إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

لماذا يختصر «الشرق الأوسط» كلّ التوترات في العالم؟

بهيج حمدان - البناء

نسخة للطباعة 2019-06-19

إقرأ ايضاً


يحلم رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم بأن يرى العالم تخلص من الفقر عام 2030.

إلا انّ هذا الحلم يبدو مستحيلاً في ظلّ الأرقام الصادمة، في ضوء تقرير البنك الدولي الصادر عام 2018.

ووفقاً للتقرير فإنّ هناك أكثر من 1.9 مليار شخص، ايّ 26.2 في المئة من سكان العالم يعيشون على أقلّ من 3.20 دولار للفرد في اليوم، وانّ 83 في المئة من هؤلاء يعيشون في أماكن «تسمّى دولاً» في الصحراء الأفريقية وآسيا.

ورغم انّ البلدان الإسلامية وخاصة العربية تختزن ثروات طبيعية هائلة وتحتلّ المراكز الخمسة الأولى من حيث الثروة، نستعرض في هذه العجالة أفقر الدول العربية التي تعيش العباد فيها تحت خط الفقر وهي كالتالي:

– في اليمن عدد الذين يعيشون «على باب الله» 12.8 مليون ونفقة الواحد منهم في اليوم دولار واحد ويشكلون 48.6 بالمئة من إجمالي عدد السكان.

– في غزة والضفة الغربية نسبة الفقر 29.2 في المئة.

– في مصر يبلغ عدد السكان تحت خط الفقر 201.9 من كلّ ألف مواطن ويشكلون 21.1 بالمئة من عدد السكان الإجمالي.

– في جيبوتي، يمثل فيها الفقراء المعدمين 21 بالمئة من عدد السكان.

– في العراق أهمّ الدول العالمية في مخزون النفط يبلغ عدد الذين يعيشون تحت خط الفقر 18.9 في المئة من إجمالي عدد السكان.

– في تونس نسبة السكان «المشحرين» تحت خط الفقر 15.2 من إجمالي عدد السكان.

– في المغرب يبلغ عدد القابعين تحت الفقر 4.8 في المئة.

لو نظرنا الى مسرح الأحداث الدامية التي يغذيها الغرب ويموّلها وينشئ فيها المنظمات الإرهابية كداعش والمنظمات المعتدلة ويزوّدها بأحدث الأسلحة وغيرها، تمتدّ من شمال اليمن الى البحر الأسود ومن شواطئ البحر الأبيض المتوسط الشرقية الى إيران والخليج وهي المنطقة التي تشيطنها الولايات المتحدة وتطوّقها بالبوارج وأحدث الأسلحة والمدمّرات وتدّعي فيها الحرب على الإرهاب، ما هي إلا تطويق للثروة العربية والإسلامية التي تمثل ثلاثة أرباع النفط العالمي، بينما دول كندا والولايات المتحدة والنرويج وبريطانيا والدانمارك وأوستراليا ليس فيها جميعاً أكثر من 4 من الاحتياطي العالمي. أما الدول الغنية بالنفط غير الدول الإسلامية هي: فنزويلا وروسيا والمكسيك والصين والبرازيل، ومعظمها ليس في جيب أميركا.

لذلك نتصوّر انّ الحملات الظالمة والاستعمارية على منطقتنا الغنية ستستمرّ في حجج واهية «محور الشر» و «الدول المارقة» و «الدول المزعزعة للاستقرار» و «الشعوب الفاشلة»…

وليس وارداً في العقل الغربي ان تكون هذه الثروات لأصحابها والتعامل مع المسيطرين عليها على قدم وساق، بل تريدهم وكلاء تحت حمايتها، باعتبار انّ هذا النفط هو للغرب بحكم القوة ومن يسيطر عليه يسيطر على العالم، وانّ العرب غير مؤهّلين فكرياً وبنيوياً وتاريخياً للإمساك بهذه الثروات! ومن هذا المنطلق نرى كيف تتعامل الولايات المتحدة مع «الدول» الخليجية بكلّ ازدراء واحتقار ومهانة، ولا تعتبرها أكثر من سوق استهلاك ومخازن تتراكم فيها نصف مبيعات السلاح في العالم!

في مثل هذا التناقض بين ضخامة العائدات النفطية العربية وبين تفشي العوز والفقر في الدول العربية وبعضها منتج للنفط.

فهل يستقيم هذا عقلاً وشرعاً؟

وهل يجوز ان تكون البلاد العربية على ما هي عليه من تفكك وتمزق وتقاتل، والملايين من العرب يتيهون مهاجرين في سبيل لقمة العيش!

وبالتالي هل يجوز ان تمتلك عائلات بعينها ثروات الأمة؟ ومن أعطاها حق مصادرة ما هو للناس سواسية، وهل هذه الثروة والتي هي ملكية عامة جاءت من جهد وعبقرية وإبداع من يغتصبها؟ وهل يستوي حال واقع الأمة المادي، والكثيرون من الآباء والأمهات يبيعون اطفالهم وآخرون يبيعون «كليهم» لسدّ رمق حياتهم! «والناس بحكم المنطق والدين شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار» والعرب والمسلمون يتكاملون في اليسر والعسر ولا يجوز الاستئثار بما للناس فيه اسوة. والله سبحانه يقول «هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ٢٩ البقرة»

والنماذج النافرة بين من يموت من التخمة ومن يموت من الجوع كثيرة وليس مجالها الآن، ويبقى السؤال الأكبر:

الى متى تبقى الثروة العربية النفطية مُصادرة ونهباً لأعدائها وجلّاديها؟ والى متى تبقى هذه الأمة لا رأي لها ولا إرادة؟ بينما الشائع انّ الأمة هي مصدر السلطات، وهي من أكاذيب «النظام الديمقراطي» بينما السيادة ليست للأمة بل للشرع والسلطان للأمة كما تدين أكثرية الأمة.

ولذلك لا يجوز ان تكون الثروة العامة ملكاً لسلطان او ملك من دون الناس، وفي ذلك قال الامام الشافعي «كلّ عين ظاهرة كنفط أو قار «زفت» او كبريت في غير ملك لأحد فليس لأحدٍ ان يختزنها دون غيره ولا لسلطان ان يمنعها لنفسه او ليخلُص من الناس»

ولذلك نحن لا نستغرب أبداً هذه المظاهرات الضخمة من البوارج والطائرات والمدمّرات تجوب المياه العربية من البحر الأسود الى الخليج الى السواحل الإيرانية الى المتوسط وهي المناطق التي تشكل الثقل الأساسي اقتصادياً واستراتيجياً على كلّ المستويات.

وهل يجوز ان تبقى أغنى بقعة يبحث الكثير من شعوبها عن لقمة العيش في مشارق الأرض ومغاربها بينما تتحوّل مسروقات النفط والغاز الى أصفار الكترونية لشراء الاسلحة والذخائر…؟

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024