شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية 2013-04-21
 

الهدية البريطانية لـ "إسرائيل" في عيدها الـــ65...؟

نواف الزرو

رغم مرور خمسة وستين عاما على خيانتها العظمى وتواطئها مع الحركة الصهيونية في اختلاق "اسرائيل" على ارض فلسطين، ما أسفر عن القتل والمجازر الجماعية واللجوء الجماعي - نحو ستة ملايين فلسطيني اليوم- أو ضياع وطن كامل لصالح الدولة الصهيونية، إلا أن بريطانيا العظمى تصر على مواصلة دورها في احتضان ودعم الصهيونية، ولا تبدي أي ندم حتى اليوم على ما فعلته بشعب كامل هو صاحب الوطن المغتصب، وتبادر اليوم بعد هذا التاريخ الطويل الى تقديم هدية لـــ"اسرائيل" في عيد ميلادها الخامس والستين، وهذه الهدية ليست طائرة أو دبابة أو غواصة أو اموالا، كما أنها ليست مشروعا سياسيا أو قرار تقسيم آخر، أو شارعا يشق لندن يحمل اسما صهيونيا، أو جامعة بريطانية باسم هرتزل او بيغن او بن غوريون، وهي ليست أي شيء قد يخطر ببالكم، إنما هي اكبر واهم من كل ذلك، إنها التاريخ، الذي لا تقدر قيمته بأي ثمن ممكن حتى باعتراف الصهاينة، إنها وثيقة بلفور التي منحت وطنا عربيا كاملا للحركة الصهيونية التي لا تستحق، فحسب ما تسرب في الصحافة العبرية إنها هدية من جلالة الملكة تقدم لاسرائيل في عيد ميلادها، حيث أبلغ مدراء المكتبة الوطنية في بريطانيا مؤخرا سكرتير الحكومة الاسرائيلية تسفي هاوزر بأنهم استجابوا لطلب الحكومة الاسرائيلية بأن تعرض في اسرائيل بعد نحو سنة الشهادة الاصلية لتصريح بلفور، والذي اعترفت به الاسرة الدولية لأول مرة بحق الشعب اليهودي في دولة في بلاد اسرائيل، والوثيقة التي تعود الى نحو مئة سنة لم تترك أبدا البلاد البريطانية-عن الصحف العبرية-15 / 4 / 2013".

وكانت فكرة عرض وثيقة "تصريح بلفور" في "اسرائيل" طرحت لاول مرة في إطار أعمال الترميم لما يسمى بيت الاستقلال في تل أبيب، حيث أعلن بن غوريون عن إقامة الدولة، وكجزء من الخطة لفتح متحف في المكان، طلب هاوزر ومدير المشروع روبين بنسكي أن تعرض الوثيقة الاصلية التي تلقاها اللورد روتشيلد من وزير الخارجية البريطاني في حينه آرثور جيمس بلفور، في التصريح، الذي ورد فيه في حينه أن "حكومة جلالة الملكة ترى بعين الايجاب إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في بلاد اسرائيل، وستبذل قصارى جهدها لتسهيل تحقيق هذا الهدف، في شرط واضح ألا يتم شيء من شأنه أن يمس بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية في بلاد اسرائيل أو بحقوق اليهود وبمكانتهم السياسية في كل بلاد اخرى".

علّق هاوزر على هذه الهدية قائلا: "هذه وثيقة أهميتها سارية المفعول حتى يومنا هذا"، مضيفا: "في عرض الوثيقة والمسودات التي سبقتها يمكن أن نرى بعيوننا التاريخ الذي رسمته الحركة الصهيونية، يوجد هنا إغلاق لدائرة تاريخية، ونحن سنبذل كل ما في وسعنا كي نعطي الفرصة لمواطني اسرائيل لأن يروا بعيونهم قطعة التاريخ التي غيرت واقعنا جميعا"، وعلى حد قوله فإن "تصريح بلفور كان أحد الادلة الجميلة والرائعة بأن ليس فقط بالافعال يوجد معنى بل وايضا للوثائق".

ويذكر أن هذه الوثيقة التاريخية، التي اعطيت في الاصل الى اللورد وولتر روتشيلد، نقلتها عائلة روتشيلد الى المتحف البريطاني، الذي نقلها الى المكتبة الوطنية البريطانية، وهي ستعرض في اسرائيل على مدى عدة اشهر مع افتتاح متحف الاستقلال بعد نحو سنة، وإضافة الى تصريح بلفور ستعرض ايضا المسودات وتبادل الرسائل الذي سبق الصيغة النهائية.

اذا فهذه الهدية المقدمة من الام البريطانية الى ابنتها- ربيبتها - اسرائيل في عيد ميلادها الخامس والستين، هي قطعة التاريخ التي غيّرت خريطة فلسطين والمنطقة، ولذلك وكما تصر الام البريطانية على مواصلة دورها واحتضانها لابنتها "اسرائيل" وتقدم لها تلك الهدية التاريخية، فإننا من جهتنا نصر أيضا على أن هناك دَينا تاريخيا ضخما في ذمة السياسات البريطانية، لا يمكن تصفيته أو نسيانه أو المسامحة به، وإن تقادم عليه الزمن، فمجمل المآسي الكارثية الفلسطينية هي نتاج السياسات الاستعمارية البريطانية في القرن العشرين المنصرم، فبريطانيا هي صانعة النكبة الفلسطينية، وهي المسؤولة ماضيا وحاضرا ومستقبلا عن عذابات الفلسطينيين، ورحلة آلامهم التاريخية عبر اكثر من عشرة عقود من الزمن، منذ وعد بلفور عام 1917.

فرغم زخم الاحداث والتطورات المتلاحقة في المشهد الفلسطيني العربي الشرق اوسطي، ورغم الاعباء الكبيرة التي يرزح تحتها الواقع الفلسطيني، ورغم النكبات المتصلة التي تنصب على رؤوس الفلسطينيين منذ عام 48، ورغم كل التضحيات اليومية للشعب الفلسطيني التي من شأنها ربما أن تشغل بال الجميع عما حصل في الماضي، إلا أننا لا يمكننا أن نغفر لذلك الدور البريطاني- البلفوري في صناعة الدولة الصهيونية والهولوكوست الفلسطيني..!

n.alzarow@alarabalyawm.net



 

جميع الحقوق محفوظة © 2024 -- شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه