شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2012-02-27 |
غسـان جـديـد...البطل الذي لم يترجّل ! |
في كتابه "صراع واشواك على الطريق" خصّص الامين علي المير ملحم فصلاً خاصاً عن الرفيق الشهيد غسان جديد. في الذكرى الخامسة والخمسين لاستشهاده (19 شباط 1957) نشرت جريدة " النهضة " في عددها الصادر بتاريخ 21/02/2012 الفصل المشار اليه الذي نعيد تعميمه كما ورد في " النهضة ". * في العام 1945، كانت سورية في ثورة وغليان واضطرابات ومظاهرات واضطرابات وتحضيرات للاستقبال التام لإخراج الفرنسيين من الشام ولبنان. تواردت الأخبار إلى اللاذقية بأن الثوار، على رأسهم ضابط من آل جديد من قرية دوير بعبدة قد احتلوا الثكنة العسكرية الفرنسية في تلكلخ ورفعوا العلم السوري عليها... استقبلت اللاذقية هذا الحدث بالأهازيج والأفراح والتهاليل، وأخذ الشعب في الطرقات يصافح بعضه بعضاً ابتهاجاً بهذا النصر المؤزر، لأنه كان أول علم سوري يرفع على ثكنة عسكرية فرنسية في بلاد الشام ولبنان. في العام 1956 عندما كان الرفيق غسان جديد عميداً للدفاع في الحزب السوري القومي الاجتماعي وكنت ناموساً لعمدة الدفاع استفسرت منه عن هذا الموضوع الذي سمعته في اللاذقية عام 1945، فحدثني بما يلي: عندما كانت فرنسا منتدبة على الشام ولبنان، كان برتبة ضابط في الجيش الفرنسي، ويخدم في منطقة عسكرية في طرابلس، وفي هذه الأثناء تعلم قيادة السيارات، وكانت الشام في ذاك الوقت في ثورة وغليان... قال: اتفقت مع القوميين وبعض الوجهاء النافذين من آل الدندشي في تلكلخ، وتعهدت بتقديم السلاح الذي يمكن توفره بغية احتلال الثكنة العسكرية الفرنسية في تلكلخ، وبالتواطؤ مع بعض العسكريين في داخلها. وقال: خفية أملأت سيارة شاحنة بقطع من السلاح والذخائر المتوفرة في الثكنة الفرنسية بصفتي ضابطاً فيها، واتجهت بحمولة السيارة من طرابلس إلى تلكلخ وأنا أقود السيارة. شعر الضباط الفرنسيون بذلك وطاردوني، وأخذوا يطلقون النار على السيارة، وتابعت المسير أقود السيارة بسرعة جنونية حتى وصلت إلى تلكلخ. كان يروي الحادثة في مجال بداية تعلمه قيادة السيارات، حيث قال: لم أبالِ بأزيز الرصاص والمطاردة العنيدة التي تتبعني، لأني كنت مسروراً وفرحاً، حيث شعرت بأنني انتقلت من سائق غر إلى سائق ماهر، وهذا كل ما كان يشغلني ويملأ شغاف قلبي. ثم أردف قائلاً، وصلت إلى تلكلخ حيث كان تجمع القوميين والمواطنين الأبطال بانتظاري فوزعت عليهم السلاح ونظمتهم ووزعت المهام العسكرية على كل منهم، وكنا على اتفاق مع بعض العسكريين الوطنيين في داخل الثكنة؛ ومن ثم هاجمنا الثكنة العسكرية الفرنسية وتم الاستيلاء عليها بخسائر طفيفة، ورفعت بيدي العلم السوري على تلك الثكنة، وكان أول علم سوري وطني يرفع في ثكنة فرنسية في كل من سورية ولبنان. * بهذه المناسبة أرى أن أورد نبذة عن حياة البطل السوري المقدم غسان جديد حسب المعلومات المتوفرة لديّ: • في العام 1920 ولد الرفيق غسان جديد في قرية دوير بعبدة. قضاء جبلة. محافظة اللاذقية. • تخرج من الكلية العسكرية في حمص، وخدم بالجيش السوري. • كانت فلسطين محوراً رئيساً بجهاد غسان جديد العسكري والدبلوماسي، فضلاً عن نضاله الفكري. • في العام 1948 ترك مهمة التدريب في الكلية العسكرية، والتحق بجيش الإنقاذ في فلسطين الذي كان يرأسه المناضل والمجاهد الكبير فوزي القاوقجي (من طرابلس لبنان) وتسلم قيادة آمر فوج في جيش الإنقاذ. • في مذكرات قائد جيش الإنقاذ المجاهد فوزي القاوقجي وردت المعلومات التالية: • بتاريخ 7/9/1948 حصل اشتباك مع العدو في مرتفعات "العموقة" التي تشرف على سهل الحولة في فلسطين، وقد حاول اليهود الوصول إلى جبل "نطاح" فردتهم قوات غسان جديد. • وفي 7/9/1948، اشتبكت قوات غسان جديد مع اليهود بمعركة "ماروس" التي تبعد مسافة كيلو متر إلى شمال "العموقة". • في 9/9/1948 اشتبكت قوات فوج غسان جديد مع اليهود في معركة قرب "ترشيحا". • أمام خطورة المعركة وأهميتها اتصل فوزي القاوقجي بقائد الجيش السوري حسني الزعيم ودعاه إلى زيارة الجبهة لإقناعه بأهمية المنطقة التي يدافع عنها غسان جديد ولإقناعه بإرسال كمية من السلاح والذخيرة إلى فوج غسان جديد ليحسم المعركة كلياً. • في 13/9/1948 اجتمع فوزي القاوقجي وحسني الزعيم برئيس الجمهورية السورية شكري القوتلي وحضر الاجتماع رئيس وزراء سورية جميل مردم بك ورئيس حكومة لبنان رياض الصلح، وشرح القاوقجي أهمية منطقة "ماروس"، وطلب أن يسلّموه مدافع هاون وذخيرة؛ رفض المجتمعون طلب القاوقجي وأشاروا عليه بالانسحاب من "ماروس". قال فوزي القاوقجي على أثر ذلك: "لم أكن أتوقع مثل هذه الصدمة في حياتي". • كرر غسان جديد طلب الدعم بعدما طوق اليهود في جبل "المنجى" متمسكاً بالهجوم لاسترجاعه، بعدما استرجع التلال المجاورة و"ماروس"، ولكن لم يقدم له الدعم المطلوب خاصة وأن التحشدات في "صفد" قائمة بسرعة وأن العتاد في أيدي جيش الإنقاذ أوشك على النفاد. • قام غسان جديد بغزو أحد المعسكرات البريطانية في "حيفا"، حيث تنكر مع مئة وعشرين مجاهداً منهم: زياد الأتاسي وعلي ماجد وإبراهيم فرهود (يساري، عين مديراً عاماً للمؤسسة العامة لاستثمار وتنمية حوض الفرات، مقرها مدينة الثورة. محافظة الرقة عام 1970)، تنكروا جميعاً بثياب الجيش الأردني واخترقوا طريق "جنين" إلى "حيفا" والمعسكرات البريطانية واليهودية التي تقوم على جانبي الطريق، وساروا إلى قلب "حيفا" واجتازوها إلى "الطيرة"، ونفذوا المهمة حيث سقط المعسكر في أيدي القوة بما فيه من أسلحة وذخائر. • رُفّع غسان جديد إلى رتبة "مقدّم" وأصبح رئيساً للوفد السوري إلى لجنة الهدنة وقائداً للفوج المتمركز على الحدود قبالة "الحولة". • انتدب غسان جديد مستشاراً عسكرياً لدى الوفد السوري في هيئة الأمم المتحدة. • انتقل إلى قيادة مدرسة ضباط الاحتياط في حمص عام 1954. في تلك الأثناء كان غسان جديد يكتب في جريدة "البناء" الدمشقية سلسلة من المقالات بتوقيع "صديق المحمود" وأحياناً بتوقيع "شاب". • في أواخر عام 1954 سرّح من الجيش السوري تعسفاً مع لفيف من الضباط الأحرار، منهم المقدم حسين الحكيم (من مصياف) والمقدم أنور الأمير تامر (من السلمية) والمقدم سليمان نصر (من عقر زيتي- الخوابي- طرطوس). • في العام 1954 عيّن عميداً للدفاع في الحزب السوري القومي الاجتماعي. • في 19 شباط 1957 صرع الشهيد العميد المقدم غسان جديد في شارع السادات في رأس بيروت على يد عميل للمكتب الثاني السوري الذي كان يرأسه الجلاد عبد الحميد السراج، وذلك مقابل وكالة الصحافة اللبنانية التي يمتلكها الحزب السوري القومي الاجتماعي آنذاك. • لا تزال بيروت تذكر تشييع الشهيد المقدم غسان جديد، إذ مشت بجنازته الألوف المؤلفة التي شيعته إلى مثواه الأخير، فمشت خلف جثمانه من مستشفى الجامعة الأمريكية في رأس بيروت إلى مقبرة "الباشورة" صفوفاً بديعة النظام على طول وعرض الشوارع تحميها سلسلة من الشبان متشابكي الأيدي. • يوم استشهاد الرفيق غسان جديد كنت والرفيق عزيز ديوب (أبو غسان) في بيت وكيل عميد الدفاع الأمين فاضل كنج في (منطقة الظريف في بيروت)، وصلنا خبر اغتياله، فركبنا سيارة بيك آب وقصدنا شارع السادات، وهناك شاهدنا جموعاً من الناس وثلة من الشرطة تطوّق بناية كان قد التجأ إليها القاتل بعد ارتكابه جريمته. كنت أحمل مسدساً نوع "ويبلي"، خطفه مني الرفيق عزيز ديوب وبسرعة البرق اندسّ بين الجماهير المحتشدة واقتحم البناية التي لجأ إليها المجرم وأطلق عليه النار فأرداه قتيلاً (القاتل يدعى عزت شعث، فلسطيني عميل للمكتب الثاني الشامي). عندما سمع الأمين فاضل كنج إطلاق النار قال لي على الفور: لقد قتله الرفيق أبو غسان، وكان من الأفضل عدم التسرع بقتله، لكي نحصل على اعترافات دامغة تدين دافعيه من المكتب الثاني السوري. على أثر ذلك اعتقل الرفيق عزيز ديوب وأودع سجن الرمل في بيروت، حيث كنت أزوره باستمرار، وبقي في السجن حوالي ستة أشهر، خرج بعدها بريئاً بحجة أنه أطلق النار على جثة هامدة، وذلك بفضل وكيليه المحاميين الامينين عبد اللـه قبرصي ومصطفى عبد الساتر. الرفيق عزيز ديوب (من قرية دوير بعبدة. قرية غسان جديد) كان ضابط صف في الجيش الفرنسي، ثم في الجيش السوري بعد الاستقلال، أصيب في معركة "المارون" في فرنسا في الحرب العالمية الثانية، وبقي قيد العلاج في المستشفى مدة أكثر من ثلاثة أشهر. كان يرافق الشهيد غسان كظلّه، ويحبه ويحترمه كثيراً جداً، ويعتبره مثاله الأعلى، ولذلك لم يحتمل نبأ مصرعه، فبادر إلى إطلاق النار على القاتل. مساء يوم استشهاد المقدم غسان جديد شكّل الحزب دوريات ليلية، كان منها الرفيق المناضل الشاعر الكبير كمال خيربك (من القرداحة). فيما كان يقوم بدوريته، قبض عليه أثناء ذلك يحمل مسدساً حربياً، ما أدى إلى اعتقاله وأودع في سجن الرمل... كنت أزوره أثناء سجنه مع الرفيق عزيز ديوب وأقدم لهما حاجاتهما لما تربطني بهما من صداقة متينة علاوة على مسؤوليتي كناموس لعمدة الدفاع في الحزب ومسؤوليتي في مكتب الشام
|
جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه |