إتصل بنا مختارات صحفية  |  تقارير  |  اعرف عدوك  |  ابحاث ودراسات   اصدارات  
 

دراسة في العولمة

زكي دادا

نسخة للطباعة 2009-03-07

إقرأ ايضاً


إن ما أعرضه هنا من تحليل ليس موضوعا اقتصاديا أو اجتماعيا اعتمدت فيه على مراجع وقمت بدراستها وتحليلها والتوصل إلى نتائج , إنما هنا أضع حصيلة وعيي أنا زكي السوري القومي الاجتماعي إيمانا وعقيدة وممارسة وما شعرت وتحسست به تجاه ما عايشته من ظواهر آلمتني فسعيت إلى تحليلها وخلصت إلى معرفة .

لقد وعيت ذاتي وعرفت من أنا وزدت معرفة فصنعت مغتربي القسري في مجتمعي قبل أن يكون في بلاد الاغتراب وهذا المغترب هو بحجم وعينا لذاتنا وقضيتنا, ويشاركني فيه جميع القوميين الاجتماعيين.

أنظر إلى عالم أجد فيه نمطية السلوك الواحد وانتشار مفاهيم تجدها وتسمعها أينما كان. تمعنت أكثر فاكتشفت أن هنالك وعلى مستوى الكرة الأرضية يوجد بائع واحد ومستهلك واحد. فالبائع الواحد هي شركة الولايات المتحدة الأميركية المساهمة المغفلة فشركائها المساهمون هم مغفلون ظاهرا وباطنا الشريك الأكبر هم اليهود. وشركاء صغار هم يهود الداخل في كل وطن من أوطان العالم. ويهود الداخل كما هو معلوم في عقيدتنا القومية هم الذين يسهلون المصالح اليهودية العالمية وهم أخطر من شريكهم الكبير.

أما المستهلك الواحد فهي مجتمعات العالم التي لم تعي ذاتها وتعرف من هي ومن جلب عليها ويلاتها أو أن وعيها لذلك لم يكتمل بسبب ظروف ألمت بها فحاربت في مجال واستقلت في مكان ولكن دون استكمال ومن بينها بلاد الوطن السوري (الهلال الخصيب جغرافيا).

ماذا تبيع هذه الشركة؟؟

منتجاتها كثيرة تعبر إلى المجتمعات الإستهلاكية عبر صنع قنوات تصريف والتي تلمست منها على عدة صعد:

على صعيد الاقتصاد:

نجد انتشار ظاهرة شركات الأموال والتي لاتعرف شركائها الفعليين كما نجد ظاهرة انتشار المولات التجارية.

نعم إن التطور الإقتصادي والتجاري يتطلب ذلك ولكن لننظر البعد النفساني المجتمعي السلوكي الذي فرضته هذه الأنواع من الممارسات التجارية:

- تنظيم العمل يكون ظاهرا للأداء الإداري (وهذا جيد) ولكن ضمنا هو فرض فلسفة سلوكية في حياة موظفيها ألا وهو نمط تفكير وعقيدة حياة تعتمد الأنا المرضية. ومن هنا ننطلق إلى الأثر في صعيد العلاقات العامة فأصبحت تنتشر مقولات طارئة على المجتمع وأضحت الآن عقيدة حياة في الممارسة والسلوك ومن هذه المقولات والمفاهيم الجديدة وعلى سبيل المثال لا الحصر:

يصطفلوا – ما دخلني – كل مين بحالو - مومشكلتي – دبر راسك – كل مين مسؤول عن نفسو – مو شغلتي......

- ضغط عمل يؤدي إلى إضعاف الشعور بالانتماء المجتمعي والسعي لاغتنام الدقيقة الواحدة للحصول على لعقة نقود وصرفها في أيام التسوق في المولات التي تأسست أيضا لتغيير نمط السلوكية الشرائية عند المستهلك فهي حلت مكان المحلات الصغيرة و خلقت مفهوم تسوق جديد عند المواطنين يعتمد على الاختيار الشخصي للبضاعة (وهذا جيد أن يحدد المستهلك خياراته الشرائية) ولكن في القلب هو تلك السلوكية الجديدة القائمة على أساس العيش على الطريقة التي يعيشون بها في الغرب الأميركي تقليدا أعمى جاء طفرة وليس حاجة. وبالنهاية الصب في خانة توحيد العالم ظاهرا وتحويله إلى مستهلك ثقافي نفساني مجتمعي وحيد لشركة الولايات المتحدة باطنا.

على صعيد الفن:

انتشار ظاهرة التقليد في المضمون والشكل والأداء والتركيز على العواطف والغرائز’ وأصبحت القوالب الأمريكانية هي القدوة والأقنية الفضائية والإنتاج الفني الأمريكي هو ميزان نجاح العمل أو فشله.

فلماذا نحن مضطرون إلى التقليد أو الدبلجة أو تبني مدارس واحدة نمطية المسار؟؟

على الصعيد المجتمعي:

- العقلية اليهودية تعولمت وأصبحت عقلية المجتمعات فحالة الانعزال العرقي أو المذهبي ومفهوم الدول الدينية والعرقية (الإثنية) ينتشر وعقلية عزل الآخر تمزق المجتمعات والأمم.

- الخوف الأمريكي ينتشر: فأصبح العالم يتلفظ بنفس الألفاظ الأميركية كمحاربة الإرهاب – محور الشر- الدول المارقة – دول الاعتدال ونجد أن أبناء الوطن الواحد يطلقون هذه الألفاظ للأسف وبشكل مؤلم على مجتمعاتهم نفسها أكثر من عدوهم.

- انتشار مفهوم (مزمار الحي لا يطرب) فأصبح المجتمع لا يثق بما يزرعه ولا بما يصنعه أو يتعلمه أو يأكله. وما رافقه من مفهوم عقلية المقارنة المرضية, فكل مواطن عندما يشتري أو يرتاد مكان فورا تظهر في عقله صورة الوزنة الغربية التي يكيل عليها الأمور.

- فندقة الأوطان: الوطن أصبح فندق يأتي إليه أبناؤه وكفاءاته فقط في العطل الصيفية والمناسبات للزيارة ثم يعودوا ليقدموا مهاراتهم وطاقاتهم في دول الاغتراب.

- انتشار عقلية بين الشباب هي عقلية الوجود المؤقت في الوطن, أي لنتعلم ونستفيد من كل ماهو مجاني أو رمزي وثم نهاجر وطاقاتنا للخارج.

- الجريمة المنظمة على خلاف مظاهرها ولو تلونت بألوان متعددة لمنظمات أثنية أو مذهبية ولو كان القتل فيها معنويا وليس جسديا ,أي نشرها أفكار تشرذم المجتمع أو تعزل جزءا منه تحت أي مسميات ( خيرية – تربوية – أخلاقية – تعليم ديني – منتديات ثقافية - أخويات......).

- ظاهرة المنظمات الحقوقية ودعاة الديمقراطية والمجتمع المدني والتي نجد أنها ظهرت فجأة وفي كل العالم المستهلك لتشكل بضاعة تلمع ذهبا وداخلها صالونات استهلاك كلامي يشكل هيكلا خارجيا واعلانيا لسوق بضاعة شركة الويلات المتحدة الأميركية.

- حركات التحرر أصبحت ليست بحركات أمم وشعوب ذات حق وتدافع عن أرض ومسألة وإنما أضحت حركات ذات اللون الواحد ومن( فئة) اجتماعية واحدة وان حققت نجاحات ولكنها قد لا تكتسب صدا وطنيا عاما إلا ماندر منها من حركات استثنائية وضحت هدفها نحو العدو الخارجي المشترك.

الدوافع الذاتية:

هذا بعض من بضاعة هذه الشركة ولكن لنسأل وفي بلادنا بالذات لماذا اندفعنا إليها؟؟ ولنجري التحليل الذاتي البسيط التالي:

إذا ماجزمنا أن القوي يفرض ثقافته وفكره, إلا أن هنالك بعض الخلفيات التي ساهمت في اندفاع أمم العالم الاستهلاكي ومنها البلاد السورية لركب الموجة وهنا أحلل الأمر على أن أجزاء البلاد السورية بعضها تحت احتلال والأخرى منضمة لأوطان محسوبة على أميركا والمستقل منها ولسبب أو لآخر كان مطبق فيه قوانين اقتصادية جامدة مترنحة بين نظرية وأخرى مع فشل التطبيق الواقعي, بالإضافة لحالة الانحطاط التاريخية الطويلة التي تعود إلى مئات السنين. هذه الأمور تعارضتا مع حب المجتمع السوري بأتمه إلى المعرفة والإبداع والتغيير التي طالما وعبر تاريخه الطويل كانت مصدرا لقوته ونهضته وشكلت تلك العوائق فراغا قاتلا مما دفعه وعند تفعيل أقنية تصريف البضاعة السابقة الذكر إلى رد فعل قوية وإسراعه إلى قبول كل ما هو وافد وجديد حتى وقع تحت فخ العولمة مثله مثل شخص عطشان وانفتح له صنبور سم فأسرع لشربه.

انعكاسات العولمة:

لكل فعل ردة فعل وهذا ينطبق على هذا البحث فإن فعل القطب الواحد أدى لردة فعل وهي البحث عن الذات فبدأ التمسك بعادات اجتماعية موروثة أو إيقاظ انطوائيات اثنيه ومذهبية ومناطقية وكل هذه الأمور سارعت في نشر ثقافة الكره للآخر وبحث كل فئة اجتماعية عن ما يسمى بخصوصياتها الضيقة والتي هي بحد ذاتها من بضاعة شركة الولايات المتحدة المساهمة المغفلة.

حلول:

سؤل الزعيم سعادة مرة إن كان يمكن أن يصبح العالم كله مجتمع واحد, فأجاب: ممكن ومن يدري.

نعم ولكن ما نعيشه اليوم ليس أن العالم مجتمع واحد بل هنالك القطب الواحد البائع الواحد وهنالك بالطرف الآخر مستهلك واحد هو بلاد وأوطان العالم في السوق الواحدة وفي علم البيع هنالك فآت للزبائن.

نعم, العالم مجتمع واحد لا مشكلة فإنه كما أن سوريا في عقيدتنا هي إحدى أمم العالم العربي فإنها أيضا أي سوريا هي إحدى أمم العالم أيضا ولا يمكن نكران ذلك أو أن نعيش بمعزل عن العالم ((نحن لسنا دعاة انعزال)). ولكن أن نأخذ ونستهلك وندفع دون أن نعطي ونبيع ونقبض, فهنا الخطأ. التفاعل في العالم يجب أن يكون على أساس أخذ وعطاء وتنمية.

كيف ذلك؟ وماذا نفعل لدرء ويل العولمة الذي جلب على أمتنا؟؟

سأجيب بصفتي قوميا اجتماعيا بالشكل التالي:

عدو العولمة اللدود هو الوجدان القومي, نحن نقول في مبدئنا الأساسي (تستمد النهضة السورية القومية الاجتماعية مبادئها من مواهب الأمة السورية) أي هنا نحن أمام معرفة الذات’ ماذا لدينا من مواهب وإمكانيات وكيف نفعلها. أي أن الجهات التي أخذت على عاتقها تطوير المجتمع ونهضته وعلى رأسها الحزب السوري القومي باعتبار غايته بعث نهضة تعيد إلى الأمة حيوتها, فإن الانطلاق من الداخل وتبني الحزب لجميع الطروحات النهضوية لأعضائه وفتح الأفق أمام كل عمل للتطوير في جميع الشؤون الثقافية – الاجتماعية –البيئة- الاقتصاد- المرأة – الشباب – الطفولة وبرؤية جديد والاستماع لجميع الآراء واقتراحات الأعضاء في هذا المجال للقيام بمشروع نهضوي عام هو الحل الأمثل لإعادة الثقة بالنفس وخاصة عندما الأمور تأخذ منحا تطبيقيا في المتحدات مما يعزز ثقة المواطن بنفسه ووطنه وبالتالي الشعور بالوجدان القومي وعدم الحاجة لأخذ واستهلاك ما لا يفيد وتصبح العلاقة مع العالم علاقة أخذ وعطاء.

إذا لدينا أولا الاستماع – ثانيا تفعيل الطروحات. فما بجعبتنا هو مبادئ ومن كلمة مبادئ نستنتج أنها تعني بداية الانطلاق وليس حدود العقل أي الأخذ بالمعادلات التالية :

مبدأ + تشريع العقل = مشروع نهضة

مشروع نهضة + تفعيل مواهب الرفقاء و المواطنين المحيطين بهم والمجتمع ككل = نهضة الأمة

نهضة الأمة = الثقة بالنفس = الوجدان القومي

والنتيجة الأخيرة هي المنتج الوحيد المزاحم لكل سلع سوق العولمة أحادية البائع.


 
شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية غير مسؤولة عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه
جميع الحقوق محفوظة © 2024