إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

ثرثرة في مقهى شعبي ( 9 )

سليمان عباسي

نسخة للطباعة 2007-06-27

إقرأ ايضاً


من أكثر الأمور التي تثير سخطي عندما ينحصر النقاش في سوق تبرير الأفعال الغير خاضعة للمنطق ويرفضها العقل السليم مما يحّول النقاش إلى جدلاّ عقيماّ لا طعم ولا لون له ومثيراّ للملل وهذا ما حدث معي عندما أرغمت – بدافع الخجل – على الجلوس مع مجموعة من مدعي الثقافة والوطنية في مقهاي المفضل .

كان موضوع النقاش حول أسبوع الجنون في قطاع غزة وحول أسبابه وتداعياته المستقبلية على المصير الفلسطيني ولا أخفي عليكم إنني سمعت من البعض عبارات من العيار الثقيل لو سمعها كارل ماركس لفغر فمه مندهشاّ من براعة المتحدثين وفي المقابل استغفرت ربي كثيراّ في سريرتي عندما قام البعض الأخر باستعراض عضلاته الدينية عبر الاستشهاد بآيات من القرآن الكريم تخدم قناعاته الحديدية مستبعداّ الجزء المكمل لها والتي تكشف زيف ادعاءاته كمثل الآية الكريمة (( لا تقربوا الصلاة )) .

قال لي أحدهم بعدما شاهد ابتسامة السخرية ترتسم على شفتاي : يبدو أن حديثنا لم ينال رضاك السامي أخي العزيز .

تجاهلت سخريته ونظرت إليه باستخفاف وقلت : إن المؤمن قلبه دليله وأنت يا أخي العزيز كما يبدو مؤمناّ قلباّ وقالباّ .

شعرت برغبته الشديدة بالانقضاض علي لكنه تمالك نفسه وقال بلؤم ظاهر : تفضل أتحفنا بما عندك حول ما جرى مؤخراّ في قطاع غزة .

استهوتني لعبة الاستفزاز هذه فقلت : ما جرى وبكل بساطة حفلاّ راقصاّ ماجناّ دخل المدعوون إليه بالملابس الوطنية وخرجوا منه عراة حتى من ورقة التوت .

نظر اليّ بغضب عارم وضرب كفاّ على كف وقال : لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .

شعر أحدهم بغضبه فأراد التخفيف من حدة التوتر بيننا فقال : كفاك مزاحاّ أبو أدهم وقل لنا رأيك بصراحة وبجدية .

نظرت إلى سيجارتي المشتعلة وقلت : أولاّ أنا لا أمزح ولكن لا بأس سأقول رأييّ بطريقة أخرى وباختصار شديد إذا افترضنا حسن النوايا وهذا أمرّ مستبعد فقد زعم أحد الأطراف أن ماجرى هو تصحيح للوضع الشاذ وبمثابة وضع الحصان مجدداّ أمام العربة ولكن في الحقيقة كانت النتيجة أنهم أضاعوا الحصان وأضاعوا العربة .

نظرت إليه بطرف عيني فرأيت الشر يتطاير من عيناه ارتشفت ما تبقى من فنجان قهوتي ونهضت أريد الانصراف فبادرني أحدهم : والطرف الآخر .

ابتسمت بسخرية وأجبته : ارتاح من العربة ومن الحصان .

نظر بعضهم إلى بعض باستغراب وقال أحدهم : لم نفهم شيئاّ !!

أجبته بإشفاق : لو كنا نفهم يا صاحبي لما حصل الذي حصل ولما أصابنا ما أصابنا ...

أفهمت الآن ؟؟

تناهى إلى سمعي بعد انصرافي مودعاّ تمتمتهم : أكيد انه مجنون !!

ابتسمت وقلت في نفسي : معهم حق فما حصل في أسبوع الجنون أصابنا جميعاّ بالجنون .


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024