شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2012-01-27
 

كتاب "آل الطيّارة في لبنان"... بحث يرسم تاريخ العائلة البيروتية

تعود الذكريات إلى المكان الأول، إلى الأساس، ويكبر السؤال حول المصدر الأول: من أين؟ ولماذا؟ وكيف؟

أسئلة وجودية تنام في بال المرء المشغول بتفاصيل الحياة، ومثل جمر تحت الرماد، ينتظر هبة هواء واحدة تعيد اليه وهج البحث عن ذاته، عن اسمه، عن عائلته.. بحث يتطلب عوامل عدة ليتسم بالجدية والرصانة أولها الاستعداد لعمل تكثر فيه الأبواب المغلقة، وتتكرر الإجابات المبهمة والخائفة من تمرير المعلومة ولو كانت بسيطة، والاستعداد للتضحية بالوقت والجهد والمال لتمويل مشروع يؤرخ للتاريخ الشخصي ومن خلاله تاريخ المدينة وصولاً إلى تاريخ الوطن الأشمل.

شـجـرة الـعـائـلـة

آل الطيّارة في لبنان، كتاب صدر حديثاً لمؤلفه المهندس عارف الطيارة الذي قرر البحث عن جذور عائلته وتدوين كل المعلومات المتعلقة بها وبشخصيات برزت منها، وصلتهم بآل الطيّارة في بلدان عربية مجاورة، وصولاً إلى شجرة العائلة التي قرر إيقافها قبل جيلين من الجيل الحالي احتراماً لخصوصية الأفراد.

ولد الكتاب الجديد بعد سنوات من البحث، لم يكن عملاً يومياً بسبب مشاغل الحياة، يقول عارف الطيّارة، ويشرح كيف ولدت لديه الفكرة حين وقع على كتاب يردّ نسب آل الطيّارة إلى سلالة الأشراف، كما وجد ذكر لآل الطيّارة في العديد من الكتب التاريخية، فبدأ البحث عن أصل التسميّة والعائلة، واكتشف بأنها تعود إلى الجدّ الأول الذي عاش قبل اختراع الطيّارة كوسيلة نقل نعرفها اليوم، ويعود أصلها إلى كلمة الطير أو الطيران، ويقول: تستعمل كلمة الطيّارة للدلالة على كل ما هو سريع، وكانت الكلمة - الاسم تطلق على الناقة الفريدة من نوعها، والتي تتميز بقدرتها على الجري السريع، وليس من المستبعد أن أحد الأجداد كان يملك مثل تلك الناقة، أو أنه هو نفسه، اشتهر بسرعة الجري، فأطلق على أحفاده لقب -بنو الطيّارة-.


أصـل الـتـسـمـيّـة

وفي أصل التسميّة أورد قائلاً: اسم يطلق على الوسيلة المكوّنة من عيدان تستعمل لبرم الغزل عليها ...، قطعة من الورق يربطها الصبيان بخيط ويطلقونها في الهواء ... إسم الطيّارة على الغرفة المفردة التي تبنى على السطح، في أعلى البناء ... إسم يطلق على نوع من السفن النهريّة القديمة، ويضيف شارحاً كما يطلق هذا الاسم على الجماعة التي يعتقد أفرادها بأن موتهم هو طيران نفوسهم.

بعد الجذور وأصل اللقب، يفرد الكاتب فصلاً كاملاً لقدوم آل الطيّارة إلى لبنان، وتحديداً إلى مدينة بيروت حيث أصبحوا من عائلاتها المعروفة، ويشرح ظروف قدوم الجدّ الأول وهو عمر الذي عاش في القرن الثامن عشر ويقول: الفترة الزمنية التي تفصل بين أول من لقّب بالطيّارة الذي تحدثت عنه كتب الأنساب القديمة، وهو عبد الله 300ه 912م، وبين الجد الأول لآل الطيّارة في لبنان 1122ه - 1710م حوالى 822 سنة هجرية، أي ما يعادل 798 سنة ميلادية. وهذا يوازي نحو أربعة وعشرين جيلاً. ونظراً لكون عبد الله قد عاش في مصر، فإنه من المحتمل أن يكون آل الطيّارة في لبنان، قدموا من شمال أفريقيا وينتسبون إلى آل الطيّارة الأشراف الوارد ذكرهم في كتب الأنساب القديمة. ويتابع رحلة الجدّ الأول عمر، فيذكر بأنه ولد عبد الرحمن ومصطفى وكان له ثلاثة أحفاد انحدر منهم أفردا عائلة الطيّارة المسجلين في نفوس بيروت.


أقـسـام الـكـتـاب وفـصـولـه

يقسّم الكاتب بحثه فصولاً حمّلها العناوين التالية: آل الطيّارة في بيروت في القرن التاسع عشر، من مشاهير آل الطيّارة في لبنان، مشاهير آل الطيّارة في لبنان خلال القرن التاسع عشر ويتناول في هذا الفصل سيرة كل من: الحاج إبراهيم محمد الطيّارة، الحاج خليل عبد الله الطيّارة، الحاج سعيد محمد الطيّارة، ثم يتابع في الفصل اللاحق الكلام على مشاهير آل الطيّارة في لبنان خلال القرن العشرين فيورد تفاصيل حول كل من:عبد الرحمن بشير الطيّارة، الدكتور صبحي حسن الطيّارة والحاج منير مصباح الطيّارة.

بعد التاريخ والشخصيات البارزة من العائلة ينتقل عارف الطيّارة للحديث على دور آل الطيّارة في المجمتع اللبناني وتحديداً في المتجمع البيروتي، فيبيّن دورهم ونشاطاتهم لا سيما من خلال إنماء جمعية المقاصد الخيرية، وغيرها من الجمعيات، ويرصد الكاتب كل المناصب المساهمات التي قام بها أفراد العائلة منذ تأسيس الجمعية وصولاً إلى يومنا الحالي ويتوقف عند المحطات البارزة والمواقف الحرجة ومنها مثلاً أن شغل محي الدين الطيّارة منصب عضو هيئة الجمعيّة بعد أن حلّها الوالي العثماني الجديد أحمد حمدي باشا عام 1882م. وسمّاها شعبة المعارف الأهليّة وكانت برئاسة عبد القادر جمال الدين. وشارك إبراهيم الطيّارة بعضويّة الهيئة الجديدة لشعبة المعارف الأهليّة بعد إعادة تشكيلها عام 1884م. وكانت برئاسة مفتي بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري.

وينتقل المؤلف للكلام على شجرة آل الطيّارة وظروف تحضيرها وعناصرها وفروعها والإحصاءات التي رافقتها، مقدماً لوحة شاملة لعدد الذكور والإناث في العائلة، وأكثر الأسماء ترداداً عندهم.. إلى جانب إحصاءات أخرى ورسم بياني للشجرة يسهّل قراءتها.

يتمتع كتاب آل الطيّارة في لبنان بلغة بسيطة وواضحة بعيدة عن المبالغة أو التضخيم، ويكتفي بتقديم المعلومة بدقة وموضوعية، ويُعدّ من الأبحاث المفيدة للتعرّف على تاريخ العائلة البيروتية، ومن خلالها التعرّف على صفحات من تاريخ مدينة بيروت ونمط الحياة فيها، ويشكل ذلك طريقة عملية ودقيقة لإستعادة الذاكرة المحلية بتفاصيلها مع نسيج العلاقات الاجتماعية وعلاقات المصاهرة بين العائلات وطبيعة المهن السائدة وغيرها من التفاصيل الدقيقة التي تشكل إضافة مميزة في فسيفساء مدينة هي العاصمة والقلب النابض للبنان.


جدير بالذكر أن المهندس عارف الطيّارة، وبالتزامن مع كتاب آل الطيّارة في لبنان، شيّد موقعاً الكترونياً للعائلة، وحوّله منبراً للتواصل بين أفراد آل الطيّارة داخل لبنان وخارجه، في محاولة لإعادة جمع العائلة وربط القنوات بينهم، في زمن تبدو الكتابة فيه عن أصل العائلة وتاريخها، كمن يسبح عكس التيار كما يقول قي مقدمته، ولكن تبقى العائلة هي الأساس وهي نواة المجتمع والوطن، لذلك لم يغفل الكاتب إهداء كتابه لذكرى رجلين عزيزين على قلبه، وهما والده الحاج منير الطيّارة والدكتور عبد الرحمن بشير الطيّارة الذي جمع قدراً كبيراً من المعلومات التي استند عليها الباحث للمباشرة بكتابه.


آل الطيّارة في لبنان بحث لعارف منير الطيّارة، الطبعة الأولى تشرين الثاني 2011، 112 صفحة من القطع الوسط.

*

جدير بالذكر أن في الحزب السوري القومي الإجتماعي رفقاء من آل طيارة، منهم المحامي الأمين الراحل عدنان طيارة وكان تولى مسؤولية منفذ عام بيروت، والرفيقة نجوى طيارة عقيلة الأمين الراحل المهندس عاصم الداعوق الذي كان تولى مسؤوليات مركزية ومحلية عديدة منها عميد مالية، وعميد عمل، انتخب عضواً فرئيساً للمجلس الأعلى



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024جميع المقالات التي تنشر لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع