Warning: Undefined variable $PHP_SELF in /home/clients/61e9389d6d18a99f5bbcfdf35600ad76/web/include/article.php on line 26
SSNP.INFO: حوار مع أحد أكثر المهتمين بالأدب المهجري الأديب نعمان حرب
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2020-12-22
 

حوار مع أحد أكثر المهتمين بالأدب المهجري الأديب نعمان حرب

الامين لبيب ناصيف

قد يكون الأديب نعمان حرب من بين أكثر الادباء السوريين المهتمين بالأدب المهجري، أذكر من بينهم الأديب مدحت عكاشة، الأديب يورغاني حلاق، الاديب عيسى الناعوري، ورابطة أصدقاء المغتربين السوريين في حمص، ومجلة سنونو التي سبق أن أشرت إليها.

كان الأديب والمؤرخ الأمين نواف حردان حدثني كثيراً عن صديقه الأديب نعمان حرب، وسلّمني نسخة عن الكتاب الذي كان أصدره عام 1984 ضمن سلسلة قبسات من الأدب المهجري بعنوان "نواف حردان: كاتب وأديب ومؤرخ".

كان الأستاذ نعمان أصدر في سلسلة "قبسات" عن كلّ من الأدباء:

الشاعر الرفيق فارس بطرس(1).

الشاعر الرفيق حنا جاسر(2).

الشاعر الرفيق شفيق عبد الخالق(3).

الشاعر الصديق نبيه سلامة(4).

الشاعرة انجال عون .

عن العدد 519 الصادر عن مجلة صباح الخير بتاريخ 25/1/1986 هذا الحديث الذي أجراه مراسل المجلة في دمشق الإعلامي جورج عشي، ننشره بالنص لمزيد من التعريف عن الأدب المهجري في بلدان أميركا اللاتينية.

ل. ن.

*

يُعتبَر نعمان حرب أحد القلائل الذين يهتمون بالأدب المهجري ويصرفون جلّ أوقاتهم في تقصّيه ومتابعته، وإلى جانب ذلك يحاول تسليط الضوء على المبدعين من هؤلاء الأدباء.

وفي لقاء لـ"صباح الخير" مع الأديب حرب، كان معه الحوار التالي:

• لماذا حصرت كتاباتك بالأدب العربي في المهاجر الأميركية؟

- في مطلع عام 1980 قمت بزيارة البرازيل، بدعوة من أخي الشاعر فارس بطرس، وهو من مواطني محافظة السويداء، وفي مدينة سان باولو، وهي من كبريات المدن في العالم، التقيت بعدد من أعضاء "عصبة الأدب العربي" التي تضمّ بين جناحيها الأدباء والكتاب والشعراء، اذكر منهم: نواف حردان، نبيه سلامة، شفيق عبد الخالق، شكيب تقيّ الدين، فارس بطرس، إبراهيم سلمان، خليل العقدي، حسن عسّاف، أحمد القادري، محمد حسين حسين، أسعد زيدان، انجال عون، محمد الحنيني، ميشال يازجي، أنطون لاذقاني، فيليب مسلم(5)، نجيب العسراوي(6)، محمد ناصر، وغيرهم كثيرون ممّن لم أعد أذكر أسماءهم، وتوثّقت روابط المحبة بيننا. وأيقنت بأن هؤلاء المحاربين بلا هوادة، هؤلاء السفراء العرب الأبرار، يستحقون كلّ تقدير ومحبة وإخلاص من كلّ مواطن عربي. إنّهم من حملة الأقلام، ومن أرباب الفكر، ومن ذوي المواهب الشعرية.

هذه الفئة المختارة ألفت فيما بينها رابطة فكرية وقومية تجمعها في كلّ المناسبات الوطنية، وتتبادل فيما بينها الأطروحات المنثورة على الساحة العربية، وسارت على نهج عربي صادق للحفاظ على التراث، وعلى مجد اللغة، وقدسية الكلمة، وسلامة الحرف.

هؤلاء السفراء لم يكونوا معروفين في البلدان العربية بما فيه الكفاية، والأسباب كثيرة ومتنوعة. وعزمت على تعريف الأديب العربي المعاصر في المهجر الأميركي، فأصدرت ست دراسات عن الأدباء المهجّرين السادة: فارس بطرس، حنا جاسر، شفيق عبد الخالق، نبيه سلامة، نواف حردان، انجال عون. وكنت في كلّ ما قدّمته وما سأقدّمه في المستقبل لا أحمل قلم الناقد، ولا فكرة المدقق، ولا مقاييس المفاضلة بين التفاعيل والقوافي، لأنّ كل ما أعرضه من أدب مهجري، أتركه للقارئ العربي.

ولا بدّ لي، ومن حق الوفاء عليّ، أن أُشيد بالروح الصادقة التي بادرني بها الأديب الكبير الشاعر الأستاذ مدحة عكاشة، صاحب مجلة "الثقافة" بإصدارَيها؛ إذ جعل من صفحات المجلتين منبراً لكل ما هو أدب مهجري، ولكل نتاج شعري أو نثري يصدر عن أدباء المهجر. فكان له بذلك الفضل الكبير في نشر الأدب المهجري والتعريف على أصحابه، كما أنه ساهم مساهمة فعالة في إصدار الدراسات بواسطة دار النشر التي يرعاها.

• كيف تنظر إلى الأدب المهجري؟

- تناول الكثيرون من الأدباء والكتّاب العرب، بالبحث والتمحيص، الهجرة العربية إلى البلدان الأميركية، وأفاضوا في تبيان أسبابها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حتى أصبح لدى أكثر العرب صورة واضحة عن هؤلاء المغامرين الذين اخترقوا عباب البحر، ومزّقوا أغطية السماء، حتى استقروا في البلدان القصية، ينقلون إليها حضارة جديدة، ويبنون فيها عمارات اقتصادية جديدة، ويُنشئون في مدنها وأريافها مؤسسات ومصانع ومعامل جديدة.

- أفاض الكثيرون بمآثر هؤلاء الرجال، والإحاطة بهذه المآثر، وتقييمها بجلاء ووضوح، تستغرق مساحات أوسع. ولكنني أتناول في هذه اللمحات الموجزة مسيرة الأدب العربي المحاصر في المهاجر الأميركية، وماضيه وحاضره، وأُلقي بعض الأضواء على هذا الأدب، الذي نما وترعرع في السنوات الأخيرة، واستمدّ إشراقه وخصائصه من مدرسة شعراء المهجر الأوائل. وقد قال الأديب العملاق الأستاذ مخايل نعيمة: "إنّ هذه الروح الجديدة التي ترى الخروج بآدابنا من دور الجمود والتقليد إلى دور الابتكار في جميل الأساليب والمعاني، حَرِيّة في نظرنا بكل تنشيط ومؤازرة، فهي أمل اليوم وركن الغد..

لقد ذاع صيت المدرسة الشعرية المهجرية في أنحاء العالم العربي الكبير منذ مطلع هذا القرن. فالرابطة القلمية في الشمال تدعو إلى التجديد في الشعر، وتبعث روحانية الشرق، وتنقل اللغة العربية والأدب العربي إلى تلك المهاجر البعيدة.

والعصبة الأندلسية في الجنوب تعمل للحفاظ على التراث العربي الأصيل الذي تركه العرب في الأندلس، وتتبنى القضايا العربية والدفاع عنها. ولا نرى موجباً للمقارنة أو المفاضلة بين أدباء الشمال وأدباء الجنوب، لأنهم يتساوون في الروح الوطنية، ويتساوون في التجديد والإبداع، وإن اختلفوا في الرؤية والمنهج. وتبقى مدرستهم الأدبية منار مشعّة على مدى الأجيال.

خلّف لنا هؤلاء الأدباء المؤلفات الكثيرة التي أغنت المكتبة العربية في مضامينها، وجمال معانيها، وغِنى موسيقاها، وبهاء صورها، وتعدّد ألوانها الحيّة البديعة.

وأشار المرحوم الدكتور عيسى الناعوري في كتابه عن الأدب المهجري، إلى صنيع شعراء المهجر في أوزان الشعر وموسيقاه، وإلى تلاعبهم بالتفعيلات وإيثار بعضهم بناء القصيدة على تفعيلة واحدة، وإلى تنوّع القوافي في قصائدهم.

وإلى أثر هذا في موسيقى الشعر، ويرى أن صنيعهم هذا حفظ للشعر العربي روحه وموسيقيّته الفنية.

وكتب المرحوم جورج عن هوية الأدب المهجري قائلاً: "هو أدب عربي البذار، عربي الأرومة، عربي المبنى. فرع عريق من دوحة العروبة حملته الرياح إلى مشاتل العالم الجديد فزكا في كل تربة، وأينع تحت كل سماء. طبعت شمس الغرب ألوانها على أوراقه، أمّا لبّه فيحيا على إشعاع الشرق وقلبه يختلج بنسمات الصحراء.

تشابهت على منابته المتفرقة ظروف الحياة وطبائع المناخ، فتشابهت أثماره شكلاً وتشاركت في الطعم، وفي خصائص من رواء ونكهة وتنوّع لم تُعرف قبل في الدوحة الأم. مثار راح صاحبها القديم يستوردها من العالم الجديد، ويتذوق فيها حلاوة الوفاء، ومرارة الاغتراب، كلما ذُكر مصدرها البعيد ومنشؤها بين الدخان والحديد.

أدب المهاجرين، رسالة عربية لم يلصق بها الغرب إلا طابع بريد، عبرت البحار إلى قرّاء العربية، فسارع المتشوّقون إلى فضّ الرسالة لكي يستمتعوا بما كتبه لهم الأحباب الغيب. أما الكسالى، فوقفوا عند الغلاف المختوم يتهجون حروف العنوان، ويتكهنون عن المضمون.

إنّ أدب المهجر فرع يباهي بأصله ويعترف بفضل الجذور عليه؛ فضل الأم على الولد، أي الفضل الذي لا يُنسى ولا يُجحد.

ورحل الأوائل إلى دار الخلود. وأخذت بعض الأقلام العربية تنعى الأدب المهجري بعد رحيل المؤسسين، وتتباكى على تلك الشوامخ التي دمّرتها سنة الحياة. فلا ورثة يحملون أثقال هذا الإرث العظيم، وتحافظ على ألقه، ولا مياه صافية عذبة تسقي جذور هذه الشجرة الباسقة التي عمرت في كلّ حرف عربيّ. هكذا قالوا، وهذا ما كتبوه بِاسم الغيرة على أدب المهجر. وإذا كتب أحدهم عن أدب المهجر، فإنه يصل في دراسته إلى نهاية الأيام التي عاشها جبران والريحاني وآل معلوف وعدد آخر من أولئك الأعلام، ويتوقف ويطوي الصفحة، ويعيد المعزوفة، في أكثر من دورية أسبوعية أو شهرية. ويتناسى هذا الكاتب الأديب الدور الذي يقوم به الفرسان الجدد في كل ميادين الأدب والشعر، في البرازيل والأرجنتين، في أستراليا وفنزويلا، وكأنه قد أقفل الباب على هؤلاء الفرسان وحرّم عليهم الانفتاح والإبداع، وقد يكون معذوراً لأنه لم يقرأ الدراسات المكثفة التي صدرت عن أدباء المهجر المعاصرين، ولم يطّلع على القصائد العصماء التي نشرتها أمهات الصحف والمجلات في القطر العربي السوري وفي بقية الأقطار العربية.

وخصائص الأدب المهجري المعروف بطابعه العاطفي، والصوفي، والتأملي، والأخلاقي، والواقعي، والقومي، والإنساني، معروفة لدى كل من قرأ الأدب العربي في دراسته الثانوية والجامعية.

ورسالة الأدب المهجري الإنسانية، والقومية، والاجتماعية، مدعومة بالشواهد الكثيرة التي حفلت بها قصائد الشعراء. وانتقلت هذه الخصائص البارزة إلى شعراء المهجر المعاصرين، وبقيت هذه الرسالة مرفوعة اللواء في سواعد الشعراء والكتاب المهجريين المعاصرين.

• مقارنة بين الأديب المهجري وتطلعاته وآرائه في قضايا الأمة والوطن ورؤيته الأدبية؟

- تسلّق الأديب المهجري المعاصر القمة، وفي مدة زمنية مشرقة ابتسم لها فم المعرفة. وترافقت المواهب والإبداع، فأعادت إلى المدرسة الأدبية المهجرية ألقها، وكان الوارث الجديد خير من يحافظ على الإرث.

والأديب المهجري المعاصر يفتش غاوياً عن المرتفعات، ويغوص شادياً في أعماق الوجود، يلاحق الأماني والأحلام في رقدتها، فيوقظها، ويبعث فيها النبض والحياة، يفتش عن الآلام والجراح في مضامنها، فيشفيها ويوقف الوجع والنزيف.

إنه يعيش قضايا بلاده، يُطيل النظر إلى الأشباح المتحركة وطنه الكبير، ويرقب أولئك الذين يرتدون مسوح التبشير والإعلان.

ماذا يفعل هؤلاء الانهزاميون في منعطفات الليالي؟

ولماذا يؤمنون بالذئاب؟ ويتهالكون على أعتاب الخداعين؟

يعود إلى المنابع الأصيلة ليغبّ منها الراح والكوثر، وينتقي الحبة المضيئة من القلائد والعقود. لا يقف عند الحدود التي رسختها الأجيال، وإنما يتجاوزها ويبني على شوامخها رؤياه الجديدة، ويبقى وفياً لهذا الشعاع المنبعث من خيوط الشمس، لأنه تعبّد في محراب الإخلاص والصدق، وعاش في دنيا الفضيلة والوفاء. لا ينكر الذين سبقوه على دروب الخلود، لكنه يتخذ منهم مثالاً وريادة، ويستشف من بريقهم الألوان والألحان الجميلة، ويضيف إليها الجديد المطرّز بالحبكات المذهّبة، والمبلل بقطرات العطر والندى. لا ينافق في رؤياه، ولا يستجدي في قوله وعمله. لا يتاجر بالأدب والشعر، ولا يبيع الموهبة والمعرفة يحمل هموم العروبة ومآسيها فلا يعبّ من مياه بحورنا المسمومة المعكرة. يمسك بكلتا يديه مناديل الدم المغموسة في صدور وقلوب المقهورين، ينظر إلى الزهرات الذابلة التي بللتها دماء الشهداء، وضمّختها أنفاس الضحايا.

لا يركع ولا ينحني. يتنشّق الريح المسموم، ويطوي المنديل الأحمر، ويقطف الوردة المصبوغة. يمسك بالجواد العربي من عنانه، ليعيد إليه صهيله وجموحه. وينشر المنديل الأحمر على أسنّة الرماح، ويزيّن صدره بالزهرة المصبوغة.

هذه صورة صادقة لكلّ أديب معاصر في المهجر الأميركي الجنوبي. وهذه صفحة صادقة مكتوبة بقلم ذلك الأديب في شعره ونثره. وقد تختلف المقاييس والألوان، وتتغير الصور والألوان، في العطاء والنغم، في الشكل والمضمون، ولكن منابع الوحي والإلهام ومواقف الالتزام بقضايا الوطن الكبرى، والحنين إلى الأرض والأهل، تبقى واحدة، تنهل من منبع واحد، وتشعّ من مصباح واحد.

*

نعمان خليل حرب في سطور

1- نعمان خليل حرب من محافظة السويداء ومن مواليد سنة 1920.

2- تلقى علومه في مدارس السويداء.

3- كتب في مطلع شبابه مقالات وقصص وريبورتاجات نُشرت في أمهات الصحف والمجلات العربية في سورية ولبنان، وعمل مراسلاً لها عدة سنوات.

4- ساهم مع شقيقه المرحوم الأستاذ نجيب حرب في تحرير وإصدار جريدة "الجبل" منذ منتصف عام 1942 ولغاية عام 1959.

5- قام برحلة إلى أميركا الجنوبية والتقى أدباءها وشعراءها، وكانت له معهم جولات في الميادين الأدبية والفكرية.

6- بعد عودته، اتصل بأدباء العرب في الأرجنتين وفنزويلا وأستراليا، وكتب عن أكثرهم دراسات شاملة في مجلّتَي "الثقافة الأسبوعية والشهرية".

7- أصدر ست دراسات عن أدباء المهجر، وهم: فارس بطرس، حنا جاسر، شفيق عبد الخالق، نبيه سلامة، نواف حردان، انجال عون، وتصدر الدراسة السابعة عن الشاعر شكيب تقيّ الدين.

هوامش:

(1) فارس بطرس: مراجعة النبذة المعممة عنه على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

(2) حنا جاسر: كما آنفاً.

(3) شفيق عبد الخالق: كما آنفاً.

(4) نبيه سلامة: كما آنفاً.

(5) فيليب سالم: كما آنفاً.

(6) نجيب عسراوي: كما آنفاً.



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه