إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

الدكتور عبد الله الحاج عبيد

الامين لبيب ناصيف

نسخة للطباعة 2022-11-09

إقرأ ايضاً


في النصف الثاني من ستينات القرن الماضي توليت مسؤولية مكتب الطلبة، ورافقت التنظيم الحزبي في الجامعات، ومنها كليات ومعاهد الجامعة اللبنانية، التي شهدت حضور ونشاط عشرات عشرات الرفقاء الذين اذكر منهم على سبيل المثال انطون خوري، يوسف سالم، وديع حلو، طنوس طعمة، غسان ابو حيدر، نبوغ نصر، راكان دندش، يوسف المسمار، شوكت حكيم، حاتم بركات(1).

في تلك الفترة كان القوميون الاجتماعيون في صلب العمل الطالبي وكانوا يخوضون الانتخابات مع عدد كبير من الطلبة الاصدقاء، بحيث تمكنوا اكثر من مرة من الفوز بأغلبية مقاعد الرابطة. احد الذين لمعوا في كل الانشطة الطالبية، وترأس لائحة القوميين الاجتماعيين وفاز بترؤس الرابطة، مواطن صديق جداً، عرفته واعياً بعمق المفاهيم القومية الاجتماعية، معجباً كثيراً بالامين الدكتور عبد الله سعاده، فيزوره مع رفقاء في سجن القلعة.

ومرت سنوات. عرفت انه غادر الى كندا، فانقطعت اخباره، الى ان صدف اني كنت منذ ايام اراجع الصفحة الثقافية في اعداد جريدة "الانوار"، فقرأت في عددها بتاريخ 30/1/2014 على مقالة للدكتور الياس خليل زين بعنوان " لبناني من الكوره وراء ظاهرة انتشار تعليم اللغة العربية وأدابها في الجامعات الكندية".

هذا "اللبناني" هو الدكتور عبد الله الحاج عبيد. فرحي عظيم اني، بعد مضي ما يناهز ال 46 عاماً اكتشف الصديق عبد الله عبيد، واتعرف الى تجلّيه في جامعة اوتاوا.

وهذا هو مقال الدكتور الياس خليل زين:

" في الوقت الذي تشهد فيه لغتنا العربية تراجعاً غير مسبوق اجمالاً، في جامعات ومدارس بلداننا العربية، لمصلحة اللغات الاجنبية، الحيّة، نجد، في المقابل، ظاهرة جديدة تتمثل في نجاح تجربة نشر اللغة العربية وآدابها وثقافتها في جامعة أوتاوا، في كندا، وكذلك في بعض جامعات الولايات المتحدة. فمن وراء هذه التجربة الناجحة، في نشر لغة الضاد وآدابها وتعزيزها في كندا والولايات المتحدة الاميركية؟

" الاستاذ الدكتور عبد الله بطرس الحاج عبيد، المؤسس – الرئيسي لكرسي الدراسات العربية في جامعة أوتاوا وأستاذ اللغة العربية فيها، هو أحد الادمغة العربية المهاجرة من لبنان. ولد في العام 1939 في مدينة أميون، عاصمة قضاء الكورة (محافظة لبنان الشمالي) وكان قد هاجر وعقيلته قسراً، الى كندا صيف العام 1976، إبان الحرب الداخلية في لبنان (1975 – 1990).

" نتيجة نجاح مبادرة البروفسور عبد الله، في نشر اللغة العربية، بخاصة بين ابناء الجاليات العربية، منحته كندا جائزة الحاكم العام للبلاد، والتي تمنح عادة باسم ملكة المملكة المتحدة، حيث لا تزال كندا تتبع التاج البريطاني. وجاء هذا التقدير من الملكة البريطانية لإنجازاته وإسهاماته في العلم والتربية والتعليم، بالاضافة الى نشر اللغة العربية، خلال فترة تمتد لأكثر من 30 سنة في كندا.

التجربة الرائدة:

" ما ان استقر في اوتاوا، حتى اكتشف البروفسور عبد الله غياب تعلّم العربية في أوساط الجاليات العربية، بما فيها الجالية اللبنانية. ولاحظ نشوء أجيال كندية، من أصول عربية، ترتبط بشكل واع مع الوطن الام، أي لا يتعدى ذلك ما نقله الاهل لها في البيت. لذلك سعى، منذ البدء، الى نقل خبرته الشخصية في مجال التربية والتعليم في لبنان. وتشجّع عندما استمع الى السناتور (الشيخ) اللبناني – الكندي بيار دبانة، الذي تعود جذوره الى مدينة صيدا، الذي كان وزيراً في حكومة كندا الفيدرالية، يومذاك، يتحدث أمام جمع من الجاليات العربية عن الانخراط في كندا وضرورة إسهام أبناء الجالية اللبنانية بخبراتهم وكفاياتهم الاكاديمية والعلمية، في مجتمع كندا المتعدد الاعراق والجنسيات. وتزامن ذلك مع فترة تدفقت فيها أعداد غفيرة من اللبنانيين المهاجرين الى كندا، بسبب الحرب في بلدهم، بحيث وصل تعدادهم الى 75 ألفاً خلال الاعوام 1976 – 1989.

" كان عبد الله، الذي يحمل شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية، قد لاحظ غياب مدارس تُعنى بتعليم اللغة العربية لأبناء المهاجرين الجدد. وعليه، تقدم بطلب الى جامعة أوتاوا، التي تعتبر من كبريات مؤسسات التعليم العالي في كندا، لتعليم اللغة العربية وآدابها فيها. فوافق عميد كلية الاداب على الطلب، ومنحه سلطة تنفيذ مشروعه الرائد من نوعه.

" بدأ الدكتور عبد الله برنامجه في تعليم اللغة العربية في العام 1982، انطلاقاً من 24 طالباً وطالبة. ثمّ توسّع هذا البرنامج الرائد، بسبب النجاح الذي حققه، الى تقديم مقررات عن الحضارة العربية الكلاسيكية والحديثة (أضيفت في العام 1984) والاداب العربية. وتضم المقررات: الشعر والادب والقصة والمسرح، بالاضافة الى أكثر من عشرين مادة في أصول اللغة والقواعد والمخاطبة للمستويات الثلاثة كلها: المبتدأ، المتوسط، المتقدم. ثم ما لبث أن توسع البرنامج في السنوات اللاحقة ليصل العدد في العام 2013 الى اكثر من ألف طالب.

كرسي للدراسات العربية:

" بسبب عوامل توسّع برنامج تعليم اللغة العربية، وكثرة مواده، وعدد الطلبة، كان لا بدّ من تطويره ليصبح كرسياً (استاذية) للدراسات العربية في العام 1988، وذلك بميزانية وصلت الى مليوني دولار. والجدير بالذكر، إن الكرسي لاقت تشجيعاً بالدعم المعنوي من مختلف سفراء الدول العربية. ولقد تمّ اعتماد مبلغ وقدره 600 ألف دولار لمساعدة الطلبة الراغبين بتعلّم لغة الضاد وآدابها، وبالتالي ثقافتها وحضارتها.

" تطوّرت المناهج الدراسية، في كرسي الدراسات العربية، في الاعوام اللاحقة. ففي العام 2003، أقرّت جامعة اوتاوا شهادة ليسانس صغرى في الدراسات العربية، وفي العام 2006 أضيفت مادة السينما العربية، إلا ان الخطوة الكبرى كانت في إقرار شهادة ليسانس كاملة في الدراسات العربية في العام 2009. كما اضيفت مادة الثقافة العربية الشعبية في العام ذاته. وبهذا التوسع في الدراسات، أصبحت جامعة أوتاوا فريدة من نوعها في منطقة أميركا الشمالية. ويعود ذلك الى انها تميّزت عن الشهادات في جامعات اخرى، في تخصصّها بالشرق الاوسط، أو بالدراسات الاسلامية. ونتيجة ذلك، أصبحت الجامعة تستقطب الطلبة من مختلف أرجاء كندا والولايات المتحدة وحتى المكسيك.

جدير بالذكر ان الدراسات العربية في كليات جامعة اوتاوا توّسعت كذلك، حيث تمّ إقرار مواد عن التاريخ، وعن الفلسفة العربية في فرع الفلسفة. كما قدّمت كلية الترجمة شهادة علوم الترجمة من اللغات العربية والفرنسية والانكليزية وإليها، لعدد من الطلبة العرب.

" ويقول استاذ اللغة العربية د. عبد الله: "ضم الكرسي 30 طالباً كندياً من اصل عربي (أغلبهم من لبنان) في عام تأسيسه 1982. جاء ذلك مع الهجرة القسرية اللبنانية، أثناء الحرب الداخلية في البلاد وتوزع الطلبة الى صفين، أحدهما فرنسي والاخر إنكليزي اللغة". أما اليوم (2013) فتضمّ (الكرسي) المذكروة اكثر من 300 طالب وطالبة، يتوزعون على 13 صفاً (حصة دراسية). وتشمل حالياً، بالاضافة الى تدريس اللغة ودراسة الحضارة العربية، بشقيّها القديم والجديد، دراسة الاداب العربية، بدءاً من عصر الجاهلية وحتى العصر الحديث. وهي تُعطى في صفوف الحضارة والاداب باللغتين العربية والانكليزية. ويأتي ذلك مع إعطاء نماذج بالعربية، لمن يحسنوها، من الطلبة. وهي، بالطبع، مترجمة الى الانكليزية والفرنسية للطلبة كافة.

انفتاح على العرب:

" ونعرف من الدكتور عبد الله ان جامعة أوتاوا ترتبط بالوقت الحاضر بمعاهدات واتفاقات مع جامعات عربية يجاوز تعدادها الاربعين اتفاقية تعاون وتبادل مع جامعات من المملكة العربية السعودية، الكويت، سلطنة عمان، العراق، لبنان، الاردن، تونس، المغرب، موريتانيا. ولا تقتصر الاتفاقات مع البلدان العربية، المذكورة، على جامعة واحدة، بل تضم مجموعة من الجامعات في البلد الواحد.

" هذا وكان وفد من جامعة اوتاوا قد قام بزيارة جامعة الامارات العربية. واستعرض الوفد مع مديرها علي راشد النعيمي، آفاق التعاون بين الجانبين في موضوعات مختلفة، في مقدمتها مسألة تطوير اللغة العربية في جامعة أوتاوا، وكيف يمكن ان تسهم جامعة الامارات في هذا المجال. وقال عضو الوفد د. عبد الله: "سعدنا كثيراً بمقدار التعاون الذي أبدته إدارة الجامعة في استقبال طلبتنا لتطوير لغتهم العربية، حيث لدينا أكثر من ألف طالب وطالبة يدرسون اللغة العربية، من خلال مقررات رئيسية وفرعية، في جامعة أوتاوا. ونحن نعلم ان دولة الامارات ومؤسساتها الاكاديمية على اهتمام بالغ باللغة العربية. لذلك سعينا ان تكون جامعة الامارات هي الداعم لنا في هذا الجانب".

هوامش:

(1) حاتم بركات: احد بناة العمل الحزبي في كلية الآداب ــــ الجامعة اللبنانية. من بشمزين. للاطلاع على النبذة المعممة عنه

الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية ssnp.info



 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024