شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2011-07-14
 

سلعاتا ممر ساحلي منذ الرومان ومقر للمعالم والآثار

سلعاتا بلدة ساحلية عامرة بالسكان منذ أن سكن الانسان الاول كهوفها. لقد عرفت بحكم موقعها الاستراتيجي، خطا ساحليا يربط الساحل اللبناني من بيروت مرورا بالبترون مركز القضاء، وبكوبا، وصولا الى طرابلس عبر محلة حنوش، واستحداث نفق في جبل الشقعة الذي يصلها بساحل حامات، وبالهري وشكا وانفه، وكانت قديما عبارة عن مرفأ ترسو فيه السفن، ومنارة للارشاد.

الطريق الساحلي

لطالما عرفت البلدة بزحمة السير على خطها الساحلي في الاتجاهين، بالرغم من ضيق طريقها. واليوم، رغم اتساعها، تشهد حركة سير بطيئة بعدما تحول السير الى الاوتوستراد الجديد المجاور لقلعة المسيلحة (نفق حامات - شكا) ليقتصر على عدد قليل من السيارات وبخاصة ابناء وجه الحجر وحامات في اجتيازهم الطريق الى أعمالهم، فضلا عن حركة الشاحنات التي تنقل البضائع من الشركات واليها، في كوبا وسلعاتا والهري وشكا.

لقد اعتمد أبناء البلدة على العيش من الزراعة، وبخاصة القمح وتربية دودة الحرير، وعلى صناعة الملح، قبل أن تتحول الى بلدة صناعية، ومن ميناء لصيد السمك، الى مرفأ تجاري، بفضل شركة كيماويات لبنان - سلعاتا، وشركة الزيوت.

الرحالة بوكوك

والبلدة البترونية الساحلية، زارها الرحالة الانكليزي الاسقف ريتشارد بوكوك، خلال رحلة له في الشرق عام 1738، وبعد مغادرته البترون قال فيها: "بعد أربعة أو خمسة أميال من البترون، دخلنا في الجبال التي تمتد من الغرب نحو البحر وتشكل رأسا يسميه الاقدمون theoprosopon الذي يرى البعض أن جبل لبنان يبتدىء منه (المعروف باسم وجه الحجر المجاورة لسلعاتا، وهناك بنى الاعراب والايطوريون قطاع الطرق، إحدى قلاعهم التي دمرها بومبيوس واتباعه.

اجتزنا في هذا المكان جسر نهر الجوز، فوصلنا الى صخر ضخم علوه حوالى مئة قدم بمئة قدم طولا وعشرين عرضا، تقوم عليه قلعة تدعى المسيلحة، فقررنا أن نبيت فيها، مع انها غير صالحة للاقامة. ولحسن حظنا كان كاهن ماروني مارا من هناك، فدعانا بلطف الى النزول في بيته، الذي يبعد ثلاثة او اربعة اميال، فذهبنا معه، وقدم لنا عشاء، ونمنا على السطيحة، كما هي العادة في هذه البلاد في فصل الصيف".

الطريق الروماني

والبلدة الساحلية عرفت طريقا رومانيا، ما زال من آثاره درج منقوش في الصخر، ملاصق لجبل الشقعة حيث النفق لجهة البحر، إلا أن زلزالا وقع عام 555 للميلاد فخرب هذا الطريق، وزحل قسم من جبل الشقعة الى البحر تاركا على جنباته حلقات حديدا للتمسك بها، دربا للمرور استخدمها الرومان في مواجهة الايطوريين.

معالم البلدة

ومن معالم البلدة قديما، محلة حنوش التي ألحقت عقاريا عام 1960 ببلدة حامات، وكانت عامرة بالسكان، وقد سميت وجوارها "جيغرتا"، أحد معاقل الايطوريين الذين كانوا أول من حارب الرومان لدى وصولهم الى الشرق، وبعد مقتل قائدهم ديونيسوس على يد الامبراطور الروماني حل بجيغرتا الخراب بفعل الزلزال الذي أصاب الشقعة، فحول الامبراطور يوستينيانوس الطريق الى محلة المسيلحة، وتعد محلة حنوش (جيغرتا) أثرية وجدت فيها نواويس وأجران ورؤوس أعمدة، ونقود، وكتابات يونانية وترجمة لبعضها.

الموقع والحدود

تمتد سلعاتا من شاطئ البحر الى سفح الجبل الذي يفصلها عن وجه الحجر، ومعظم مساكنها حاليا تمتد بارتفاع 80 مترا عن سطح البحر، وتبعد عن مدينة البترون 3 كيلومترات وعن طرابلس 30 كيلومترا وعن العاصمة بيروت 55 كيلومترا. تصل اليها عبر كوبا، ومن شكا عبر الهري، ومن حامات عبر وجه الحجر.

تحدها شرقا وجه الحجر، وغربا البحر الابيض المتوسط، وجنوبا كوبا وشمالا حامات.

الاسم ومعناه

سلعاتا تعني بحسب البعض الصخر الشاهق، وهناك كتل صخرية تغتسل على شاطئها، ومنهم من يرجعها الى السريانية والآرامية sal-ata، أي الدرهم والفلس، أو سل البيعة.

آثارها

تحتضن البلدة معالم أثرية، من مغاور ونواويس ورؤوس أعمدة، وثمة صخرة تسمى سرير الملكة في محلة مرجان، إلا أن معظمها قد اندثر أو أتلف. وفي البلدة مغارة الحمام، ومغارة القنفذ، ومنحوتات صخرية على أشكال جمال، وهي بمثابة تجاويف مائية كانت تستخدم ملاحات لاستخراج الملح. وكان في البلدة حصن أثري على الميناء، استخدم منارة لإرشاد السفن، ويذكر أنه أزيل في الخمسينات حيث أنشئت شركة كيماويات لبنان. إلا أن هذا المعلم أضيء كغيره من الحصون، يوم اكتشفت الملكة هيلانه خشبة عود الصليب في القدس. ومن معالم البلدة: البالوع وعين الرحمة، وكانت تقصد من البحارة ليشرب العابرون من مياهها، ويرددوا "خي، الله يرحم الموتى"، وبئر التوتة، وقد اتخذت هذه التسمية لوجود أشجار عديدة من التوت في جوارها، كانت في الحرب العالمية الاولى تغطي أشعة الشمس لكثرة عددها، وكان يعتمد عليها لتربية كميات كبيرة من دودة القز، ويذكر وفق الارشيف العثماني، أن البلدة كانت تدفع ضريبة بين الاحصاء الأول والاحصاء الثاني، أي بين العامين 1519 و1571، 2300 آقجة، وكان معظمها على تربية دودة الحرير والقمح.

ويذكر عن معلم الناعورة، أن الاهالي كانوا يستخدمونه في نقل المياه، بواسطة سلال من الخشب كانت تدار على دولاب، يجره البغال او الدواب لري مزروعاتهم. وفي البلدة معلم آخر يدعى "الدروة". ويذكر أن أبناء البلدة في الحرب العالمية الاولى كانوا يجلبون مياه البحر ويضعونها في زوايا مموهة في الحقول تعرف ب"الدروة"، وكانوا يغلون المياه لاستخراج الملح، لئلا يشاهدهم الجيش التركي الذي كان يمنعهم ويحطم جرارهم. ويروى أن معظم الذين نجوا من الجوع في الحرب العالمية الاولى ومن ابناء البلدة كانوا قد تمكنوا من استخراج الملح من إنتاجهم الزراعي من القمح.

واقع البلدة

تميزت سلعاتا بحجرها الرملي الذي اقتلع من مقالعها لبناء حارات في البترون، كما تتميز بزراعة الزيتون والكرمة، إلا أن هذه الزراعة تراجعت بفعل إهمال الاهالي لأرضهم وانصرافهم للعمل في التجارة والخدمات العامة، وفي الشركات الصناعية، وكان لوجود هذه الشركات عند نشأتها أثر سيئ على الزراعة. أما الملاحات فقد توقف العمل بها بعد بيعها بمعظمها للمؤسسات الصناعية، بفعل المضاربة التجارية من الملح المستورد، وبخاصة من مصر.

البلدية

ولسلعاتا بلدية تأسست عام 1963 برئاسة يوسف رزق الله سلوم، وضمت انطوان اديب سلوم (نائب رئيس) والاعضاء جرجي سابا سلوم، سليم امين سلوم، نخله انطوان الماروني، ميلاد سعدالله سلوم، يوسف الياس سلوم. وانتخب لها عام 1999 مجلس بلدي برئاسة جورج سلوم، وما زال، وقد انتخب عام 2002 رئيسا لاتحاد بلديات منطقة البترون المستحدث، واستمر في رئاسة الاتحاد حتى منتصف 2010.

سلوم

وبعد مرور سنة ونيف على انتخابه، تحدث رئيس البلدية جورج سلوم عن المشاريع التي نفذها والتي هي قيد التنفيذ، فقال: "عمل المجلس البلدي على إقامة مجمع رياضي عام 1999 ومدرج يتسع لخمسة الآف شخص، وقد تحول الى ملتقى رياضي للمدارس والاندية يمارسون فيه بوجه خاص لعبة كرة القدم وألعاب القوى ورياضة الركض"، داعيا وزارة الشباب والرياضة الى دعم البلدية لاستكمال المجمع وتجهيزه".

وأضاف: "على الصعيد البيئي، اهتمت البلدية بتنظيف احراج البلدة على مساحة تجاوزت المئة الف متر مربع، ومتابعة معالجة الوضع البيئي مع وزارة البيئة، وادارات الشركات الصناعية لرفع ما يمكن من أضرار صحية وبيئية ناجمة عن وجود التجمع الصناعي في سلعاتا والهري وشكا، تطبيقا للقوانين والمعايير التي أقرتها وزارة البيئة، وجرى العمل بها نظريا سنة 1996".

وقال: "تعمل البلدية على تصنيف الشاطئ وفقا لتصور بلديات البترون وكوبا وسلعاتا وحامات والهري وشكا.

ولفت الى "أن البلدية أنشأت حديقة عامة على مساحة اربعة الآف متر مربع، كما بدأت بإنشاء مركز صحي اجتماعي هو بمثابة ناد للمتقاعدين، يضم قاعة تسلية ومستوصفا ويوفر رعاية للمسننين".

وأشار الى أن البلدية تقدم منحا مدرسية وتعمل على شراء الكتب لتلامذة البلدة، بالاضافة الى مساهمتها في تأمين الادوية للمرضى المصابين بأمراض مزمنة ولا يستفيدون من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو تعاونية موظفي الدولة".

وتناول موضوع الانارة العامة فقال: "إن المجلس البلدي جهز الإنارة العامة بمولد خاص لاضاءة البلدة وشوارعها عند انقطاع التيار الكهربائي". أما بالنسبة الى مياه الشفة، فأشار الى "أن البلدية تقوم بعد تلكؤ الدولة عن واجبها، بتأمين مياه الشفة للبلدة منذ عام 1976، بعد حفر بئرين ارتوازيتين وتجهيزهما وإفادة الاهالي منهما دون أي بدل، فضلا عن القيام بواجبات البلدية التقليدية، من جمع ونقل للنفايات، ورش لمبيدات ، وصيانة للطرق، والانارة العامة، وانشاء جدران دعم وأرصفة، الى نشاطات ثقافية واجتماعية. أما بشأن انشاء محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في البلدة، فإن المجلس البلدي وافق وحدد محلة المرجان مكانا للصرف الصحي الذي يخدم بلدات حامات، ووجه الحجر، وسلعاتا، وكوبا، والبترون واجدبرا وعبرين".

وأوضح "أن المحطة التي أنجزت قبل أشهر، يقوم مجلس الانماء والاعمار حاليا بتلزيم مد الشبكة الرئيسية لها، والاعمال جارية لإنجازها.

التراث والعائلات

شيدت قديما منازل البلدة في جوار دير مار سابا ودير مار عبدا، وما زالت تلك المحلة معروفة بسطوح الحارة. أما أحياء البلدة فهي: حي الشارع العام، الحي الجنوبي، الحي الشمالي، وسط البلدة، حي الكنيسة. وتجتمع عائلات البلدة على عشاء قروي تراثي سنويا في عيد القديس سابا في 24 آب عشية العيد في ساحة الدير.

وقد عرفت البلدة الهجرة الى الولايات المتحدة واوستراليا وكندا، ويبلغ عددهم نحو ربع عدد المقيمين وعائلاتها: سلوم، الماروني، طالب، حداد، الترك، اسطفان، سلامه، تيداري، شحود، رستم. ويذكر أن العمران الحديث في سلعاتا بدأ عام 1712.

الزراعة والصناعة

اعتمد أبناء البلدة على العيش من الزراعة وبخاصة على القمح وتربية دودة الحرير، وعلى صناعة الملح، قبل أن تتحول الى بلدة صناعية، ومن ميناء لصيد السمك، الى مرفأ تجاري بفعل شركة كيماويات لبنان- سلعاتا وشركة الزيوت. والبلدة صناعية يرتكز إنتاجها على وجود معامل، كمعمل دبس الخرنوب، وشركة كيماويات لبنان، وشركة الزيوت ومشتقاتها، وشركة كيماويات سلعاتا، ومؤسسة حشيمه لنشر الصخور، ومؤسسة مياه جاد، ومياه الأرز، ومعمل كفوري للمعادن. وفي البلدة أيضا مرفأ تابع لشركة كيماويات لبنان وآخر لشركة كيماويات سلعاتا، ضمنه حوض لقوارب الصيد.

ولقد اعتمد أبناء البلدة على العيش من الزراعة وبخاصة على القمح وتربية دودة الحرير وصناعة الملح، قبل ان تتحول الى بلدة صناعية، ومن ميناء لصيد السمك الى مرفأ تجاري بفعل شركة كيماويات لبنان - سلعاتا، وشركة الزيوت.

ويتطلع رئيس البلدية الى استكمال ورشة الاعمال التي تنجز خلال سنة، وأبدى رغبة المجلس في تنظيم البلدة وتسمية شوارعها وترميم منازلها وفق نظام GIS.

تحقيق غسان عازار


 

جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع