إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

تركيا و«إسرائيل»... وأوهام الحلّ السياسي في سورية!

د. خيام الزعبي - البناء

نسخة للطباعة 2016-04-21

إقرأ ايضاً


يُعاد رسم الخريطة الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط بالكامل، وتتسابق «إسرائيل» وتركيا على من سيستفيد أكثر من الوضع الجديد، بعد مرور أكثر من خمس سنوات على بدء العدوان على سورية، وفشل هذا العدوان في تحقيق انتصار حاسم، فكلّ ما استطاع تحقيقه هو زيادة نفوذ تنظيم «داعش» الإرهابي في المنطقة. فإعلان الفصائل المسلحة التي تحصل على تمويل ودعم تسليحي مباشر من تركيا و«إسرائيل» نقض الهدنة وبدء عمليات عسكرية ضدّ الجيش العربي السوري أمر متوقع، في ظلّ نجاح الانتخابات البرلمانية في سورية وتقدم القوات السورية وحلفائها الذي يترافق مع السيطرة على مدن وبلدات كانت تحت سيطرة «داعش» وهو ما لا يريده أعداء سورية.

يبدو أنّ الجولة الحالية من المحادثات السورية ـ السورية في جنيف لا تقل تعقيداً عن الجولات السابقة، ويظهر ذلك من خلال حدّة وشدة التصريحات التي أطلقتها المعارضة، وتحديداً وفد الرياض الذي هدّد بخرق الهدنة، إذ دعا رئيس الوفد محمد علوش المجموعات المسلحة التابعة له مباشرة من جنيف إلى الهجوم على الجيش العربي السوري، وهذا الموقف لا يساعد في دفع عملية المحادثات الى الأمام لإيجاد حلّ سياسي وإنهاء الصراع في سورية. وفي المقابل، نرى أنّ السلطات «الإسرائيلية» تتدخل في الوقت الذي تراه مناسباً لدعم المعارضة المسلحة وحلفائها، وذلك عن طريق الاستفزاز المباشر، من خلال تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو التي قال إنّ «إسرائيل» لن تتخلى عن مرتفعات الجولان، وهذا يمثل خطوة تصعيدية جديدة تمثل انتهاكاً صارخاً وسافراً لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، إذ حذرت سورية من مغبة استغلال الأزمة الحالية من أجل تبرير استمرار احتلال الجولان.

في إطار ذلك، وفي ضوء التدخلات «الإسرائيلية» الجديدة، وانطلاقاً من سلوكيات وفد الرياض الاستفزازية واللامسؤولة واستمراره في التعنت في تحقيق برنامج المرحلة القادمة على النحو الذي يراه مناسباً، ومتوافقاً بحسب الخطة المرسومة له، لا يمكن أن نصل إلى معطيات ومخرجات مرضية لجميع الأطراف، لذلك فإنّ المعارضة ليست مستقلة في قرارها السياسي بمعنى أنّ لديها حلفاء وداعمين في الخارج، فهي لا تريد وقف حمام الدم في سورية ولا تريد حواراً سورياً ـ سورياً يساعد على الحلّ في سورية، وبالتالي فإنّ الهدف الأول والأساسي لرعاية الغرب وحلفائه للمفاوضات بين الجانبين هو تمرير المطالب «إسرائيل» على طاولة التفاوض، وإرضاؤها على حساب المطالب والحقوق السورية.

من ينقل الأسلحة للمجموعات المسلحة، يشرك نفسه في جرائم الحرب، وشركات الأسلحة الأميركية و«الإسرائيلية» مستمرة في تصدير منتجاتها القاتلة إلى القوى المتطرفة وحلفائها في سورية التي لم تستثن تدمير المستشفيات والمدارس والأسواق ومخيمات اللاجئين، لذلك لا يمكن أن ننكر أننا أمام مؤامرة مكتملة الأركان محاولة إسقاط الدولة باستخدام الأدوات نفس التي استخدمها أعداء سورية لإشعال الأزمة ونشر الفوضى والخراب فيها، فسورية تواجه الآن حرباً حقيقية فى الداخل، من قوى الشر التى تحالفت مرة أخرى لتصبح سورية مثل الدول المجاورة في حرب ودمار ليُعاد تقسيمها، وللأسف فإنّ من يسعون إلى ذلك يحملون جنسيتها، ولكن بوحدة الشعب الواعي ومؤسّسات الدولة الوطنية ستنهار تلك المخططات كما انهارت من قبل. فالحقائق التي كشفها الميدان السوري تثبت أنّ من يخوض الحرب على سورية هو أميركا والكيان الصهيوني وبعض الدول العربية وتركيا، أما التنظيمات التكفيرية، فهي ليست سوى أدوات تأتمر بأمر سيديها في واشنطن أو تل أبيب، اللذين يموّلان ويدعمان هذه الحرب القذرة بالإرهابيين التكفيريين الذين قدموا من كلّ بقاع الأرض.

وفي هذا المشهد، بات تقدم الجيش السوري من جديد هو المعادل الطبيعي لفكرة الأمان واسترجاع الاستقرار الراسخ الذي كان ميزة يتباهى بها السوريون في كلّ مكان، وقد بات انتصار الدولة الوطنية على الحرب الكونية مرادفاً لخلاص سورية وشعبها من المعاناة ولتثبيت الوحدة الوطنية للشعب والأرض، وهو يعني صون السيادة والاستقلال وتثبيت خيار العروبة المقاومة الذي استنتدت إليه قوة سورية الإقليمية وتبلور عبره ثقلها النوعي في المنطقة.

أخيراً، ربما نستطيع القول إنّ الحرب المقبلة بين «إسرائيل» والجيش السوري ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم «إسرائيل» وتركيا، وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، كما أنها ستدفع بالقوى الدولية إلى إعادة النظر في حقيقة موازين القوى الدولية، فالجيش السوري لن يفاجئ «إسرائيل» في حجم ترسانة صواريخه وتنوعها فحسب، بل سيفاجئها أيضاً بأسلوبه وجهوزيته القتالية على المستويات كافة.

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024