شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2019-10-14
 

جنبلاط يفتتح «التظاهر السياسي» بعد انقطاع

فراس الشوفي - الاخبار

يستعجل النائب السابق وليد جنبلاط لعبة الشارع. منذ مدّة طويلة، لم تستعمل القوى السياسية أداة التظاهر، على الأقل باسم تنظيماتها. إلّا أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اختار، هذه المرة، منظمة الشباب التقدمي، التي ستتظاهر عصراً بمسيرة من الكولا إلى وسط المدينة، تحت عنوان الدفاع عن الحريات في وجه التوقيفات التي تقوم بها الأجهزة، وتحديداً أمن الدولة، لمناصرين اشتراكيين يهاجمون رئيس الجمهورية ميشال عون والعهد.

من غير المفهوم، لكثير من الأطراف، الأسباب التي دفعت جنبلاط للعودة إلى التصعيد في وجه عون، بعد لقاء بعبدا الذي امتص تداعيات حادثة قبرشمون، واللقاءات التي تلته بين الحزبين. لا بل إن أكثر من طرف يرى أن جنبلاط، «منفعلٌ أكثر من اللزوم»، خصوصاً بعد الأجواء العربية التي رافقت العدوان التركي على سوريا.

وهذا الانفعال والهجوم على العهد، يترافقان أيضاً مع هجوم على سوريا صار شبه يومي مؤخرّاً، حدّ التبرير للعدوان التركي ورفض التضامن العربي المتأخر مع سوريا في وجه اجتياح الجيش التركي للشرق السوري، على الرغم من «تضامن» جنبلاط مع المشاريع الكردية.

ويقف رئيس الاشتراكي، أيضاً، بعيداً عن موقف الرئيس سعد الحريري الذي بات يتمايز في الملفّ السوري عن مواقفه السابقة، على وقع التحولات في المواقف الخليجية، واندفاعة عون وباسيل نحو تغيير حقيقي في شكل العلاقة مع سوريا. وظهر هذا الاختلاف حاداً، في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة من مواقف وزيري الاشتراكي وهجومهما الشرس على أي انفتاح رسمي على مستوى الحكومة تجاه الحكومة السورية، والتي بات الحريري ينظر إليها من خلفية الحاجة الاقتصادية الملحّة.

لماذا يبادر جنبلاط في هذا التوقيت إلى استخدام الشارع، وفي بيروت؟ يميل أكثر من سياسي، إلى الاعتقاد بأن رئيس الاشتراكي لم يستطع «تقريش» الخاتمة التي وصلت إليها حادثة قبرشمون، في استعادة تأثيره في الساحة السياسية كما كان سابقاً. فها هو يغيب وممثلوه عن اللقاءات المالية والاقتصادية الأساسية، والاتصالات الجانبية بين القوى الرئيسية، لا سيّما حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحركة أمل، ولم يتمكّن من حسم تعيين أي من الأسماء التي طرحها في بورصة التعيينات المتوقّفة، كما لم يستطع استعادة شيء من العلاقة مع حزب الله، عدا عن خطوط الاتصال الطارئة المفتوحة. أما مسألة عدائه المستمر لسوريا، فباتت تعزله أكثر عن الحركة السياسية في لبنان وفي الإقليم. فعداء جنبلاط لسوريا، والرئيس بشار الأسد، دفعه إلى تجاوز مواقف مصر والإمارات والسعودية، والتغريد خارج السرب، بما يخدم العدوان والموقف التركي، ليس في سوريا فحسب، إنّما في لبنان أيضاً، الذي يشهد حركةً ناشطة للسفارة وللجمعيات والاستخبارات التركية، بشكل كبير في الشمال، وبدرجة أقلّ في البقاع والإقليم.

ومع ازدياد حدّة الأزمة الاقتصادية، وظهور تحركات «عشوائية» في الشارع، حتى الآن، يبدو تحرّك جنبلاط، فاتحة لبدء القوى السياسية بتحركات شعبية في البلاد.

تظاهر الاشتراكيين في بيروت، إن بدا اليوم رسالة لعون، فما الذي يضمن بقاء التيار الوطني الحرّ، بعيداً عن تشكيل تظاهرات مضادة داعمة للعهد في المقبل من الأيام؟ خصوصاً، أن غالبية القوى السياسية والجهات الأمنية، باتت تتوقّع تحركات شعبية عفوية مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، ما يدفع الأطراف إلى التفكير بقيادة الشارع مستقبلاً، بهدف استيعابه ومنعه من اتخاذ اتجاهات غير محسوبة، كما تفعل الفصائل الفلسطينية في المخيمات حالياً.

ولا يعني تسليط الضوء بعيداً عن الجبل، أن أسباب المناوشات وذيولها بين الاشتراكيين والحزب الديموقراطي اللبناني تحديداً، انطفأت تماماً. فالتوتّر لا يزال قائماً، والخشية من جولات مقبلة تدفع مناصري الطرفين للحذر، وجمع السّلاح وتنظيم المجموعات في القرى، إلى جانب مجموعات من المشايخ الدروز تتخّذ لنفسها مساراً خاصاً بها، ليس «مضبوطاً» تماماً من أي واجهة سياسية.


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه