إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

في عفرين تسقط الأوهام والنتيجة «كش سلطان»

سماهر الخطيب - البناء

نسخة للطباعة 2018-03-12

إقرأ ايضاً


بعد إعلانه تطويق عفرين والسيطرة على مطار «بابليت» الاستراتيجي على طريق جنديرس و8 قرى جديدة شمال سورية، خلال عملية «غصن الزيتون»، كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن «عزمه مدّ عمليته العسكرية لتشمل منبج ومناطق شرق الفرات»، والتي تتمركز فيها «قسد» المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية.

وأشار الرئيس التركي إلى أنّ «قوات بلاده يمكن أن تدخل إلى مركز المدينة في أي لحظة بعد أن أصبحت تحت الحصار التركي». جاءت بعدها دعوته «الناتو«، لمؤازرته والتدخل عسكرياً في سورية لتذكير الناتو بأنه مقصّر في واجباته. بينما تركيا قادرة على «محاربة الإرهاب» من دون أيّ دعم خارجي.

ووفقاً لميثاق التأسيس يجب على الاتحاد الأوروبي أن يعادي أي مجموعات تهدّد دول الناتو، في هذا الصّدد قال أردوغان: «دعوتمونا إلى أفغانستان والصومال والبلقان فلبّينا النداء، والآن أنا أدعوكم: تعالوا إلى سورية.. لماذا لا تأتون؟ أليست تركيا إحدى دول الناتو؟».

ونظراً لأنّ وجود «كيان كردي» شمال سورية في المستقبل يؤثر على الأمن القومي التركي، يحاول أردوغان بدعوته الناتو، الردّ على الأصوات الرادحة بأنّ تركيا دولة احتلال، تعتدي على أراضي دولة مجاورة. في محاولة يائسة منه لمقاومة الضغوط التي تواجهها بلاده من دول حلف «الناتو« لإيقاف عمليته العسكرية.

إلا أنّها في مضمونها دعوة «تنافسية» تأتي ضمن «المنافسة السياسية مع الغرب». وبالتالي فالأوروبي لن يلبي الدعوة التركية، فهي لا تزال بنظره ذاك «الرجل المريض»، بالرغم من كونها تملك ثاني أقوى جيش في الناتو.

وكذلك لن يُغرق نفسه في مستنقع يعلم مسبقاً الأثمان التي سيدفعها، بالإضافة إلى كون هذه «النخوة» التي يريدها منه حليفه تصبّ في مصلحته الشخصية خصوصاً، وليس لمصالح الناتو عموماً لفهم الأخير مضمونها وحيثياتها المصلحية.

في العودة إلى «غصن الزيتون» تلك العملية العسكرية على رقعة الشطرنج السورية بدت منذ إعلانها محاولة لإغراق التركي في «المستنقع» السوري بموافقة ومباركة دولية. وجاء تحريك الحجر الروسي في إدارة «لعبة الشطرنج» العسكرية لتقف روسيا بعد سحب قواتها متفرّجة على ما سيحدث بعد إشراك تركيا عسكرياً.

وها هي اليوم تعلن تركيا تطويقها عفرين. وهنا نذكّر بأنّ الميدان لا يزال مليئاً بالمفاجآت. وإذا ما افترضنا أنّ تركيا سيطرت على المنطقة المنشودة برمّتها، وهذا ما أراده «الملك» على رقعة الشطرنج، فسيكون الرّد «كش سلطان»، فشعور العظمة والنصر أنسى تركيا بأنّ الدور هو للأرض وملاكها وسيادة الدولة «المعصومة» بقوة القانون الدولي.

فالتدخل التركي الآني لإسقاط المشروع «الكردي الأميركي» قد آن له الزوال، ليتضح أنّ اتفاقية لوزان هو أكثر ما استطاع أسلافه الحصول عليه.

بالنسبة للاعب الأميركي الذي لم يكن متفرّجاً وحسب، بل محرّك أحجاره شمالاً ويميناً، داعماً بالسلاح والعتاد للأكراد ومناصراً بالمحافل والمنابر للأتراك، في محاولة إلهاء سورية ومحور المقاومة في هذه العملية، ريثما تتضح له آفاق استراتيجية جديدة ضمن ما يخطط له في المنطقة.

أمّا ما ستؤول إليه الأمور فهي في سيناريوات متعددة، ربّما في البداية مقاومة من قبل الأكراد في عفرين، وكذلك في الشمال السوري ككل، وهذا ما شدّد عليه مراراً الناطق باسم وحدات حماية الشعب الكردية نوري محمود بأن «الوحدات قوات سورية تحمي أرضاً سورية ولا يمكن أن تخرج منها»، معتبراً «اقتراح خروجها من عفرين مقابل إنهاء عملية غصن الزيتون التركية مرفوضاً».

فيما صرّح عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي منظمة كركي لكي أحمد سليمان «إنّ الأوضاع في عفرين خطيرة جداً، وبدأت القوات التركية المعادية في تطويقها مما يهدد أكثر من مليون إنسان، وحتى الآن لا توجد بوادر إقليمية أو دولية لوقف هذا الاحتلال أو الحرب».

وأضاف سليمان «من يومين قدّمنا اقتراحاً بخروج المقاتلين من الوحدات الكردية، وعودة تركيا للحدود، ومن ثم إقامة إدارة مدنية لهذه المنطقة لإيقاف الحرب، لأنها ليست لمصلحة أحد بمن فيهم الأكراد».

هذا الانقسام الكردي بحدّ ذاته يظهر أنّ الكل عليه أن يعي بأنّ الخلاص يكون بتسليم أسلحتهم والأنضواء تحت لواء الجيش السوري المالك قوة القانون والميدان.

في العودة إلى روسيا، هناك إدراك من قبلها بوجود فجوة خلاف بين تركيا وكلٍّ من الغرب والولايات المتحدة، خاصة في إطار التعامل مع ملف الأكراد، وتدرك بأنّ هذه الفجوة ستتسع خلال الفترة المقبلة، لكون تركيا غيّرت مسار تحالفاتها الاستراتيجية منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في حزيران 2016 واتجهت أكثر إلى روسيا وإيران.

وما ستقوم به روسيا إبقاءها جزءاً من رؤية الحل الروسية في سورية على وجه التحديد، مما يدفع لإبقاء العلاقة، إذا ما اتضح جلياً لتركيا أنّ ما تريده لن تحصل عليه عسكرياً ولا مفرّ لها من اللجوء إليه سياسياً، فأهون الأمرين عليها الانضواء تحت لواء الحلف الروسي فهي بحاجة للانضواء بجانب روسيا نظراً لاحتياجها لغطاء سياسي.

على رقعة الشطرنج استراتيجيات تُرسم ومصالح تُدار إلا أنه مهما علا الصوت التركي إنما نهايته «كش سلطان»…

 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024