إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

قراءة في العمق لخبير استراتيجي كمال ناجي: هكذا أرى المواجهة المقبلة

نبيل المقدم - الكفاح العربي

نسخة للطباعة 2008-02-23

إقرأ ايضاً


كيف يقرأ خبير عسكري استراتيجي معادلة الصواريخ مقابل الطيران في «الحرب المفتوحة» المحتملة؟

الدكتور كمال ناجي الذي يحمل رتبة لواء ركن في منظمة التحرير الفلسطينية, والذي تولى رئاسة جهاز الامن الفلسطيني ايام الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات, يقول ان الصواريخ تشكل توازن رعب مع طيران العدو, و«حزب الله» اليوم اقوى, وسوريا استفادت من حرب تموز €يوليو€ 2006 لتعيد تشكيل جيشها كي يكون قادرا على خوض حرب عصابات طويلة النفس.

والحوار مع الدكتور ناجي إحاطة في التفصيل وفي العمق بكل الاحتمالات التي تواجهها المقاومة, وكذلك سوريا وإيران في المرحلة المقبلة, بحسابات استراتيجية دقيقة.


€ من فرض نفسه على مَنْ في مسألة اغتيال عماد مغنية؟ الرجل بما يمثل من حجم وحضور في ساحة المقاومة, ام العواصف والاعاصير التي تزدحم في سماء المنطقة؟

­ هناك عوامل عدة تحدد اهمية الحدث. اولا التوقيت, ثانيا طبيعة الشخص المستهدف, ثالثا السياق الذي تندرج فيه هذه العملية وهو سياق مواجهة شاملة قد تتخذ اشكالا سياسية وميدانية مختلفة, وبالتالي لا نستطيع القول ان هناك عاملا واحدا يحدد اهمية هذه الواقعة وابعادها. لكن, في كل الاحوال, نستطيع القول ان ما جرى يشكل حدثا كبيرا ويشكل محطة رئيسية في سياق عملية مواجهة نستطيع ان نقول انها يمكن ان تتحول الى مواجهة مفتوحة اذا توافرت ارادة اسرائيلية في فتح هذه المواجهة على ابعاد جديدة, خصوصا وان السيد حسن نصرالله استعمل اداة الشرط. يعني أن الامر مرهون بإرادة الاسرائيليين, اذا ارادوها حربا مفتوحة فان الطرف الآخر مستعد لهذا الاحتمال. ومن العوامل التي تتحكم بهذه العملية حجم الشهيد عماد مغنية واهمية عماد مغنية لدى «حزب الله» والمنظومة الاقليمية التي يتحالف معها «حزب الله» اي سوريا وايران. وهناك ايضا التوقيت السياسي لهذه العملية, التوقيت السياسي مهم جدا, فنحن في ذروة مواجهة شاملة بين هذه المنظومة الاقليمية التي تكافح من اجل انتزاع دور وحجم اقليمي لها في المنطقة, وبين استراتيجيات الولايات المتحدة التي دأبت منذ سنوات عدة بواسطة الحضور العسكري المباشر وبواسطة استخدام القوة المسلحة المباشرة, على اعادة صياغة المنطقة بما يخدم المصالح الاميركية ويحولها الى طرف القرار الوحيد في تحديد الاحجام والادوار في المنطقة.

€ هل إن اغتيال عماد مغنية كشف عمق التداخل بين ازمة لبنان وازمة المنطقة؟

­ بالت! أكيد. في الاساس ما يجري في لبنان جزء من ازمة المنطقة, وما يجري في المنطقة, حتى إن الوضع الداخلي في لبنان اصبح متأثرا الى حد بعيد وبأدق التفاصيل بما يجري في الشرق الاوسط, لأن ما يجري في لبنان انعكاس لحالة الصراع الموجودة في الشرق الاوسط, واكاد اجزم ان حل المسألة اللبنانية يتقرر في الخارج وليس في لبنان.

€ عندما نفذت اسرائيل عملية الاغتيال كانت متأكدة من ان هناك عوامل سياسية وعملية تمنع نشوب حرب جديدة على الحدود مع لبنان وان عملية خارج هذا الاطار يلزمها وقت مما يعطي حركة الاتصالات الدولية فسحة زمنية لنزع فتيل الانفجار, هل انت موافق على هذه القراءة؟

­ عملية المواجهة تأخذ في الحسبان دائما مجموعة اعتبارات. من الواضح ان الجهة التي نفذت هذه العملية, وهي على الاغلب اسرائيل بمساعدة الولايات المتحدة كما هو مرجح, اخذت بعين الاعتبار اولا اهمية الهدف وتأثيره في الخصم وهو هنا «حزب الله» وغير «حزب الله». ومن جهة ثانية اسرائيل تعرف ان «حزب الله» يستطيع الرد امنياً كما يستطيع الرد عسكريا. «حزب الله» ذاهب نحو نوع من الرد قد يكون غير عسكري تقليدي. السيد حسن نصرالله هنا تحدث عن الحرب المفتوحة وهو يعني امكانية استعمال وسائل غير عسكرية اي وسائل امنية, كما الحال في عملية اغتيال الشهيد مغنية. وفي هذه الحالة علينا ان نتوقع ان يكون الرد ذا طبيعة استخباراتية او امنية. اما من حيث مراهنة اسرائيل على ظروف دولية ما قد تؤثر في قدرة «حزب الله» على الرد, فأنا اظن ان هذ الامر لا يؤثر في قدرة «حزب الله» على الرد لانه يمتلك حق الدفاع عن نفسه وعلى استهداف بهذا الحجم هذا من جهة. من جهة اخرى اسرائيل ستحاول ان تصور هذا العمل بأنه عمل يندرج في سياق عملية محاربة الارهاب الدولي, وبالتالي ستحاول تجييش الوضع الدولي لمصلحتها والحصول على مزيد من الدعم, باعتبار انها تشكل رأس حربة في محاربة الارهاب الدولي حسبما تسوق هي لنفسها.

€ اذاً نحن بذلك نكون قد حصرنا رقعة المواجهة تقريبا باعتبار ان اي رد خارج النطاق الطبيعي لـ«حزب الله» لن يكون في مصلحة الحزب وحلفائه الاقليميين في ظل قدرة اسرائيل على تصوير الرد وكأنه اعتداء على امن المجتمع الدولي؟

­ طبعا هذ الامر يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار, واسرائيل تريد ربما ان يتم ذلك مع ان هذا يشكل ارهاقا لها. وأريد هنا ان اذكر بتجربة الثورة الفلسطينية التي خاضت في اواخرالستينيات واوائل السبعينيات مواجهة مفتوحة على ك ا! مل الكرة الارضية مع اسرائيل واتخذت اشكالا متعددة. اذاً الحرب المفتوحة ليست جديدة, الفلسطينيون خاضوها قبل ولكن بعد سنوات عدة اقلعوا عنها لان اسرائيل أفادت منها في كسب الرأي العام الدولي معها وايضا في تصوير النضال الفلسطيني على انه ارهاب دولي. كما اعتقد ان «حزب الله» لا يرغب في اخراج المعركة من سياقها الطبيعي وعن اهدافها الطبيعية لكن هذا لا يعني تقييد قدرته او ارادته في الرد على هذه العملية بالذات.

€ من خلال تنفيذ عملية الاغتيال في دمشق, ماذا تريد اسرائيل ان تقول للمجتمع الدولي؟ هل تريد ان توحي بأن سوريا تؤوي ارهابيين؟ وكيف ترى دور سوريا وايران في أي مواجهة قد تحدث؟

­ ما تفترضه من ان اسرائيل تريد ان تصور دمشق على انها تأوي ارهابيين امر تروجه اسرائيل يوميا ضد سوريا من خلال وجود قيادات فلسطينية رافضة على ارضها, ومن خلال دعمها لـ«حزب الله». الولايات المتحدة واسرائيل تسوقان يوميا هذه الصورة عن سوريا, وهذه العملية ستستغلها اسرائيل لتسليط الضوء اكثر على هذا الامر. لكن يفترض هنا ألا نغفل ايضا ان اسرائيل في انكارها اي دور لها في هذه العملية ربما تكون قد حرصت على ذلك, حتى انه عندما يأتي رد «حزب الله» عليه يتم تسويقه على انه اعتداء على اسرائيل. وربما اسرائيل من خلال ذلك تريد ان تؤسس لسيناريو حرب اقليمية جديدة, وتقرير فينوغراد تحدث عن ذلك عندما تحدث عن ضرورة ذهاب اسرائيل الى حرب تستعيد فيها هيبتها لان اسرائيل, كما قال بن غوريون, لا تستطيع ان تحتمل هزيمة. وربما لحسن حظ اسرائيل ان الهزيمة التي تعرضت لها في تموز €يوليو€ 2006 ليست هزيمة داخل الوطن المحتل, واسرائيل ليست في وضع الدفاع عن النفس, بل هي هزيمة في حرب هجومية, وحسابات هذا الامر مختلفة عن حسابات معركة دفاعية, ولكنها مؤشر مهم على تراجع القدرات الاستراتيجية الاسرائيلية ومكانتها الاستراتيجية وحتى دورها الاستراتيجي وجدواها الاستراتيجية في خدمة المصالح الغربية. في كل الاحوال سوريا وايران كحليفين لـ«حزب الله» في المنظومة الاقليمية التي تحدثت عنها قبل قليل لا شك في انهما سيساندان «حزب الله», وإذا كانت الحرب حربا مفتوحة ذات طابع استخباراتي فان مساندتهما ستكون غير ظاهرة. سيكون هناك نوع من الدعم المعلوماتي واللوجستي, ولكن الذي سيكون في المواجهة هو «حزب الله». اما اذا كانت الحرب تقليدية وعسكرية, فلا شك في ان جميع اطراف هذه المنظومة ستنخرط في القتال لمساندة بعضها البعض. و ه! نا فان الامر يختلف باختلاف طبيعة الضربة, فاذا كانت الضربة صاروخية وبالطيران ضد ايران لتدمير ترسانتها النووية وقوتها التسليحية واهدافها الحيوية, فان ذلك حكما سيؤدي حكما الى فتح الجبهة الشمالية, اي ان «حزب الله» وسوريا سينخرطان في المعركة ضد اسرائيل. اما ذا كانت الضربة موجهة ضد سوريا فان «حزب الله» سينخرط مباشرة في المعركة. اما اذا كانت الضربة ضد «حزب الله» بالطيران والصواريخ او حتى برية, فإن المعركة هذه المرة ستتحول الى حرب اقليمية, وعلى الاقل ستنخرط فيها سوريا خصوصا اذا كانت احدى سيناريوات المعركة الاندفاع برا في اتجاه خط المصنع, وهذا يشكل خطرا عملانيا على دمشق, وبالتالي فان القوات السورية ستندفع الى مواجهة القوات الاسرائيلية في البقاع مما سيؤدي الى حرب اقليمية شاملة.

€ هل من توقيت زمني قريب لاندلاع هذه المواجهة خصوصا ان الادارة الاميركية ستدخل عملياً في الشهر المقبل في مرحلة الانتخابات الفعلية مما يعني عدم قدرتها بعد ذلك على التفرغ لملفات خارجية؟

­ انا غير مؤمن بوضع تقديرات زمنية لمواعيد اندلاع حروب وازمات. رأيي ان الرئيس جورج بوش يمتلك القدرة على اتخاذ القرار وعلى فتح الحروب حتى آخر يوم من ولايته, والنيات لفتح الحرب متوافرة لكن المشكلة عند بوش هي في الداخل الاميركي. الداخل الاميركي اصبح يشكل عائقاً كبيراً امام ارادة بوش فتح حرب ضد ايران وسوريا, لكن هذه المسألة يستطيع بوش ان يتغلب عليها باختراع سيناريو يعيد فيه صياغة الرأي العام الاميركي على قاعدة ان الامن القومي الاميركي يتعرض لخطر داهم, وان اميركا مضطرة الى العودة مرة ثالثة ورابعة للانخراط في حرب تستطيع فيها بتر جذور هذا الارهاب الذي يستهدف الامن القومي الاميركي وامن اسرائيل. ربما نكون امام سيناريو متدحرج تكون فيه عملية اغتيال الشهيد مغنية محطة اولى فيه لتشكيل بيئة ومناخ حرب يتم على اساسه اعادة تعبئة الرأي العام الاميركي من جديد بما يسهل على بوش اعادة اتخاذ قرار الحرب. هذه المسألة رهن بالوقت. انا مقتنع ان بوش يريد الحرب في كل لحظة. المعوقات الاساسية امامه هو الداخل الاميركي الذي يرفض الحرب, حتى ان الحزب الجمهوري خسر الانتخابات التشريعية بسبب هذه الحرب وربما ظاهرة اوباما احد التفسيرات لها الارهاق الذي اصاب المجتمع الاميركي, وردود الفعل السلبية تجاه حروب بوش في العالم وكلها حروب خاسرة. اذا بوش ربما يكون في حاجة الى اختراع هذا السيناريو. وربما نكون نح ن! امام سيناريو هائل لانه ليس من السهل اقناع الرأي العام الاميركي والرأي العام العالمي بأن هناك ارهابا جديدا يضرب ويهدد الرأي العالمي. لذلك فإن «حزب الله» وسوريا وايران يجب ان يعتمدوا الحذر فلا يسهلوا او يمرروا لاميركا واسرائيل عملية تصويرهم منظومة ارهابية تهدد السلم العالمي ويجب ضربها. سلاح الحرب المفتوحة اضعه بين قوسين واظن ان هذه المنظومة الاقليمية لا ترغب في الذهاب بالحرب المفتوحة الى النهاية مع احتفاظها بحق الدفاع عن نفسها وبحق الرد على عملية اغتيال الشهيد مغنية.

€ هل يستطيع «حزب الله» الرد على عملية اغتيال الشهيد مغنية من دون ان يأخذ بعين الاعتبار المصالح الدولية؟

­ الاعتبار الحاكم في رد «حزب الله» هو مصلحة «حزب الله». اولا عماد مغنية ليس انسانا عاديا في «حزب الله», فهو القائد العسكري والامني في الحزب, وهو الرمز الاول في هذا المجال, وهو في الاهمية يأتي بعد السيد حسن نصرالله مباشرة وهو قائد عمليات حرب تموز €يوليو€. لذلك فان الضربة كبيرة جداً وتأثيرها كان كبيرا جدا, ليس على «حزب الله» فقط لان مغنية كان يلعب دورا ابعد من «حزب الله». لذلك فإن «حزب الله» محكوم برد نوعي كبير جدا بصرف النظر عن مسألة المصالح الدولية.

€ لنتكلم عن سيناريو الحرب المفتوحة, ما هو تعريف الحرب المفتوحة؟

­ الحرب المفتوحة هي الحرب التي تستعمل فيها كل الوسائل من دون التقيد بوسيلة معينة او بقواعد معينة او مكان معين او توقيت معين. هذا من الناحية المجردة, اما في حالتنا هذه فالحرب المفتوحة تعني توسيع قواعد اللعبة, وبالتالي هي لم تعد حرباً عسكرية تخضع لقواعد الحرب النظامية او قواعد حرب العصابات, وان كنت اشدد دائما على استعمال السيد حسن نصر الله كلمة «إذا» وهي اداة الشرط. استعمال السيد حسن اداة الشرط له سببان, الاول هو ان السيد حسن لا يستطيع الذهاب الى حرب مفتوحة من دون التنسيق مع حلفائه في سوريا وايران, وعندما يتحدث سيؤخذ كلامه على انه يمثل قراراً جامعاً لهذه المنظومة. لذلك هو كان حذرا في هذا الجانب بالنسبة الى هذه النقطة. اما في المقلب الآخر فهو لا يستطيع ان يتحمل مسؤولية حرب مفتوحة قد يبدو وكأنه هو الذي اعلنها. هو يريد ان يلقي بالمسؤولية على اسرائيل واداة الشرط هنا للقول بأن هذه الحرب اذا اندلعت فان اسرائيل تتحمل مسؤولية اندلاعها ونحن سنكون في دائرة رد الفعل وهم اجبرونا على خوض هذه الحرب, بمعنى اننا في وضع الدفاع عن النفس, و! هو يتحسب هنا لأن هذه العملية ربما تندرج في سياق سيناريو طويل. وفي العودة الى تعريف الحرب المفتوحة أقول ان باب العمليات الاستخباراتية اصبح مفتوحا, وهذا الامر يمكن ان يخرج عن نطاق المواجهة الجغرافية في لبنان وفلسطين الى ساحات اخرى. الوسائل قد تتغير كل طرف لديه خلايا نائمة في كل انحاء العالم, اسرائيل لديها خلايا للموساد في كل انحاء العالم والاطراف الاخرى لديها خلاياها والتي تملك بنية تحتية تمتد في كثير من دول العالم. ورأيي هنا ان هذه الحرب اذا اندلعت فكل العالم سيصبح معنيا بها. خذ مثلا جهاز الـ«اف.بي.اي» الذي اعلن استنفاره لحماية المنشآت الحيوية الاميركية, والمنشآت ذات الطابع اليهودي في اميركا. وانا واثق من ان كثيراً من دول العالم قامت بالامر نفسه من دون ان تعلن ذلك, يعني انها تتحسب. مثلا عندما تكون هناك شركة طيران «العال» الاسرائيلية في احدى الدول الاوروبية, بالتأكيد فإن هذه الدولة الاوروبية ستوعز الى اجهزة مخابراتها بأن تعزز الرقابة على هذا المكان خوفا من تعرضه لضربة ما, وهناك ايضا السفارات والرعايا او البعثات الاسرائيلية العسكرية التي تتدرب في الخارج. هناك الآف الاهداف التي يمكن ان تندرج في اطار هذه الحرب, مع اعتقادي ان الامور لن تتجه في هذا الاتجاه.

€ هل تستطيع اسرائيل ان تذهب الى حرب اخرى ومجتمعها ما زال تحت وطأة هزيمة تموز €يوليو€؟

­ بعد هزيمة تموز €يوليو€ اصبح المجتمع الاسرائيلي ينحو اكثر في اتجاه التطرف, وهذا الامر له علاقة بالبنية السيكولوجية لهذا المجتمع وطبيعته الدينية ثم السياسية. عملية خوض الحرب الجديدة يسوق لها باعتبارها تأتي في اعادة رد الاعتبار, لكن هذه الحرب لن تكون اسرائيلية بحتة, بل ستكون حربا اميركية اولا. هنا اسرائيل ستكون اداة تنفيذ. عندما نريد ان نتحدث عن حرب مقبلة يجب ان لا نأخذ فقط الحسابات الاسرائيلية في الاعتبار, علينا ان نضع على الطاولة ايضا الحسابلت الاميركية ايضا, ويجب ان نرى اذا كانت الحسابات الاميركية متماهية مع الحسابات الاسرائيلية ام ان هناك تعارضاً في مكان ما. اذا كانت الاجابات نعم على كل هذه الاسئلة فإن الحرب ستقع حتماً ويبقى التوقيت, هل هو في عهد هذه الادارة ام ان الملف سينتقل الى الادارة الجديدة, ادارة بوش تريد حربا ضد ايران؟ مع سوريا الامر مختلف, هي تريد تطويع النظام هناك, لكنها لا تريد حربا لازالة النظام. والامر نفسه مع ايران مع فارق ان ايران تحاول ان تتجاوز العتبة ! النووية, وهذا امر محظور لدى الغرب كله وليس فقط من اسرائيل واميركا, وهذا ما دفع الغرب الى تحطيم العراق ووضع يده على النفط. بالنسبة الى ايران الامر مختلف, وهو اكثر صعوبة واكثر تعقيدا, خصوصا ان ايران نجحت في نسج هذه المنظومة الاقليمية واثبتت حضورها على جبهة جنوب لبنان ووصلت الى غزة, وما اعتراضها سفينة اميركية في مضيق هرمز الا تحد صارخ للولايات المتحدة. للقول نحن هنا ولستم وحدكم في المضيق وايضا في العراق وافغانستان والقوقاز. لذلك فان حسابات هذه الحرب حسابات معقدة جدا. الحرب ليست حساباتها اسرائيلية فقط, بل هناك الحسابات السياسية الاكثر اهمية وحضورا من الحسابات الميدانية. اسرائيل تسعى منذ سنوات الى اقناع الولايات المتحدة بأن ايران تشكل خطرا وجوديا عليها ويجب ان تدمر, وبوش مترد د في اتخاذ القرار نظرا لحسابات اميركية داخلية قبل اي شيء آخر, مع انه متشوق لذلك, وهو يملك دوافع عقائدية لذلك. اذا نجح بوش في اعادة صياغة سيناريو يعبئ به المجتمع الاميركي في اتجاه الحرب فإن علينا وقتها ان نراقب التطورات وننتظر.

€ ما هي نقاط الضعف عند «حزب الله» وماهي نقاط القوة وكذلك الامر عند اسرائيل؟

­ للاجابة عن هذا السؤال دعنا نستند قليلا الى ما جرى في حرب تموز €يوليو€ 2006. حرب تموز €يوليو€ اظهرت عند اسرائيل نقاط ضعف جوهرية, واخطر نقاط الضعف هذه نقاط ضعف بنيوية ونقاط ضعف مفاهمية. اسرائيل اظهرت اثناء حرب تموز €يوليو€ فشلا ذريعا في تقدير الموقف الذي استندت اليه عندما قررت الدخول في حرب تموز €يوليو€ الذي تبين انه مستند الى عقيدة عسكرية فاشلة. حلوتس رئيس اركان الحرب الاسرائيلي اثناء الحرب تبين انه متأثر بحرب «عاصفة الصحراء» التي خاضتها الولايات المتحدة الاميركية ضد الجيش العراقي, حيث قدمت نموذجا حول كيف يستطيع سلاح الجو حسم المعركة من دون الرجوع الى القوات البرية. حلوتس حاول تطبيق هذه النظرية في جنوب لبنان. الجيش العراقي جيش نظامي وله تشكيلات ثابتة, وكان يمكن تحديدها بواسطة التجسس الجوي والتجسس الارضي وتاليا يمكن تحديد مواقعها لأن الجيش عندما يقسم الى فيالق وفرق وألوية توزع الى مناطق تكون مسؤولة عنها, ويكون لها بنى تحتية وانساق قتالية ومقدمة ومؤخرة وشؤون ادارية قد تحتاج احيانا الى ابنية. والجيش يمكن ان يتحرك بطريقة يمكن توقعها من الخصم خصوصا اذا كان الخصم يمتلك القدرة على توفير معلومات بواسطة الاقمار الصناعية والولايات المتحدة امتلكت ! القدرة على ذلك بواسطة تفوقها الجوي استطاعت ان تدمر معظم قطاعات الجيش العراقي, وهي على الارض قبل ان تتقدم القوات الاميركية البرية والقوات البرية الاميركية تقدمت لتخوض حربا مسرحية. حتى بعض المعلقين قالوا انهم يتقدمون لاحصاء الجثث. الوضع مع «حزب الله» مختلف. «حزب الله» يخوض حرب عصابات والتي تتألف من تشكيلات قتالية صغيرة من حيث العدد. مجموعات المقاومة لا يتجاوز عددها عشرة اشخاص وهي مجموعات لا توجد لها تشكيلات ثابتة على الارض, وهي مجموعات متخفية تستعمل كل وسائل التمويه وتذوب في بيئتها الاجتماعية بحيث لا تستطيع ان تميز من هو المدني ومن هو العسكري, ثم ان لديها خبرة تفصيلية دقيقة جدا بالارض في حين ان الخصم لا يملك هذه الخبرة. المقاومة لديها بيئة اجتماعية صديقة لأن مقاتليها هم ابناء المدن والقرى التي يقاتلون فيها, والعدو يتقدم في اتجاه بيئة اجتماعية معادية.

€ هل تستطيع المقاومة ان تشل نقاط التفوق عند العدو على غرار ما فعلت في الحرب الاخيرة؟

­ المقاومة اعدت مسرح المعركة بشكل جيد واستطاعت اولا ان تحيد عنصر التفوق الجوي لدى العدو . اسرائيل حاولت تدمير المربع الامني في الضاحية, لكنه كان قد اخلي بسرعة. لذلك كانت الضربة فارغة ولم تدمر سوى اسمنت. الخسائر اتت في صفوف المدنيين, اما في صفوف المقاتلين فكانت الخسائر قليلة جدا, لان هذه المجموعات مجموعات مدربة جدا وتعرف الارض ومستعدة للمواجهة, وقد فرضت اسلوبها في القتال, وهذه النقطة لن تستطيع اسرائيل معالجتها, وهي ستبقى نقطة تفوق لمصلحة «حزب الله». من عناصر التفوق الاسرائيلي سلاح الدبابات وهي عبارة عن جندي متقدم يمتلك السرعة وكثافة النيران ومتحصن خلف درع من الحديد. هذه الدبابة واجهتها المقاومة بما يعرف بالنسفيات, وهي عبارة عن براميل محشوة بالمتفجرات توضع تحت الارض وتدار بالريموت كونترول لتفجيرها عن بعد. وهناك ايضا حقول الالغام وقاذفات الـ«ار.بي.جي» المتطورة التي استعملها الحزب, وهي من النوع الذي لا يخطئ الهدف. الدبابة اذا اجتازت حقل الالغام فإنها لن تجتاز النسفية واذا اجتازت النسفية يمكن مواجهتها من مكان قريب جدا, مما يفقدها ميزة استعمال المدفع. وهذه الدبابة ستواجه بقذيفة حديثة جدا, الجيل الرابع والثالث من دبابات الميركافا لديه تصفيحان تصفيح خارجي لتفجير القذيفة الآتية على الدبابة وتصفيح داخلي لحماية الدبابة وهو البدن الاساسي للدبابة. الفرنسيون والروس اخترعوا نوعاً من القوا ذ! ف يحمل صاعقاً تفجيرياً ويحمل رأسين متفجرين, الاول ينفجر في الدرع الاول للدبابة, اما الصاعق الثاني فلديه وسيلة تأخيرية بحيث ينفجر بعد ثانية او نصف الثانية بالدرع الثاني اي داخل الدبابة وهذه مسألة تقنية بسيطة جدا, وهذا ادى الى انهيار اسطورة الميركافا بسرعة. عندما تحيد نقاط تفوق العدو الدبابات والطيران يبقى ان الجندي هو المعيار الحاكم لاي معركة, والجندي في حاجة الى روح قتالية والاسرائيلي لا يمتلك روحا قتالية لانه ليس صاحب قضية,فيما الروح القتالية عند المقاوم اللبناني روح قتالية عالية لانه صاحب قضية ويقاتل على ارضه.

€ كيف تقرأ معادلة الصواريخ مقابل معادلة الطيران؟

­ في ظل سيطرة جوية كاملة اسرائيلية تمت موازنة السيطرة الجوية بسلاح الصوراريخ. سلاح الجو عند العدو يمكن ان يطاول عمق المناطق اللبنانية وكذلك اي منطقة عربية, ولكن هذه المرة اتت الصواريخ لتشكل توازن رعب مع طيران العدو اذ ان الصواريخ طاولت العمق الاسرائيلي. وهناك ثغرة اساسية عند اسرائيل وهي ثغرة خطيرة جدا وتتمثل في اساسية العمق الاسرائيلي في خسائر بشرية او اي استهداف امني هذه مسألة لا يمكن لاسرائيل ان تتجنبها الا بخوض المعركة على ارض الخصم, وهي فعلت ذلك في حرب تموز €يوليو€, لكن الخصم استطاع الوصول اليها بالصواريخ, مما تسبب بهجرة معاكسة وانعدام اليقين عند الاسرائيلي بمستقبل اسرائيل. «حزب الله» اقوى مما كان عليه اثناء حرب تموز €يوليو€, ولك ان تراقب خطابات السيد نصر الله الاخيرة وهي خطابات غير تقليدية. هو تحدث عن تغيير وجه المنطقة وتحدث عن هزيمة اسرائيل وتحدث عن سقوط اسرائيل هذا الكلام لا يتم بناء على قدرات كلاسيكية وعادية.

لذلك إذا لم تستطتع اسرائيل امتلاك القدرة على اعتراض الصواريخ القصيرة المدى, فمن الصعب عليها خوض هذه الحرب, لان لدى سوريا ولدى «حزب الله» قدرات كبيرة في هذا المجال وسوريا افادت من حرب تموز €يوليو€ في اتجاه اعادة تشكيل جيشها ليكون قادرا على خوض حرب عصابات, بعدما ظهرت بشكل صارخ ثغرات كبرى لدى اسرائيل يجب التركيز عليها, وقد اعلن وزير الدفاع الاسرائيلي ان اسرائيل تبني منظومة لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى اسمها «قبة الحديد» وقبل انجاز هذا البرنامج اشك في ان اسرائيل قادرة على خوض الحرب, لان ضربات الصواريخ القصيرة المدى ستكون مميتة هذه المرة, وانا اعتقد ان اسرائيل لن تفلح في ذلك لان المسألة تقاس بثوان قليلة جدا.




 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024