطغاة ُالمجرمونَ بحقنا

والظالمـونَ شعـوبـنا بجبانـة ِ

*

والبائعـونَ تُـراثـنا للأجنبيِّ

بخِسَّـة ٍ وضحالــة ٍ ودنـاءة ِ

*

ماكانَ ظلمُ المجرمين مُدمِّـراً

لو ظـلَّ فيـنا خافـقٌ بشـهامة ِ

*

نحنُ الهروبُ ونحنُ نحنُ القانعونَ

جـميعـنا بشــرورِ أسـوأ حالـة ِ

*

لنْ يسلمَ الوطنُ الجميـلُ لشعبنا

حتى نُغـيِّـرَ ما بـنـا بصـراحـة ِ

*

ونشقُّ بالعلـمِ المفيـد ِ طريقـنا

فالنصرُ معـرفة ٌ وحـزمُ إرادة ِ

*

وتمسُّكٌ بعـدالةِ الحقِّ المقدَّسِ

في الوجـودِ بجـرأة ٍ وبـقـوّة ِ

*

إنَّ المـصـيـرَ إرادة ٌ خلاّقـة ٌ

إنْ أبدعتْ فازتْ بنورِ ألوهَـة ِ

*

لا حقَّ للأمواتِ في دنيا الحياةِ

فـإنهـمْ بـاتـوا بـدونِ إرادةِ

*

وعقيدة ُالأحياءِ تطويرُالحضارةِ

كُـلَّـمـا وصلـتْ لأعـلى قِـمَّـةِ

*

لا سقفَ للإنســانِ في ابـداعـهِ

فـمـداهُ يكمنُ في شعاعِ بصيـرة ِ

*

إنَّ البصيرةَ بعضُ بعضِ سلاحنا

فهل انطلقـنا بالهُـدى والحكمةِ ؟

*

في وضـعِ حـدٍ للهــوانِ وذلّـهِ

والسير في نهجِ النهوضِ بأمة ِ؟

*

لتعيشَ في هذا الوجودِ كريمة ً

تهدي الشعوبَ الى الرفاهِ بنهضة ِ

*

فيـكـون سيـرُ العالمينَ جميعهـمْ

نحـوَ السـماءِ الى كمالِ القـدرة ِ

*

وتســودُ أحـكـامُ الإخــاءِ بكـلِّ

حبٍ خالصٍ ومشعشعٍ بالرحمةِ

*

إنَّ الحـيـاةَ جَـمـيـلـة ٌوجـمالُـهـا

مِنْ صنعِ مَنْ خَلقَ الوجودَ برحمةِ

*

ما كانَ في التكـويـنِ ظُلـمُ مُكوِّن ٍ

فَمِنَ الضَلالـةِ أن نَسيـرَ بظلمـةِ

*

لا يقبـلُ الاذلالَ شعـبٌ ناهـضٌ

فالناسُ أحـرارٌ بنـورِ الفـطـرة

*

والغيُّ في جهلِ الحقائـقِ ثابـتٌ

والرُشدُ في غيرالهُدى لم يثبتِ

*

فقط البطولـةُ وحدها للمهتـدين

طـريـقُهـم للسيـرِ نحوَ القـمّـة

*

عَـَبـثـاً بأبـناءِ الجبانةِ والعمى

مَـجــدٌ يُـعـادُ لأمـةٍ بخـرافــةِ

*

فالمجدُ يُصنع بالبطولة والهُدى

ويُـعـادُ إنْ عُشِق الفدى ببطولةِ

*

لا شيْ يمتحنُ العقائدَ والنفوسَ

سوى الصراعِ بحكمةٍ وعزيمةِ

*

بيـنَ الجبـانـةِ والبطـولـةِ لمعـة ٌ

تُعمي الذليـلَ فيستحيـلُ لجيفةِ

*

وتثيرُ أمواج البطولة في العزيزِ

زوابعـاً تُحيِّ النـفـوسَ بنسمةِ

*

إنَّ الحـيـاةَ بطـولـة ٌ وزوابـعٌ

والمـوتُ جبنٌ هاجـعٌ بـمَـذَلَّة ِ

*

نهجان في هذا الوجود: بطولة ٌ

وجبانة ٌ نحـوَ السُدى والـرفعة ِ

*

فمن ارتضى نهجَ البطولةِ قد علا

ومن ابتغى الجُبنَ ابتلى بالخيـبةِ


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه